الدرس السادس والعشرون رد المار بين يدي المصلي

الدرس
التصنيف : تاريخ النشر: الإثنين 1 ربيع الثاني 1434هـ | عدد الزيارات: 2309 القسم: الميسر في شرح زاد المستقنع -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد

قوله "وله رد المار بين يديه" المار يشمل الآدمي وغير الآدمي ودليل ذلك أمر النبي صلى الله عليه وسلم حيث قال "إذا أراد أحد أن يجتاز بين يديه فليدفعه" أخرجه البخاري ومسلم عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه والمقدار الذي له رد ما بين يديه هو ما بين قدميه وموضع سجوده وذلك لأن المصلي لا يستحق أكثر مما يحتاج إليه في صلاته فليس له الحق أن يمنع الناس مما لا يحتاجه أما إذا كان له سترة فلا يجوز المرور بينه وبينها ولا فرق بين أن يكون المار محتاجاً أو غير محتاج إذ ليس له الحق أن يمر وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم "لو يعلم المار بين يدي المصلي ماذا عليه لكان أن يقف أربعين خَيْرًا له مِن أنْ يَمُرَّ بيْنَ يَدَيْهِ" أخرجه البخاري ومسلم، والذي يقطع الصلاة ثلاثة : المرأة، والكلب الأسود والحمار.

وكان عبد الله بن الزبير، رضي الله عنه، يصلي في الحرم والناس يمرون بين يديه ويقول هذا مما تعم به البلوى وقول ابن الزبير دليل على أن الحرم المكي مستثنى فلا تقطع الصلاةَ المرأةُ ولا غيرُها نصَّ على ذلك ابنُ باز رحمه الله.

قوله "وعد الآي" أي وله عد الآي والآي جمع آية فإذا احتاج عد الآيات فله ذلك ولكن يعدها بأصابعه أو بقلبه لا باللفظ وله عد التسبيح وهذا قد يحتاج إليه الإنسان خصوصاً الإمام لأن الإمام حدد الفقهاء رحمهم الله التسبيح له بعشر تسبيحات قالوا : أكثر التسبيح للإمام عشر والكمال ثلاث والواجب واحدة

قوله "والفتح على الإمام" و ينقسم إلى قسمين:

أولا ً : فتح واجب

ثانياً : فتح مستحب

فأما الفتح الواجب فهو الفتح عليه فيما يبطل الصلاة تعمده فلو زاد ركعة كان الفتح عليه واجباً لأن تعمد زيادة ركعة مبطل للصلاة ولو لحن لحناً يحيل المعنى في الفاتحة لوجب الفتح عليه لأن اللحن المحيل للمعنى في الفاتحة مبطل للصلاة مثل لو قال أنعمتٌ عليهم فيجب الفتح فيقول أنعمتَ أما الفتح المستحب فهو فيما يفوت كمالا فلو نسي أن يقرأ الإمام سورة مع الفاتحة فالتنبيه هنا سنة ودليل هذا الحكم قول النبي صلى الله عليه وسلم "إنما أنا بشر مثلكم أنسى كما تنسون فإذا نسيت فذكروني" أخرجه البخاري ومسلم عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، وهذا يدل على أن الفتح على الإمام أمر مطلوب.

قوله "ولبس الثوب" وللمصلي أن يلبس ثوبه أثناء الصلاة إذا كان يترتب على لبسه صحة الصلاة فلبسه حينئذ واجب مثل أن يكون عرياناً ليس معه ثياب لأن العريان يصلي على حسب حاله وفي أثناء الصلاة جيء إليه بثوب فلبس الثوب هنا واجب ولا نقول أبطل صلاتك والبس الثوب لأن ما سبق من الصلاة مأذون فيه شرعاً لا يمكن إبطاله بل يبني عليه، ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم " إذا جاء أحدُكم إلى المسجدِ فلينظرْ فإن رأى في نعلَيه قذرًا أو أذًى فلْيَمْسَحْه و لْيُصَلِّ فيهما" صحيح الجامع للألباني.

قوله "ولف العمامة" أي له لف العمامة لو أنها انحلت وانحلالها يشغله فلفها حينئذ مشروع لأن في ذلك إزالة لما يشغله ودليل ذلك حديث وائل بن حجر أن النبي صلى الله عليه وسلم "صلى فرفع يديه عند تكبيرة الإحرام ثم التحف بثوبه ووضع يده اليمنى على اليسرى فلما أراد أن يركع أخرج يديه ورفعهما ثم ركع" أخرجه مسلم وفيه دليل على أنه لا بأس للمصلي إذا كان عليه مشلح مثلاً وأراد أن يكف بعضه على بعض فلا يدخل هذا في قوله "ولا أكف شعرا ولا ثوبا" رواه البخاري ومسلم ومن هنا يتبين أن كف الغترة في حال الصلاة إلى الخلف لا بأس به لأنه من اللبس المعتاد وكذلك لو لفها على رقبته فإنه لا بأس به وهذا ليس من كف الثوب الذي هو من مكروهات الصلاة

قوله "وقتل حية وعقرب" ويسن للمصلي قتل الحية في الصلاة لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر به فقال "اقتلوا الأسوَدينِ في الصَّلاةِ الحيَّةَ والعقربَ" صحيح أبي داود للألباني، وعلى هذا فيسن أن يقتل الحية فإن هاجمته وجب أن يقتلها دفاعاً عن نفسه وله أيضاً قتل العقرب وهي أكثر لسعاً من لدغ الحية فالحية أحياناً لا تلدغ فأحياناً تمر على قدم الإنسان ولا تلدغه لكن العقرب إذا حست بالجلد البشري لسعته.

قوله "و قملٍ" وإذا اشغلت الإنسان قملة فله أن يقتلها وإذا تلوثت يده في الدم فإنه ليس بنجس لأنه مما لا نفس لها سائلة كالدم الذي يكون في الذباب فلا يضر ولا ينجس وله أن يحك إذا أصابته حكة لأنه إذا لم يفعل انشغل انشغالاً عظيماً فله أن يحك وإذا انتقلت الحكة من مكان إلى مكان فله أن ينتقل معها وإن أمكن الصبر على هذه الحكة فيصبر لكن إن بقي متصبراً انشغل قلبه خوفاً فهذا ليس بمشروع بل يذهب عنه ما يزيل الخشوع ومن المعلوم أن الحكة إذا حكها الإنسان بردت وسكنت عليه

قوله "فإن طال الفعل عرفا من غير ضرورة ولا تفريق بطلت ولو سهوا" العرف بمعنى العادة وهو ما إعتاد الناس و ألفوه والضرورة مثل أن يهاجمه أسد فإن لم يدافعه أكله فهذا لا يؤثر على صحة صلاته

قوله "ولا تفريق" بمعنى أن يكون متواليا في ركعة واحدة بخلاف ما لو تحرك حركة في الأولى وحركة في الثانية وحركة في الثالثة وحركة في الرابعة فمجموعها كثير وكل واحدة على انفرادها قليل فهنا لا تبطل الصلاة لكن إذا كان متوالياً وكثر فإنه يبطل الصلاة فشروط بطلان الصلاة بالحركة ثلاث

أولاً : الإطالة

ثانياً : أن لا تكون لضرورة

ثالثاً : أن تكون متوالية أي بغير تفريق

فإذا اجتمعت هذه الشروط الثلاثة في الفعل صاراً مبطلاً للصلاة لأنه حركة من غير جنس الصلاة وهي منافية لها كالكلام لأن الذي ينافي الصلاة يبطلها وإذا كانت الحركة يسيرة فلا تبطل الصلاة "ففي صلاة الكسوف تقدم وتأخر" أخرجه البخاري ومسلم عن ابن عباس رضي الله عنهما "وصلى ومعه أمامة بنت ابنته كان يحملها إذا قام ويضعها إذا سجد" أخرجه مسلم عن أبي قتادة رضي الله عنه فكثرة الأفعال للضرورة لا تبطل الصلاة

قوله "ولا سهوا" أي ولو كان الفعل سهوا إلا الكلام فإنه لا يغير هيئة الصلاة

قوله "ويباح قراءة أواخر السور و أوساطها" أي ليس بممنوع لعموم قوله تعالى "فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ" المزمل (20) ولقول النبي صلى الله عليه وسلم للمسيء في صلاته "ثُمَّ اقْرَأْ ما تَيَسَّرَ مَعَكَ مِنَ القُرْآنِ" رواه البخاري ومسلم عن أبي هريرة

قوله "وإذا نابه شيء سبح رجل وصفقت امرأة ببطن كفها على ظهر الأخرى" معنى نابه أي عرض له مثال ذلك لو أخطأ إمامه فقام إلى الرابعة في صلاة المغرب فإن الرجل يقول سبحان الله ويكررها إذا لم ينتبه لأول مرة وتصفق المرأة بيديها لأن المرأة لا ينبغي لها أن تظهر صوتها عند الرجال لا سيما وهم في صلاة فتضرب ببطن كفها على ظهر الأخرى أو بظهر كفها على بطن الأخرى أو ببطن كفها على بطن الأخرى فالأمر في هذا واسع

قوله "ويبصق في الصلاة عن يساره" وذلك إذا احتاج للبصاق، ولكن لا يبصق قبل وجهه ولا عن يمينه " عَنِ النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قالَ: إذَا قَامَ أحَدُكُمْ إلى الصَّلَاةِ، فلا يَبْصُقْ أمَامَهُ، فإنَّما يُنَاجِي اللَّهَ ما دَامَ في مُصَلَّاهُ، ولَا عن يَمِينِهِ، فإنَّ عن يَمِينِهِ مَلَكًا، ولْيَبْصُقْ عن يَسَارِهِ، أوْ تَحْتَ قَدَمِهِ، فَيَدْفِنُهَا." صحيح البخاري عن أبي هريرة .

قوله "وفي المسجد في ثوبه" أي يبصق في ثوبه فلا يبصق في المسجد البصاق في المسجد خطيئة لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال "البصاق في المسجد خطيئة" أخرجه البخاري ومسلم عن أنس رضي الله عنه وعلى هذا لا تبصق في المسجد عن يسارك ولكن ابصق في ثوبك

وبالله التوفيق

وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

8 + 9 =

/500
جديد الدروس الكتابية
 الدرس 328سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة للألباني ، تهذيب د. مبارك العسكر - تهذيب سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة للألباني
 الدرس 327سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة للألباني ، تهذيب د. مبارك العسكر - تهذيب سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة للألباني
 الدرس 326سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة للألباني ، تهذيب د. مبارك العسكر - تهذيب سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة للألباني
 الدرس 325سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة للألباني ، تهذيب د. مبارك العسكر - تهذيب سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة للألباني
 الدرس 324سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة للألباني ، تهذيب د. مبارك العسكر - تهذيب سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة للألباني
 الدرس 323سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة للألباني ، تهذيب د. مبارك العسكر - تهذيب سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة للألباني