الدرس 277: الطمأنينة في الصلاة

الدرس
التصنيف : تاريخ النشر: الأربعاء 20 رجب 1437هـ | عدد الزيارات: 1516 القسم: تهذيب فتاوى اللجنة الدائمة -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

الطمأنينة في الركوع وفي القيام بعد الرفع منه وفي السجود وفي الجلوس بين السجدتين من فرائض الصلاة، فمن لم يطمئن في ركن من هذه الأركان فصلاته باطلة، ولا تصح صلاة من اقتدى به، ويجب على من علم منه ذلك أن يرشده وينصح له، فإن انتصح فالحمد لله، وإلا وجب ترك الصلاة وراءه ورفع أمره إلى الجهة المسؤولة حيث أمكن، حتى تعزله عن الإمامة وتضع غيره ممن يحسن الصلاة

مبطلات الصلاة

تبطل الصلاة بالقهقهة، ولا تبطل بمجرد الابتسام

الضحك في الصلاة لا يجوز، سواء علم أن الضحك يبطل الصلاة أم لا، وهو يبطلها إجماعا

الدعاء بعد الصلاة المكتوبة

الدعاء عبادة من العبادات، والعبادات مبنية على التوقيف، فالإمام الذي يدعو بعد السلام ويؤمن المأمومون على دعائه والكل رافع يديه يطالب بالدليل المثبت لعمله، وإلا فهو مردود عليه، وهكذا من فعل ذلك بعد النوافل يطالب بالدليل، كما قال تعالى في مثل هذا (قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين) البقرة: 111

ومن هديه صلى الله عليه وسلم إذا سلم استغفر الله ثلاثا، ويقول (اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام) قيل للأوزاعي: كيف الاستغفار؟ قال: يقول: أستغفر الله، أستغفر الله. هذه رواية مسلم والترمذي ، والنسائي، وفي رواية أبي داود (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا أراد أن ينصرف من صلاته استغفر الله ثلاث مرات ثم قال: اللهم أنت السلام)، وفي رواية أبي داود والنسائي عن عائشة رضي الله عنها (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا سلم قال: اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام)، وفي رواية لمسلم عن وراد مولى المغيرة بن شعبة قال: أملى علي المغيرة بن شعبة في كتاب إلى معاوية (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول في دبر كل صلاة مكتوبة: لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت ولا ينفع ذا الجد منك الجد)، وفي رواية لمسلم أيضا عن عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما أنه كان يقول في دبر كل صلاة حين يسلم (لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير ولا حول ولا قوة إلا بالله لا إله إلا الله ولا نعبد إلا إياه له النعمة وله الفضل وله الثناء الحسن لا إله إلا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون)، وقال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يهلل بهن دبر كل صلاة. وفي رواية لمسلم أيضا من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (من سبح دبر كل صلاة ثلاثا وثلاثين، وحمد الله ثلاثا وثلاثين وكبر الله ثلاثا وثلاثين فتلك تسع وتسعون، ثم قال تمام المائة لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، غفرت له خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر) رواه مسلم

الدعاء بعد الفريضة بدون رفع الأيدي لا بأس به لورود بعض الأحاديث في ذلك ولم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما نعلم أنه رفع يديه بعد السلام من الفريضة في الدعاء، ورفعهما بعد السلام من صلاة الفريضة مخالف للسنة

أمر الله تعالى في كتابه بالتسبيح وحثت السنة الثابتة عليه وبينت فضله مطلقا ومقيدا بزمن أو حال، أما كونه باليد أو بالأنامل، فقد روى في ذلك الإمام أحمد في مسنده وأبو داود في سننه عن يسيرة بنت ياسر رضي الله عنها وكانت من المهاجرات قالت قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم (يا نساء المؤمنات عليكن بالتهليل والتسبيح والتقديس ولا تغفلن فتنسين الرحمة واعقدن بالأنامل فإنهن مسئولات مستنطقات) وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال (رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يعقد التسبيح) قال ابن قدامة: بيمينه. ويشهد لاختيار التسبيح باليمين عموم حديث عائشة رضي الله عنها (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعجبه التيمن ما استطاع في طهوره وتنعله وترجله وفي شأنه كله) رواه البخاري ومسلم

تسن قراءة آية الكرسي وسورة الإخلاص والمعوذتين وتكون القراءة سرا، ويكون بعد الانتهاء من الذكر بعد السلام، والأصل في ذلك ما رواه النسائي وصححه ابن حبان عن أبي أمامة إياس بن ثعلبة الحارثي الأنصاري الخزرجي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (من قرأ آية الكرسي دبر كل صلاة مكتوبة لم يمنعه من دخول الجنة إلا الموت) وما رواه أحمد وغيره عن أبي أمامة وغيره (يقرأ سرا بعد كل صلاة آية الكرسي) وصححه في المختارة، وزاد فيه الطبراني و(قل هو الله أحد) وقال ابن القيم: له طرق تدل على أن له أصلا، وما رواه أبو داود والترمذي والنسائي وغيرهم عن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال (أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أقرأ بالمعوذتين دبر كل صلاة) وفي رواية أبي داود : بالمعوذات

ورد بعد صلاة المغرب وبعد صلاة الفجر بخصوصهما قول (لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحي ويميت وهو على كل شيء قدير) آخرجه أحمد وهو زيادة على الأذكار المشروعة في غيرهما، وأخرج الترمذي عن أبي ذر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (من قال في دبر صلاة الفجر وهو ثان رجليه قبل أن يتكلم لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد يحي ويميت وهو على كل شيء قدير عشر مرات؛ كتب الله له عشر حسنات ومحا عنه عشر سيئات ورفع له عشر درجات، وكان يومه ذلك في حرز من كل مكروه، وحرز من الشيطان، ولم ينبغ لذنب أن يدركه في ذلك اليوم إلا الشرك بالله عزوجل) قال الترمذي غريب حسن صحيح، وأخرجه النسائي من حديث معاذ ، وزاد فيه (بيده الخير) وزاد فيه أيضا: (وكان له فيه بكل واحدة قالها عتق رقبة)

إذا شككت في عدد التسبيح مثلا، فابن على الأقل فإذا شككت في أنك سبحت ثلاثين أو إحدى وثلاثين فاعتبرها ثلاثين، لأن الأصل العدم حتى يثبت أنك سبحت

صفة الثناء على الله تكون بالإكثار من التسبيح والتهليل والتحميد والتكبير وكثرة الدعاء والاستغفار، ووصفه سبحانه بما وصف به نفسه في كتابه العظيم وعلى لسان رسوله الأمين صلى الله عليه وسلم

الأصل في العبادات التوقيف، فلا يجوز لأحد أن يتعبد بما لم يشرعه الله، لقوله سبحانه (أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله) الشورى: 21، ولقول النبي صلى الله عليه وسلم (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد) رواه البخاري ومسلم

الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم من أفضل العبادات، وقد أمر الله تعالى بها بقوله (إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما) الأحزاب: 56، وقد حث النبي صلى الله عليه وسلم عليها وبين مضاعفة أجرها فقال (من صلى علي واحدة صلى الله عليه بها عشرا) رواه مسلم، وقد شرعت بعد التشهد في الصلاة وفي صلاة الجنازة وفي الخطبة وعندما يذكر اسمه وفي مواضع أخرى، لكن لا نعلم أنها شرعت بعد السلام من الصلاة، كما تشرع أمام الدعاء بعد حمد الله والثناء عليه في كل وقت، وهي من أسباب الإجابة، لما ثبت من حديث فضالة بن عبيد رضي الله عنه قال (سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا يدعو في صلاته لم يمجد الله ولم يصل على النبي صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: عجل هذا، ثم دعاه، فقال له أو لغيره: إذا صلى أحدكم فليبدأ بتمجيد الله والثناء عليه، ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ثم يدعو بعد بما شاء.) أخرجه أحمد وأبو داود والنسائي والترمذي

حكم المصافحة للمصلي والسلام إن لم يكن صافحه عند لقائه إياه قبل الصلاة صافحه بعد السلام منها، سواء كانت فريضة أم نفلا، وسواء كان عن يمينه أو يساره لكن يكون في الفريضة بعد الأذكار المشروعة، أما سلام المأمومين على الإمام بعد الفراغ من الصلاة فلا نعلم أنه ورد فيه شيء خاص به

أما سلام الجماعة بعضهم على بعض بعد الصلاة في المسجد وخارج المسجد فيجوز لعموم أدلة مشروعية السلام

سجود السهو

سجود السهو واجب على الإمام وغيره إذا سهى في صلاته في ترك واجب أو فعل محظور؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم فعله وأمر به

ويعتبر سجود السهو صلاة، فيكبر في سجدتيه في كل خفض ورفع فيهما، ويختم بالتسليم، كما دلت على ذلك السنة الصحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويقال فيه وفي سجود التلاوة ما يقال في سجود الصلاة لعموم الأحاديث الواردة في ذلك

فسجود السهو واجب في كل سهو يبطل عمده الصلاة، ومحله قبل السلام، لحديث أبي سعيد وعبد الله بن بحينة وغيرهما، إلا ما كان عن نقص ركعة فأكثر فهو بعد السلام أو بنى فيه المصلي على غالب الظن، لحديث أبي هريرة وعمران بن حصين الدالين على ذلك في قصة ذي اليدين، ولحديث ابن مسعود في البناء على غالب الظن، وبهذا يعلم أن هذا الإمام الذي زاد في صلاته ولم يعلم إلا بعد التسليم أنه يرجع ويسجد للسهو ثم يسلم، وإذا كان عن نقص ركعة فأكثر أتى به ثم سلم ثم سجد للسهو ثم سلم، وأما المأموم فإن أمكنه سجود مع إمامه قبل أن يقوم لقضاء ما عليه فعل ذلك، أما إن قام لإكمال صلاته قبل سجود إمامه للسهو فقد انفصل عن الإمام بذلك فلا يسجد مع الإمام حين سجوده للسهو، ويسجد للسهو بعد قضاء ما عليه

وبالله التوفيق

وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

1437/7/20 هـ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

1 + 6 =

/500
جديد الدروس الكتابية
الدرس 139 الجزء الرابع  الحاجة للقضاء الشرعي - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 138 الجزء الرابع  أخلاق المؤمنين والمؤمنات - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 137 الجزء الرابع هذا هو طريق الرسل وأتباعهم  . - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 136 الجزء الرابع توضيح معنى الشرك بالله - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 135 الجزء الرابع  بيان معنى كلمة لا إله إلا الله (3) - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 134 الجزء الرابع  بيان معنى كلمة لا إله إلا الله (2) - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
روابط ذات صلة