الدرس 89 أنواع الربا

المقال
التصنيف : تاريخ النشر: السبت 6 رجب 1441هـ | عدد الزيارات: 2207 القسم: الفوائد الكتابية

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله

وبعد

الربا نوعان

النوع الأول : الربا في الديون

وصورته أن يكون في ذمة شخص لآخر دين سواء أكان منشؤه قرضا أم بيعا أم غير ذلك ، فإذا حلَّ الأجل طالبه صاحب الدين ، فقال له : إما أن تقضي الدين الذي عليك ، وإما أن أزيد لك في المدة وتزيد في الدراهم فيفعل المدين ذلك .

مثال ذلك : أن يشتري خالد سيارة من سعيد بعشرة آلاف ريال تحل بعد سنة ( وهنا البيع صحيح ) ، وبعد مضي السنة وحلول الدين قال سعيد لخالد : إما أن تسلم المبلغ ( عشرة آلاف ) الآن ، وإما أن أمهلك سنة أخرى ، وتسلم لي حينذاك اثني عشر ألف ريال بدلا من عشرة آلاف ، فاتفقا على ذلك وأمهله سعيد سنة أخرى .

دليل تحريم هذه الصورة : قوله تعالى " يا أيها الذين ءامنوا لا تأكلوا الربا أضعافا مضاعفة " آل عمران 130 ، قال مجاهد رحمه الله تعالى : كانوا يتبايعون إلى أجل ، فإذا جاء الأجل زادوا عليهم وزادوا في الأجل .

خصم الأوراق التجارية

تجري كثير من المعاملات التجارية بالثمن المؤجل ، بأن يشتري التاجر بضاعة بثمن مؤجل ، فيكتب للبائع ورقة تتضمن المال الذي له على المشتري ، لها تاريخ لتسلُّم المبلغ الذي تحمله ، غالبا ما يكون من شهر إلى ثلاثة أشهر ، أو ستة أشهر ، يُسلَّم هذا المبلغ عند حلول وقته من المشتري نفسه ، أو من طرف ثالث قد يكون مصرفا أو غيره ، تسمى هذه الورقة ( الكمبيالة ) أو ( السند الإذني ) على اختلاف يسير بينهما .

والأصل أن ينتظر حامل الكمبيالة أو السند الإذني إلى وقت حلول دفع المبلغ ثم يقدِّم هذه الورقة ويتسلم بها المبلغ الذي تحمله .

ولكنه قد يحتاج أحيانا إلى سيولة قبل حلول الأجل ، فيذهب إلى صاحب الكمبيالة ( الذي عليه الدين ) أو إلى مصرف فيطلب منه أن يأخذ هذه الكمبيالة بما فيها من مبلغ على أن يسلمه أقل مما تحمله الكمبيالة نقدا ، فإذا حلَّ الأجل صار المبلغ الذي في الكمبيالة للشخص الذي انتقلت إليه أو المصرف .

فإذا كانت الكمبيالة تحمل مبلغا قدره مئة ألف ريال مثلا فإن المصرف يعطي صاحب الكمبيالة خمسة وتسعين ألف ريال نقدا وإذا حلَّ موعد سداد الكمبيالة يتسلم هو المئة ألف فيكون قد استفاد خمسة آلاف ريال ، وهذه العملية تسمى ( خصم الأوراق التجارية ) .

حكمه

أ- إن كان خصم الورقة التجارية من المدين نفسه فهذا جائز ، وتكون مثل ما يسميه الفقهاء بـ ( الحَطِيطة أو : ضعْ وتعجَّل ) .

ب- إن كان خصم الورقة التجارية من طرف ثالث كمصرف أو غيره فهذا لا يجوز ، لأنه من الربا حيث باع نقدا بنقد أكثر منه مؤجلا ، فاجتمع فيه ربا الفضل وربا النسيئة .

مثال : باع مزارع لشركة الصوامع مئة طن من القمح بمليون ريال مستحقة الدفع بعد سنة ، وحررت له الشركة كمبيالة بهذا المبلغ ، وأراد أن يخصم هذه الورقة ويتعجل قيمتها ، فباعها على أحد المصارف بثمان مئة ألف ريال نقدا ، وبهذا يستحق المصرف الكمبيالة على شركة الصوامع .

النوع الثاني : الربا في البيوع

وهو قسمان

أ- ربا الفضل

ب- ربا النسيئة

القسم الأول : ربا الفضل

وهو بيع شيء من الأموال الربوية بجنسه متفاضلا

مثال ذلك : أن يبيعه صاع تمر بصاعين منه ، مع التسلُّم والتسليم في الحال .

دليل تحريم ربا الفضل : عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( الذهب بالذهب ، والفضة بالفضة ، والبُر بالبُر ، والشعير بالشعير والتمر بالتمر والملح بالملح ، مِثلاً بمثل سواء بسواء يداً بيد ، فإذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم إذا كان يدا بيد ) رواه مسلم

ما يجري فيه الربا

يجري ربا الفضل في الأموال الربوية إذا بيع شيء منها بجنسه متفاضلا فيحرم بيع صاع بُر بصاعين منه ويحرم بيع صاع شعير بصاعين منه ويحرم بيع جرام من الذهب بجرامين منه وهكذا ، أما إذا بيع المال الربوي بمال ربوي من جنس آخر فيجوز فيه التفاضل ، كجرام ذهب بثلاثة جرامات من الفضة ، وبيع صاع بُر بثلاثة آصع من الشعير ، وهكذا ، لكن يجب التقابض قبل التفرق لقوله صلى الله عليه وسلم ( فإذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم إذا كان يدا بيد ) رواه مسلم

القسم الثاني : ربا النسيئة

وهو بيع شيء من الأموال الربوية بجنسه أو بربوي من غير جنسه إلى أجل .

مثال ذلك : بيع الربوي بنفسه : أن يبيع خالد سعيداً صاع بر بصاع بر يُسلَّم بعد يوم مثلا .

بيع الربوي بربوي من غير جنسه : أن يبيع خالد سعيدا جراما من الذهب ويسلمه له حالا بجرام أو جرامين من الفضة تُسلَّم بعد أسبوع .

دليل تحريم ربا النسيئة : عن أسامة بن زيد رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إنما الربا في النسيئة " رواه البخاري ومسلم ، وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ( الذهب بالذهب ربا إلا هاء وهاء والبر بالبر ربا إلا هاء وهاء والتمر بالتمر ربا إلا هاء وهاء والشعير بالشعير ربا إلا هاء وهاء ) رواه البخاري ومسلم

وعن البراء بن عازب وزيد بن أرقم رضي الله عنهما قالا ( نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع الذهب بالورِق دَيناً ) رواه البخاري ومسلم

الأموال الربوية

الأموال التي يجري فيها الربا هي الأصناف الستة التي نص عليها النبي صلى الله عليه وسلم في حديث عبادة بن الصامت المتقدم وهي : الذهب والفضة والبُر والتمر والشعير والملح

وهذه الأموال المتقدمة في الجملة قسمان

الأول : النقدان وهما الذهب والفضة : ويأخذ حكمها ما حل محلهما أو شابههما في النقد مثل الأوراق النقدية الآن ، فيجري فيها الربا كالذهب والفضة .

الثاني : الأطعمة الأربعة وهي البُر والتمر والشعير والملح ، ويأخذ حكمها ما شابهها في علتها الربوية ، وهي الكيل أو الوزن مع الطُّعم .

ومثال ما يشبهها في علتها الأرز والذرة ، أما ما لم يكن مشابها لهذه الأموال الربوية فإنه لا يجري فيه الربا ، وذلك مثل : الخضروات والفواكه والحيوانات والسيارات والثياب وغيرها .

قاعدة في ربا الفضل والنسيئة : إذا بيع الربوي بربوي آخر فلا يخلو من صورتين .

الصورة الأولى : أن يباع الربوي بربوي آخر من جنسه ، كما إذا بيع ذهب بذهب أو بُر بِبُر وحينئذٍ يشترط لصحة البيع شرطان .

أ- التساوي بينهما في المقدار

ب- التقابض قبل التفرق

الصورة الثانية : أن يباع ربوي بربوي من غير جنسه وله حالتان .

أ- أن يتحد الجنسان في العلَّة وحينئذ يشترط لصحة البيع شرط واحد وهو التقابض قبل التفرق ، ولا يشترط التساوي بينهما ، كما إذا بيع بُر بشعير أو ذهب بفضة أو ذهب بريالات أو فضة بريالات فإنهما جنسان مختلفان لكنهما يتحدان في العلة وهي الكيل والطعم في البر والشعير والثَّمنيَّة في الذهب والفضة والريالات .

ب- أن يختلف الجنسان في العلة وحينئذ لا يشترط التساوي ولا التقابض بل يجوز التفاضل ويجوز النَّسأُ ، كما إذا بيع بُر بذهب ، فإنهما جنسان مختلفان غير متحدي العلة فالبُر مطعوم والذهب ثمن من الأثمان .

القروض المصرفية

من المعاملات التي تجري في كثير من المصارف اليوم الإقراض والاقتراض بفائدة :

أولا : الإقراض بفائدة

وذلك بأن يعطي الشخص أو المؤسسة أو الشركة للمصرف مالا على أن يعطيه عليه فائدة سنوية مقدارها 5 % أو غيرها ، وتسمى هذه العملية في عرف المصارف ( الإيداع إلى أجل ) وكلما زاد الأجل كان ذلك أدعى لزيادة الفائدة .

وحقيقة هذه المعاملة أن المصرف يقترض من الناس ويعطيهم رباً على هذا القرض ، فهي عملية ربوية محرمة إجماعا

ثانيا : الاقتراض بفائدة

وذلك بأن يقترض الشخص أو المؤسسة أو الشركة من المصرف مبلغا من المال ، على أن يرده بزيادة فائدة مقدارها 12% أو غيرها

وهذه العملية رباً صريح محرم بالإجماع سواء أكان الغرض من هذا الاقتراض الاستهلاك أم كان الغرض منه الاستثمار .

وبالله التوفيق

6 - 7 - 1441هـ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

1 + 5 =

/500