الدرس الرابع والخمسون: سنن صلاة الجمعة 2

الدرس
التصنيف : تاريخ النشر: الأربعاء 24 ربيع الثاني 1434هـ | عدد الزيارات: 1817 القسم: شرح زاد المستقنع -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد

قوله:"وأقل السنة بعد الجمعة ركعتان وأكثرها ست." لأنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان يصلي بعد الجمعة ركعتين ، من حديث ابن عمر" وكانَ لا يُصَلِّي بَعْدَ الجُمُعَةِ حتَّى يَنْصَرِفَ، فيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ." صحيح البخاري.

أما إذا كانت الصلاة في المسجد فيصلي أربع لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بذلك فقال :" إذا صَلَّيْتُمْ بَعْدَ الجُمُعَةِ فَصَلُّوا أرْبَعًا. "صحيح مسلم . فصارت السنة إن صلى في بيته صلى ركعتين وإن صلى في المسجد صلى أربعاً.

وليس للجمعة سُنةٌ راتبةٌ قبلَها، لكنْ إنْ صلى غيرَ راتبةٍ فلا ينكر عليه، أما قول المصنف بأن أكثرها ستٌ فلا دليل عليه.

قول المصنف:"ويسن أن يغتسل لها في يومها وتقدَّم، ويتنظف ويتطيب ويلبس أحسن ثيابه ويبكر إليها ماشيا ويدنو من الإمام . "

قوله :"ويسن أن يغتسل لها في يومها، وتقدم"؛ لقول عائشة رضي الله عنها "كانَ النَّاسُ يَنْتابُونَ يَومَ الجُمُعَةِ مِن مَنازِلِهِمْ والعَوالِيِّ، فَيَأْتُونَ في الغُبارِ يُصِيبُهُمُ الغُبارُ والعَرَقُ، فَيَخْرُجُ منهمُ العَرَقُ، فأتَى رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إنْسانٌ منهمْ وهو عِندِي، فقالَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: لو أنَّكُمْ تَطَهَّرْتُمْ لِيَومِكُمْ هذا."صحيح البخاري، وفي صحيح النسائي للألباني"مَنْ توضَّأَ يومَ الجمعةِ، فبِها ونِعمت ومنِ اغتسلَ فالغسلُ أفضلُ ".

والسنة في تعبير الفقهاء هي ما أثيب فاعله ولم يعاقب تاركه.

الغسل نوعان: مجزئ وهو ما اقتصر على الواجبات فقط، وكامل، وهو ما اشتملَ على الواجبات والسُّنن. أما الغسل المجزئ فينوي الإنسان الطهارة، ثم يعمم جسده بالماء مع المضمضة والاستنشاق. لقول الله تعالى:" وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا "(المائدة 6)، وأما الغسل الكامل فيغتسل كما اغتسل النبي صلى الله عليه وسلم، فإذا أراد أن يغتسل من الجنابة فإنه يغسل كفيه، ، ثم يغسل فرجه ، ثم يتوضأ وضوءاً كاملاً، ثم يغسل رأسه بالماء ثلاثاً، ثم يغسل بقية بدنه فيأتي بجميع سنن الاغتسال.فعن عائشة رضي الله عنها قالت:" كانَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ إذَا اغْتَسَلَ مِنَ الجَنَابَةِ يَبْدَأُ فَيَغْسِلُ يَدَيْهِ. ثُمَّ يُفْرِغُ بيَمِينِهِ علَى شِمَالِهِ فَيَغْسِلُ فَرْجَهُ. ثُمَّ يَتَوَضَّأُ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ. ثُمَّ يَأْخُذُ المَاءَ فيُدْخِلُ أصَابِعَهُ في أُصُولِ الشَّعْرِ، حتَّى إذَا رَأَى أنْ قَدِ اسْتَبْرَأَ حَفَنَ علَى رَأْسِهِ ثَلَاثَ حَفَنَاتٍ. ثُمَّ أفَاضَ علَى سَائِرِ جَسَدِهِ. ثُمَّ غَسَلَ رِجْلَيْهِ. وفي رواية: أنَّ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ اغْتَسَلَ مِنَ الجَنَابَةِ، فَبَدَأَ فَغَسَلَ كَفَّيْهِ ثَلَاثًا." صحيح مسلم .

ووقت الاغتسال ليوم الجمعة من طلوع الفجر؛ لأن النهار لا يدخل إلا بطلوع الفجر وهذا قول الجمهور: الحنفية والشافعية والحنابلة.

قوله :"وتقدم" أي تقدم غسل الجمعة وذلك في كتاب الطهارة.

قوله :"ويتنظف ويتطيب"أي: يُسَنُّ أن يتنظفَ ويتطيب، لما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم حيث قال :" لَا يَغْتَسِلُ رَجُلٌ يَومَ الجُمُعَةِ، ويَتَطَهَّرُ ما اسْتَطَاعَ مِن طُهْرٍ، ويَدَّهِنُ مِن دُهْنِهِ، أوْ يَمَسُّ مِن طِيبِ بَيْتِهِ، ثُمَّ يَخْرُجُ فلا يُفَرِّقُ بيْنَ اثْنَيْنِ، ثُمَّ يُصَلِّي ما كُتِبَ له، ثُمَّ يُنْصِتُ إذَا تَكَلَّمَ الإمَامُ، إلَّا غُفِرَ له ما بيْنَهُ وبيْنَ الجُمُعَةِ الأُخْرَى.". أخرجه البخاري.

والتنظف أمر زائد على الإغتسال ، فالتنظف بقطع الرائحة الكريهة وأسبابها فمن أسباب الرائحة الكريهة الشعور والأظافر التي أمر الشارع بإزالتها

وعلى هذا فيسن حلق العانة ونتف الإبط وحف الشارب وتقليم الأظفار لكن من المعلوم أن هذا لا يكون في كل جمعة فقد لا يجد الإنسان شيئاً يزيله وقد وقت النبي صلى الله عليه وسلم هذه الأشياء الأربعة أن لا تزيد على أربعين يوماً روى ذلك أنسُ بنُ مالك رضي الله عنه حيث قال:"وُقِّتَ لنا في قَصِّ الشَّارِبِ، وتَقْلِيمِ الأظْفارِ، ونَتْفِ الإبِطِ، وحَلْقِ العانَةِ، أنْ لا نَتْرُكَ أكْثَرَ مِن أرْبَعِينَ لَيْلَةً " صحيح مسلم . ويتطيب أيضاً بأي طيب سواء من الدهن أو من البخور في ثيابه وفي بدنه وذلك من أجل اجتماع الناس في مكان واحد لأن العادة أنه إذا كثر الجمع ضاق النفس وكثر العرق وثارت الرائحة الكريهة فإذا وجد الطيب وقد سبقه التنظف فإن ذلك يخفف الرائحة بل إن الرسول صلى الله عليه وسلم نهى من أكل بصلاً أو ثوماً أو كراثا أن يقرب المسجد فقد رو ي جابر بن عبد الله رضي الله عنه: "نَهَى رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، عن أكْلِ البَصَلِ والْكُرَّاثِ، فَغَلَبَتْنا الحاجَةُ، فأكَلْنا مِنْها، فقالَ: مَن أكَلَ مِن هذِه الشَّجَرَةِ المُنْتِنَةِ، فلا يَقْرَبَنَّ مَسْجِدَنا، فإنَّ المَلائِكَةَ تَأَذَّى، ممَّا يَتَأَذَّى منه الإنْسُ. " صحيح مسلم.

قوله:"ويلبس أحسن ثيابه"أي يسنُّ لبس أحسن ثيابه لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعد أحسن ثيابه للوفد والجمعة، وأفضل الثياب البياض.

قوله:"ويبكر إليها ماشيا"؛ لحديث أبي هريرة رضي الله عنه "مَنِ اغْتَسَلَ يَومَ الجُمُعَةِ غُسْلَ الجَنَابَةِ ثُمَّ رَاحَ، فَكَأنَّما قَرَّبَ بَدَنَةً، ومَن رَاحَ في السَّاعَةِ الثَّانِيَةِ، فَكَأنَّما قَرَّبَ بَقَرَةً، ومَن رَاحَ في السَّاعَةِ الثَّالِثَةِ، فَكَأنَّما قَرَّبَ كَبْشًا أقْرَنَ، ومَن رَاحَ في السَّاعَةِ الرَّابِعَةِ، فَكَأنَّما قَرَّبَ دَجَاجَةً، ومَن رَاحَ في السَّاعَةِ الخَامِسَةِ، فَكَأنَّما قَرَّبَ بَيْضَةً، فَإِذَا خَرَجَ الإمَامُ حَضَرَتِ المَلَائِكَةُ يَسْتَمِعُونَ الذِّكْرَ. ". أخرجه البخاري

وهذا يدل على أن الأفضل التبكير ولكن بعد الاغتسال والتنظف والتطيب ولبس أحسن الثياب؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم :" مَنْ غسَّلَ يومَ الجمعةِ واغتسلَ ثمَّ بَكَّرَ وابتَكرَ ومشى ولم يرْكب ودنا منَ الإمامِ فاستمعَ ولم يلغُ كانَ لَهُ بِكلِّ خطوةٍ عملُ سنةٍ أجرُ صيامِها وقيامِها " صحيح أبي داود للألباني.

قوله :"ويدنو من الإمام"؛ لقوله صلى الله عليه وسلم :"ودنا منَ الإمامِ"

وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

1434/4/24 هـ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

5 + 9 =

/500
جديد الدروس الكتابية
الدرس 130 الجزء الثالث ‌‌طائفة الصوفية المتسولة: - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 129 الجزء الثالث الغزو الفكري . - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 128 الجزء الثالث ‌‌ تحريم الأغاني  - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 127 الجزء الثالث ‌‌مضاعفة الحسنات ومضاعفة السيئات  - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 126 ‌‌بيان حرمة مكة ومكانة البيت العتيق - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 125 ‌‌حكم إعفاء اللحية - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر