الدرس 250: معجزة موسى في ضرب الحجر

الدرس
التصنيف : تاريخ النشر: الأحد 30 ذو القعدة 1436هـ | عدد الزيارات: 2216 القسم: تهذيب فتاوى اللجنة الدائمة -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

قال الله تعالى (وَإِذِ اسْتَسْقَى مُوسَى لِقَوْمِهِ فَقُلْنَا اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانْفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَشْرَبَهُمْ كُلُوا وَاشْرَبُوا مِنْ رِزْقِ اللَّهِ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ) (البقرة 60) أمر الله تعالى رسوله وكليمه موسى عليه الصلاة والسلام حين استسقاه أن يضرب بعصاه الحجر، فلما ضربه انفجر منه اثنتا عشرة عينًا على عدد الأسباط؛ توسعةً عليهم حتى لا يتزاحموا ولا يتناحروا على الماء، فكان ذلك من الله تعالى معجزة لموسى عليه السلام ورحمة منه بموسى ومن معه من بني إسرائيل ، وهذا هو مكان الحجة والتأييد وموضع النعمة والعبرة، وقد نقل ابن كثير في تفسير هذه الآية عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال (إن ضرب موسى الحجر بعصاه كان في التيه، فصار اثنتي عشرة عينًا من ماء، لكل سبط منهم عين يشربون منها)، ونقل عن مجاهد نحوه

س: ما تفسير قول الله تعالى (هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الْأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَاءُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (آل عمران 6)

ج: الله وحده الذي يخلق الناس في أرحام أمهاتهم كيف يشاء على صور شتى وأحوال مختلفة من ذكر وأنثى، وحسن وقبيح، وشقي وسعيد، لا إله إلا هو له العزة وكمال القوة والغلبة، وله الحكمة البالغة في كل ما شرعه وخلقه وقضى به وقدره

قو الله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) (آل عمران 102) تقوى الله حق تقاته يراد به ما دلت عليه الآية الأخرى وهي قوله تعالى: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ

س: ما هو تفسير (مِّنَ الْمَلَائِكَةِ مُسَوِّمِينَ) الذين ورد ذكرهم في الآية (125) من سورة آل عمران؟

ج: تكلم ابن جرير وابن كثير وغيرهما من المفسرين على المراد بالملائكة المسومين، فذكر ابن جرير قراءتين في (مُسَوّمِينَ) فتح الواو وكسرها، واختارقراءة الكسر، وهذا نص اختياره، قال (أولى القراءتين في ذلك بالصواب قراءة من قرأ بكسر (الواو)؛ لتظاهر الأخبار عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأهل التأويل منهم ومن التابعين بعدهم بأن الملائكة هي التي سومت أنفسها، من غير إضافة تسويمها إلى الله عز وجل أو إلى غيره من خلقه....) انتهى المقصود
وبعد أن ذكر ابن جرير جملة من الأقوال التي تبين العلامات التي صارت مميزة لهم قال: قال أبو جعفر فهذه الأخبار التي ذكرنا بعضها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال لأصحابه (تسوموا، فإن الملائكة قد تسومت) وقول أبي أسيد (خرجت الملائكة في عمائم صفر طرحوها بين أكتافهم) وقول من قال منهم (مسومين) معلمين، ينبئ جميع ذلك عن صحة ما اخترنا من القراءة في ذلك.

س: ما تفسير قول الله تعالى (وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ) (آل عمران آية 170) ؟

ج: قال ابن كثير رحمه الله في تفسيره لهذه الآية (وهم فرحون بما هم فيه من النعمة والغبطة، ومستبشرون بإخوانهم الذين يقتلون بعدهم في سبيل الله أنهم يقدمون عليهم، وأنهم لا يخافون مما أمامهم ولا يحزنون على ما تركوه وراءهم، نسأل الله الجنة)، وقال محمد بن إسحاق (وَيَسْتَبْشِرُونَ) أي: ويسرون بلحوق من لحقهم من إخوانهم على ما مضوا عليه من جهادهم؛ ليشركوهم فيما هم فيه من ثواب الله الذي أعطاهم

س: ما تفسير هذه الآية (فَإِنْ عُثِرَ عَلَى أَنَّهُمَا اسْتَحَقَّا إِثْمًا فَآخَرَانِ يِقُومَانُ مَقَامَهُمَا مِنَ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ الأَوْلَيَانِ فَيُقْسِمَانِ بِاللّهِ لَشَهَادَتُنَا أَحَقُّ مِن شَهَادَتِهِمَا وَمَا اعْتَدَيْنَا إِنَّا إِذًا لَّمِنَ الظَّالِمِينَ) ؟ (المائدة 107)

ج: هذه الآية تكملة للآية التي قبلها في حكم شهادة غير المسلم في الوصية في السفر (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِّنكُمْ أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ إِنْ أَنتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَأَصَابَتْكُم مُّصِيبَةُ الْمَوْتِ ۚ تَحْبِسُونَهُمَا مِن بَعْدِ الصَّلَاةِ فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ إِنِ ارْتَبْتُمْ لَا نَشْتَرِي بِهِ ثَمَنًا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَىٰ ۙ وَلَا نَكْتُمُ شَهَادَةَ اللَّهِ إِنَّا إِذًا لَّمِنَ الأثِمِينَ) (المائدة 106)ومعنى هذه الآية: إن طلع وظهر أن الوصيين قد استوجبا الإثم بسبب الخيانة وأيمانهما الكاذبة فيقوم مقامهما اثنان من ورثة الميت، فيحلفان بالله أن أيمانهما أصدق من الوصيين، ثم يقضى للورثة وبإمكانك مراجعة تفصيلية على هذه الآية في تفسير ابن جرير والبغوي وابن كثير رحمهم الله جميعًا

س: ما المراد بقول الله تعالى (وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ) ؟ (المائدة 35)
ج: قال الله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) (المائدة 35)أمر الله سبحانه المؤمنين بالتقوى وبطلب الوسيلة إليه والقرب منه سبحانه، بفعل الطاعات، وبجهاد الكفار لإعلاء كلمة الله؛ رجاء أن يفوزوا عند الله.

يقول الخازن في تفسيره رحمه الله: ومجامع التكاليف محصورة في نوعين لا ثالث لهما، أحد النوعين: ترك المنهيات وإليه الإشارة بقوله تعالى (اتَّقُوا اللَّهَ) والثاني: التقرب إلى الله تعالى بالطاعات، وإليه الإشارة بقوله (وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ) والوسيلة فعيلة من وسل إليه إذا تقرب منه وإليه، وقيل معنى الوسيلة: المحبة، أي تحببوا إلى الله عز وجل، وبهذا تعلم المراد بقوله تعالى (وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ) وهو: التقرب إليه بما شرع من الطاعات، كالصلاة والصوم والصدقة وأنواع الذكر، وغير ذلك.

آزر هو أبو إبراهيم، لقول الله تعالى (وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ آزَرَ أَتَتَّخِذُ أَصْنَامًا آلِهَةً) (الأنعام 74)،وهذا نص قطعي صريح لا يحتاج إلى اجتهاد، ورجح ذلك الإمام ابن جرير وابن كثير.

س: ما معنى هذه الآية (وَعَلَى الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ وَمِنَ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُمَا إِلَّا مَا حَمَلَتْ ظُهُورُهُمَا أَوِ الْحَوَايَا أَوْ مَا اخْتَلَطَ بِعَظْمٍ) ؟ (الأنعام 146)

ج: قال ابن جرير رحمه الله في تفسيره: يقول جل ذكره وحرمنا على اليهود كل ذي ظفر، وهو من البهائم والطير ما لم يكن مشقوق الأصابع؛ كالإبل والنعام والإوز والبط، قوله (وَمِنَ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُمَا) (الأنعام 146)، أخبر سبحانه أنه حرم على اليهود من البقر والغنم شحومهما إلا ما استثناه منها مما حملت ظهورهما أو الحوايا أو ما اختلط بعظم، فكل شحم سوى ما استثناه الله في كتابه من البقر والغنم فإنه كان محرمًا عليهم

وأما قوله تعالى (إِلَّا مَا حَمَلَتْ ظُهُورُهُمَا) فإنه يعني: إلا شحوم الجنب وما علق بالظهر، فإنها لم تحرم عليهم وقوله (أَوِ الْحَوَايَا) جمع حاوية وهي ما تَحَوَّى من البطن فاجتمع واستدار، وهي المباعر، وقوله تعالى (أَوْ مَا اخْتَلَطَ بِعَظْمٍ) وإلا ما اختلط بعظم فهو لهم أيضًا حلال

س: ما تفسير قوله تعالى (وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ) ؟ (الأنعام 153)

ج: ذكر الله تعالى أصول الإسلام في الآيتين اللتين قبل هذه الآية فقال (قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ) إلى آخر الآية، وقال في الآية الآخر (وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ) ثم أمر سبحانه باتباع هذه الأصول في قوله (وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ) سورة الأنعام آية 152-153، ونهى عن اتباع السبل أي الطرق المخالفة لسبيله، وبين أنهم إن اتبعوا غير صراطه وهديه الذي شرعه لهم تفرقت بهم السبل وضلوا عن سواء السبيل، وقد شرح رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية ، فيما رواه الإمام أحمد والحاكم ، عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: خط رسول الله صلى الله عليه وسلم خطًا بيده ثم قال (هذا سبيل الله مستقيمًا)، وخط عن يمينه وشماله، ثم قال (هذه السبل ليس منها سبيل إلا عليه شيطان يدعو إليه) ثم قرأ (وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ) وقال الحاكم صحيح ولم يخرجاه

وبالله التوفيق

وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

29-11-1436 هـ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

2 + 5 =

/500
جديد الدروس الكتابية
الدرس 132 الجزء الثالث : شروط قبول الدعاء - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 131 الجزء الثالث ‌‌وجوب النهي عن المنكر على الجميع - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 130 الجزء الثالث ‌‌طائفة الصوفية المتسولة: - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 129 الجزء الثالث الغزو الفكري . - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 128 الجزء الثالث ‌‌ تحريم الأغاني  - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 127 الجزء الثالث ‌‌مضاعفة الحسنات ومضاعفة السيئات  - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
روابط ذات صلة
الدرس السابق
الدروس الكتابية المتشابهة الدرس التالي