الدرس 13 حكم التصوير

الدرس
التصنيف : تاريخ النشر: الأحد 15 ذو القعدة 1441هـ | عدد الزيارات: 682 القسم: تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله

وبعد

جاءت الأحاديثُ الكثيرةُ عن النبي صلى الله عليه وسلم في الصحاح والمسانيد والسنن دالةً على تحريمِ تصوير كلِّ ذي روحٍ ، آدميا كان أو غيرَهُ وهتكِ الستور التي فيها الصور والأمرِ بطمس الصور وبيانِ أنهم أشدُّ الناس عذاباً يوم القيامة.

ففي الصحيحين واللفظ للبخاري عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : قال الله تعالى " ومن أظلم ممن ذهب يخلق كخلقي ، فليخلقوا ذرَّة أو ليخلقوا حبة أو شعيرة ".

وفي الصحيحين عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن أشد الناس عذابا يوم القيامة المصورون " .

وفي الصحيحين عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إنَّ أصْحَابَ هذِه الصُّوَرِ يَومَ القِيَامَةِ يُعَذَّبُونَ، فيُقَالُ لهمْ أحْيُوا ما خَلَقْتُمْ وقالَ: إنَّ البَيْتَ الذي فيه الصُّوَرُ لا تَدْخُلُهُ المَلَائِكَةُ. ".

وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول " من صور صورة في الدنيا كُلف أن ينفُخ فيها الروح وليس بنافخ " متفق عليه

وعن عائشة رضي الله عنها قالت : دخل عليَّ رسول صلى الله عليه وسلم وقد سترت سهوة لي بقرام فيه تماثيل فلما رآه هتكه وتلون وجهه وقال : يا عائشة أشدُّ الناس عذابا يوم القيامة الذين يضاهون بخلق الله ، قالت عائشة : فقطعناه فجعلنا منه وسادة أو وسادتين " رواه مسلم

وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لا تدخل الملائكة بيتاً فيه كلب ولا صورة " متفق عليه.

فهذه الأحاديث وما جاء في معناها دالة دَلالة ظاهرة على تحريم التصوير لكل ذي روح وأن ذلك من كبائر الذنوب المتوعد عليها بالنار .

وهي عامة لأنواع التصوير سواء كان للصورة ظل أم لا وسواء كان التصوير في حائط أو ستر أو قميص أو مرآة أو قرطاس أو غير ذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يفرق بين ما له ظل وغيرِه ولا بين ما جعل في ستر أو غيرِه بل لعن المصور وأخبر أن المصورين أشد الناس عذابا يوم القيامة وأن كل مصور في النار وأطلق ذلك ولم يستثن شيئا .

وقد رجح الحافظ في الفتح الجمع بين الأحاديث وقال : قال الخطابي : والصورة التي لا تدخل الملائكة البيت الذي هي فيه ما يحرم اقتناؤه وهو ما يكون من الصور التي فيها الروح مما لم يقطع رأسه أو لم يمتهن . أ.هـ

وقال الخطابي أيضا رحمه الله تعالى : إنما عظمت عقوبةُ المصور لأن الصور كانت تعبد من دون الله ، ولأن النظر إليها يَفْتِنُ وبعض النفوس إليها تميل . أ.هـ

يحرم تعليق الصور إذا كانت من ذوات الأرواح من بني آدم أو غيرهم لقول النبي صلى الله عليه وسلم لعلي رضي الله عنه : " ألَّا تدع صورة إلا طمستها ولا قبراً مشرفاً إلا سويته " رواه مسلم .

لكن إذا كانت الصورة في بساط يمتهن أو وسادة يرتفق بها فلا حرج في ذلك لما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :" أتاني جبريلُ عليهِ السلامُ فقال لي : أتيتُك البارحةَ فلم يمنعني أن أكونَ دخلتُ إلا أنَّهُ كان على البابِ تماثيلُ . وكان في البيتِ قرامُ سترٍ فيه تماثيلُ ، وكان في البيتِ كلبٌ ، فمُرْ برأسِ التمثالِ الذي في البيتِ يُقطعُ ، فيصيرُ كهيئةِ الشجرةِ ، ومُرْ بالسترِ فليُقطعْ ، فليُجعلْ منه وسادتيْنِ منبوذتيْنِ تُوطآنِ ، ومُرْ بالكلبِ فليُخرجْ . ففعل رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليْهِ وسلَّمَ ، وإذا الكلبُ لحسنٍ – أو حسينٍ – كان تحتَ نضدٍ لهم ، فأمرَ به فأُخْرِجَ " رواه أبو داود عن أبي هريرة وصححه الألباني.

وقصةُ جبرائيل هذه تدلُ على أن الصورةَ في البساط ونحوه لا تمنعُ من دخول الملائكة .

ولا يجوز تعليق التصاوير ولا الحيوانات المحنطة في المنازل ولا في المكاتب ولا في المجالس لعموم الأحاديثِ الثابتةِ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الدالةِ على تحريم تعليق الصور وإقامة التماثيلِ في البيوت وغيرِها لأن ذلك وسيلةٌ للشرك بالله ولأن في ذلك مضاهاةً لخلق الله وتشبهاً بأعداء الله ولما في الحيوانات المحنطة من إضاعة المال والتشبهِ بأعداءِ الله وفتحِ الباب لتعليق التماثيل المصورة ، وقد جاءت الشريعةُ الإسلاميةُ الكاملةُ بسد الذرائع المفضيةِ إلى الشرك أو المعاصي ، وقد وقع الشركُ في قوم نوح بأسباب تصوير خمسة من الصالحين في زمانهم ونصب صورهم في مجالسهم كما بيَّن الله سبحانه وتعالى في كتابه حيث قال سبحانه " وقالوا لا تذرن آلهتكم ولا تذرن وداً ولا سواعاً ولا يغوث ويعوق ونسراً * وقد أضلوا كثيرا " نوح 23 ، 24 .

فوجب الحذر من مشابهة هؤلاء في عملهم المنكر الذي وقع بسببه الشرك .

لا يجوز لأي مسلم ذكراً كان أم أنثى أن يجمع الصور للذكرى أعني صور ذوات الأرواح من بني آدم وغيرهم بل يجب إتلافها لقول النبي صلى الله عليه وسلم لعلي رضي الله عنه " لا تدع صورة إلا طمستها ولا قبراً مشرفا إلا سويته " ، ولما دخل الكعبة عليه الصلاة والسلام يوم الفتح رأى في جدرانها صوراً فطلب ماءً وثوباً ثم مسحها ، أما صور الجمادات كالجبل والشجر ونحو ذلك فلا بأس به .

وبالله التوفيق

14 - 11 - 1441هـ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

4 + 2 =

/500
جديد الدروس الكتابية
الدرس 128 الجزء الثالث ‌‌ تحريم الأغاني  - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 127 الجزء الثالث ‌‌مضاعفة الحسنات ومضاعفة السيئات  - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 126 ‌‌بيان حرمة مكة ومكانة البيت العتيق - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 125 ‌‌حكم إعفاء اللحية - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 124 الجزء الثالث ‌‌أهمية الغطاء على وجه المرأة - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 123 الجزء الثالث ‌‌حكم قيادة المرأة للسيارة - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر