الدرس الحادي والعشرون: الحديث

الدرس
التصنيف : تاريخ النشر: الأربعاء 29 شوال 1434هـ | عدد الزيارات: 1979 القسم: تهذيب فتاوى اللجنة الدائمة -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله

وبعد

يؤخذ بالحديث الضعيف في فضائل الأعمال إذا لم يشتد ضعفه ، ويُعمل بالحديث الضعيف في إثبات الأحكام إذا قوي بحديث آخر بمعناه أو تعددت طرقه فاشتهر ، لأنه يكون من قبيل الحسن لغيره ، وهو القسم الرابع من أقسام الأحاديث التي يحتج بها .

ابن إسحاق بن يسار ، قال الحافظ ابن حجر العسقلاني في تقريب التهذيب ما نصه : محمد بن إسحاق بن يسار أبو بكر المطلبي ، مولاهم المدني ، نزيل العراق ، إمام المغازي صدوق يدلس ، ورُمي بالتشيع والقدر ، من صغار الخامسة ، مات سنة خمسين ومائة ويقال بعدها وهو صاحب كتاب السيرة النبوية والذي هذبه ابن هشام في كتابه تهذيب سيرة ابن هشام ، وهو مدلس ، ومعنى كلمة يدلس أي يروي عمن لم يسمع منه بصيغة السماع ، رُمي بالقدر وغلاة القدرية ينكرون العلم والكتابة لله تعالى وهو من صغار الخامسة وهي طبقة من طبقات المحدثين .

الإمام البخاري أحاديثه المسندة المتصلة كلها صحيحة ، أما المعلقات ففيها الصحيح والضعيف ، والمعلقات ما كانت بصيغة الجزم فهي صحيحة مثل قال ابن عمر ، وما كانت بصيغة التمريض ضعيفة مثل يُروى عن ابن عمر .

كتب السنة الستة : البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي والترمذي وابن ماجه ، ومن الكتب المفيدة موطأ مالك ومسند أحمد وسنن الدارمي .

وُلد النبي صلى الله عليه وسلم يوم الاثنين لاثنتي عشرة ليلة مضت من شهر ربيعٍ الأول عام الفيل ، وعاش ثلاثاً وستين سنة ، منها ثلاث وخمسون سنة بمكة المكرمة وعشر سنوات بالمدينة ، وتوفي بالمدينة يوم الاثنين الثاني عشر من ربيع الأول سنة إحدى عشرة من الهجرة .

أما زوجاته فإحدى عشرة زوجة : خديجة بنت خويلد ، وسودة بنت زمعة ، وعائشة بنت أبي بكر الصديق ، وحفصة بنت عمر بن الخطاب ، وزينب بنت خزيمة ، وأم سلمة هند بنت أبي أمية ، وزينب بنت جحش ، وجويرية بنت الحارث المصطلقية ، وأم حبيبة رملة بنت أبي سفيان ، وصفية بنت حُيي بن أخطب ، وميمونة بنت الحارث الهلالية ، وتوفي منهن قبله خديجة وزينب بنت خزيمة رضي الله عنهما ، وتوفي عن تسع منهن رضي الله عن الجميع .

الأدعية والأذكار التي تقال عند النوم كثيرة ، منها ما رواه البخاري ومسلم عن البراء بن عازب رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إذا أتيت مضجعك فتوضأ وضوءك للصلاة ، ثم اضطجع على شقك الأيمن ، وقل : اللهم أسلمت نفسي إليك ، وفوضت أمري إليك ، ووجهت وجهي إليك ، وألجأت ظهري إليك ، رغبة ورهبة إليك ، لا ملجأ ولا منجا منك إلا إليك ، آمنت بكتابك الذي أنزلت ، ونبيك الذي أرسلت ، فإن متَّ متَّ على الفطرة ، واجعلهنَّ آخر ما تقول " ، ومنها ما رواه حذيفة رضي الله عنه قال : " كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أوى إلى فراشه قال : باسمك أموت وأحيا ، وإذا قام قال : الحمد لله الذي أحيانا بعد ما أماتنا وإليه النشور " ، وفي رواية : " اللهم باسمك أموت وأحيا " ، وإذا أردت المزيد من ذلك فاقرأ كتاب الأذكار النووية للنووي ، والوابل الصيب لابن القيم .

لم يقع بين المسلمين والروم مبارزة في غزوة تبوك ، وإنما صالح النبي صلى الله عليه وسلم ملك إيلة وأهل جربا وأذرح على الجزية وكتب لهم كتاباً بيَّن لهم فيه ما لهم وما عليهم .

الواجب ما يثاب فاعله ويستحق العقاب تاركه ، والسنة ما يثاب فاعله ولا يعاقب تاركه ، وأما المندوب أو المستحب أو السنة فهي معان متقاربه إن لم تكن مترادفة وكلها تتفق في الاصطلاح على إثابة فاعل المندوب والمستحب والمسنون وعدم عقاب تاركه .

الأصل في النهي إذا تجرَّد عن القرائن التي تصرفه عن أصله التحريم ، وليس هناك نهي للندب وإن وجد قرينة تصرفه عن التحريم إلى الكراهة فهو لكراهة التنزيه ، والمكروه يثاب تاركه حسبة لله على تركه ولا يستحق العقاب فاعله .

الدليل العقلي هو ما أدركه العقل في الموضوع الذي هو محل الاستدلال كالاستدلال بخلق السموات والأرض وخلق أنفسنا على وجود الخالق سبحانه وأنه عليم قدير حكيم ، والدليل النقلي هو الدليل النصي من كتاب الله تعالى أو سنة رسوله صلى الله عليه وسلم أو إجماع أهل العلم .

إذا ثبت حديث الآحاد عن الرسول صلى الله عليه وسلم كان حجة فيما دلَّ عليه اعتقاداً وعملاً بإجماع أهل السنة .

أحكام الشريعة مبنية على النصوص من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وما ضم إليهما مما يستند إليهما من الإجماع والقياس الصحيح والمسلم إذا كان عاجزاً عن أخذ الحكم من دليله يجوز له أن يقلد أوثق من يعرفه من العلماء لقوله تعالى " فَسْألُوٓاْ أَهلَ ٱلذِّكرِ إِن كُنتُمۡ لَا تَعلَمُونَ " الأنبياء 7 .

قد يكون سبب الاختلاف بين أئمة الفقه الاختلاف في فهم الحديث وقد يكون لعدم بلوغ الحديث لبعضهم وقد يكون لاختلافهم في الترجيح عند تعارض الأدلة وقد يكون لاختلافهم في نسخ النص وقد يكون لغير ذلك ، وانظر كتاب رفع الملام عن الأئمة الأعلام لشيخ الإسلام أحمد بن تيمية ، والخلاف بين الأئمة الأربعة مبني على اختلافهم في العلم والفهم والمُصيب منهم له أجران والمُخطئ له أجرٌ واحدٌ وخطؤه معفو عنه وهكذا غيرهم من علماء الإسلام كالأوزاعي وسفيان الثوري وإسحاق بن راهويه ، والمذاهب الأربعة منسوبة إلى الأئمة الأربعة الإمام أبي حنيفة والإمام مالك والإمام الشافعي والإمام أحمد .

لا يجوز للمسلم أن يقلد مذهب الشيعة الإمامية ولا الشيعة الزيدية ولا أشباههم من أهل البدع كالخوارج والمعتزلة والجهمية وغيرهم ، وأما انتسابه إلى بعض المذاهب الأربعة المشهورة فلا حرج فيه إذا لم يتعصب للمذهب الذي انتسب إليه ولم يخالف الدليل من أجله ، وسبب التمسك بالأقوال والمذاهب الأربعة هو أنها تعتمد في الأصل على مصادر التشريع من الكتاب والسنة والإجماع والقياس وغير ذلك من الأدلة

لا يجوز للمسلم أن يفتي بغير علم لقوله تعالى " وَلَا تَقفُ مَا لَيسَ لَكَ بِهِۦ عِلمٌۚ " الإسراء 36 .

المذهب الحنفي منسوب لأبي حنيفة النعمان بن ثابت الكوفي ، والمذهب المالكي منسوب لمالك بن أنس الأصبحي المدني ، والمذهب الشافعي منسوب لمحمد بن إدريس الشافعي القرشي ، والمذهب الحنبلي منسوب إلى أحمد بن حنبل ، والمجتهدون من الفقهاء كثير وخاصة في القرون الثلاثة التي شهد لها الرسول صلى الله عليه وسلم بالخير ، وقد اشتهر من بينهم هؤلاء الأربعة ، وأسباب شهرتهم كثيرة منها انتشار مذهبهم في البلد الذي نشئوا أو ارتحلوا إليه على مقتضى السنة الكونية كأبي حنيفة وأحمد رحمهما الله في العراق ومالك في المدينة والشافعي في مكة ومصر ، ومنها نشاط تلاميذهم ومن أخذ مذهبهم وبني على أصولهم واجتهادهم في الدعوة إلى مذهبهم في بلادهم أو البلاد التي رحلوا إليها كمحمد بن الحسن وأبي يوسف مثلاً في العراق وابن القاسم وأشهب في مصر وسحنون في المغرب ، والربيع بن سليمان في مصر ، ومنها تَبنِّي الحكام للمذهب ولعلمائه وتوليتهم إياهم المناصب كالقضاء والإفتاء وفتحهم المدارس لهم وإغداق الخير عليهم من أوقاف وغيرها .

أبو حنيفة هو النعمان بن ثابت التيمي مولى بني تيم الله بن ثعلبة ، ولد عام 80 هـ ومات عام 150 هـ ، ومالك هو ابن أنس بن مالك بن أبي عامر الحميري الأصبحي ، ولد عام 93 هـ ومات عام 179 هـ ، والشافعي هو محمد بن إدريس بن العباس بن عثمان بن شافع القرشي المطلبي ولد عام 150 هـ ومات عام 204 هـ ، وابن حنبل هو أحمد بن محمد بن حنبل بن هلال بن أسد الشيباني أبو عبد الله المروزي ثم البغدادي ، ولد عام 164 هـ ومات عام 241 هـ رحمهم الله تعالى .

هؤلاء الأجلاء نشئوا في الإسلام ، وعاشوا في خير القرون، القرون الثلاثة التي شهد النبي صلى الله عليه وسلم بأنها خير القرون ، واشتغلوا بالعلم منذ حداثة أسنانهم ، فدرسوا كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، وسيرة الخلفاء الراشدين وسائر الصحابة رضي الله عنهم وتاريخ من سبقهم ومن عاصرهم من خيار الأمة الإسلامية فقاموا بدورهم في خدمة الإسلام دراسة لعلومه ، وفهم أحكامه أصوله وفروعه واستنباطها من مصدرها الصحيح ، ومنبعها الصافي كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، كما قاموا بنشر علومه بين المسلمين ، فاستنارت بهم الأمة في شئون دينها ودنياها .

وبالله التوفيق

وصلِ اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

28 - 10 - 1434هـ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

8 + 8 =

/500
جديد الدروس الكتابية
الدرس 132 الجزء الثالث : شروط قبول الدعاء - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 131 الجزء الثالث ‌‌وجوب النهي عن المنكر على الجميع - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 130 الجزء الثالث ‌‌طائفة الصوفية المتسولة: - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 129 الجزء الثالث الغزو الفكري . - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 128 الجزء الثالث ‌‌ تحريم الأغاني  - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 127 الجزء الثالث ‌‌مضاعفة الحسنات ومضاعفة السيئات  - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر