الدرس 259: أحاديث سئل عن معناها

الدرس
التصنيف : تاريخ النشر: الخميس 6 ربيع الأول 1437هـ | عدد الزيارات: 1463 القسم: تهذيب فتاوى اللجنة الدائمة -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

حديث (إن أمتي مرحومة لا تعذب في الآخرة، عذابها في الدنيا: الزلازل والفتن) رواه أبو داود في سننه

هذا الحديث في سنده عبد الرحمن بن عبد الله بن عتبة بن مسعود الهذلي المسعودي الكوفي ، قال المنذري استشهد به البخاري ، وتكلم فيه غير واحد، وقال العقيلي تغير في آخر عمره وفي حديثه اضطراب، وقال ابن حبان اختلط حديثه فلم يتميز فاستحق الترك ثم متنه منكر وشاذ ومخالف للأحاديث الصحيحة الدالة على أن كثيرًا من أمة محمد صلى الله عليه وسلم يعذبون في الآخرة، كما في حديث الشفاعة الطويل وغيره

ثانياً: قال صلى الله عليه وسلم (الخلافة بعدي ثلاثون سنة، ثم تكون ملكا عضوضًا) ولهذا قال معاوية رضي الله عنه بعد انقضاء الثلاثين سنة (أنا أول الملوك) وهذا الحديث أخرجه الإمام أحمد في المسند، والحاكم في المستدرك، وأبو يعلى في المسند، وابن حبان في صحيحه، والترمذي في السنن، ومعنى هذا الحديث بينه الحافظ في الفتح فقال: أراد بالخلافة خلافة النبوة، وأما معاوية ومن بعده فعلى طريقة الملوك، ولو سموا خلفاء

ثالثاً: معنى قوله صلى الله عليه وسلم (إن المرأة خلقت من ضلع أعوج) أي: أن المرأة لا تخلو من اعوجاج في أخلاقها كالضلع، فمن أراد كمالها لم يستطع ذلك إلا بطلاقها، فالمشروع له الصبر والتغاضي عن بعض الاعوجاج، مع الاستمرار في النصيحة والتوجيه

رابعاً: حديث (اللهم أحيني مسكينا وأمتني مسكيناً واحشرني في زمرة المساكين) ضعيف، ومعناه لو صح هو: أن يكون متواضعًا بعيدًا عن أسباب الفتن؛ لأن الغنى غالبا يُكْسِب التكبر والوقوع في الفتن والمعاصي

خامساً: يأتي على الناس هموهم بطونهم ...... ألخ

لا نعلم أنه حديث، وذلك بعد المراجعة والتتبع في الكتب المؤلفة في هذا الشأن والأظهر أنه موضوع

سادساً: ذكر في كتاب الإتحافات السنية، عن معاذ رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: قال الله تبارك وتعالى: إني والجن والإنس في نبأ عظيم، أخلق ويعبد غيري، وأرزق ويشكر غيري

سابعاً: روي عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (مهما أوتيتم من كتاب الله فالعمل به لا عذر لأحد في تركه....) وفيه واختلاف أصحابي لكم رحمة، رواه البيهقي في المدخل بسند منقطع، وأخرجه الطبراني والديلمي وفيه ضعف، كما في كشف الخفاء، ومنه يعلم أن الحديث ليس بصحيح، وقد قال الله تعالى (وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ) الآية 118 هود

ثامناً: ورد في ذم الشعر أحاديث كثيرة منها الصحيح ومنها غير الصحيح، فمن الصحيح ما رواه البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال (لأن يمتلئ جوف رجل قيحا حتى يريه خير له من أن يمتلئ شعرا)، وقد كان من الصحابة رضي الله عنهم شعراء، ومن أشهرهم حسان رضي الله عنه، وقد أقره النبي صلى الله عليه وسلم على شعره، بل أمره أن ينافح عنه فكان يسلق المشركين بشعره، وقد روى الإمام أحمد وأبو داود عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (إن من البيان سحرا وإن من الشعر حكمة)، وعلى هذا يتبين أنه ليس كل الشعر مذموما، بل يذم منه ما كان ماجنا، أو فيه إبطال حق، أو نصر باطل، أو شغل عن حق، أو كان كذبًا ونحو ذلك ويحمد ما كان ضد ذلك، والشعر من جنس الكلام، والأصل فيه الإباحة حتى يكون ما يخرجه عن ذلك وارجع في ذلك إلى مقدمة دلائل الإعجاز لعبد القاهر الجرجاني

أما الأنساب فقد ورد في الحث على تعلمها أحاديث، منها الصحيح وغيره، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم عليما بالأنساب، وكذا بعض الصحابة، والناس في حاجة إلى معرفتها لصلة الأرحام، وأداء حقوق الميراث إلى أهلها وتحمل الديات ونحو ذلك، والمذموم إنما هو معرفتها للتفاخر وللعصبية والتناصر على الباطل، والحديث الذي رواه أبو هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل المسجد فرأى جمعا من الناس على رجل فقال ما هذا قالوا: يا رسول الله، رجل علامة، قال وما العلامة قالوا: أعلم الناس بأنساب العرب وبالشعر وبما اختلف فيه العرب، فقال صلى الله عليه وسلم من هذا .......فذكره البيان والتعريف 2/253 وهذا سنده ضعيف؛ لأن بقية وهو بقية بن الوليد مدلس وقد عنعن، ومتنه منكر

وأما عن الفتن ففي الصحيحين وغيرهما واللفظ للبخاري عن أبي إدريس الخولاني أنه سمع حذيفة بن اليمان يقول (كان الناس يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخير وكنت أسأله عن الشر مخافة أن يدركني، فقلت: يا رسول الله، إنا كنا في جاهلية وشر فجاءنا الله بهذا الخير، فهل بعد هذا الخير من شر قال:نعم قلت: وهل بعد ذلك الشر من خير قال: نعم، وفيه دخن قلت: وما دخنه قال: قوم يهدون بغير هديي تعرف منهم وتنكر قلت: فهل بعد ذلك الخير من شر قال: نعم، دعاة على أبواب جهنم من أجابهم إليها قذفوه فيها قلت: يا رسول الله، صفهم لنا قال: هم من جلدتنا، ويتكلمون بألسنتنا قلت: فما تأمرني إن أدركني ذلك؟ قال: تلزم جماعة المسلمين وإمامهم قلت: فإن لم يكن لهم جماعة ولا إمام؟ قال: فاعتزل تلك الفرق كلها، ولو أن تعض بأصل شجرة حتى يدركك الموت وأنت على ذلك) والزمان ليس خاصا بهذا الزمان وإنما هو عام في كل زمان ومكان، من عهد الصحابة رضي الله عنهم زمن الفتنة والخروج على عثمان رضي الله عنه

والمراد من اعتزال الناس زمن الفرقة ما ذكره الحافظ ابن حجر رحمه الله في الفتح عن الطبري أنه قال: متى لم يكن للناس إمام فافترق الناس أحزابا فلا يتبع أحدًا في الفرقة، ويعتزل الجميع إن استطاع ذلك، خشية من الوقوع في الشر ومتى وجد جماعة مستقيمة على الحق لزمه الانضمام إليها، وتكثير سوادها، والتعاون معها على الحق؛ لأنها والحال ما ذكر هي جماعة المسلمين بالنسبة إلى ذلك الرجل وذلك المكان

قلت في بلاد الحرمين إمام فلا حاجة إلى وجود الأحزاب والفرق ولله الحمد والمنة

وأما معنى (بدأ الإسلام غريبا) غربته بغربة أهله، حيث دعا النبي صلى الله عليه وسلم إلى الإسلام سرًا، فآمن به أبو بكر الصديق رضي الله عنه وزوجته خديجة ومولاه زيد ، ثم أخذ يعرض الإسلام على من يثق به فآمن به من آمن حتى زالت الغربة وانتشر الإسلام ودخل الناس في دين الله أفواجا، وفي آخر الدنيا تعود الغربة ثانية إلى دين الإسلام، فلا يكون في القبيلة إلا الرجل الواحد على دين الإسلام

ومعنى (خير القرون قرني) أن الأفضلية للقرن الذي بعث فيه الرسول صلى الله عليه وسلم، والقرن: هو الجيل الذي يكون فيه الإسلام، سمي قرنا من الاقتران؛ لأن أهله يقترنون في أعمارهم وأحوالهم في زمن واحد، قلت للفائدة ليس المراد بالقرن مئة سنة كما يسميه الناس اليوم فها هو قرن النبي صلى الله عليه وسلم أقل من مئة سنة بل القرون الثلاثة أقل من 300 سنة

وعن الأحاديث الإسرائيلية ذكر ابن كثير في مقدمة تفسيره أنها تذكر للاستشهاد لا للاعتضاد، فإنها على ثلاثة أقسام: أحدها: ما علمنا صحته مما بأيدينا مما يشهد له بالصدق فذاك صحيح. والثاني: ما علمنا كذبه مما عندنا مما يخالفه. الثالث : ما هو مسكوت عنه لا من هذا القبيل ولا من هذا القبيل فلا نؤمن به ولا نكذبه، ويجوز حكايته؛ لما تقدم، وغالب ذلك مما لا فائدة فيه تعود لأمر ديني أ.هـ تفسير ابن كثير 1/5

وبالله التوفيق

وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

06-03-1437 هـ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

4 + 5 =

/500
جديد الدروس الكتابية
الدرس 140 الجزء الرابع ‌‌أهمية العلم في محاربة الأفكار الهدامة. - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 139 الجزء الرابع  الحاجة للقضاء الشرعي - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 138 الجزء الرابع  أخلاق المؤمنين والمؤمنات - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 137 الجزء الرابع هذا هو طريق الرسل وأتباعهم  . - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 136 الجزء الرابع توضيح معنى الشرك بالله - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 135 الجزء الرابع  بيان معنى كلمة لا إله إلا الله (3) - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
روابط ذات صلة
الدرس السابق
الدروس الكتابية المتشابهة الدرس التالي