الدرس71 باب ما جاء أن سبب كفر بني آدم وتركهم دينهم هو الغلو في الصالحين 3

الدرس
التصنيف : تاريخ النشر: السبت 8 ربيع الأول 1434هـ | عدد الزيارات: 1909 القسم: شرح وتحقيق كتاب التوحيد -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر

الحمدُ لله ربِّ العالمين والصلاةُ والسلامُ على نبينا محمدٍ وعلى آله وصحبه أجمعين وبعدُ:

قول المصنف :" عن عمر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم، إنما أنا عبد، فقولوا عبد الله ورسوله " أخرجاه.

الحديثُ في صحيح البخاري فقط ، وهذا نصُّه:" لَا تُطْرُونِي، كما أَطْرَتِ النَّصَارَى ابْنَ مَرْيَمَ، فإنَّما أَنَا عَبْدُهُ، فَقُولوا عبدُ اللَّهِ، وَرَسُولُهُ."

قوله :" عن عمر" المراد به عمر بن الخطاب بن نُفَيْل بنِ عبد العزى بنِ رياح بنِ عبد الله بن قُرط بن رَزَاح بن عدي بن كعب القرشي العدوي ، أميرُ المؤمنين أفضلُ الصحابة بعد الصديق رضي الله عنهما ، ولي الخلافة عشرَ سنين ونصفاً ، وفُتِحَتْ في أيامه ممالكُ كِسْرَى وقيصر ، واستشهد في ذي الحجة سنة ثلاث وعشرين.

قوله "لَا تُطْرُونِي،" هذا نهي منه صلى الله عليه وسلم عن الاطراء في حقه ، والاطراء هو زيادة المدح والمبالغة فيه ، كما هي عادة بعض المداحين والشعراء وغيرهم ، وهذه صفة ذميمة ؛ فإن كثرة المدح والزيادة في ذلك منهي عنها في حق الرسول صلى الله عليه وسلم ، وفي حق غيره ولكن في حق الرسول أعظم ؛ لأن ذلك يؤدي إلى الشرك والكفر كما حصل للنصارى واليهود حين غلوا في الأنبياء .
قوله " كما أَطْرَتِ النَّصَارَى ابْنَ مَرْيَمَ "، النصارى المراد بهم اتباع عيسى عليه السلام ،ويسمَّون بالنصارى نسبة إلى البلد الناصرة بفلسطين أما أن يسموا بالمسيحيين كما عليه الناس الآن فهذا غلط ؛ لأنه لا يقال المسيحيون إلا لمن اتبع المسيح عليه السلام ، أما الذي لم يتبعه فإنه ليس مسيحيا إنما هو نصراني فاسمهم في الكتاب والسنة النصارى ، كما أن اليهود نفروا من الاسم الخاص بهم في الكتاب والسنة وهو اليهود فسموا أنفسهم إسرائيل ، وإسرائيل هو نبي الله يعقوب عليه الصلاة والسلام فليسوا هم إسرائيل وإنما هم اليهود ، نعم يقال بنو إسرائل كما سماهم الله بذلك ؛ لأنهم من ذرية يعقوب عليه السلام في الغالب .إنما قوله

قوله : "فإنَّما أَنَا عَبْدُهُ، فَقُولوا عبدُ اللَّهِ، وَرَسُولُهُ "

" فإنَّما " هذه كلمة حصر أي أن شأني ومكانتي أنني عبد الله جلَّ وعلا .

" أَنَا عَبْدُهُ " أي ليس لي حق من الربوبية، ولا مما يختص به الله عز وجل أبدا.
" فَقُولوا عبدُ اللَّهِ، وَرَسُولُهُ " هذان الوصفان أصدق وصف وأشرفه في الرسول صلى الله عليه وسلم فمحمد صلى الله عليه وسلم عبد لا يعبد، ورسول لا يكذب.

قوله :" قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إياكم والغلوَّ فإنما أهلك من كان قبلكم الغلوُّ "

الحديث ورد في رمي الجمرات، وجاء بهذا اللفظ: روى ابن عباس قال:" قالَ لي رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّمَ غداةَ العقبةِ وَهوَ على راحلتِه: هاتِ القِطْ لي. فلقطتُ لَهُ حصياتٍ هنَّ حصى الخَذفِ، فلمَّا وضعتُهنَّ في يدِه، قال: بأمثالِ هؤلاءِ، وإيَّاكم والغلوَّ في الدِّين، فإنَّما أَهلَكَ من كان قبلَكمُ الغلوُّ في الدِّينِ" . أخرجه النسائي وصححه الألباني


قوله "وإيَّاكم" للتحذير.
قوله "والغلوَّ هو: مجاوزة الحد ، وهذا عام في جميع أنواع الغلو ، وسبب هذا اللفظ العام رمي الجمار، وهو داخل فيه مثل الرمي بالحجارة الكبار، بناء على أنه أبلغ من الصغار، وهذا الحديث يدل على أن الغلو في الدين من أسباب الهلاك، وهو زيادة في الدين ومنه الابتداع، بما لم يأذن به الله، ومن ثم يجب التقيد بالشرع .

وبالله التوفيق

وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

1434-3-7هـ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

4 + 3 =

/500
جديد الدروس الكتابية
الدرس 139 الجزء الرابع  الحاجة للقضاء الشرعي - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 138 الجزء الرابع  أخلاق المؤمنين والمؤمنات - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 137 الجزء الرابع هذا هو طريق الرسل وأتباعهم  . - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 136 الجزء الرابع توضيح معنى الشرك بالله - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 135 الجزء الرابع  بيان معنى كلمة لا إله إلا الله (3) - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 134 الجزء الرابع  بيان معنى كلمة لا إله إلا الله (2) - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر