الدرس 88 نصائح

الدرس
التصنيف : تاريخ النشر: الأحد 8 شعبان 1442هـ | عدد الزيارات: 510 القسم: تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله

وبعد

نصيحتي لحكام المسلمين أن يتمسكوا بكتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم وأن يُحَكِّموها في الشعوب التي يتولون مسئوليتها تنفيذاً لقوله تعالى " وأن احكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم واحذرهم أن يفتنوك عن بعض ما أنزل الله إليك فإن تولوا فاعلم أنما يريد الله أن يصيبهم ببعض ذنوبهم وإن كثيراً من الناس لفاسقون * أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكماً لقوم يوقنون " المائدة 49 ، 50 ، وقولِه عز وجل " فلا وربك لا يؤمنون حتى يُحكِّموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلموا تسليماً " النساء 65 ، والآيات في ذلك كثيرة .
وبذلك تتحقق سعادة الشعوب الإسلامية وتستقر الأوضاع المتقلبة في العالم الإسلامي ويجد الحاكم والمحكوم بغيته من السعادة والطمأنينة والأمن ويفوز الجميع بالسعادة والنجاة في الدنيا والآخرة .

أما نصيحتي لعلماء المسلمين فهي أن يبيِّنوا للناس الحق بأقوالهم وأعمالهم وأن يدعوا الناس إلى الله بإخلاص وشجاعة وأن لا يخافوا في ذلك لومة لائم لأن عليهم مسئولية عظيمة ولأنهم يعلمون ما لا يعلمه غيرهم .

كما أوصى رحمه الله، قادة الدول العربية والإسلامية في اجتماعهم المنعقد في شهر جمادى الأولى من عام سبع وثمانين وثلاثمائة وألف من الهجرة بعدة وصايا:

أولا : بتقوى الله عز وجل في جميع الأمور والتواصي بالاستقامة على دينه وتحكيم شريعته والتحاكم إليها ومحاربة ما خالفها من المبادئ والأعمال لأنكم قادة العرب والمسلمين وبصلاحكم واجتماع كلمتكم على الهدى يصلح الله شعوبكم وسائر المسلمين إن شاء الله ، وتعلمون جميعاً أنه لا عزة لكم ولا منعة ولا هيبة ولا انتصاراً محققاً ومضموناً على الأعداء إلا بالتمسك بالإسلام وتحكيمه والتحاكم إليه كما جرى على ذلك سلفكم الصالح فأيَّدهم الله ونصرهم كما وعدهم سبحانه في قوله" إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم"محمد 7 ، وفي الإسلام حل لجميع المشاكل وإصلاح لجميع الشئون وتحقيق العدالة بين الجميع بأكمل معانيها إذا صلح القصد وبُذلت الجهود ووُسِّدت الأمور إلى أهلها.

ثانياً : التسامح وصفاء القلوب وتوحيد الصف واتفاق الكلمة على هدف واحد وهو اتباع الشريعة وترك ما خالفها والعمل على إزالة أثر العدوان اليهودي وتكاتف جميع الجهود والقوى لهذا الغرض النبيل مع الاستعانة بالله والاستنصار به في ذلك عملاً بقول الله سبحانه " وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة " الأنفال 60 ، وقوله عز وجل " يا أيها الذين آمنوا خذوا حذركم " النساء 71 ، وما جاء في هذا المعنى من الآيات والأحاديث.
ثالثاً : تكوين جيش مشترك قوي موحد مجهز بأكمل الأسلحة الممكنة تحت قيادة موحدة أمينة مرضية من الجميع تستند إلى مجلس شورى مكون من وزراء الدفاع وأركان الجيش في جميع الدول العربية ومن أحب أن ينضم إليها من الدول الإسلامية ليسير المجلس في جميع شئونه على قواعد ثابتة وأسس مدروسة من الجميع رجاء بأن يحقق الغرض المطلوب ولا يخفى على حضراتكم ما في هذا المجلس من الخير العظيم والحيطة والسير على هدي الشريعة وتعاليمها الحكيمة والعمل بقول الله عز وجل لنبيه صلى الله عليه وسلم "وشاورهم في الأمر"آل عمران 159 ، وقوله سبحانه في وصف المؤمنين " وأمرهم شورى بينهم " الشورى 38.

رابعا : الحياد التام وعدم الانحياز إلى كتلة شرقية أو غربية وبذل الجهود على أن تكونوا كتلة مستقلة تستفيد من خبرات غيرها وسلاحه من غير انحياز أو تدخل من الغير في شئونها الداخلية أو الخارجية ولا يخفى أن هذا الحياد أقرب إلى السلامة في الدين والدنيا وأكمل في العزة والكرامة والهيبة وأسلم من تدخل الأعداء في شئونكم والاطلاع على أسراركم وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم " أنه قال لرجل أراد أن يغزو معه يوم بدر : هل أسلمت ؟ قال : لا ، قال : ارجع فلن نستعين بمشرك " (قلت: ورد الحديث في صحيح مسلم عن عروة بن الزبير عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها بهذا اللفظ "قالَ له رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ: تُؤْمِنُ باللَّهِ وَرَسولِهِ؟ قالَ: لَا، قالَ: فَارْجِعْ، فَلَنْ أَسْتَعِينَ بمُشْرِكٍ."، مع أنه صلى الله عليه وسلم استأجر دليلاً مشركاً في طريق الهجرة واستعار من بعض المشركين دروعاً يوم حنين فدلَّ ذلك على أن الاستعانة بسلاح الأعداء والاستفادة من خبرتهم لا مانع منهما وليستا بداخلتين في الاستعانة التي نفاها النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث السابق إذا لم يكن لهم دخل في شئوننا ولا مشاركة في الجيش .انتهى
* الواجب على جميع المسلمين تقوى الله سبحانه وتعالى في السر والعلانية والشدة والرخاء وذلك بفعل ما أوجب الله عليهم من الصلاة والزكاة وغير ذلك من الطاعات وترك ما حرم الله من جميع الذنوب والمنكرات فمن فعل ما أوجب الله عليه واجتنب ما نهاه الله عنه رغبة في ثواب الله وحذراً من عقابه فهو من المتقين الموعودين بالنجاة والسعادة في الدنيا والآخرة .
وأعظم ما يجب على العبد إخلاص العبادة لله وحده وترك الشرك كله كما قال تعالى " وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه " الإسراء 23 ، وقال تعالى " فاعبد الله مخلصاً له الدين * ألا لله الدين الخالص " الزمر 2 ، 3 ، وقال تعالى " وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة " البينة 5 ، وهذا معنى لا إله إلا الله ، لأن معناها بإجماع أهل العلم لا معبود حق إلا الله ، كما قال سبحانه في سورة الحج " ذلك بأن الله هو الحق وأن ما يدعون من دونه هو الباطل " الحج 62 ، فمن صلى لغير الله أو صام لغير الله أو سجد لغير الله أو دعا غير الله كالأموات والأشجار والأحجار ونحو ذلك فقد أشرك بالله وأبطل قول لا إله إلا الله كذلك من ذبح لغير الله كالذين يذبحون للأولياء والجن تقرباً إليهم أو خوفاً من شرهم فكل هذا من الشرك الذي حرمه الله وتوعد أهله بالنار ، قال تعالى " قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين * لا شريك له " الأنعام 162 ، 163 ، والنسك هو الذبح قال تعالى " فصل لربك وانحر " الكوثر 2 ، وقال تعالى " إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء " النساء 48 ، وقال تعالى " إنه من يشرك بالله فقد حرَّم الله عليه الجنة ومأواه النار وما للظالمين من أنصار " المائدة 72 ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم " من لقي الله لا يشرك به شيئاً دخل الجنة ، ومن لقيه يشرك به شيئاً دخل النار "(قلت: ورد الحديث في صحيح مسلم عن حابر بن عبد الله بهذا اللفظ"مَن ماتَ لا يُشْرِكُ باللَّهِ شيئًا دَخَلَ الجَنَّةَ، ومَن ماتَ يُشْرِكُ باللَّهِ شيئًا دَخَلَ النَّارَ.") ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم " من مات وهو يدعو لله نِدَّاً دخل النار " (قلت: ورد الحديث في صحيح البخاري عن عبد الله بن مسعود بهذا اللفظ"مَن مَاتَ وهْوَ يَدْعُو مِن دُونِ اللَّهِ نِدًّا دَخَلَ النَّارَ ")، وقال النبي صلى الله عليه وسلم " لعن الله من ذبح لغير الله " .(قلت: رواه مسلم عن عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه)

ومن الشرك الأصغر الرياء والحلف بغير الله كالحلف بالكعبة والحلف بالنبي صلى الله عليه وسلم والحلف بالأمانة وغير ذلك من المخلوقات لقول النبي صلى الله عليه وسلم " أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر ، قالوا : يا رسول الله ما هو ؟ قال : الرياء " (قلت : ورد الحديث في صحيح الترغيب للألباني عن محمود بن لبيد الأنصاري بهذا اللفظ "إنَّ أَخْوَفَ ما أَخافُ عليكُمُ الشِّركُ الأصغرُ، الرِّياءُ، "وورد في مجمع الزوائد للهيثمي بهذا اللفظ "إنَّ أخوفَ ما أخافُ عليكم الشِّركُ الأصغرُ قال : وما الشِّركُ الأصغرُ يا رسولَ اللهِ ؟ قال : الرِّياءُ ")، وقال النبي صلى الله عليه وسلم " من كان حالفاً فليحلف بالله أو ليصمت " متفق عليه (قلت: ورد في مسلم "فمن كان حالفا .. الحديث "وقال عليه الصلاة والسلام " من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك " رواه أبو داود والترمذي ، (قلت صححه الألباني في إرواء الغليل ،ولفظ الحديث للترمذي ورواية أبي داود "فقد أشرك" دون "كفر") ، وقال صلى الله عليه وسلم " من حلف بالأمانة فليس منا " (قلت: رواه أبو داود عن بريدة بن الحصيب الأسلمي وصححه الألباني "، والأحاديث في النهي عن الحلف بغير الله والترهيب في ذلك كثيرة ، فالواجب على جميع المسلمين الحذر والتحذير من ذلك وتخصيص الله سبحانه بالحلف مع تحري الصدق في ذلك ، لأن الحلف تعظيم للمحلوف به والله سبحانه هو المستحق لكل تعظيم وإجلال .

ومن أنواع الشرك الأصغر قول ما شاء الله وشئت يا فلان ، وهذا من الله ومنك ، ولولا الله وأنت ، ولولا الله وفلان ، وهذا كله من الشرك الأصغر لقول النبي صلى الله عليه وسلم " لا تقولوا ما شاء الله وشاء فلان ، ولكن قولوا ما شاء الله ثم شاء فلان "(قلت: رواه أبو داود عن حذيفة بن اليمان وصححه الألباني" . فالواجب على كل مسلم أن يتفقه في دينه وأن يحذر الشرك كلَّه قليلَه وكثيرَه وصغيرَه وكبيرَه ، ويسأل عما أشكل عليه لقول الله تعالى " فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون " الأنبياء 7 ، وقال تعالى"واتقوا الله ويعلمكم الله والله بكل شيء عليم"البقرة 282 ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم " من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين " .(قلت: رواه مسلم في صحيحه عن معاوية بن أبي سفيان)

ومن المنكرات الشركية أيضاً : السحر والكهانة والتطير وتعليق التمائم سواء كانت من القرآن أو غيره والرقى التي فيها شرك والتي لا يُعرف معناها ، وقد ثبت في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال " اجتنبوا السبع الموبقات ، قلنا : وما هن يا رسول الله ؟ قال : الشرك بالله والسحر وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق وأكل الربا وأكل مال اليتيم والتولي يوم الزحف وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات "(قلت: رواه البخاري في صحيحه بهذا اللفظ"اجْتَنِبُوا السَّبْعَ المُوبِقاتِ، قالوا: يا رَسولَ اللَّهِ وما هُنَّ؟ قالَ: الشِّرْكُ باللَّهِ، والسِّحْرُ، وقَتْلُ النَّفْسِ الَّتي حَرَّمَ اللَّهُ إلَّا بالحَقِّ، وأَكْلُ الرِّبا، وأَكْلُ مالِ اليَتِيمِ، والتَّوَلِّي يَومَ الزَّحْفِ، وقَذْفُ المُحْصَناتِ المُؤْمِناتِ الغافِلاتِ.") ، وروى النسائي عن أبى هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " من عقد عقدة ثم نفث فيها فقد سحر ومن سحر فقد أشرك ومن تعلق شيئاً وُكِل إليه " (قلت:قال الألباني في (ضعيف النسائي): ضعيف لكن جملة التعليق ثبتت في الحديث.) ،وروى مسلم في صحيحه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال " من أتى عرافاً فسأله عن شيء لم تقبل صلاته أربعين ليلة " ، وقال صلى الله عليه وسلم " إنَّ الرُّقى، والتَّمائمَ، والتِّوَلةَ شِركٌ " (قلت: رواه أبو داود عن عبد الله بن مسعود وصححه الألباني)، وقال النبي صلى الله عليه وسلم " لا بأس بالرقى ما لم تكن شركاً " رواه مسلم .

والرقى التي لا يُعرف معناها يجب تركُها والنهي عنها مخافة أن يكون فيها شرك ، وروى الإمام أحمد رحمه الله عن عقبة بن عامر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال " من تعلق تميمة فلا أتم الله له ومن تعلق ودعة فلا ودع الله له "(قلت ضعفه الألباني في السلسلة الضعيفة ) ، وفي رواية له " ومن تعلق تميمة فقد أشرك " ،(قلت : صححه الألباني في صحيح الجامع ) وقال ابن مسعود رضي الله عنه : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " الطيرة شرك الطيرة شرك "قلت رواه أبو داود وصححه الألباني بهذا اللفظ"الطِّيرةُ شِركٌ ، ثلاثًا ، وما منَّا إلَّا ولَكِنَّ اللَّهَ يُذهِبُهُ بالتَّوَكُّلِ") ، وفي المسند عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال " من ردته الطيرة عن حاجته فقد أشرك ، قالوا : فما كفارة ذلك يا رسول الله ؟ قال : أن تقول اللهم لا خير إلا خيرك ولا طير إلا طيرك ولا إله غيرك "(قلت الحديث صححه الألباني في ، إصلاح المساجد بهذا اللفظ "مَنْ ردَّتْهُ الطِيَرَةُ عن حاجتِهِ فقدْ أشرَكَ قالوا : يا رسولَ الله وما كفارَةُ ذلِكَ قال يقولُ " اللهمَّ لا طيرَ إلَّا طيرُكَ ، ولَا خيرَ إلَّا خيرُكَ ، ولَا إلهَ غيرُكَ") والأحاديث في التحذير من الكهانة والسحر والطيرة والترهيب من سؤال الكهان والسحرة وتصديقهم كثيرة ، فالواجب على المسلم الحذر من هذه المنكرات وإنكارها على من تعاطاها حذراً من عقاب الله وطلباً لثوابه وامتثالاً لأوامر رسوله صلى الله عليه وسلم .
ومن أعظم المنكرات التي يجب تركها والتحذير منها : ترك الصلاة والتهاون بها وعدم أدائها في الجماعة وقد قال الله تعالى " حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى " البقرة 238 ، وقال سبحانه " وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة واركعوا مع الراكعين " البقرة 43 ، وصح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة " (قلت ورد في مسلم بهذا اللفظ"إنَّ بيْنَ الرَّجُلِ وبيْنَ الشِّرْكِ والْكُفْرِ تَرْكَ الصَّلاةِ.")، وقال عليه السلام " العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر "(قلت: رواه النسائي عن بريدة بن الحصيب الأسلمي وصححه الألباني )، وفي الصحيحين عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم"بُني الإسلام على خمس شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وحج البيت "

ومن أهم واجبات الصلاة وإظهار شعائر الإسلام : أداء الصلاة في المساجد في الجماعات كما كان النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه يفعلون ذلك وصح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال " لقد هممت أن آمر بالصلاة فتقام ثم آمر رجلاً فيؤم الناس ثم أنطلق برجال معهم حزم من الحطب إلى قوم لا يشهدون الصلاة فأحرق عليهم بيوتهم " ،قلت ورد في صحيح البخاري بهذا اللفظ" والذي نَفْسِي بيَدِهِ لقَدْ هَمَمْتُ أنْ آمُرَ بحَطَبٍ، فيُحْطَبَ، ثُمَّ آمُرَ بالصَّلاَةِ، فيُؤَذَّنَ لَهَا، ثُمَّ آمُرَ رَجُلًا فَيَؤُمَّ النَّاسَ، ثُمَّ أُخَالِفَ إلى رِجَالٍ، فَأُحَرِّقَ عليهم بُيُوتَهُمْ، والذي نَفْسِي بيَدِهِ لو يَعْلَمُ أحَدُهُمْ، أنَّه يَجِدُ عَرْقًا سَمِينًا، أوْ مِرْمَاتَيْنِ حَسَنَتَيْنِ، لَشَهِدَ العِشَاءَ"، وفي مسلم " وَلقَدْ هَمَمْتُ أَنْ آمُرَ بالصَّلَاةِ، فَتُقَامَ، ثُمَّ آمُرَ رَجُلًا فيُصَلِّيَ بالنَّاسِ، ثُمَّ أَنْطَلِقَ مَعِي برِجَالٍ معهُمْ حُزَمٌ مِن حَطَبٍ إلى قَوْمٍ لا يَشْهَدُونَ الصَّلَاةَ، فَأُحَرِّقَ عليهم بُيُوتَهُمْ بالنَّارِ." وقال عليه السلام " من سمع النداء فلم يأت فلا صلاة له إلا من عذر (" قلت رواه ابن ماجه عن عبد الله بن عباس وصححه الألباني ") ، وقال ابن مسعود رضي الله عنه " من سره أن يلقى الله غدا مسلما فليحافظ على هؤلاء الصلوات حيث ينادى بهن فإن الله شرع لنبيه صلى الله عليه وسلم سنن الهدى وإنهن من سنن الهدى ولو أنكم صليتم في بيوتكم كما يصلي هذا المتخلف في بيته لتركتم سنة نبيكم ولو تركتم سنة نبيكم لضللتم وما من رجل يتطهر فيحسن الطهور ثم يعمد إلى مسجد من هذه المساجد إلا كتب الله له بكل خطوة خطاها حسنة ويرفعه بها درجة ويحط بها عنه سيئة ولقد رأيتنا وما يتخلف عنها إلا منافق معلوم النفاق أو مريض ولقد كان الرجل يؤتى به يهادى بين الرجلين حتى يقام في الصف " رواه مسلم .
وقد أخبر الله سبحانه في كتابه العظيم أن التكاسل عن الصلوات من صفات أهل النفاق قال الله تعالى " إن المنافقين يخادعون الله وهو خادعهم وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى يراءون الناس ولا يذكرون الله إلا قليلاً " النساء 142 ، وقال تعالى في شأن المنافقين " وما منعهم أن تُقبل منهم نفقاتهم إلا أنهم كفروا بالله وبرسوله ولا يأتون الصلاة إلا وهم كسالى ولا ينفقون إلا وهم كارهون " التوبة 54 ، وفي الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال " أثقل الصلاة على المنافقين صلاة العشاء وصلاة الفجر ولو يعلمون ما فيهما لأتوهما ولو حبواً ".

فالواجب علينا وعليكم أيها المسلمون المحافظة على الصلوات الخمس في المساجد والتناصح في ذلك والإنكار على من تخلف عنها وهجره وترك مجالسته حتى يتوب اقتداءً بالنبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه وتباعداً عن مشابهة المنافقين الذين توعدهم الله بالدرك الأسفل من النار .

نسأل الله لنا ولكم السلامة والعافية والتوفيق لما يرضيه وأن يصلح قلوبنا وأعمالنا وأن يمنَّ علينا بخشيته ومراقبته وأن ينصر دينه ويخذل أعداءه وأن يوفق ولاة أمرنا وسائر أمراء المسلمين لما يرضيه ويصلح بطانتهم وأن يعيذ الجميع من مضلات الفتن

وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.

8 - 8 - 1442هـ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

7 + 5 =

/500
جديد الدروس الكتابية
الدرس 139 الجزء الرابع  الحاجة للقضاء الشرعي - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 138 الجزء الرابع  أخلاق المؤمنين والمؤمنات - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 137 الجزء الرابع هذا هو طريق الرسل وأتباعهم  . - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 136 الجزء الرابع توضيح معنى الشرك بالله - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 135 الجزء الرابع  بيان معنى كلمة لا إله إلا الله (3) - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 134 الجزء الرابع  بيان معنى كلمة لا إله إلا الله (2) - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر