الدرس 250 تفسير سورة الماعون

المقال
التصنيف : تاريخ النشر: الأربعاء 3 ربيع الأول 1436هـ | عدد الزيارات: 2407 القسم: الفوائد الكتابية

الحمد لله رب العالمين والعاقبة للمتقين ولا عدوان إلا على الظالمين والصلاة والسلام على المصطفى الأمين

بسم الله الرحمن الرحيم

{أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ* فَذَٰلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ * وَلَا يَحُضُّ عَلَىٰ طَعَامِ الْمِسْكِينِ * فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَن صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ * الَّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ* وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ} [الماعون 1-7]

سورة مكية آياتها سبع، الثلاث الأولى مكية والباقي مدنية وهذا هو الذي يظهر لي، وإن كانت السورة كلها وحدة متماسكة ذات اتجاه واحد لتقرير حقيقة كلية من حقائق هذه العقيدة

قوله:{أرأيت الذي يكذب بالدين}: استفهام أريد به تشويق السامع إلى معرفة من سيق له الكلام، والخطاب لرسول الله صلى الله عليه وسلم، والعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب والرؤية بمعنى المعرفة والفاء في قوله تعالى {فذلك الذي يدع اليتيم} جواب شرط محذوف على أن ذلك مبتدأ والموصول خبره والمعنى هل عرفت الذي يكذب بالبعث والجزاء فإنه الذي لا يؤمن بما جاءت به الرسل ومن صفاته أنه يدفع اليتيم دفعا عنيفا ويزجره زجرا قبيحا ولا يرحمه لقساوة قلبه لأنه لا يرجوا ثواباً ولا يخاف عقاباً ووضع اسم الإشارة المتعرض لوصف المشار إليه موضع الضمير للإشعار بعلة الحكم والتنبيه بما فيه من معنى البعد على بعد منزلته في الشر والفساد قيل هو أبو جهل كان وصيا ليتيم فأتاه عريانا يسأله من مال نفسه فدفعه دفعا شنيعا وقيل أبو سفيان نحر جزورا فسأله يتيم لحما فقرعه بعصاه وقيل هو الوليد بن المغيرة وقيل هو العاص بن وائل السهمي وقيل هو رجل بخيل من المنافقين وقيل الموصول على عمومه وقرىء { يدع اليتيم }أي يتركه ويجفوه
{ ولا يحض }: أي أهله وغيرهم من الموسرين على طعام المسكين وإذا كان حال من ترك حث غيره على ما ذكر فمن باب أولى أنه بنفسه لا يطعم المسكين

وقوله تعالى {فويل للمصلين} أي المقيمين للصلاة ولكنهم {عن صلاتهم ساهون} أي مضيعون لها تاركون لوقتها مخلون بأركانها وهذا لعدم إهتمامهم بأمر الله حيث ضيعوا الصلاة التي هي أم الطاعات والسهو عن الصلاة هو الذي يستحق صاحبه الذم واللوم ولهذا قال ابن عباس "الحمد لله أن الله قال عن صلاتهم ولم يقل في صلاتهم" لأن السهو في الصلاة يقع من كل أحد حتى من النبي صلى الله عليه وسلم، أما الذي يسهون عن صلاتهم فقد وصفهم الله بالرياء والقسوة وعدم الرحمة لأن ما ذكر من عدم المبالاة باليتيم والمسكين من دلائل التكذيب بالدين وموجبات الذم والتوبيخ فويل للمصلين الذين هم عن صلاتهم ساهون غافلون غير مبالين بها لأنهم يصلون نفاقا ودليل ذلك أن الله وصف صلاتهم رياءاً قال تعالى {الذين هم يراءون} أي يرون الناس أعمالهم ليروهم الثناء عليها والصفة الثالث من صفاتهم أنهم يمنعون العارية قال تعالى {ويمنعون الماعون} أي يمنعون إعطاء الشيء الذي لا يضر إعطائه على وجه العارية أو الهبة كالإناء والدلو والفأس ونحو ذلك مما جرت العادة ببذله والسماح به فهؤلاء لشدة حرصهم يمنعون الماعون فكيف بما هو أكثر منه ففي هذه السورة الحث على إطعام اليتيم والمسكين ومراعاة الصلاة والمحافظة عليها وعلى الإخلاص فيها وفي سائر الأعمال والحث على فعل المعروف وبذل الأموال الخفيفة كعالية الإناء والدلو والكتاب ونحو ذلك لأن الله ذم من لم يفعل ذلك.

وبالله التوفيق

وصلِّ اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

1436/3/2 هـ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

9 + 8 =

/500
روابط ذات صلة
المقال السابق
الفوائد الكتابية المتشابهة المقال التالي