الدرس الرابع: مسائل في الآنية

الدرس
التصنيف : تاريخ النشر: الإثنين 9 شعبان 1434هـ | عدد الزيارات: 2439 القسم: دروس في الفقه الإسلامي -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد الأمين وبعد

سئل شيخ الإسلام ابن تيمية عن أواني الفضة المطعمة بالفضة كالطاسات وغيرها هل حكمها حكم آنية الذهب والفضة أم لا ؟

فأجاب، الحمد لله أما المضبب بالفضة من الآنية وما يجري مجراها من الآلات سواء سمي الواحد من ذلك إناء أو لم يسم وما يجري مجرى المضبب كالمباخر والمجامر والطشوت وأمثال ذلك فإن كانت الضبة يسيرة لحاجة مثل تشعيب القدح وشعيرة السكين ونحو ذلك مما لا يباشر بالاستعمال فلا بأس بذلك والضرورة تبيح الذهب والفضة مفرداً وتبعاً حتى لو احتاج إلى شد أسنانه بالذهب أو اتخاذ أنفاً من ذهب ونحو ذلك جاز كما جاءت به السنة مع أنه ذهب ومع أنه مفرد وكذلك لو لم يجد ما يشربه إلا في إناء ذهب أو فضة جاز له شربه ولو لم يجد ثوباً يقيه البرد أو يقيه السلاح أو يستر به عورته إلا ثوبان من حرير منسوج بذهب أو فضة جاز له لبسه فإن الضرورة تبيح أكل الميتة والدم ولحم الخنزير بنص القرآن والسنة وإجماع الأمة مع أن تحريم المطاعم أشد من تحريم الملابس

وسئل هل تطهر جلود السباع بالدبغ فقال نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن جلود السباع كما روي عن أسامة بن عمير الذهلي أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن جلود السباع وروى أبو داود والنسائي عن معاوية عن النبي صلى الله عليه وسلم قال " لا تصحب الملائكة رفقة فيها جلد نمر " رواه أبو داود

وسئل عن عظام الميتة وحافرها وقرنها وظفرها وشعرها وريشها وانفحتها هل ذلك كله نجس أم طاهر أم البعض منه طاهر والبعض نجس

فرجح أن الأصل فيها الطهارة ولا دليل على النجاسة وأيضاً فإن هذه الأعيان هي من الطيبات ليست من الخبائث فتدخل في آية التحليل

وسئل الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله إذا كان الإناء مطلياً بالذهب وليس ذهباً خالصاً فهل هذا حرام استعماله وهل ينطبق عليه الحديث " لا تأكلوا في آنية الذهب والفضة " ؟

الجواب نعم نص العلماء على أن هذا ينطبق عليه النهي والنبي صلى الله عليه وسلم قال " لا تشربوا في آنية الذهب والفضة ولا تأكلوا في صحافها فإنها لهم في الدنيا ولكم في الآخرة " متفق على صحته

وقال فقوله صلى الله عليه وسلم " من شرب في إناء ذهب أو فضة " والنهي يعم ما كان على الذهب أو الفضة وما كان مطلياً بشيء منها لأن المطلي فيه زينة الذهب وجماله فيمنع ولا يجوز بنص هذا الحديث

وهكذا الأواني الصغار كأكواب الشاي وأكواب القهوة والملاعق لا يجوز أن تكون من الذهب أو من الفضة بل يجب البعد عن ذلك وإذا وسع الله على العباد فالواجب التقيد بشريعة الله وعدم الخروج عنها وإذ كان عنده زيادة فلينفق في عباد الله المحتاجين ولا يسرف ولا يبذر

السؤال الثاني: انتشر في هذه الأيام استعمال آنية الذهب والفضة وخاصة بين الموسرين من الناس بل وصل الأمر عند بعضهم إلى أن يشتري أطقماً من المواد كخلاطات الحمامات أو المسابح أو مواسير المياه أو مساكاتها كلها من الذهب الخالص ولا يزكون هذا الذهب ولا ينظرون إلى قيمته والمعلوم أن هذا ممنوع . ما رأي سماحتكم في ذلك وهل يمكن التوجيه بمنع بيع مثل هذه الأجهزة للمسلمين الذين يجهلون حكمها بارك الله فيكم ؟

الجواب: الأواني من الذهب والفضة محرمة بالنص والإجماع، وقد ثبت عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه قال: "لا تشربوا في آنية الذهب والفضة ولا تأكلوا في صحافها فإنها لهم في الدنيا ولكم في الآخرة". متفق على صحته من حديث حذيفة رضي الله عنه، وثبت أيضاً عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : "الذي يأكل ويشرب في آنية الذهب والفضة إنما يجرجر في بطنه نار جهنم " . متفق على صحته من حديث أم سلمة رضي الله عنها وهذا لفظ مسلم، فالذهب والفضة لا يجوز اتخاذهما أواني، ولا الأكل ولا الشرب فيها، وهكذا الوضوء والغسل، هذا كله محرم بنص الحديث عن رسول الله عليه الصلاة والسلام

والواجب منع بيعها حتى لا يستعملها المسلم، وقد حرم الله عليه استعمالها فلا تستعمل في الشراب ولا في الأكل ولا في غيرهما، ولا يجوز أن يتخذ منها ملاعق ولا أكواب للقهوة أو الشاي، كل هذا ممنوع؛ لأنها نوع من الأواني، فالواجب على المسلم الحذر مما حرم الله عليه وأن يبتعد عن الإسراف والتبذير والتلاعب بالأموال، وإذا كان عنده سعة من الأموال فعنده الفقراء يتصدق عليهم، عنده المجاهدون في سبيل الله يعطيهم في سبيل الله يتصدق لا يلعب بالأموال، المال له حاجة لمن هو محتاج، فالواجب على المؤمن أن يصرف المال في جهته الخيرية كمواساة الفقراء والمحاويج، وفي تعمير المساجد والمدارس، وفي إصلاح الطرقات، وفي إصلاح القناطر، وفي مساعدة المجاهدين والمهاجرين الفقراء، وفي غير ذلك من وجوه الخير كقضاء دين المدينين العاجزين، وتزويج من لا يستطيع الزواج، كل هذه طرق خيرية يشرع الإنفاق فيها، أما التلاعب بها في أواني الذهب والفضة أو ملاعق أو أكواب منها أو مواسير وأشباه ذلك، كل هذا منكر يجب تركه والحذر منه، ويجب على من له شأن في البلاد التي فيها هذا العمل من العلماء والأمراء إنكار ذلك، وأن يحولوا بين المسرفين وبين هذا التلاعب، والله المستعان

السؤال الثالث: سائل يقول هل يجوز استعمال الأسنان الذهبية للرجال والنساء أفتونا جزاكم الله خيراً ؟

الجواب: يجوز ذلك للنساء خاصة . أما الرجال فلا يجوز لهم لبس أسنان الذهب إذا تيسر غيرها ، فإن دعت الضرورة إليها فلا بأس . ويجوز ربط الأسنان بالذهب ، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أمر بعض أصحابه لما قطع أنفه في بعض الحروب أن يتخذ أنفا من فضة ، فلما أنتن عليه أمره أن يجعل مكانه أنفاً من ذهب وفق الله الجميع لما يرضيه

وبالله التوفيق

وصلي اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

1434-8 -8

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

7 + 8 =

/500
جديد الدروس الكتابية
الدرس 128 الجزء الثالث ‌‌ تحريم الأغاني  - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 127 الجزء الثالث ‌‌مضاعفة الحسنات ومضاعفة السيئات  - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 126 ‌‌بيان حرمة مكة ومكانة البيت العتيق - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 125 ‌‌حكم إعفاء اللحية - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 124 الجزء الثالث ‌‌أهمية الغطاء على وجه المرأة - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 123 الجزء الثالث ‌‌حكم قيادة المرأة للسيارة - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
روابط ذات صلة