الدرس 281: صلاة الجماعة

الدرس
التصنيف : تاريخ النشر: الخميس 26 شعبان 1437هـ | عدد الزيارات: 1773 القسم: تهذيب فتاوى اللجنة الدائمة -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

صلاة الاثنين فما فوقهما جماعة، لكن كلما زاد العدد زاد الفضل، ومع ذلك يجب أداء الصلاة جماعة في المسجد

من صلى ثم تذكر أنه غير متوضئ فعليه الإعادة بطهارة، لقول النبي صلى الله عليه وسلم (لا تقبل صلاة أحدكم حتى يتوضأ) وقوله صلى الله عليه وسلم (لا تقبل صلاة بغير طهور ولا صدقه من غلول) أخرجه مسلم

من أدى الصلاة المفروضة في جماعة فقد عمل الواجب وأجر عليه، وزادت صلاته خمسا أو سبعا وعشرين درجة عما لو صلاها منفردا، ومن صلاها منفردا بلا عذر أثم وحرم أجر الجماعة واستحق التعزير

يجب الصلاة مع الجماعة في الوقت ولو تأخرت إقامة الجماعة ساعة

الأصل أن صلاة الجماعة في المساجد واجبة على الرجال، فمن ترك فعلها جماعة في المسجد بدون عذر شرعي فإن من علم عنه ينصحه، فإن لم يقبل شرع هجره

من كبر تكبيرة الإحرام حال رفع الإمام من الركوع لا يعتد بهذه الركعة، وكذلك من كبر تكبيرة الإحرام ثم كبر تكبيرة الركوع وركع حال رفع الإمام من الركوع لا يعتد بهذه الركعة، لأنه فاته الاشتراك مع الإمام في الركوع بقدر يكفي للاعتداد بهذه الركعة وعليه أن يأتي بركعة بدلها بعد سلام الإمام

ومن كبر تكبيرة الإحرام ثم أدرك الإمام وهو راكع فركع معه قدرا يحقق الطمأنينة أعتد بهذه الركعة عند جمهور العلماء لحديث (إذا جئتم إلى الصلاة ونحن سجود فاسجدوا ولا تعدوها شيئا، ومن أدرك الركعة فقد أدرك الصلاة) رواه أبو داود وابن خزيمة والحاكم في المستدرك ولحديث (من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة) رواه الشيخان

ومن وجد الإمام في الركوع فكبر تكبيرة الإحرام ثم وهو في طريقه إلى الركوع رفع الإمام من الركوع فلا تحسب له ركعة لأنه لم يدرك الركوع

إذا جئت للجماعة وقد رفعوا من ركوع آخر ركعة فالحق بهم واقض صلاتك كلها بعد تسليم الإمام. لحديث أبي هريرة رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (إذا أتيتم الصلاة فلا تأتوها وأنتم تسعون وعليكم السكينة والوقار فما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا) رواه البخاري ومسلم

ولا يعتبر من أدرك مع الإمام التشهد الأخير من الصلاة مدركا للجماعة، لكن له ثواب بقدر ما أدرك مع الإمام من الصلاة وإنما يعتبر مدركا للجماعة من أدرك مع الإمام ركعة على الأقل لقول النبي صلى الله عليه وسلم (من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة) والأفضل له أن يدخل مع الإمام؛ لعموم حديث: ما أدركتم فصلوا وما فاتكم فاقضوا

ما أدركه المأموم مع الإمام يعتبر أول صلاته لأن أكثر روايات الحديث الواردة في ذلك بلفظ (فأتموا) وما ورد من لفظ (فاقضوا) فهو بمعنى أتموا، لأن الروايات يفسر بعضها بعضا، ولقوله سبحانه (فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ) [البقرة200] أي أتممتم، ولأن ذلك هو مقتضى قواعد الشريعة؛ لأن القول بجعل ما أدركه آخر صلاته يفضي إلى أن يقدم آخر صلاته على أولها

فإذا كانت الصلاة رباعية وأدرك مع الإمام ثلاث ركعات أو ركعتين فعليه قراءة الفاتحة فقط فيما يقضيه من ركعة أو ركعتين

مسابقة المأموم لإمامه حرام بل هي من كبائر الذنوب لما ورد فيها من الوعيد، فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال (أما يخشى أحدكم إذا رفع رأسه قبل الإمام أن يحول الله رأسه رأس حمار أو أن يجعل الله صورته صورة حمار) رواه البخاري، ومن سبق إمامه عن عمدا بطلت صلاته وإن سبقه ساهيا رجع إليه وتابعه

ومن لم يتابع الإمام في سجود السهو لا يجوز ويعيد صلاته

صلاة النساء

يجوز للمرأة المسلمة أن تصلي في المساجد، وليس لزوجها إذا استأذنته أن يمنعها من ذلك ما دامت مستترة ولا يبدو شيء مما يحرم نظر الأجانب إليه، لما روى عبد الله بن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال (إذا استأذنكم نساؤكم إلى المساجد فأذنوا لهن) وفي رواية (لا تمنعوا النساء حظوظهن من المساجد إذا استأذنكم، فقال بلال وهو ابن لعبد الله بن عمر والله لنمنعهن، فقال له عبد الله أقول لك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وتقول أنت لنمنعهن) رواهما مسلم

فإن كانت منكشفة قد بدا من بدنها ما يحرم على الأجانب النظر إليه أو كانت متطيبة فلا يجوز لها الخروج على هذه الحالة من بيتها فضلا عن خروجها إلى المساجد وصلاتها فيها لما في ذلك من الفتنة، قال الله تعالى (وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ) سورة النور: 30

وثبت أن زينب الثقفية كانت تحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال (إذا شهدت إحداكن العشاء فلا تتطيب تلك الليلة) وفي رواية (إذا شهدت إحداكن المسجد فلا تمس طيبا) رواهما مسلم

وثبت في الأحاديث الصحيحة أن نساء الصحابة كن يحضرن صلاة الفجر جماعة متلفعات بمروطهن ما يعرفهن أحد من الناس

وثبت أن عمرة بنت عبد الرحمن قالت: سمعت عائشة رضي الله عنها تقول (لو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى ما أحدث النساء لمنعهن المسجد كما منعت نساء بنى إسرائيل، فقيل لعمرة نساء بني إسرائيل منعن المسجد، قالت: نعم) رواه مسلم

ويجوز للمرأة أن تصلي بالمسجد في هذا الزمان وغيره لحديث ابن عمر السابق وللشروط السابقة إلا أن تكون جنبا أو حائضاً فلا تدخل إلا إذا كانت عابرة سبيل مع التحفظ خشية سقوط دم بالمسجد لقوله تعالى (وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا) النساء: 43

إذا أم رجل امرأة ولو زوجته فإنها تقف خلفه لما روى أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم زاره في بيته فصلى بهم ضحى فكان أنس عن يمينه والمرأة خلفهم رواه ابن ماجه، وفي رواية قمت أنا واليتيم خلفه وأم سليم خلفنا رواه البخاري ومسلم

يجوز للمرأة أن تأتي إلى المساجد لصلاة الجمعة ولأداء سائر الصلوات في الجماعة ولا يجوز لزوجها أن يمنعها من ذلك وصلاتها في بيتها أفضل

إذا كانت المرأة في طائرة وتنجست ثيابها من طفلها وتعذر عليها غسلها أو ابدالها فتصلي في الوقت ولو كانت ثيابها نجسة لقوله تعالى (فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ) سورة التغابن.

المرأة يجب عليها ستر جميع بدنها في الصلاة إلا الوجه والكفين لكن إذا صلت وبحضرتها رجال أجانب يرونها وجب عليها ستر جميع بدنها بما في ذلك الوجه والكفان

الإمامة

إذا أردت أن تصلي فإنك تتحرى الصلاة خلف إمام يحسن القراءة، وإذا علمت عن إمام أنه لا يحسن القراءة بمعنى أنه يلحن في الفاتحة لحنا يغير المعنى مثل قوله إياك نعبد بكسر الكاف وأنعمت بالضم أو الكسر فلا يجوز أن تصلي خلفه، والواجب تنبيهه فإن أجاب فالحمد لله وإلا وجب عليك أن تبلغ الجهة المختصة لإبداله بإمام أصلح منه

الذين يجلسون حلقات في المسجد بعد كل صلاة مفروضة ويبسطون رداء أبيض بينهم ويخصون مساء الجمعة باجتماع فهؤلاء مبتدعة لأنهم أحدثوا من كيفيات الذكر ما لم يكن من النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه في أذكارهم، وكل محدث في الدين والعبادة فهو بدعة ممنوعة، أما الأوراد التي يقرأونها فما كان منها معروفا عن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه فحسن، لكن على ألا يكون على كيفية الحلقات التي يبسطون رداء أبيض بينهم، وإن كانت مشتملة على الاستغاثة بغير الله أو التوسل إلى الله بخلقه في الدعاء كما في قصيدة البردة أو فيها دعاوى كاذبة وغلو في تعظيم المخلوق أو فيها كلمات لا يفهم معناها لكونها أعجمية أو رموزا، فلا يجوز الذكر بها بل قد يكون شركا كالاستغاثة بغير الله، ودعوى أن العالم لم يخلق إلا من أجل رسول الله صلى الله عليه وسلم وأن علوم اللوح والقلم من علمه، إلى غير هذا مما اشتملت عليه أوراد المتصوفة وأناشيدهم

وأما الصلاة خلف المبتدعة: فإن كانت بدعتهم شركية كدعائهم غير الله ونذرهم لغير الله واعتقادهم في مشايخهم ما لا يكون إلا لله من كمال العلم أو العلم بالمغيبات أو التأثير في الكونيات فلا تصح الصلاة خلفهم، وإن كانت بدعتهم غير شركية؛ كالذكر بما أثر عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولكن مع الاجتماع والترنحات: فالصلاة وراءهم صحيحة، إلا أنه ينبغي للمسلم أن يتحرى لصلاته إماما غير مبتدع؛ ليكون ذلك أعظم لأجره وأبعد عن المنكر

لا تصح الصلاة خلف من يدعون غير الله ولا وراء عباد القبور وعلى المسلم أن يناصح أخاه الذي يجهل حكم الصلاة وراء عباد القبور ويبين له الحكم بدليله لعلى الله أن يهديه

ولا تجوز الصلاة خلف إمام يعتقد في صاحب قبر صالح أنه ينفع أو يضر لأن اعتقاد النفع والضر في الأموات شرك أكبر في الربوبية وهكذا دعاؤهم والاستعانة بهم والنذر والذبح لهم شرك أكبر في العبادة

عقيدة التيجانية عقيدة كفر وضلال فلا تصح الصلاة خلف من يعتقد هذه الطريقة والإمام الذي يطوف بالضريح ويجمع النذور ويحضر الأمداح الشركية ويقول يا أحمد التيجاني يا قوت القلوب أما ترى ما نحن فيه من كروب من هذه صفاته لا تجوز الصلاة خلفه ولا تصح لو فعلت من عالم بحاله لأن معظمها صفات كفرية وبدعية تناقض التوحيد الذي أرسل الله به رسله وأنزل به كتبه وعلى من علم بحاله أن ينصحه ويعلمه التوحيد الخالص وما في طريقة التيجانية من الأمور المنكرة فإن قبل فالحمد لله وإلا هجره

وبالله التوفيق

وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

1437/8/26 هـ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

4 + 5 =

/500
جديد الدروس الكتابية
الدرس 132 الجزء الثالث : شروط قبول الدعاء - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 131 الجزء الثالث ‌‌وجوب النهي عن المنكر على الجميع - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 130 الجزء الثالث ‌‌طائفة الصوفية المتسولة: - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 129 الجزء الثالث الغزو الفكري . - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 128 الجزء الثالث ‌‌ تحريم الأغاني  - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 127 الجزء الثالث ‌‌مضاعفة الحسنات ومضاعفة السيئات  - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
روابط ذات صلة
الدرس السابق
الدروس الكتابية المتشابهة الدرس التالي