الدرس 288: صلاة العيدين

الدرس
التصنيف : تاريخ النشر: الأحد 6 صفر 1438هـ | عدد الزيارات: 1923 القسم: تهذيب فتاوى اللجنة الدائمة -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر

بعد حمد لله وشكره والصلاة على رسوله

صلاة العيدين الفطر والأضحى، كل منهما فرض كفاية، فلا ينبغي للمؤمن تركها وليست واجبة على المرأة ولكنها سنة في حقها، وتصليها في المصلى مع المسلمين؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمرهن بذلك، ففي الصحيحين عن أم عطية رضي الله عنها قالت: (أُمِرنَا) وفي رواية (أمَرَنا -النبي صلى الله عليه وسلم- أن نُخرج في العيدين العواتق وذوات الخدور، وأمر الحيض أن يعتزلن مصلى المسلمين) وفي رواية أخرى (أمرنا أن نخرج ونُخرج العواتق وذوات الخدور) وفي رواية الترمذي (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يُخرج الأبكار والعواتق وذوات الخدور والحيض في العيدين، فأما الحيض فيعتزلن المصلى ويشهدن دعوة المسلمين، قالت إحداهن: يا رسول الله، إن لم يكن لها جلباب، قال: فلتعرها أختها من جلابيبها) وبناء على ما سبق يتضح أن خروج النساء لصلاة العيدين سنة مؤكدة، لكن بشرط أن يخرجن متسترات، لا متبرجات كما يُعلم ذلك من الأدلة الأخرى

وأما خُروج الصبيان المميزين لصلاة العيد والجمعة وغيرهما من الصلوات فهو أمر معروف ومشروع للأدلة الكثيرة في ذلك

ويحرم مصافحة المرأة الأجنبية؛ لقوله صلى الله عليه وسلم (إني لا أصافح النساء)، وقول عائشة رضي الله عنها (ما مست يد رسول الله يد امرأة قط، ما كان يبايعهن إلا بالكلام) أخرجه أحمد، ولأن المصافحة للأجنبيات من أسباب الفتنة

لا يمنع الأولاد من الحضور إلى مصلى العيد، إذا كانوا أبناء سبع سنين فأكثر، لقوله صلى الله عليه وسلم: مروا أبناءكم بالصلاة لسبع، واضربوهم عليها لعشر، وفرقوا بينهم في المضاجع

المشروع أن تؤدى صلاة العيدين في الفضاء، ولا يلزم أن يكون المكان الذي تؤدى فيه من أوقاف المسلمين، ولا بعيداً عن المدينة أو القرية

عدد التكبيرات في صلاة العيدين سبع في الأولى، منها تكبيرة الافتتاح، وفي الثانية خمس تكبيرات دون تكبيرة النهوض للركعة الثانية

صلاة العيد على دفعتين في المسجد لا تجوز، ويمكن الخروج من ذلك بصلاة العيدين في الصحراء إن تيسر

لا نعلم دعاء خاصًا يشرع للمسلمين في صلاة العيد، أو يومه، ولكن يشرع للمسلمين التكبير والتسبيح والتهليل والتحميد في ليلتي العيدين، وصباح يومهما، إلى انتهاء الخطبة من يوم عيد الفطر، وإلى انتهاء أيام التشريق يوم عيد النحر، كما شرع ذلك في أيام العشر الأول من شهر ذي الحجة؛ لقول الله سبحانه في عيد الفطر (وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ) سورة البقرة: 185

إذا صلى المسلمون صلاة العيدين أو الاستسقاء خارج البلد في البرية فلا يشرع لمن أتى المصلى أن يصلي تطوعًا، لا تحية المسجد ولا غيرها؛ وذلك عملاً بما في الصحيحين عن ابن عباس رضي الله عنهما (أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج يوم عيد الفطر فصلى ركعتين لم يصل قبلهما ولا بعدهما) أخرجه البخاري، وإن أقيمت صلاة العيدين أو الاستسقاء في أحد مساجد البلد فلا بأس بصلاة تحية المسجد عند الدخول ولا يتنفل في موضع صلاته غيرها

ومن فاتته وأحب قضاءها استحب له ذلك، فيصليها على صفتها من دون خطبة بعدها، وبهذا قال الإمام مالك والشافعي وأحمد والنْخعي وغيرهم من أهل العلم، والأصل في ذلك قوله صلى الله عليه وسلم (إذا أتيتم الصلاة فامشوا وعليكم السكينة والوقار فما أدركتم فصلوا وما فاتكم فاقضوا)، وما روي عن أنس رضي الله عنه أنه كان إذا فاتته صلاة العيد مع الإمام جمع أهله ومواليه، ثم قام عبد الله بن أبي عتبة مولاه فيصلي بهم ركعتين، يكبر فيهما

ولمن حضر يوم العيد والإمام يخطب أن يستمع الخطبة ثم يقضي الصلاة بعد ذلك حتى يجمع بين المصلحتين

ومن أدرك التشهد فقط مع الإمام من صلاة العيدين، أو صلاة الاستسقاء، صلى بعد سلام الإمام ركعتين يفعل فيهما كما فعل الإمام من تكبير وقراءة وركوع وسجود

نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن نكاح السر، وأمر بإعلان النكاح

والاحتفال بمناسبة الزواج والانتقال بالعروس إلى دار زوجها من إعلان النكاح؛ فكان مشروعاً إلا إذا كان فيه غناء منكر أو اختلاط نساء برجال، أو ما أشبه ذلك من المحرمات

قد يعرف وقت خسوف القمر وكسوف الشمس عن طريق حساب سير الكواكب، ويعرف به كذلك كون ذلك كلياً أو جزئياً ولا غرابة في ذلك؛ لأنه ليس من الأمور الغيبية بالنسبة لكل أحد، بل غيبي بالنسبة لمن لا يعرف علم حساب سير الكواكب وليس بغيبي بالنسبة لمن يعرف ذلك العلم؛ لكونه يستطيع أن يعرفه بسبب عادي، وهو هذا العلم، ولا ينافي ذلك كون الكسوف أو الخسوف آية من آيات الله تعالى، التي يخوف بها عباده ليرجعوا إلى ربهم، ويستقيموا على طاعته، لكن لا يجوز تصديقهم ولا العمل بقولهم؛ لأنهم قد يخطئون، وإنما العمدة على رؤية الكسوف؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم (إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله، لا ينخسفان لموت أحد ولا لحياته، ولكن الله يرسلهما يخوف بهما عباده، فإذا رأيتم ذلك فصلوا وادعوا حتى يكشف ما بكم)، وكذا معرفة الطقس أو توقع هبوب رياح أو عواصف أو توقع نشوء سحاب أو نزول مطر في جهة مبني على معرفة سنن الله الكونية، فقد يحصل ظن لا علم لمن كان لديه خبرة بهذه السنن عن طريق نظريات علمية، أو تجارب عادية عامة، فيتوقع ذلك ويخبر به عن ظن لا علم

من فاته الركوع الأول من صلاة الكسوف لا يعتد بهذه الركعة، وعليه أن يقضي مكانها ركعة أخرى بركوعين؛ لأن صلاة الكسوف عبادة، والعبادات توقيفية، فيقتصر فيها على ما ثبت من كيفيتها في الأحاديث الصحيحة

وصلاة كسوف الشمس وصلاة خسوف القمر كل منهما ركعتان يجهر فيهما بالقراءة، وفي كل ركعة ركوعان؛ الثاني منهما أقصر من الأول، وقراءتان، يقرأ بعد تكبيرة الإحرام بالفاتحة وسورة طويلة ويقرأ بعد الركوع الأول بالفاتحة، وسورة طويلة، لكنها أقصر مما قبلها، وفي كل ركعة سجدتان، هذا هو أصح ما ورد فيها

إذا نسي الإمام التكبير الذي بعد تكبيرة الإحرام في صلاة الاستسقاء حتى شرع في قراءة الفاتحة فالأفضل أنه يستمر في القراءة، ولا يعود إلى التكبير؛ لكونه سنة، من غير خلاف

السنة أن يجعل بطون يديه إلى السماء أثناء الدعاء وظهورهما إلى الأرض؛ لما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (إذا سألتم الله تعالى فاسألوه ببطون أكفكم، ولا تسألوه بظهورهما) رواه أبو داود

صلاة الاستسقاء ركعتان، يجهر فيهما، تأسيًا بالنبي صلى الله عليه وسلم

قد تكون الأمراض ونحوها عقوبة، ومع ذلك تكون كفارة تكون كفارة لمن أصابته إذا صبر واحتسب لقوله سبحانه (وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ) الشورى: 30

يجب على المسلم الاعتصام بالله والركون إليه في جلب ما ينفعه ودفع ما يضره، ويقول عند المصيبة: إنا لله وإنا إليه راجعون، اللهم أجرني في مصيبتي واخلف لي خيراً منها

التلقين بعد الموت غير مشروع، بل بدعة، وكل بدعة ضلالة، أما تلقين من حضرته الوفاة كلمة (لا إله إلا الله) ليقولها وراء من لقنه إياها فمشروع؛ ليكون آخر قوله في حياته كلمة التوحيد، وقد فعل ذلك النبي صلى الله عليه وسلم مع عمه أبي طالب، لكنه لم يستجب له، بل كان آخر ما قال: إنه على دين عبد المطلب، لقول النبي صلى الله عليه وسلم (لقنوا موتاكم لا إله إلا الله) خرجه مسلم، والمراد بالموتى هنا: المحتضرون، كما أوضح ذلك أهل العلم في شرح هذا الحديث

ولا يجوز تشييع الجنازة بالصوت، كأن يقول المشيعون وحدوه أو اذكروا الله، بل بدعة لقوله صلى الله عليه وسلم (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد) أخرجه مسلم

ولا يجوز وطء القبور، ولا الجلوس عليها؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم نهى عن ذلك، ولما فيه من إهانتها، ويأثم من فعله، وينبغي الإنكار عليه ونصحه

لا يلزم تعجيل تسديد الديون المؤجلة عن الميت كصندوق التنمية العقاري، ولا مانع من تأجيل ذلك إلى وقته، ولا يضر الميت ذلك؛ لأن المسلمين على شروطهم

وبالله التوفيق

وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين

1438/2/6 هـ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

1 + 3 =

/500
جديد الدروس الكتابية
الدرس 139 الجزء الرابع  الحاجة للقضاء الشرعي - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 138 الجزء الرابع  أخلاق المؤمنين والمؤمنات - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 137 الجزء الرابع هذا هو طريق الرسل وأتباعهم  . - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 136 الجزء الرابع توضيح معنى الشرك بالله - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 135 الجزء الرابع  بيان معنى كلمة لا إله إلا الله (3) - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 134 الجزء الرابع  بيان معنى كلمة لا إله إلا الله (2) - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
روابط ذات صلة
الدرس السابق
الدروس الكتابية المتشابهة الدرس التالي