الدرس 216: أقسام التوحيد

الدرس
التصنيف : تاريخ النشر: الإثنين 28 جمادى الآخرة 1435هـ | عدد الزيارات: 1836 القسم: تهذيب فتاوى اللجنة الدائمة -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد

ينقسم التوحيد إلى ثلاثة أقسام:

توحيد الربوبية هو توحيد الله بأفعاله من الخلق والرزق والإحياء والإماتة ونحو ذلك وتوحيد الألوهية هو إفراد الله بالعبادة من صلاة وصوم وحج وزكاة ونذر وذبح ونحو ذلك وتوحيد الأسماء والصفات أن تصف الله بما وصف به نفسه أو وصفه به رسوله صلى الله عليه وسلم وتسميه بما سمى به نفسه أو سماه به رسوله صلى الله عليه وسلم من غير تشبيه ولا تمثيل ومن غير تحريف ولا تعطيل. ليس كمثله شيء وهو السميع البصير

ودليل توحيد الربوبية "ألا له الخلق والأمر تبارك الله رب العالمين"(الأعراف 54) ودليل توحيد الألوهية قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين

ومن يعتقد تصرف أحد في الكون سوى الله كافر لأنه أشرك مع الله غيره في الربوبية بل هو أشد كفرا من كثير من المشركين الذين أشركوا مع الله غيره في الألوهية

وأخبر الله بأن الأرض سبع طبقات فقال "الله الذي خلق سبع سموات ومن الأرض مثلهن"(الطلاق 12) والعلماء الذين قالوا باجتهادهم أنها طبقات بعضها فوق بعض بينها هواء ويسكن كل طبقة خلق من خلق الله مستدلين بقوله تعالى "يتنزل الأمر بينهن لتعلموا أن الله على كل شيء قدير" ومنهم من قال إنها سبع طبقات متلاصقة بعضها فوق بعض ويستدلون بحديث "من اقتطع شبرا من أرض طوقه يوم القيامة من سبع أرضين" متفق عليه

أما سجين فهي من الأمور الغيبية التي يجب علينا أن نمسك عن الخوض فيها إلا بقدر ما بين الله في كتابه أو رسوله صلى الله عليه وسلم وقد قال تعالى "كلا إن كتاب الفجار لفي سجين وما أدراك ما سجين كتاب مرقوم" (المطففين 7، 9) فيجب أن نؤمن بذلك ولا نزيد عليه قولا من عند أنفسنا وإلا وقعنا فيما نهى الله عنه بقوله "ولا تقف ما ليس لك به علم" الإسراء 36

وأما هاروت وماروت ملكان من ملائكة الله امتحن الله بهما عباده ولم يفعلا إلا ما أمرهما الله به فكانا بذلك مطيعين لله فيما كلفا ولله أن يختبر عباده ويمتحنهم بما شاء كيف شاء لا منازع له في قضائه وشرعه قال تعالى "واتبعوا ما تتلو الشياطين على ملك سليمان وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر وما أنزل على الملكين ببابل هاروت وماروت وما يعلمان من أحد حتى يقولا إنما نحن فتنة فلا تكفر" البقرة آية 101

وأما أنهما كانا ملكين ومسخا رجلين وأنهما أساءا بارتكاب المعاصي وحجبا عن السماء وأنهما يعذبان في الدنيا أو معلقان من شعورهما فكل هذا وأمثاله من كلام الكذابين من القصاص فيجب على المسلم ألا يقبله منهم وأن يتجنب القراءة في الكتب التي ليست مأمونة مثل كتاب بدائع الزهور في وقائع الدهور، قلت المؤلف محمد بن إياس الحنفي القاهري فهو رجل خرافي كحاطب ليل فإن مؤلفه وأمثاله هم الذين يذكرون مثل هذه الافتراءات

وأما صخرة بيت المقدس فهي لا تزال متصلة من جانب بالجبل التي هي جزء منه متماسكة معه وهي وجبلها قائمان في مقرهما بالأسباب الكونية العادية المفهومة

ولا يقدر أحد من المخلوقين أن يحول الذكر إلى أنثى ولا الأنثى إلى ذكر وليس ذلك من شؤونهم ولا في حدود طاقتهم مهما بلغوا من العلم بالمادة ومعرفة خواصها إنما ذلك إلى الله وحده قال الله تعالى "لله ملك السماوات والأرض يخلق ما يشاء يهب لمن يشاء إناثا ويهب لمن يشاء الذكور أو يزوجهم ذكرانا وإناثا ويجعل من يشاء عقيما إنه عليم قدير" (الشوري 49)فأخبر سبحانه في صدر الآية بأنه وحده هو الذي يملك ذلك ويختص به وختم الآية ببيان أصل ذلك الاختصاص وهو كمال علمه وقدرته ولكن قد يشتبه أمر المولود فلا يدرى أذكر هو أم أنثى وقد يظهر في بادئ الأمر أنثى وهو في الحقيقة ذكر أو بالعكس ويزول الإشكال في الغالب وتبدو الحقيقة واضحة عند البلوغ فيعمل له الأطباء عملية جراحية تتناسب مع واقعه من ذكورة أو أنوثة وقد لا يحتاج إلى شق ولا جراحة فما يقوم به الأطباء في مثل هذه الأحوال إنما هو كشف عن واقع حال المولود بما يجرونه من عمليات جراحية

والله هو الرزاق ذو القوة المتين وهو الذي يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء ويدفع الضر أما الإنسان الحي فقد يجعله الله سببا في كسب الرزق لإنسان آخر ودفع الضر عنه بإذن الله تعالى أما هو في نفسه فلا يملك لنفسه ولا لغيره نفعا ولا ضراً وثبت في السنة أن العطاء والمنع إلى الله وحده من ذلك ما رواه البخاري في باب الذكر بعد الصلاة من صحيحه أن وراد كاتب المغيرة بن شعبة قال أملي علي المغيرة بن شعبة في كتاب إلى معاوية أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول في دبر كل صلاة مكتوبة "لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت ولا ينفع ذا الجد منك الجد" لكن قد يعطي الله عبده ذرية ويوسع له في رزقه بدعائه إياه ولجئه إليه وحده كما هو واضح في سورة إبراهيم من دعاء إبراهيم الخليل ربه وإجابة الله دعاءه وفي سورة مريم والأنبياء وغيرهما من دعاء زكريا ربه وإجابته دعاءه وكما ثبت عن أنس رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول "من سره أن يبسط له في رزقه وينسأ له في أجله فليصل رحمه" رواه البخاري

وبالله التوفيق

وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وأزواجه وأصحابه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين

1435-6-28 هـ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

5 + 1 =

/500
جديد الدروس الكتابية
الدرس 139 الجزء الرابع  الحاجة للقضاء الشرعي - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 138 الجزء الرابع  أخلاق المؤمنين والمؤمنات - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 137 الجزء الرابع هذا هو طريق الرسل وأتباعهم  . - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 136 الجزء الرابع توضيح معنى الشرك بالله - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 135 الجزء الرابع  بيان معنى كلمة لا إله إلا الله (3) - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 134 الجزء الرابع  بيان معنى كلمة لا إله إلا الله (2) - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
روابط ذات صلة