الدرس 152 حكم قول صدق الله العظيم.

الدرس
التصنيف : تاريخ النشر: الإثنين 24 شهر رمضان 1443هـ | عدد الزيارات: 345 القسم: تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد الأمين، وعلى آله وصحبه ومن اتبع سنته إلى يوم الدين.

أما بعد:

* اعتياد الكثير من الناس أن يقولوا: صدق الله العظيم عند الانتهاء من قراءة القرآن الكريم وهذا لا أصل له، ولا ينبغي اعتياده بل هو على القاعدة الشرعية من قبيل البدع إذا اعتقد قائله أنه سنة فينبغي ترك ذلك، وأن لا يعتاده لعدم الدليل، وأما قوله تعالى: {قُلْ صَدَقَ اللَّهُ} (آل عمران 95) فليس في هذا الشأن، وإنما أمره الله عز وجل أن يبين لهم صدق الله فيما بينه في كتبه العظيمة من التوراة وغيرها، وأنه صادق فيما بينه لعباده في كتابه العظيم القرآن، ولكن ليس هذا دليلا على أنه مستحب أن يقول ذلك بعد قراءة القرآن أو بعد قراءة آيات أو قراءة سورة؛ لأن ذلك ليس ثابتا ولا معروفا عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن صحابته رضوان الله عليهم.

«ولما قرأ ابن مسعود على النبي صلى الله عليه وسلم أول سورة النساء حتى بلغ قوله تعالى: قال له النبي صلى الله عليه وسلم: حسبك قال ابن مسعود: فالتفت إليه فإذا عيناه تذرفان عليه الصلاة والسلام » (جاء الحديث في صحيح البخاري عن عبد الله بن مسعود بلفظ" قالَ لي النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: اقْرَأْ عَلَيَّ، قُلتُ: آقْرَأُ عَلَيْكَ وعَلَيْكَ أُنْزِلَ؟ قالَ: فإنِّي أُحِبُّ أنْ أسْمَعَهُ مِن غَيرِي، فَقَرَأْتُ عليه سُورَةَ النِّسَاءِ، حتَّى بَلَغْتُ: {فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا} [النساء: 41]، قالَ: أمْسِكْ، فَإِذَا عَيْنَاهُ تَذْرِفَانِ. " وجاء في صحيح مسلم باختلاف يسير)، أي يبكي لما تذكر هذا المقام العظيم يوم القيامة المذكور في الآية، وهي قوله سبحانه: {فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ} (النساء 41)، أي يا محمد على هؤلاء شهيدا، أي على أمته عليه الصلاة والسلام، ولم ينقل أحد من أهل العلم فيما نعلم عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال: صدق الله العظيم بعد ما قال له النبي: حسبك، والمقصود أن ختم القرآن بقول القارئ: صدق الله العظيم ليس له أصل في الشرع المطهر، أما إذا فعلها الإنسان بعض الأحيان لأسباب اقتضت ذلك فلا بأس به

*لا يجوز الحلف بالصلاة و ولا بالذمة ولا بالحرج ولا بغير ذلك من المخلوقات، فالحلف يكون بالله وحده، فلا تقول : بذمتي ما فعلت كذا، ولا بذمة فلان، ولا بحياة فلان، ولا بصلاتي، ولا يجوز أن يطلب منه ذلك، كأن يقول : قل بذمي، أو قل بصلاتي، أو بزكاتي أو نحو ذلك ، وكل هذا من الحلف بغير الله ولا أصل له في الشرع. وإنما الحلف بالله وحده أو بصفة من صفاته؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم:" مَن كانَ حالِفًا فَلْيَحْلِفْ باللَّهِ أوْ لِيَصْمُتْ ".(أخرجه البخاري عن عبد الله بن عمر)

والمشروع أن يحفظ يمينه ولا يحلف إلا لحاجة لقوله تعالى: {وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ} (سورة المائدة الآية 89) لكن إذا دعت الحاجة إلى اليمين فلا يحلف إلا بالله وحده أو بصفة من صفاته فيقول: والله ما فعلت كذا، أو وعزة الله ما فعلت كذا إذا كان صادقا فلا حرج عليه في ذلك، أما الحلف بغير الله كالأمانة، أو بالنبي صلى الله عليه وسلم، أو بالكعبة، أو بحياة فلان، أو شرف فلان، أو بصلاتي، أو ذمتي، فلا يجوز ذلك كله ، أما إذا قال هذا في ذمتي أو في ذمة فلان فليس بيمين.

* ضرب الفتاة المريضة تأديبا لها: الواجب مراعاة حالها وعدم فعل ما يزيد مرضها، وإذا كانت لا تتحمل الضرب فلا يجوز لكم الضرب، وعالجوا أخطاءها بغير ذلك. وأما إذا كان المرض خفيفا وهي تخطئ وتعمل بعض الأشياء التي تستحق عليها التأديب الخفيف فلا بأس، لكن يجب أن تراعوا حالها، فإن كان الضرب يضرها فلا تضربوها وتزيدوها شرا، أما إن كان لا يضرها هذا الضرب الذي تعملونه معها؛ لأن مرضها خفيف والحاجة ماسة إلى تأديبها حتى تدع ما لا ينبغي فلا حرج في ذلك.

*عليك أن تجتهد في الدعوة إلى الله والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وأن لا تدع ذلك، فإن الشيطان يحب أن تدع ذلك، وقد يزين لك أن عملك هذا من أجل أن يمدحك الناس، فاتق الله، وادع إلى الله واجتهد في الإخلاص، وسل ربك أن يعينك وقل: "اللَّهمَّ أعنِّي على ذِكْرِكَ، وشُكْرِكَ، وحُسنِ عبادتِكَ" (صحيح أبي داود للألباني) ، ولا تطع الشيطان في ذلك، وخشوعك وبكاؤك إن كان من غير قصد أو هدف ليمدحك الناس، فهذا فضل من الله.

*الجهاد أقسام: بالنفس، والمال ، والدعاء، والتوجيه والإرشاد، والإعانة على الخير من أي طريق، وأعظم الجهاد الجهاد بالنفس، ثم الجهاد بالمال والجهاد بالرأي والتوجيه. والدعوة كذلك من الجهاد، فالجهاد بالنفس أعلاها.

والجهاد فرض كفاية لا فرض عين وعلى الجميع أن يجاهدوا في نصر إخوانهم بالنفس والمال والسلاح، والدعوة والمشورة، فإذا خرج منهم من يكفي سلم الجميع من الإثم، وإذا تركوه كلهم أثموا جميعا.

وبالله التوفيق

1443/9/22 هـ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

2 + 4 =

/500
جديد الدروس الكتابية
الدرس 139 الجزء الرابع  الحاجة للقضاء الشرعي - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 138 الجزء الرابع  أخلاق المؤمنين والمؤمنات - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 137 الجزء الرابع هذا هو طريق الرسل وأتباعهم  . - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 136 الجزء الرابع توضيح معنى الشرك بالله - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 135 الجزء الرابع  بيان معنى كلمة لا إله إلا الله (3) - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 134 الجزء الرابع  بيان معنى كلمة لا إله إلا الله (2) - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر