الدرس 260 ترك الشغل بعيوب الناس

المقال
التصنيف : تاريخ النشر: الأربعاء 4 جمادى الأولى 1435هـ | عدد الزيارات: 1901 القسم: الفوائد الكتابية

الحمد لله وبعد

قال الله تعالى:"إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ۚ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ " (النور19)

عباد الله : من الآداب الإسلامية أن يحترم الإنسان شعور غيره فلا يلتمس عيوبه ولا يكشف دخائله ومخبآته ولا يذيع فيه قالة السوء لتسوء سمعته وسيرته بل يعمل دائماً على ستر عيوبه ولا يعمد ابدأ إلى إذاعة عيب أخيه بل يحب لأخيه ما يحب لنفسه

والله تبارك وتعالى يستر في الدنيا والآخرة عيب من ستر عيب أخيه في الدنيا فلا يفضحه في الدنيا ولا في الآخرة

واعلم يا عبد الله أن هذا الستر مشروط بشروط لا بد من ملاحظتها منها أن يكون العيب متعلقاً بحق الله تعالى لا بحق العبد فإذا كان متعلقاً بحق العبد كالسرقة مثلاً وجبت المبادرة بضبط السارق أو منعه منها حتى لا يضيع حق العبد ومنه أن يكون المستور عليه من ذوي الهيئات والمروءات الذين لم يعتادوا الإجرام فإذا كان من السقاط الأشرار المجرمين الفجار الذين لم يبالوا بفعل المنكرات والمجاهرة بها وجب الضرب على يديه وإبلاغ أمره إلى أولى الأمر حتى يسلم الناس من شره وظلمه فإن الستر عليه والحال هكذا يطمعه في التمادي فيما هو فيه وهذا إشاعة للفوضى

والإسلام دين الفطرة الخالد جاء لإصلاح حال الناس في معاشهم ومعادهم وحفظ الإنسانية كلها من داء اختلال الأمن العام.

فالله جل شأنه يكره أن يتحدث المسلم في أخبار الناس ويتتبع عوراتهم أو يتقول عليهم ويذيع الشائعات الكاذبة دون تحرج وتثبت فإن هذا إيذاء لهم ونيل من كرامتهم واشتغال بما لا جدوى فيه ولا نفع وهو أيضاً إثارة للعداوة والفتن وفتح لأبواب الشر والفرقة

وإن من يشغل نفسه بعيوب غيره لا يخلو من ثلاثة أغراض فإما أن يكون غرضه الشماتة والمجاهرة بسروره بذلك وإما أن يقصد التشهير بصاحبه وفضيحته بين الناس وإما أن يدعي إظهار التحزن والتحسر لما أبتلي به

ومن البداهة أنه لا شيء من هذه الأمور الثلاثة يصلح أن يكون عذراً أو مبرراً يسوغ له إهمال عيوب نفسه واشتغاله بما لا يعنيه ولا يفيده شيء من عيوب الناس

فالخوض في أعراض الناس وسيرهم وترويج الشائعات الكاذبة عنهم واغتيابهم والإيقاع بهم منكرات تسيء إلى المجتمع أيما إساءة وتصير به إلى التفرق والنزاع

فيا أيها المسلم اتق الله ولا تخض مع من يخوضون في الباطل ولا تندفع مع دعاة السوء ومختلقي الأراجيف والشائعات الكاذبة فإن ذلك جناية على نفسك وعلى المجتمع الإنساني

وصفوة القول أن طريق الخير ممهدة للمجتمع فمن أقبل عليها وفقه الله وزاده هدى ومن أعرض عنها خذله وصرفه إلى ما أراد مصداقاً لقوله تعالى "إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا " (الإنسان 3) ، ونار العذاب رهيبة هائلة وقسوة العذاب فيها فوق ما تتصور العقول ولذلك قال تعالى : فما أصبرهم على النار

فاتق الله يا عبد الله واستمع إلى قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : طوبى لمن شغله عيبه عن عيوب الناس وأنفق الفضل من ماله وأمسك الفضل من قوله ووسعته السنة ولم يعدل عنها إلى البدعة

وفقني الله وإياكم لما يحبه ويرضاه ورزقنا الانشغال بإصلاح عيوبنا لا بالحديث في عيوب الآخرين.

وبالله التوفيق

1435-5-4 هـ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

6 + 8 =

/500