الدرس 239: يأجوج ومأجوج

الدرس
التصنيف : تاريخ النشر: الإثنين 2 رجب 1436هـ | عدد الزيارات: 2128 القسم: تهذيب فتاوى اللجنة الدائمة -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد

يأجوج ومأجوج من بني آدم عليه السلام من ولد يافث بن نوح عليه السلام، وكانوا يسكنون قارة آسيا شمال الصين منها، وهم على سطح الأرض كسائر بني آدم ، وهم أولو بطش وبأس شديد، وقد عثوا فسادا في الأرض، قال الله تعالى في وصف رحلة ذي القرنين إلى المشرق الأقصى وما قام به من الإصلاح في هذه الرحلة "حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَطْلِعَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَطْلُعُ عَلَى قَوْمٍ لَمْ نَجْعَلْ لَهُمْ مِنْ دُونِهَا سِتْرًا * كَذَلِكَ وَقَدْ أَحَطْنَا بِمَا لَدَيْهِ خُبْرًا * ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَبًا * حَتَّى إِذَا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ وَجَدَ مِنْ دُونِهِمَا قَوْمًا لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلًا* قَالُوا يَاذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا عَلَى أَنْ تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا* قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا *آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ حَتَّى إِذَا سَاوَى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ قَالَ انْفُخُوا حَتَّى إِذَا جَعَلَهُ نَارًا قَالَ آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا* فَمَا اسْطَاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا *قَالَ هَذَا رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّي فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاءَ وَكَانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا *وَتَرَكْنَا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَجَمَعْنَاهُمْ جَمْعًا ".(الكهف 90-99)

السدين: جبلان بينهما واد، ومعنى خرجا: أجرا، وزبر الحديد: قطع الحديد، والصدفين: جبلان بينهما واد، ومعنى أن يظهروه: أن يعلوه ويتجاوزوه إلى الجانب الآخر

فيأجوج ومأجوج من جنس البشر من أولاد آدم أبي البشر عليه السلام وعائشان على هذه الأرض في الجانب الأقصى منها شرقا

وذو القرنين ومن مر بهم غربا وشرقا كلهم من البشر من ذرية آدم ، وإن أردت التوسع فاقرأ قصة ذي القرنين سورة الكهف وتفسيرها في تفسير الطبري ، وابن كثير ، والبغوي ، وغيرها من كتب التفسير المعتمدة؛ لتفهم القصة

وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال "يقول الله تعالى: يا آدم، فيقول: (لبيك وسعديك والخير في يديك) قال: يقول: (أخرج بعث النار) فيقول: (وما بعث النار) قال: (من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعين) فذاك حينئذ يشيب الصغير وتضع كل ذات حمل حملها وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ولكن عذاب الله شديد" فاشتد ذلك عليهم، فقالوا: يا رسول الله أينا ذلك الرجل قال: "أبشروا، فإن من يأجوج ومأجوج ألف ومنكم رجل ... " الحديث رواه البخاري ومسلم

س: قال تعالى "تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ" (الرحمن 78)أي تنزه وتقدس الله العظيم الجليل وكثرت خيراته وفاضت بركاته

ج: الاسم الذي هو (الألف والسين والميم) من قوله تعالى "تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ" دال على لفظ الجلالة (الله) ونحوه من أسماء الله الحسنى التي سمى الله بها نفسه أو سماه بها رسوله صلى الله عليه وسلم، والمقصود من لفظ الجلالة وما في معناه من أسمائه تعالى: المسمى وهو ذات الرب بصفاته العليا، فتبارك لفظ الجلالة وسائر أسمائه الحسنى تعظيم لمسمياتها وهي ذات الرب المتصفة بصفات الكمال وليس تعظيما للاسم الذي هو (الألف والسين والميم)، بل تعظيم وتنزيه للفظ الجلالة

ولفظ الجلالة يعرب؛ لأن الإعراب لما ينطق به أو يكتب، أما مدلوله فلا يعرب؛ لأنه ليس بلفظ بل هو الرب نفسه

س: ما الفرق بين أسماء الله وصفاته ؟

ج: أسماء الله كل ما دل على ذات الله مع صفات الكمال القائمة به، مثل: القادر، العليم، الحكيم، السميع، البصير، فإن هذه الأسماء دلت على ذات الله، وعلى ما قام بها من العلم والحكمة والسمع والبصر

أما الصفات فهي نعوت الكمال القائمة بالذات كالعلم والحكمة والسمع والبصر فالاسم دل على أمرين، والصفة دلت على أمر واحد، ويقال الاسم متضمن للصفة، والصفة مستلزمة للاسم

قلت موضحاً لرأي اللجنة: كل اسم متضمن لصفة وليس كل صفة متضمنة لاسم مثل صفة المعرفة فليس لله اسم العارف لكن اسم السميع متضمن لصفة السمع .أ.هـ

ويجب الإيمان بكل ما ثبت منهما عن الله تعالى أو عن النبي صلى الله عليه وسلم على الوجه اللائق بالله سبحانه مع الإيمان بأن الله سبحانه لا يشبه خلقه في شيء من صفاته، كما أنه سبحانه لا يشبههم في ذاته، لقوله تعالى "قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ اللَّهُ الصَّمَدُ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ" (الإخلاص) وقوله سبحانه:" لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ" (الشورى 11)

وإن كثيرا من الأسماء مشتركة بين الله تعالى وبين غيره من مخلوقاته في اللفظ والمعنى الكلي الذهني، فتطلق على الله بمعنى يخصه تعالى ويليق بجلاله سبحانه، وتطلق على المخلوق بمعنى يخصه ويليق به، فيقال مثلا: الله حليم، وإبراهيم الخليل عليه الصلاة والسلام حليم

قلت: دليل اللجنة على حلم إبراهيم عليه السلام قول الله تعالى: إنه إبراهيم لأواه حليم

وليس حلم إبراهيم كحلم الله، والله رؤوف رحيم، ومحمد صلى الله عليه وسلم رؤوف رحيم

قلت: ودليل اللجنة على رأفة محمد صلى الله عليه وسلم ورحمته قول الله تعالى: لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رءوف رحيم

وليس رأفة محمد صلى الله عليه وسلم ورحمته كرأفة الله بخلقه ورحمته، والله تعالى جليل كريم ذو الجلال والإكرام على وجه الإطلاق، وكل نبي كريم جليل، وليست جلالة كل نبي وكرمه كجلالة غيره من الأنبياء وكرمه ولا مثل جلال الله وكرمه، بل لكل من الجلالة والكرم ما يخصه

قلت: جلالة الرسل أعلى من جلالة الأنبياء وجلالة أولي العزم أعلى من بقية الرسل وجلالة إبراهيم عليه السلام أعلى من جلالة بقية أولي العزم لأنه خليل الله وجلالة محمد صلى الله عليه وسلم أعلى من جلالة إبراهيم عليه السلام لأنه أفضل مخلوق

والله تعالى حي، وكثير من مخلوقاته حي، وليست حياتهم كحياة الله تعالى، والله سبحانه مولى رسوله محمد صلى الله عليه وسلم وجبريل وصالح المؤمنين، وليس ما لجبريل وصالح المؤمنين من ذلك مثل ما لله من الولاية والنصر لرسوله صلى الله عليه وسلم

ارجع إلى ما ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في أول رسالة التدمرية، فإنه وفي المقام حقه

تجوز ترجمة أسماء الله لمن لا يعرف اللغة العربية بلغتهم إذا كان المترجم بصيرا للغتين، كما يجوز أن تترجم لهم معاني الآيات القرآنية والأحاديث النبوية لتفهيمهم الدين

س: ما هو الكفر في الصفات ؟

ج: الكفر في صفات الله تعالى هو إنكار ما علم ثبوته منها بعد البلاغ أو الإلحاد فيه بتحريفه عن المقصود بدون شبهة يعذر بمثلها

ثانيا: من خالف الحق في ذلك عنادا بعد البيان وإقامة الحجة فهو كافر غير معذور، ومن خالف في ذلك متأولا لشبهة يعذر بمثلها فهو مخطئ معذور، ويؤجر على اجتهاده

الإرادة والمشيئة

الأصل في هذا الباب أن الله جل وعلا هو المتصرف في خلقه لا يسأل عما يفعل وهم يسئلون، وهو جل وعلا له الخلق والأمر، والعبد له إرادة ومشيئة ولكن مشيئته مرتبطة بمشيئة الله، قال تعالى "لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ" (التكوير 28)وقال تعالى "وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ" (التكوير 29)والله جل وعلا بين طريق الخير وأمر به وبين طريق الشر ونهى عنه، وجعل في العبد اختيارا وعقلا يميز به بين الخير والشر، والعبد هو الذي يختار لنفسه ما يشاء من الطريقين، قال تعالى "إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا"(الإنسان 3) وقال تعالى "وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ" (البلد 10)والخير الذي يصيب العبد من الله، والسيئة التي تصيب العبد من نفسه قال تعالى "مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ" (النساء 79)ومما تقدم تعلم أن العبادة التي تقع من العبد ويثيبه الله عليها من فضل الله على العبد وهي حاصلة بإرادته واختياره، وأن المعصية التي تقع من العبد هي واقعة من نفس العبد وبإرادته واختياره، وعقوبة الله للعبد على هذه المعصية هي واقعة بسبب من العبد؛ لأنه باشرها، وقد عامله الله بعدله في ذلك، وله في ذلك الحكمة البالغة، وقد أوضح ذلك سبحانه بقوله: أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكُكُمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ وَإِنْ تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِكَ قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ " (النساء 78)

قلت: لو قال قائل لماذا يعذب الله الكافر بالنار وقد كتب الله عليه أن سيموت على الكفر

الجواب: علم الله في سابق علمه أنه لن يؤمن فكتب عليه الكفر ومات عليه. أ.هـ

والإرادة الكونية القدرية أعم مطلقا فتشمل الإرادة الدينية والإرادة القدرية

وأما الإرادة الدينية الشرعية فهي أخص مطلقا

فكل مطيع قد اجتمعت فيه إرادتان الشرعية والقدرية

وأما الكافر والعاصي فقد انتفت منه الإرادة الشرعية في أعماله المخالفة للشرع

قلت الإرادة الشرعية قد لا تقع مثل الدخول في الإسلام والإرادة الكونية لا بد من وقوعها مثل الفقر والمرض والجوع والموت

وبالله التوفيق

وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وأزواجه وأصحابه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين

1436-07-01هـ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

4 + 3 =

/500
جديد الدروس الكتابية
الدرس 132 الجزء الثالث : شروط قبول الدعاء - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 131 الجزء الثالث ‌‌وجوب النهي عن المنكر على الجميع - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 130 الجزء الثالث ‌‌طائفة الصوفية المتسولة: - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 129 الجزء الثالث الغزو الفكري . - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 128 الجزء الثالث ‌‌ تحريم الأغاني  - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 127 الجزء الثالث ‌‌مضاعفة الحسنات ومضاعفة السيئات  - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
روابط ذات صلة
الدرس السابق
الدروس الكتابية المتشابهة الدرس التالي