الدرس 299: صيام المريض

الدرس
التصنيف : تاريخ النشر: السبت 1 جمادى الأولى 1438هـ | عدد الزيارات: 1487 القسم: تهذيب فتاوى اللجنة الدائمة -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

إذا كان المرء لا يستطيع الصيام لكبره أو لمرض لا يرجى برؤه فإنه يفطر ويطعم عن كل يوم مسكيناً نصف صاع من بر أو تمر أو أرز ونحوها من قوت البلد.

ومن كان لا يقدر على الوضوء بنفسه أو بمن يعينه فإنه يتيمم بتراب طاهر.

وإذا كان البول لا يستمسك أو كان لا يستطيع أن يغير ملابسه النجسة فإنه يصلي حسب الاستطاعة، ويعفى عما أصابه من النجاسة، ويتيمم لكل صلاة، أما إن استطاع غسل النجاسة بنفسه أو بغيره من ثوبه أو إبداله بثوب طاهر وقت الصلاة فإنه يلزمه ذلك؛ لقول الله عز وجل (فاتقوا الله ما استطعتم)

من أرغمه الربو على استعمال البخاخ في نهار رمضان وكذلك الحبوب المهدئة فلا حرج عليه في الإفطار في رمضان، وتبقى الأيام التي أفطرها ديناً في ذمته يقضيها إذا شفي وقدر على القضاء؛ لقوله سبحانه وتعالى (ومن كان مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر) البقرة: 185

وإذا استمر معه المرض وقرر طبيب مختص بغلبة ظنه على عدم البرء فعليه أن يطعم عن كل يوم أفطره مسكينا نصف صاع بر أو نحو ذلك مما هو من قوت البلد، ولا قضاء عليه؛ لقول الله تعالى (لا يكلف الله نفسا إلا وسعها) البقرة: 286، وقوله (وما جعل عليكم في الدين من حرج) الحج: 78

إذا قرر الطبيب لمريض الربو تناول العلاج في نهار رمضان فلا حرج في استعمال الأدوية حسب الحاجة إليها ولو نهاراً؛ تخفيفا لشدة المرض ورجاء الشفاء من الله، ثم إن كان العلاج شماً بالأنف أو إبراً في العضل أو الوريد؛ تخفيفاً للأزمة الصدرية، وتسهيلاً للتنفس فالصوم صحيح ولا قضاء عليه وإن كان العلاج تناولاً لحبوب أو شراب لسوائل فعليه القضاء بعد شفائه وقدرته على الصيام، ومن عجز عن القضاء فيطعم عن كل يوم أفطره مسكيناً نصف صاع عن كل يوم من بر أو نحو ذلك مما يأكل منه عادة والله الشافي

رجل مرض بمرض الكلى ونصحه الأطباء بشرب الماء ليلاً ونهارا، فإذا كان هؤلاء الأطباء حذاقاً بالطب فالمشروع له أن يفطر؛ محافظة على صحته ودفعا للضرر عن نفسه، ثم إن عوفي وقوي على القضاء دون حرج وجب القضاء، وإن استمر لتخلق الحصى عند عدم تتابع شرب الماء وقرر الأطباء أن ذلك لا يرجى برؤه وجب عليه الإطعام عن كل يوم أفطره مسكيناً

ويشرع للمريض الإفطار إذا كان الصيام يضره أو يكون عليه حرج في صحته، وعليه القضاء بعد القدرة

من عرف بالتجربة أن الصيام يزيد مرضه أو يؤخر برءه أو أخبر طبيب مسلم مأمون حاذق بأن الصيام يضره، فعليه القضاء بعد الشفاء

غسيل الكلى عبارة عن إخراج دم المريض إلى آلة (كلية صناعية) تتولى تنقيته ثم إعادته إلى الجسم بعد ذلك، ويتم إضافة بعض المواد الكيماوية والغذائية كالسكريات والأملاح وغيرها إلى الدمـ لذا أفتت اللجنة بأن الغسيل للكلى يفسد الصوم

إذا أوصى الطبيب بأن يتناول المريض وجبة في نهار رمضان لضعف المريض فهو معذور في الإفطار في شهر رمضان، وعليه القضاء بعد الشفاء والقوة على الصيام

إذا كان المريض لا يقوى على الصيام، أو يزيد مرضه أو يؤخر برءه فله الفطر وعليه القضاء، وعليه أن يؤدي الصلاة حسب الاستطاعة بأن يصلي قائماً، أو جالساً، أو على جنب؛ لقوله عليه الصلاة والسلام (صل قائماً، فإن لم تستطع فجالساً، فإن لم تستطع فعلى جنب) ويتطهر للصلاة بعد دخول الوقت بأن يتوضأ لكل صلاة؛ لأمره صلى الله عليه وسلم لحمنة بنت جحش وكانت تستحاض فلا تطهر بأن تعصب فرجها وتتطهر لكل صلاة

المريض الذي عليه قضاء ولم يستطع القضاء حتى أدركه رمضان الآخر لا تجزئه الفدية بل عليه القضاء

صيام المسافر

يجوز الإفطار للمسافر في رمضان وقصر الصلاة الرباعية، وذلك أفضل من الصيام والإتمام؛ لما ثبت من قول النبي صلى الله عليه وسلم (إن الله يحب أن تؤتى رخصه كما يحب أن تؤتى عزائمه) ولقوله عليه السلام (ليس من البر الصيام في السفر) رواه البخاري ومسلم

وذلك لمن كان مسافراً سفراً تقصر الصلاة في مثله؛ لقوله تعالى (ومن كان مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر) البقرة: 185

وحدد جمهور العلماء المسافة بثمانين كيلو متر تقريباً، ومن صام في السفر الذي يشرع فيه الإفطار فصيامه صحيح للأدلة الدالة على ذلك، ولا حرج عليه إلا إذا أضر به الصوم فإنه يتأكد عليه الإفطار لقول النبي صلى الله عليه وسلم (ليس من البر الصوم في السفر)

والفطر في السفر من باب الرخص تيسيراً من الله جل وعلا لعباده، ودافعا لما يشق عليهم

والأخذ بما رخصه الله محبوب إلى الله تبارك وتعالى، فإن الله يحب أن تؤتى رخصه كما يكره أن تؤتى معصيته

ومن سافر وأقام أربعة أيام شرع له أن يفطر ويقصر الصلاة الرباعية؛ لأن إقامة هذه المدة لا تقطع حكم السفر، لما ثبت من أن النبي صلى الله عليه وسلم أقام بمكة في حجة الوداع أربعة أيام واستمر في قصره الصلاة

ودلت الأحاديث الكثيرة الصحيحة من أقواله وأفعاله صلى الله عليه وسلم على أن الفطر للمسافر أفضل من الصوم وجدت مشقة أو لم توجد وإن الصيام في حقه جائز؛ لما روى الإمام مسلم رحمه الله عن حمزة بن عمرو الأسلمي أنه قال (يا رسول الله أجد في قوة على الصيام في السفر فهل علي من جناح؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هي رخصة من الله فمن أخذ بها فحسن، ومن أحب أن يصوم فلا جناح عليه)

الصلاة في المسجد الحرام تضاعف بمائة ألف صلاة

من أقام في بلد أكثر من أربعة أيام بنية الإقامة أتم الصلاة ووجب عليه الصوم عند أكثر أهل العلم

استمرار الصائم غالب النهار نائمًا تفريط منه، لاسيما وشهر رمضان زمن شريف ينبغي أن يستفيد منه المسلم فيما ينفعه من كثرة قراءة القرآن وطلب الرزق وتعلم العلم

لا يجوز صيام يوم العيد؛ لما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في الأحاديث الصحيحة من النهي عن صوم يومي عيد الفطر والنحر، وقد أجمع علماء الإسلام على تحريم ذلك، وعلى من فعل ذلك التوبة إلى الله تعالى، وعدم العودة إلى ذلك

ما اعتاده بعض المسلمين من السهر في ليالي رمضان في غير بيوتهم لتلاوة القرآن بأجرة فهو بدعة سواء قصدوا بذلك حصول البركة لهذه البيوت ولأهلها أو قصدوا هبة ثواب ما قرأوا لأهلها أحياء وأمواتا، فإنه لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه فعله؛ فكان بدعة محدثة، وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد) وفي رواية (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد) وعلى هذا فلا أجر لمن فعله، ولا لمن ساعد عليه، بل عليه وزر بدعته وإحداثه في الدين ما ليس منه

إسقاط الحمل في الشهر الثالث لا يعتبر دم نفاس؛ لأن ما نزل منها من الحمل إنما هو علقة لا يتبين فيها خلق آدمي، وعلى ذلك يصح صومها وتصح صلاتها وهي ترى الدم في الفرج ما دامت تتوضأ لكل صلاة، لأن هذا الدم يعتبر دم استحاضة

إن خافت الحامل على نفسها أو جنينها من الصوم أفطرت وعليها القضاء فقط، شأنها في ذلك شأن المريض الذي لا يقوى على الصوم، أو يخشى منه على نفسه، قال تعالى (ومن كان مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر)

إذا نزل على الحامل وهي في الشهر التاسع ماء، فصيامها صحيح ولا قضاء عليها

إذا كان الجنين الذي وضعته فيه خلق إنسان كاليد والرجل ونحوهما فإنها تجلس مدة النفاس حتى تطهر أو تكمل أربعين يوما ثم تغتسل وتصلي وتقضي اليوم الذي وضعت فيه، إذا كان في رمضان ولا إطعام عليها إن قضت الصيام قبل دخول رمضان الآخر

وبالله التوفيق

وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين

1438/4/19 هـ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

8 + 4 =

/500
جديد الدروس الكتابية
الدرس 132 الجزء الثالث : شروط قبول الدعاء - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 131 الجزء الثالث ‌‌وجوب النهي عن المنكر على الجميع - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 130 الجزء الثالث ‌‌طائفة الصوفية المتسولة: - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 129 الجزء الثالث الغزو الفكري . - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 128 الجزء الثالث ‌‌ تحريم الأغاني  - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 127 الجزء الثالث ‌‌مضاعفة الحسنات ومضاعفة السيئات  - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
روابط ذات صلة
الدرس السابق
الدروس الكتابية المتشابهة الدرس التالي