الدرس123 باب من الشرك إرادة الإنسان بعمله الدنيا

الدرس
التصنيف : تاريخ النشر: الخميس 18 ربيع الثاني 1434هـ | عدد الزيارات: 1838 القسم: شرح وتحقيق كتاب التوحيد -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد:

قول المؤلف، رحمه الله، :"باب من الشرك إرادة الإنسان بعمله الدنيا"

قوله "باب" خبر لمبتدأ محذوف تقديره: هذا باب "من الشرك" أي من أنواع الشرك ، والشرك نوعان : شرك أكبر وشرك أصغر.

قوله "إرادة الإنسان بعمله الدنيا" ومعناه أن يعمل العمل الذي شرع للآخرة وهو لا يريد به إلا طمع الدنيا ، كأن يجاهد من أجل مغنم ، أو يحج أو يعتمر عن غيره من أجل أخذ المال لا من أجل نفع أخيه ونيل الثواب من ذلك .وفي الحديث "أنَّ اللَّهَ تبارَك وتعالى إذا كانَ يومُ القيامةِ ينزلُ إلى العبادِ ليقضيَ بينَهم وَكلُّ أمَّةٍ جاثيةٌ فأوَّلُ من يدعو بِه رجلٌ جمعَ القرآنَ ورجلٌ يقتَتِلُ في سبيلِ اللهِ ورجلٌ كثيرُ المالِ فيقولُ اللَّهُ للقارئِ ألم أعلِّمْكَ ما أنزلتُ علَى رسولي قالَ بلى يا ربِّ قالَ فماذا عملتَ فيما عُلِّمتَ قالَ كنتُ أقومُ بِه آناءَ اللَّيلِ وآناءَ النَّهارِ فيقولُ اللَّهُ لَه كذَبتَ وتقولُ الملائِكةُ كذَبتَ ويقولُ له اللَّهُ بل أردتَ أن يقالَ فلانٌ قارئٌ فقد قيلَ ذلكَ ويؤتى بصاحبِ المالِ فيقولُ اللَّهُ ألم أوسِّعْ عليكَ حتَّى لم أدعْكَ تحتاجُ إلى أحدٍ قالَ بلى يا ربِّ قالَ فماذا عمِلتَ فيما آتيتُك قالَ كنتُ أصلُ الرَّحمَ وأتصدَّقُ فيقولُ اللَّهُ لَه كذَبتَ وتقولُ الملائِكةُ لَه كذَبتَ ويقولُ اللَّهُ بل أردتَ أن يقالَ فلانٌ جَوادٌ وقد قيلَ ذلكَ ويُؤتى بالَّذي قُتلَ في سبيلِ اللهِ فيقولُ اللَّهُ لَه في ماذا قُتلتَ فيقولُ أُمِرتُ بالجِهادِ في سبيلِك فقاتلتُ حتَّى قُتلتُ فيقولُ اللَّهُ لَه كذبتَ وتقولُ لَه الملائِكةُ كذبتَ ويقولُ اللَّهُ بل أردتَ أن يقالَ فلانٌ جريءٌ فقد قيلَ ذلكَ ثمَّ ضربَ رسولُ اللهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ علَى رُكبتي فقالَ يا أبا هريرةَ أولئِك الثَّلاثةُ أوَّلُ خلقِ اللهِ تُسعَّرُ بِهمُ النَّارُ يومَ القيامةِ" رواه الترمذي وصححه الألباني .

قول المؤلف :" قال الله تعالى:" مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وهم فيها لا يبخسون". هود آية 15

قوله تعالى: "مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا،" أي : من كان يريد بعمله الحياة الدنيا ، فقد نزلت في كل من عمل عملا يريد به غير الله عز وجل.
قوله:"وَزِينَتَهَا" أي: المال، والبنين، والنساء، والحرث، والأنعام.
قوله:" نُوَفِّ إِلَيْهِمْأَعْمَالَهُمْ فِيهَا " (نوفِّ) فعل مضارع معتل الآخر مجزوم بحذف حرف العلة؛لأنه جواب الشرط
والمعنى : أي نعطيه من الدنيا ما أراد وما قصد إذا شئنا ذلك ؛ استدراجا له ومعاملة له بما قصد كما في قوله تعالى"عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَن نُّرِيدُ "(الإسراء 18) ،ولهذا بكى عمر حين رأى النبي صلى الله عليه وسلم قد أثر في جنبه الفراش، فقال صلى الله عليه وسلم: " ما يُبْكِيكَ يا ابْنَ الخَطَّابِ قُلتُ: يا نَبِيَّ اللهِ، وَما لي لا أَبْكِي وَهذا الحَصِيرُ قدْ أَثَّرَ في جَنْبِكَ، وَهذِه خِزَانَتُكَ لا أَرَى فِيهَا إِلَّا ما أَرَى، وَذَاكَ قَيْصَرُ وَكِسْرَى في الثِّمَارِ وَالأنْهَارِ، وَأَنْتَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، وَصَفْوَتُهُ، وَهذِه خِزَانَتُكَ، فَقالَ: يا ابْنَ الخَطَّابِ، أَلَا تَرْضَى أَنْ تَكُونَ لَنَا الآخِرَةُ وَلَهُمُ الدُّنْيَا؟" أخرجه مسلم
قوله:" وَهُمْ فِيهَا لا يُبْخَسُونَ "، البخس: النقص أي: لا ينقصون مما يجازون فيه؛ لأن الله عدل لا يظلم، فيُعْطَوْنَ ما أرادوه.

وبالله التوفيق

وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

1434/4/18هـ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

3 + 3 =

/500
جديد الدروس الكتابية
 الدرس 146 الجزء الرابع  الاستسلام لشرع الله - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 145 الجزء الرابع: وجوب طاعة الله ورسوله - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 144  الجزء الرابع الحلف بغير الله - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 143 الجزء الرابع تأويل الصفات - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 142 الجزء الرابع التحدث بالنعم والنهي عن الإسراف - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 141 الجزء الرابع ‌‌أخلاق أهل العلم  . - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
روابط ذات صلة
الدرس السابق
الدروس الكتابية المتشابهة الدرس التالي