الدرس الثالث والسبعون : النكاح 7

الدرس
التصنيف : تاريخ النشر: الخميس 18 محرم 1435هـ | عدد الزيارات: 2151 القسم: تهذيب فتاوى اللجنة الدائمة -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله

وبعد

إذا اشترط ولي الزوجة على الزوج عند عقد الزواج أنه إذا تزوج على زوجته فتعتبر الزوجة الثانية مطلقة وقبل هذا الزوج لهذا الشرط فلا يجوز ذلك ولا يصح تعليق الطلاق إلا من زوج لحديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده : " لا نذر لابن آدم فيما لا يملك ولا عتق له فيما لا يملك ولا طلاق له فيما لا يملك " رواه أحمد وأبو داود والترمذي وحسنه ، ولهذا فإن عقد الزواج المذكور صحيح والشرط غير صحيح لأنه طلاق على أجنبية عنه قبل عقده عليها .

إذا عاهد الزوج زوجته ألا يتزوج عليها ولكن الأحوال تغيرت فلا حرج عليه في الزواج وعليه كفارة يمين .

ليس بفرض على الزوج إذا أراد أن يتزوج ثانية أن يرضي زوجته الأولى لكن من مكارم الأخلاق وحسن العشرة أن يطيب خاطرها بما يخفف عنها الآلام التي هي من طبيعة النساء في مثل هذا الأمر وذلك بالبشاشة وحسن اللقاء وجميل القول وبما تيسر من المال إن احتاج الرضا إلى ذلك .

إذا كانت المخطوبة قد علمت بظروف خاطبها الدنيوية وأخفت ذلك عن ولي أمرها خشية أن يعارض في زواجها إياه فإن ذلك لا يؤثر في عقد الزواج لوجود الكفاءة في الدين مع كون الحق في مثل ما أُخفي لها لا لولي أمرها .

مسألة : اتفقت مع زوجي أن أعيش في قريتي ولكن هذا الشرط لم يدون في مجلس العقد ، والآن بدأ يطالبني بالذهاب معه إلى مكان إقامته وأنا معي ثلاث بنات من زوج سابق وهو متزوج بزوجتين غيري .

والجواب : إذا كان الأمر كما ذُكر فإن لكِ ما اشترطتِ على زوجك من بقائك في قريتك وبإمكانك إثبات ذلك عن طريق المحكمة أما حقوقك ونفقتك فمرجعها المحكمة الشرعية .

إذا تنازلت المرأة عن شيء من حقوقها عليك فلا بأس بذلك سواء كان ذلك مشروطاً عند العقد أم لا لقوله تعالى " وَإِنِ ٱمرَأَةٌ خَافَتۡ مِنۢ بَعلِهَا نُشُوزًا أَوۡ إِعرَاضاً فَلَا جُنَاحَ عَلَيهِمَآ أَن يُصلِحَا بَينَهُمَا صُلحاًۚ وَٱلصُّلحُ خَيرٞۗ " النساء 128 .

يجوز اشتراط مبلغ للبنت سوى المهر وينبغي أن يكون في حدود الطاقة وأن يراعى التسامح في ذلك ، واشتراط المرأة أو وليها عند عقد الزواج مبلغاً من المال يُدفع في حالة تطليق زوجته شرط صحيح لأنه جزء من الصداق اتفق على تأخيره ، فإذا وافق الطرفان عليه وجب الوفاء به في حالة حصول موجبه وهو الطلاق ، ويدل لذلك ما رواه عقبة بن عامر رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أحق الشروط أن توفوا بها ما استحللتم به الفروج " أخرجه البخاري ، وعموم حديث : " المؤمنون عند شروطهم " ، وزاد الترمذي في روايته : " إلا شرطاً حرم حلالاً أو أحل حراماً " ، وما تحصل عليه المرأة من المال في مقابل عملها المباح ملك لها لا يحل لزوجها منه إلا ما سمحت به نفسها أو إذا كان هناك شرط بينهما أن تعطيه شيئاً منه .

لا يجوز لك أن تجيب أهل المخطوبة فيما شرطوه عليك من تخفيف شعر لحيتك ومن إطالة ثوبك إن كان مرادهم بذلك أن ينزل تحت الكعبين ومن عدم حضورك مجالس الذكر لأن هذه شروط تخالف كتاب الله ، وقد قال صلى الله عليه وسلم : " كل شرط ليس في كتاب الله فهو باطل وإن كان مائة شرط " ، وقال صلى الله عليه وسلم : " المسلمون على شروطهم إلا شرطاً أحل حراماً أو حرم حلالاً " ، وقال صلى الله عليه وسلم " لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق " ، وسوف ييسر الله لك خيراً منها قال تعالى " وَمَن يَتَّقِ ٱللَّهَ يَجعَل لَّهُۥ مَخرَجاً * وَيَرۡزُقهُ مِنۡ حَيثُ لَا يَحتَسِبُۚ وَمَن يَتَوَكَّلۡ عَلَى ٱللَّهِ فَهُوَ حَسبُهُۥٓۚ إِنَّ ٱللَّهَ بَٰلِغُ أَمرِهِۦۚ قَدۡ جَعَلَ ٱللَّهُ لِكُلِّ شَيۡءٖ قَدۡرٗا " الطلاق 2 ، 3 .

ويجوز للزوج أن يتزوج زوجة ثانية دون إذن الأولى ، بل دون علمها ما دام يرى ذلك من المصلحة ويقوى على مؤن الزواج وعلى العدل بين الزوجتين أو الزوجات بما يملكه لقوله تعالى " وَإِنۡ خِفتُمۡ أَلَّا تُقسِطُواْ فِي ٱليَتَٰمَىٰ فَٱنكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ ٱلنِّسَآءِ مَثنَىٰ وَثُلَٰثَ وَرُبَٰعَۖ فَإِنۡ خِفتُمۡ أَلَّا تَعدِلُواْ فَوَٰحِدَةً أَوۡ مَا مَلَكَتۡ أَيمَٰنُكُمۡۚ ذَٰلِكَ أَدۡنَىٰٓ أَلَّا تَعُولُواْ " النساء 3 .

وقلة اليد لا تمنع من تزويج الرجل إذا رضيته المخطوبة وسوف يغنيه الله من فضله قال تعالى " وَأَنكِحُواْ ٱلأَيَٰمَىٰ مِنكُمۡ وَٱلصَّٰلِحِينَ مِنۡ عِبَادِكُمۡ وَإِمَآئِكُمۡۚ إِن يَكُونُواْ فُقَرَآءَ يُغنِهِمُ ٱللَّهُ مِن فَضلِهِۦۗ وَٱللَّهُ وَٰسِعٌ عَلِيمٞ " النور 32 .

مسألة : لي ابنة خطبها أخي لابنه وأجبت طلبه على شروط ثلاث :-

أولاً : المواظبة على صلاة الجماعة .

ثانياً : عدم حلق اللحية .

ثالثاً : عدم شرب الدخان .
والجواب : إنك مصيب فيما اشترطت في عقد نكاح ابنتك ويجب على الزوج الوفاء بتلك الشروط لما ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إن أحق الشروط أن توفوا به ما استحللتم به الفروج " .

مسألة : تقدم خاطب وبالسؤال عنه أجابوا أنه شاب مستقيم وبعد العقد اتضح أنه يعاقر الخمور ؟

والجواب : إذا كان الواقع كما ذُكر فللبنت الخيار ولا يلزمها العقد لكونه خدعها هو ومن أثنى عليه ويُرد عليه جميع ما بذله هذا إن كان مسلماً ، أما إن كان متصفاً بشيء من نواقض الإسلام فإن العقد باطل لكونه مخالفاً لشرع الله عز وجل لأن الله سبحانه وتعالى حرَّم نكاح الكفار للمسلمة لقوله تعالى " وَلَا تُنكِحُواْ ٱلمُشرِكِينَ حَتَّىٰ يُؤۡمِنُواْۚ " البقرة 221 ، وقوله سبحانه " لَا هُنَّ حِلّٞ لَّهُمۡ وَلَا هُمۡ يَحِلُّونَ لَهُنَّۖ " الممتحنة 10 ، ويرد إليه ما بذله من المال .

الشغار هو أن يزوج الرجل ابنته على أن يزوجه الآخر ابنته أو يزوجه أخته على أن يزوجه أخته وليس بينهما صداق ، وسُمي هذا النوع من التعاقد شغاراً لقبحه ، شبَّهه في القبح برفع الكلب رجله ليبول ، يقال : شغر الكلب إذا رفع رجله ليبول فكأن كل واحد رفع رجله للآخر عما يريد ، وقيل : إنه من الخلو يقال : شغر المكان إذا خلا والجهة شاغرة أي : خالية .

والشغار : فعال فهو من الطرفين إخلاء بإخلاء بضع ببضع ، ولا خلاف في تحريم الشغار وأنه مخالف لشرع الله كما يدل على هذا الأحاديث الصحيحة الشريفة في تحريمه ومخالفته للمقتضيات الشرعية ، ففي الصحيحين عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم " نهى عن الشغار " ، وفي صحيح مسلم عن ابن الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله يقول " نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الشغار " .

ونظراً لوجود الخلاف في المسألة فالذي يترجح عندنا أن ما كان منه شغاراً صريحاً لا خلاف فيه وهو أن لا يكون لأحدهما مهر بل بضع في نظير بضع أو هناك مهر قليل حيلة أن حكم هذا البطلان فيفسخ العقد فيه سواء كان قبل الدخول أو بعده ، وقد جاءت الشريعة الإسلامية بتحريم الشغار لما فيه من التلاعب بمسئولية الولاية .

وبالله التوفيق

وصلِ اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

18 - 1 - 1435هـ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

3 + 9 =

/500
جديد الدروس الكتابية
الدرس 139 الجزء الرابع  الحاجة للقضاء الشرعي - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 138 الجزء الرابع  أخلاق المؤمنين والمؤمنات - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 137 الجزء الرابع هذا هو طريق الرسل وأتباعهم  . - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 136 الجزء الرابع توضيح معنى الشرك بالله - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 135 الجزء الرابع  بيان معنى كلمة لا إله إلا الله (3) - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 134 الجزء الرابع  بيان معنى كلمة لا إله إلا الله (2) - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر