الدرس الثاني والثلاثون باب تفسير التوحيد وشهادة أن لا إله إلا الله (1)

الدرس
التصنيف : تاريخ النشر: الجمعة 22 صفر 1434هـ | عدد الزيارات: 1733 القسم: شرح وتحقيق كتاب التوحيد -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله

وبعد
يقول المصنف :" باب تفسير التوحيد، وشهادة أن لا إله إلا الله " ، هذا البابُ بابٌ عظيم بَيَّنَ فيه المصنف تفسيرَ التوحيد، وتفسير شهادة أن لا إله إلا الله بما يوافق لفظها وبما يضادها؛ لأن الشيء يعرف بضده.

والتفسيرُ معناه الكشف والإيضاح، مأخوذ من قولهم: فسرت الثمرة قشرها، ومن قول الإنسان فسرت ثوبي فاتضح ما وراءه ، ومنه تفسير القرآن الكريم .
والتوحيد هو في اللغة مصدر وحَّد الشيء إذا جعله واحدا .

وفي الشرع : إفراد الله تعالى بما يختص به من الربوبية والألوهية والأسماء والصفات .

والمصنف ذكر قول الله تعالى :"أُولَٰئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَىٰ رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ ۚ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا "(الإسراء57)

قوله:"أُولَٰئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ"، يعني أهل الشرك، "يَبْتَغُونَ إِلَىٰ رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ "، يعني يطلبون إلى ربهم الوسيلة، والوسيلة : القربة إليه بطاعته."أَيُّهُمْ أَقْرَبُ "، يعني يجتهدون في أيهم أقرب بتوسله إلى الله وطاعته إياه، وتقربه إليه بأنواع الطاعات، "وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ ۚ "؛ لأنهم عبيده يخشونه ويخافونه، ولا تتم العبادة إلا بالخوف والرجاء فكيف يدعون من دون الله؟!، كيف يستغاث بهم، وصرف هذا لغير الله هو الشرك، ،"إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا " أي: هو الذي ينبغي شدة الحذر منه والتوقي من أسبابه.فتبين أن معنى التوحيد وشهادة أن لا إله إلا الله هو ترك ما عليه المشركون من دعوة الصالحين والاستشفاع بهم إلى الله في كشف الضر وتحويله، فكيف بمن أخلص لهم الدعوة ، وأنه لا يكفي في التوحيد دعواه والنطق بكلمة الشهادة من غير مفارقة لدين المشركين، وأن دعاء الصالحين لكشف الضر أو تحويله هو الشرك الأكبر ؛ لذا نبَّه عليه المصنف.

قول المصنف:" وقوله: "وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَاءٌ مِّمَّا تَعْبُدُونَ * إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي"الآية " (الزخرف 26، 27) ،

هذا تفسير التوحيد بمعناه، فـ {إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ} معنى : لا إله، وقوله :{إلَّا الَّذِي فَطَرَنِي} هو معنى: إلَّا الله، فبين سبحانه معنى : لا إله إلا الله ، وأنها براءة من عبادة غير الله، وإنكار لها، وموالاة لله وحده بالعبادة، ومعنى :{فَطَرَنِي} ، خلقني وأوجدني من العدم.

فالمعبود الحق هو الله وحده، هو الذي فطر العباد وأوجدهم، وأمرهم أن يعبدوه، فالواجب إنكار عبادة غيره، والبراءة منها واعتقاد بطلانها، والعبادة بالحق لله وحده دون ما سواه. فقوم إبراهيم يعبدون الله ويعبدون غيره، فتبرأ مما يعبدون إلا الله، فتبين بهذا أن معنى : لا إله إلا الله هو البراءة مما يعبد من دون الله، وإفرادا الله بالعباده، وذلك هو التوحيد، لا مجرد الإقرار بوجود الله وملكه وقدرته وخلقه، فإن هذا يقر به الكفار، وذلك هو معنى قوله:"إِنَّنِي بَرَاءٌ مِّمَّا تَعْبُدُونَ * إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي" فاستثنى من المعبودين ربَّه ، وذكر سبحانه أن هذه البراءة، وهذه الموالاة هي شهادة أن لا إله إلا الله.

وبالله التوفيق

22 - 2 - 1434هـ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

6 + 3 =

/500
جديد الدروس الكتابية
 الدرس 146 الجزء الرابع  الاستسلام لشرع الله - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 145 الجزء الرابع: وجوب طاعة الله ورسوله - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 144  الجزء الرابع الحلف بغير الله - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 143 الجزء الرابع تأويل الصفات - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 142 الجزء الرابع التحدث بالنعم والنهي عن الإسراف - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 141 الجزء الرابع ‌‌أخلاق أهل العلم  . - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر