الدرس 104 تهذيب الأحاديث الضعيفة والموضوعة للألباني

الدرس
التصنيف : تاريخ النشر: الأربعاء 5 ذو الحجة 1442هـ | عدد الزيارات: 633 القسم: تهذيب الأحاديث الضعيفة والموضوعة للألباني -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله

وبعد

هذه أحاديث لا يجوز الاستشهاد بها ولا الاستئناس بذكرها:

1- " يا معشر الأنصار إن الله قد أثنى عليكم خيرا في الطهور، فما طهوركم هذا؟ قالوا: نتوضأ للصلاة، ونغتسل من الجنابة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فهل مع ذلك غيره؟ قالوا: لا، غير أن أحدنا إذا خرج من الغائط أحب أن يستنجى بالماء، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هو ذاك فعليكموه ".
ضعيف بهذا اللفظ.
أخرجه ابن الجارود في " المنتقي " والدارقطني والبيهقي من طرق عن محمد بن شعيب بن شابور: حدثني عتبة بن أبي حكيم الهمداني عن طلحة بن نافع أنه حدثه قال: حدثني أبو أيوب وجابر بن عبد الله وأنس بن مالك الأنصاري أن هذه الآية لما نزلت " فيه رجال يحبون أن يتطهروا والله يحب المتطهرين "، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكر.

قال الدارقطني:" عتبة بن أبي حكيم ليس بالقوي". هو ممن اختلفوا فيه، فوثقه بعض الأئمة، وضعفه آخرون، ولذلك قال الذهبي فيه: هو متوسط حسن الحديث. وكلام الحافظ فيه يشعر أنه ضعيف عنده فقال في " التقريب ": صدوق يخطىء كثيرا.

2 - " من طلب الدنيا حلالا استعفافا عن المسألة وسعيا على أهله، وتعطفا على جاره، بعثه الله يوم القيامة، ووجهه مثل القمر ليلة البدر، ومن طلبها حلالا متكاثرا بها مفاخرا لقي الله وهو عليه غضبان ".
ضعيف.
رواه أبو نعيم في " الحلية " من طريق الحجاج بن فرافصة عن مكحول عن أبي هريرة مرفوعا، وقال: غريب من حديث مكحول، لا أعلم له راويا عنه إلا الحجاج. وهو ضعيف لسوء حفظه، أورده الذهبي في " الضعفاء "

3- كان سليمان نبي الله عليه السلام إذا قام في مصلاه رأى شجرة ثابتة بين يديه، فيقول: ما اسمك؟ فتقول: كذا، فيقول: لأي شيء أنت؟ فتقول: لكذا وكذا، فإن كانت لدواء كتب، وإن كان لغرس غرست، فبينما هو يصلي يوما إذ رأى شجرة ثابتة بين يديه، فقال؟ ما اسمك؟ قالت: الخرنوب، قال: لأي شيء أنت؟ قالت: لخراب هذا البيت، قال سليمان عليه السلام: اللهم عم على الجن موتي حتى يعلم الإنس أن الجن لا تعلم الغيب، قال: فتحتها عصا فتوكأ حولا ميتا والجن تعمل ، قال: فأكلها الأرضة فسقط، فخر، فوجوده ميتا حولا، فتبينت الإنس أن الجن لوكانوا يعلمون الغيب ما لبثوا حولا في العذاب المهين، وكان ابن عباس يقرؤها هكذا، فشكرت الجن الأرضة، فكانت تأتيها بالماء حيث كانت".
ضعيف مرفوعا.
أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " والحاكم والضياء المقدسي في " المختارة " وابن جرير وابن أبي حاتم كما في " ابن كثير " وابن عساكر في " تاريخ دمشق " من طريق إبراهيم بن طهمان عن عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم، وقال الحاكم: صحيح الإسناد، ووافقه الذهبي. وفيه نظر من وجهين:
الأول: أن عطاء بن السائب كان اختلط .

الثاني: أن عطاء قد خولف في رفعه، فقد رواه سلمة ابن كهيل عن سعيد بن جبير موقوفا على ابن عباس أيضا.

4- " وقع في نفس موسى: هل ينام الله تعالى ذكره؟ فأرسل الله إليه ملكا، فأرقه ثلاثا، ثم أعطاه قارورتين، في كل يد قارورة، وأمره أن يحتفظ بهما، قال: فجعل ينام، وتكاد يداه تلتقيان، ثم يستيقظ فيحبس إحداهما عن الأخرى، ثم نام نومة فاصطفقت يداه، وانكسرت القارورتان، قال: ضرب الله مثلا أن الله لوكان ينام لم تستمسك السموات والأرض ".
منكر.
أخرجه ابن جرير في " تفسيره " : حدثنا إسحاق بن أبي إسرائيل قال: حدثنا هشام بن يوسف عن أمية بن شبل عن الحكم بن أبان عن عكرمة عن أبي هريرة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يحكي عن موسى صلى الله عليه وسلم على المنبر قال: فذكره.
وآفة هذا الحديث عندي الحكم بن أبان هذا، وهو العدني فإنه وإن كان وثقه جماعة كابن معين وغيره، فقد قال ابن المبارك: ارم به، وذكره ابن حبان في " الثقات " وقال: ربما أخطأ، وقال الحافظ في " التقريب ": صدوق عابد وله أوهام. فالظاهر من مجموع كلام الأئمة فيه ما أشار إليه الحافظ: أنه كان ثقة في نفسه، ولكنه كان يخطىء أحيانا بسبب شيء في حفظه، ولعله أتي من كثرة عبادته وغلوه فيها، كما هو المعهود في أمثاله من الصالحين!.

5- " تفترق أمتى على بضع وسبعين فرقة، كلها في الجنة، إلا فرقة واحدة وهي الزنادقة ".
موضوع بهذا اللفظ.
أخرجه العقيلي في " الضعفاء " ومن طريقه ابن الجوزي في " الموضوعات " من طريق معاذ بن ياسين الزيات: حدثنا الأبرد بن الأشرس عن يحيى بن سعيد عن أنس مرفوعا.
ثم رواه هو والديلمي من طريق نعيم بن حماد: حدثنا يحيى بن اليمان عن ياسين الزيات عن سعد بن سعيد الأنصاري عن أنس .
ورواه ابن الجوزي عن الدارقطني من طريق عثمان بن عفان القرشي: حدثنا أبو إسماعيل الأبلي حفص بن عمر عن مسعر عن سعد بن سعيد به ثم قال ابن الجوزي: قال العلماء: وضعه الأبرد، وسرقه ياسين الزيات، فقلب إسناده وخلط، وسرقه عثمان بن عفان وهو متروك، وحفص كذاب، والحديث المعروف: " واحدة في الجنة، وهي الجماعة ". ونقله السيوطي في " اللآليء " وأقره، وكذا أقره ابن عراق في " تنزيه الشريعة " والشوكاني في " الفوائد المجموعة " وغيرهم وأقول: في الطريق الأولى معاذ بن ياسين، قال العقيلي: مجهول، وحديثه غير محفوظ. يعني هذا الحديث ثم قال: "هذا حديث لا يرجع منه إلى صحة، وليس له أصل من حديث يحيى بن سعيد ولا من حديث سعد". وشيخه الأبرد بن الأشرس شر منه، قال الذهبي: "قال ابن خزيمة: كذاب وضاع.

6- " القرآن ذلول ذووجوه، فاحملوه على أحسن وجوهه ".
ضعيف جدا.
رواه الدارقطني عن زكريا بن عطية: أخبرنا سعيد بن خالد: حدثني محمد ابن عثمان عن عمرو بن دينار عن ابن عباس مرفوعا.
وهذا سند ضعيف جدا، وفيه علل ثلاث:
الأولى: جهالة محمد بن عثمان قال ابن أبي حاتم : سمعت أبي يقول: هو مجهول.
الثانية: سعيد بن خالد لم أعرفه.
الثالثة: زكريا بن عطية قال ابن أبي حاتم : سألت أبي عنه فقال: منكر الحديث. وقال العقيلي: هو مجهول.

7- " إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فليهرقه، وليغسله ثلاث مرات ".
منكر بلفظ (ثلاث) .
أخرجه ابن عدي في " الكامل ": حدثنا أحمد بن الحسن الكرخي - من كتابه - حدثنا الحسين الكرابيسي: حدثنا إسحاق الأزرق: حدثنا عبد الملك عن عطاء عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره، ثم أخرجه عن عمر بن شبة: حدثنا إسحاق الأزرق به موقوفا، وقال:
لم يرفعه غير الكرابيسي، والكرابيسي لم أجد حديثا منكرا غير هذا، وإنما حمل عليه أحمد بن حنبل من جهة اللفظ بالقرآن، فأما في الحديث فلم أر به بأسا.

8- " لكم (يعني الجن) كل عظم ذكر اسم الله عليه يقع في أيديكم أوفر ما يكون لحما، وكل بعرة علف لدوابكم ".
أخرجه مسلم وابن خزيمة في " صحيحه " والبيهقي من طريق عبد الأعلى بن عبد الأعلى عن داود عن عامر قال: سألت علقمة: هل كان ابن مسعود شهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة الجن؟ قال فقال علقمة: أنا سألت ابن مسعود فقلت: هل شهد أحد منكم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة الجن؟ قال: لا، ولكنا كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات ليلة ففقدناه، فالتمسناه في الأودية والشعاب، فقلنا: استطير أواغتيل، قال: فبتنا بشر ليلة بات بها قوم، فلما أصبحنا إذا هو جاء من قبل (حراء) ، قال: فقلنا: يا رسول الله فقدناك فطلبناك فلم نجدك، فبتنا بشر ليلة بات بها قوم، فقال: أتاني داعي الجن فذهبت معه، فقرأت عليهم القرآن، قال: فانطلق بنا فأرانا آثارهم وآثار نيرانهم. وسألوه الزاد، فقال: فذكره، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فلا تستنجوا بهما، فإنهما طعام إخوانكم من الجن ".
وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات، ولكنه معلول بعلتين :

الأولى: إن قوله: " وسألوه الزاد … " إلخ مدرج في الحديث ليس من مسند ابن مسعود بل هو عن الشعبي.

الثاني: أنها من مرسل الشعبي، وليس من مسند ابن مسعود.

9- " التوبة تجب ما قبلها ".
لا أعرف له أصلا.
خلافا لما يشعره صنيع الحافظ ابن كثير في تفسير قوله تعالى: " فأولئك يدخلون الجنة ولا يظلمون شيئا "، قال: وذلك لأن التوبة تجب ما قبلها، وفي الحديث الآخر: " التائب من الذنب كمن لا ذنب له ".

10- " كان الناس في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام المصلي يصلي، لم يعد بصر أحدهم موضع قدميه، فلما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكان الناس إذا قام أحدهم يصلي لم يعد بصر أحدهم موضع جبينه، فتوفي أبو بكر، وكان عمر، فكان الناس إذا قام أحدهم يصلي، لم يعد بصر أحدهم موضع القبلة، وكان عثمان ابن عفان، فكانت الفتنة، فتلفت الناس يمينا وشمالا ".
منكر.
أخرجه ابن ماجه والطبراني في " الأوسط " عن محمد ابن إبراهيم بن المطلب بن السائب بن أبي وداعة السهمي: حدثني موسى بن عبد الله بن أبي أمية المخزومي: حدثني مصعب بن عبد الله عن أم سلمة بنت أبي أمية زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنها قالت: فذكره، وقال الطبراني لا يروى عن أم سلمة إلا بهذا الإسناد.
وهو ضعيف، وله علتان:
الأولى: موسى بن عبد الله بن أبي أمية، أشار الذهبي إلى جهالته.

والآخر: أنه دل على أن الصحابة بعد وفاته صلى الله عليه وسلم قد خالفوا سنته صلى الله عليه وسلم إلى شيء آخر، وهذا مستبعد جدا عن الصحابة إن لم يكن مستحيلا عادة.

والله المستعان.

4 – 12 – 1442هـ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

8 + 1 =

/500
جديد الدروس الكتابية
الدرس 128 الجزء الثالث ‌‌ تحريم الأغاني  - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 127 الجزء الثالث ‌‌مضاعفة الحسنات ومضاعفة السيئات  - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 126 ‌‌بيان حرمة مكة ومكانة البيت العتيق - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 125 ‌‌حكم إعفاء اللحية - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 124 الجزء الثالث ‌‌أهمية الغطاء على وجه المرأة - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 123 الجزء الثالث ‌‌حكم قيادة المرأة للسيارة - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر