الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ، وبعدُ:
قول المصنف :" عن أبي مالك الأشعري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "أَرْبَعٌ في أُمَّتي مِن أمْرِ الجاهِلِيَّةِ، لا يَتْرُكُونَهُنَّ: الفَخْرُ في الأحْسابِ، والطَّعْنُ في الأنْسابِ، والاسْتِسْقاءُ بالنُّجُومِ، والنِّياحَةُ وقالَ: النَّائِحَةُ إذا لَمْ تَتُبْ قَبْلَ مَوْتِها، تُقامُ يَومَ القِيامَةِ وعليها سِرْبالٌ مِن قَطِرانٍ، ودِرْعٌ مِن جَرَبٍ.". رواه مسلم.
قوله: "عن أبي مالك الأشعري" هو الحارث بن الحارث الشامي ، صحابي تفرد عنه بالرواية أبو سلام ، أخرج له مسلم والترمذي والنسائي.
قوله صلى الله عليه وسلم : "أَرْبَعٌ" أي أربع خصال .
قوله صلى الله عليه وسلم : " أَرْبَعٌ في أُمَّتي": أي: أمة الإجابة وهم المسلمون ، لا أمة الدعوة من غيرهم .
قوله صلى الله عليه وسلم:"مِن أمْرِ الجاهِلِيَّةِ": إضافتها إلى الجاهلية الغرض منها التقبيح والتنفير .
والمراد بالجاهلية ما قبل البعثة لأن الناس كانوا فيها على جهل عظيم، فجهلهم شامل للجهل في حقوق الله، وحقوق عباده.
قوله صلى الله عليه وسلم : "لا يَتْرُكُونَهُنَّ":أي لا يزال في الناس من يتعاطاها، ويتأسى بالكفرة فيها.
قوله صلى الله عليه وسلم : " الفَخْرُ في الأحْسابِ ": الفخر: التعالي والتعاظم ، والأحسابُ هي ما يكون للآباء من مآثر، فيفتخر بآباء وأجداد مشهورين بالشجاعة والجود والكرم ، والفخرُ بالأحساب من سنة الجاهلية ؛ لأن رفعة الإنسان بعمله واجتهاده، وما يتعاطاه من خير، أما عملُ آبائه وأجداده فلهم وليس له.
قوله صلى الله عليه وسلم : "والطَّعْنُ في الأنْسابِ،": الطَّعنُ: هو التنقص والاحتقار وهذا هو المذموم الذي كانت تتعاطاه الجاهلية؛ والأنسابُ جمع نسب، وهو أصل الإنسان وقرابته.
قوله صلى الله عليه وسلم : "والاسْتِسْقاءُ بالنُّجُومِ،" يقولون : سقينا بنجم كذا،ومطرنا بنوء كذا، أو صدق نوء كذا ، هذا من سنة الجاهلية، والرسول صلى الله عليه وسلم أنكر ذلك وبين بطلانه، وأن الله جلَّ وعلا هو الذي يسقي العباد ، وينزل المطر، فالأنواء ليس لها تصرف في ذلك، وإنما خلقها الله زينة للسماء، وعلامات يهتدى بها في البر والبحر،ورجوما للشياطين.
قوله صلى الله عليه وسلم : "والنِّياحَةُ"، النياحة:هي رفع الصوت بالبكاء على الميت قصدا، وهي من أمر الجاهلية .
والنياحة تشمل ما إذا كانت من رجل أو امرأة، لكن الغالب وقوعها من النساء، ولهذا قال: "النَّائِحَةُ إذا لَمْ تَتُبْ قَبْلَ مَوْتِها، تُقامُ يَومَ القِيامَةِ وعليها سِرْبالٌ مِن قَطِرانٍ، ودِرْعٌ مِن جَرَبٍ".
قوله صلى الله عليه وسلم : "تُقامُ يَومَ القِيامَةِ وعليها سِرْبالٌ مِن قَطِرانٍ"، أي: تقام من قبرها، والسربال: الثوب السابغ كالدرع، وذكر القطران ؛ لأنه أشد في الاشتعال والأذى.
قوله صلى الله عليه وسلم : "ودِرْعٌ مِن جَرَبٍ" مرض معروف يكون في الجلد، يؤرق الإنسان، وربما يقتل الحيوان، والمعنى: إن كل جلدها يكون جربا بمنزلة الدرع، وإذا اجتمع قطران وجرب زاد البلاء ؛ لأن الجرب أي شيء يمسه يتأثر به فكيف ومعه قطران ، والحكمة أنها لما لم تغط المصيبة بالصبر غطيت بهذا الغطاء سربال من قطران ودرع من جرب فكانت العقوبة من جنس العمل. فهذا حديث يبين لنا أن هذه الخصال الأربع م أمور الجاهلية وأن الغالب على الأمة عدم تركها.
نسأل الله العافية والسلامة
وصلِّ اللهمَّ على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
1434/4/13 هـ