الدرس السابع والخمسون باب صلاة العيدين 2

الدرس
التصنيف : تاريخ النشر: الثلاثاء 8 جمادى الأولى 1434هـ | عدد الزيارات: 1603 القسم: شرح زاد المستقنع -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد

قول المصنف:"ويصليها ركعتين قبل الخطبة، يكبر في الأولى بعد الإحرام،والاستفتاح ، وقبل التعوذ والقراءة ستًا ".

قوله "ويصليها ركعتين قبل الخطبة" صلاة العيد ركعتان قبل الخطبة، يكبر تكبيرة الإحرام ثم يستفتح بدعاء الاستفتاح، فيما رواه أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم:" اللَّهُمَّ بَاعِدْ بَيْنِي وبيْنَ خَطَايَايَ، كما بَاعَدْتَ بيْنَ المَشْرِقِ والمَغْرِبِ، اللَّهُمَّ نَقِّنِي مِنَ الخَطَايَا كما يُنَقَّى الثَّوْبُ الأبْيَضُ مِنَ الدَّنَسِ، اللَّهُمَّ اغْسِلْ خَطَايَايَ بالمَاءِ والثَّلْجِ والبَرَدِ. " صحيح البخاري، ثم يكبر ست تكبيرات، ثم يستعيذ بالله من الشيطان ويبسمل ثم يقرأ، وهذا قول المصنف، وفي رواية أخرى عند أحمد أن الاستفتاح بعد التكبيرات، واختارهذا القول أبو بكر الخلال و الأوزاعي أيضا؛ لأن الاستفتاح تليه الاستعاذة، وهي قبل القراءة. والأمر فيه سعة.

قوله:"وفي الثانيةِ قَبْلَ القراءةِ خَمْسًا"ويكبر في الثانية قبل القراءة خمساً ليست منها تكبيرة القيام لأن تكبيرة القيام قبل أن يقوم فلا تحسب فيكبر خمساً بعد القيام والدليل على هذه التكبيرات الزوائد أنه ورد " أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ كبَّر في العيدينِ : في الأولى سبعًا قبلَ القراءةِ ، وفي الآخرةِ خمسًا قبلَ القراءةِ " صحيح الترمذي للألباني.

قوله:"يرفع يديه مع كل تكبيرة"، وهذا هو الراجح، قال النوويُّ في "المجموع" : مذهَبُنا استحباب الرَّفع فيهن... وبه قال عطاءٌ والأوزاعيُّ، وأبو حنيفة، ومحمد، وأحمد، وداود، وابنُ المنذر. ونحوه في "المُغْنِي" وكذا في "الدِّين الخالص" ، وزاد: "وروي عن مالك". وروى عبدالرَّزاق عن ابن جريج قال: قلت لعطاءٍ: يَرفع الإمام يديه كلَّما كبَّر هذه التكبيرة الزيادة في صلاة الفطر؟ قال: نعَم، ويرفع الناسُ أيضًا. وروى الفريابيُّ بسند صحيحٍ عن الوليد - هو ابن مُسْلم - قال: سألتُ مالكَ بن أنسٍ عن ذلك - يعني: الرَّفع في تكبيرات الزوائد - فقال: نعَم، ارفع يديك مع كلِّ تكبيرة، ولم أَسمع فيه شيئًا. وذهب لذلك أيضًا ابنُ باز، وابن عثيمين وغيرُهم - رحمهم الله.

قوله:"ويقول: الله أكبر كبيرًا، والحمد لله كثيرا وسبحان الله بكرةً وأصيلًا، وصلى الله على محمد النبي، وآله وسلم تسليمًا كثيرًا، "؛ لقول عقبة بن عامر رضي الله عنه :"سألت ابنَ مسعودٍ عَمَّا يقولُه بعدَ تكبيراتِ العيدِ قال يحمدُ اللهَ . ويُثني عليه ويُصلي على النبيِّ " صححه الألباني في إرواء الغليل.

قوله:"وإنْ أحبَّ قال غيرَ ذلكَ" أي أن الأمر فيه سعة. فإن قال : سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ،اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، اللهم اغفر لي وارحمني كما جاء عن بعض السلف- كان حسنًا.

قوله:" ثم يقرأ جهرا في الأولى بعد الفاتحة بـ (سبح)، وبـ (الغاشية) في الثانية ... " لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يفعل ذلك جهراً وهكذا كان يصلي جهراً في الصلاة الجامعة كما جهر في صلاة الجمعة وجهر في صلاة الكسوف لأنها جامعة وكذلك في الاستسقاء.فعن النعمان بن بشير قال: " كانَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ يَقْرَأُ في العِيدَيْنِ وفي الجُمُعَةِ بـ{سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى}، وَ{هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ}. قالَ: وإذَا اجْتَمع العِيدُ وَالْجُمُعَةُ في يَومٍ وَاحِدٍ، يَقْرَأُ بهِما أَيْضًا في الصَّلَاتَيْنِ." صحيح مسلم

كما ثبت عنه أنه كان يقرأ في الأولى بـ"ق" وفي الثانية بـ"اقتربت الساعة وانشق القمر"، روى مسلم في صحيحه "أنَّ عُمَرَ بنَ الخَطَّابِ سَأَلَ أَبَا وَاقِدٍ اللَّيْثِيَّ: ما كانَ يَقْرَأُ به رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ في الأضْحَى وَالْفِطْرِ؟ فَقالَ: كانَ يَقْرَأُ فِيهِما بـ {ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ}، وَ{اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ}. "

ولهذا ينبغي للإمام إظهار السنة أن يقرأ مرة بهذه ومرة بهذه، ويراعي الظروف مثل لو كان الوقت بارداً وكان الانتظار يشق على الناس فالأفضل أن يقرأ بسبح والغاشية وكذا لو كان الوقت حاراً وكذلك في عيد الأضحى لأن الناس يحبون العجلة من أجل ذبح ضحاياهم. وإذا لم يكن هناك مشقة فالأفضل أن يقرأ بهذا مرة وبهذا مرة.

قوله:""فإذا سلَّم خطبَ خُطبتين كخطبتي الجمعة " المشهور عند الفقهاء أن خطبة العيد اثنتان كخطبتي الجمعة، وهذا من العمل المتوارث، وقد عمل به فقهاء الأمة على مر العصور والأيام .

قوله:"يستفتحُ الأولى بتسعِ تكبيراتٍ والثانيةَ بسبعٍ" لا دليل للمصنف على قوله "يستفتح الأولى بتسع تكبيرات والثانية بسبع والصواب أن يبدأ خطبة العيد بالحمد لله كسائر الخطب وكما هي العادة في خطب النبي صلى الله عليه وسلم أنه يحمد الله ويثني عليه .

قال شيخ الإسلام : لم ينقل أحدٌ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه افتتح خطبته بغير الحمد لا خطبة عيد ولا خطبة استسقاء ولا غير ذلك وقال ابن القيم في زاد المعاد وكان يفتتح خطبه كلها بالحمد ولم يحفظ عنه في حديث واحد أنه كان يفتتح خطبتي العيدين بالتكبير.

قوله:"يَحُثُّهم في الفطرِ على الصدقةِ، ويبيِّنُ لهم ما يُخرجون" " والصواب أنه يبين ذلك في خطبة آخر جمعة من رمضان، فيبين أحكام صدقة الفطر، أما في خطبة عيد الفطر فيبين حكم تأخير صدقة الفطرعن صلاة العيد، لحديث عبد الله بن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :"من أدَّاها قبلَ الصَّلاةِ فَهيَ زَكاةٌ مقبولةٌ ومن أدَّاها بعدَ الصَّلاةِ فَهيَ صدقةٌ منَ الصَّدقاتِ" صحيح أبي داود للألباني.

قوله:"ويرغبهم في الأضحى في الأضحية، ويبين لهم حكمَها" في خطبة عيد الأضحى يحث الناس على الأضحية ويبين لهم فضلها وأجرها وثوابها وحكمها.

قوله:"والتكبيراتُ الزوائدُ والذكرُ بينَها والخُطْبَتَانِ سُنَّةٌ"تُسنُّ التكبيراتُ الزَّوائدُ في صلاةِ العيدينِ، ولا تجِبُ؛ لحديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده :"أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كبَّر في عيدٍ اثنتي عشرةَ تَكبيرةً، سبعًا في الأولى، وخمسًا في الأخرى" صحيح ابن ماجه للألباني.

قوله:" والذكرُ بينَها " ؛ لقول عقبة بن عامر رضي الله عنه :"سألت ابنَ مسعودٍ عَمَّا يقولُه بعدَ تكبيراتِ العيدِ قال يحمدُ اللهَ . ويُثني عليه ويُصلي على النبيِّ " صححه الألباني في إرواء الغليل.

قوله:"والخطبتان سنة لقول عبدِ اللهِ بنِ السَّائَبَ رَضِيَ اللهُ عنه، قال:" شهِدْتُ مع رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ العيدَ، فلمَّا قضَى الصَّلاةَ قال: إنا نخطُبُ، فمَنْ أحبَّ أنْ يجلِسَ للخُطبةِ فَلْيجلِسْ، ومَنْ أحبَّ أنْ يذهَبَ فَلْيذهَبْ. " صحيح أبي داود للألباني.

قوله:"ويكره التنفل قبل الصلاة وبعدها في موضعها" السنة لمن أتى مصلى العيد لصلاة العيد، أن يجلس ولا يصلي ؛ لأن ذلك لم ينقل عن النبي ﷺ ولا عن أصحابه إلا إذا كانت الصلاة في المسجد فإنه يصلي تحية المسجد؛ لعموم قول النبي ﷺ: "إذا دخلَ أحدُكم المسجدَ فلا يجلس حتى يصلي ركعتين " متفق على صحته".

قوله:"ويسنُّ لمن فاتتْه أو بعضُها قضاؤها على صفتِها" والصواب عدم قضائها، وهذا ما ذهب إليه ابن تيميّة؛ لأن ذلك لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم ؛ فإن فاته بعضُها فيقضي ما فاته.

قوله:" ويسنَُ التكبيرُ المطلقُ فِي ليلتَيْ العيدينِ" أي يسن التكبير المطلق في كل وقت إلا في الأماكن التي ليست محلا لذكر الله، والمقيد هو الذي يتقيد بأدبار الصلوات.

قوله:"فِي ليلتَيْ العيدينِ"، أي عيدي الفطر والأضحى، ودليل ذلك في ليلة عيد الفطر قوله تعالى:{وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [البقرة:١٨٥]، فأمر سبحانه بالتكبير بعد تمام العدة، أي: بعد تمام شهر رمضان، وذلك إذا غابت شمس آخر يوم من رمضان، ويستمر التكبير إلى أن يكبر الإمام للصلاة.

قوله:"وَفي فِطْرٍ آكدُ، وفي كلِّ عَشْرِ ذي الحِجّةِ" أي: تكبيرك ليلةَ عيد الفطر آكدُ من تكبيرك ليلة عيد النحر؛لأن الله نصَّ عليه في قوله:{وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [البقرة:١٨٥] ، وشيءٌ نصَّ عليه القرآن بعينه يكون آكد ممَّا جاء على سبيل العموم.

قوله:"وفي كلِّ عَشْرِ ذي الحِجّةِ"، أي ويسن التكبير المطلق في كل عشر ذي الحجة لقوله تعالى: {وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ} [البقرة:٢٠٣]، وفي الحديث يقول صلى الله عليه وسلم: " ما العَمَلُ في أيَّامٍ أفْضَلَ منها في هذه، قالوا: ولا الجِهادُ؟ قالَ: ولا الجِهادُ، إلَّا رَجُلٌ خَرَجَ يُخاطِرُ بنَفْسِه ومالِه، فلَمْ يَرْجِعْ بشَيءٍ. "، صحيح البخاري، فيشرع أن يستكثر من ذكر الله سبحانه وتعالى بالتكبير، وهذا هو فعل السلف.

قوله:"والمقيدُ عَقبَ كلِّ فريضةٍ في جماعة،" والصواب أن التكبير المقيد سنة في الفرائض مؤاداة في جماعة كانت أو مقضية، انفرادا كانت أو جماعة دون النوافل

قوله:" من صلاة الفجر يوم عرفة ، وللمحرم من صلاة الظهريوم النحر إلى عصر آخر أيام التشريق."أي: يبدأ التكبير المقيد لغير الحاج بعد صلاة الفجر يومَ عرفة إلى عصر آخر أيام التشريق، والمحرم فمن ظهر يوم النحر؛ لأنه مشغول قبل ذلك بالتلبية، إلى عصر آخر أيام التشريق.

قوله:"وإن نسيه قضاه، ما لم يحدث أو يخرج من المسجد" القول الراجح أن هذا التكبير المقيد يسقط بطول الفصل، لا بخروجه من المسجد ولا بحدثه؛ لأنها سنة مشروعة عقب الصلاة.

قوله:"ولا يسنُّ عقبَ صلاةِ عيدٍ" أي لا يسن التكبير المقيد عقب صلاة العيد؛ حيث إنه لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يُكَبر بعد العيد، ومالم يرد عن الشارع من العبادات فالأصل فيه المنع.

قوله:"وصفته شفعاً: الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد"

قوله: "وصفته شفعاً" لأن لفظ التكبير تكرر أربع مرات، والأربع شفع، وهو المشهور المتوارث من الأمة عن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، فعن عبدِ اللهِ بنِ مسعودٍ: (أنَّه كان يُكبِّرُ أيَّامَ التَّشريقِ: اللهُ أكبرُ اللهُ أكبرُ، لا إلهَ إلَّا الله، واللهُ أكبر اللهُ أكبر، ولله الحَمد) رواه ابن أبي شيبة في مصنفه وصحح إسناده الألباني في إرواء الغليل.

وبالله التوفيق

وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

1434/5/8هـ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

8 + 9 =

/500
جديد الدروس الكتابية
الدرس 130 الجزء الثالث ‌‌طائفة الصوفية المتسولة: - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 129 الجزء الثالث الغزو الفكري . - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 128 الجزء الثالث ‌‌ تحريم الأغاني  - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 127 الجزء الثالث ‌‌مضاعفة الحسنات ومضاعفة السيئات  - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 126 ‌‌بيان حرمة مكة ومكانة البيت العتيق - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 125 ‌‌حكم إعفاء اللحية - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر