الدرس الأول: الطهارة

الدرس
التصنيف : تاريخ النشر: الإثنين 9 شعبان 1434هـ | عدد الزيارات: 2478 القسم: دروس في الفقه الإسلامي -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد الأمين وبعد

الفقه في اللغة الفهم، قال تعالى " فمال هؤلاء القوم لا يكادون يفقهون حديثاً " أي يفهمون

ودعا رسول الله صلى الله عليه وسلم لابن عباس بقوله اللهم فقه في الدين وعلمه التأويل

في الاصطلاح العلم بالأحكام الشرعية العملية المستنبطة من أدلتها التفصيلة

الطهارة لغة النظافة والخلوص من الأوساخ أو الأدناس الحسية كالأنجاس من بول وغيره والمعنوية كالعيوب والمعاصي

والتطهير: التنظيف وهو إثبات النظافة في المحل

شرعاً: تطلق على معنيين الأول أصل وهو طهارة القلب من الشرك في عبادة الله والغل والبغضاء لعباده المؤمنين وهي أهم من طهارة البدن

الثاني: فرع وهي الطهارة الحسية أي النظافة عن النجاسة سواء كانت النجاسة حقيقية وهي الخبث أو حكمية وهي الحدث

والخبث في الحقيقة عين مستقذرة شرعاً

والحدث: وصف شرعي يحل في الأعضاء فيزيل الطهارة

فالطهارة الحسية رفع ما يمنع الصلاة من حدث أو نجاسة بالماء أو رفع حكمه بالتراب

وهذا ما اتفق عليه المالكية والحنابلة والحنفية

فهو ارتفاع الحدث أي زوال الوصف المانع من الصلاة

نوعها: يتبين من تعريف الطهارة أنها نوعان: طهارة حدث وتختص بالبدن ، وطهارة خبث وتكون في البدن والثوب والمكان ، وطهارة الحدث ثلاث كبرى وهي الغسل وصغرى وهي الوضوء ، وبدل منها عند تعذرهما وهو التيمم

وطهارة الخبث ثلاث غسل ومسح ونضح

فالطهارة تشمل الوضوء والغسل وإزالة النجاسة والتيمم وما يتعلق بها

شروط وجوب الطهارة

يجب تطهير ما أصابته النجاسة من بدن أو ثوب أو مكان لقوله تعالى "وثيابك فطهر" وقوله سبحانه " أن طهرا بيتي للطائفين والعاكفين والركع السجود" وإذا وجب تطهير الثوب والمكان وجب تطهير البدن بالأولى لأنه ألزم للمصلي

وتجب الطهارة على من وجبت عليه الصلاة وذلك بعشرة شروط

الأول: الإٍسلام

الثاني: العقل فلا تجب الطهارة على المجنون والمغمى عليه إلا إذا أفاق في بقية الوقت أما السكران فلا تسقط عنه الطهارة

الثالث: البلوغ وعلاماته خمس الاحتلام وإنبات الشعر والحيض والحمل وبلوغ سن الخامسة عشر

الرابع: ارتفاع دم الحيض والنفاس

الخامس: دخول الوقت

السادس: عدم النوم

السابع: عدم النسيان

الثامن: عدم الإكراه : ويقضي النائم والناسي والمكره ما فاته إجماعاً

التاسع: وجود الماء أو الصعيد وهو التراب الطاهر

العاشر: القدرة على الفعل بقدر الإمكان

أقسام المياه

من العلماء من قسم الماء إلى ثلاثة أقسام طهور وطاهر ونجس

ومنهم من قسمه إلى قسمين طهور ونجس وهذا اختيار شيخ الإٍسلام ابن تيمية إذ يقول الماء قسمان طهور ونجس فما تغير بالنجاسة فهو نجس وما لم يتغير بنجاسة فهو طهور إما إثبات قسم ثالث وهو الطاهر فلا أصل لذلك في الشريعة والدليل على هذا هو عدم الدليل

إذ لو كان القسم الطاهر ثابتاً بالشرع لكان أمراً معلوماً مفهوماً تأتي به الأحاديث البينة الواضحة لأن الحاجة تدعو إلى بيانه وليس بالأمر الهين إذ يترتب عليه إما أن يتطهر بماء أو يتيمم . أ.هـ

إضافة إلى قول أبي حنيفة أن الماء المتغير بالطاهرات طهور يرفع الأحداث ويزيل الأنجاس ويميل إلى هذا القول الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى

الماء الطهور: هو الطاهر في نفسه المطهر لغيره ويندرج تحته من الأنواع ما يأتي

أولاً: ماء المطر والثلج والبرد لقوله تعالى "وينزل عليكم من السماء ماء ليطهركم به

ثانياً: ماء البحر لقوله عليه السلام هو الطهور ماؤه الحل ميتته

ثالثاً: ماء زمزم لما روي من حديث على رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم " دعا بسجل من ماء زمزم فشرب منه وتوضأ " رواه أحمد

رابعاً: الماء المتغير بطول المكث يصح التطهر به قال تعالى "فلم تجدوا ماء فتيمموا

الماء الذي لاقته النجاسة: أن تغير النجاسة طعمه أو لونه أو ريحه وهو في هذه الحالة لا يجوز التطهر به إجماعاً

فالماء إذا تغير بالنجاسات فإنه ينجس بالإتفاق

السؤر: هو ما بقي في الإناء بعد الشرب وهو أنواع

أولاً: سؤر الآدمي وهو طاهر من المسلم والكافر والجنب والحائض وأما قوله تعالى "إنما المشركون نجس" فالمراد به نجاستهم المعنوية من جهة اعتقادهم الباطل وعدم تحرزهم من الأقذار والنجاسات لا أن أعيانهم وأبدانهم نجسة وقد كانوا يخالطون المسلمين وترد رسلهم ووفودهم على النبي صلى الله عليه وسلم ويدخلون مسجده ولم يأمر بغسل شيء مما أصابته أبدانهم

وعن عائشة رضي الله عنها قالت كنت أشرب وأنا حائض فأناوله النبي صلى الله عليه وسلم فيضع فاه على موضع في " رواه مسلم

ثانياً: سؤر ما يؤكل لحمه

وهو طاهر لأن لعابه متولد من لحم طاهر فأخذ حكمه قال أبو بكر بن المنذر أجمع أهل العلم على أن سؤر ما أكل لحمه يجوز شربه والوضوء به

ثالثاً: سؤر البغل والحمار والسباع وجوارح الطير طاهر فعن ابن عمر رضي الله عنهما قال خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره ليلاً فمروا على رجل جالس عند مقراة له والمقراة الحوض الذي يجتمع فيه الماء

فقال عمر رضي الله عنه أولغت السباع عليك الليلة في مقراتك فقال له النبي صلى الله عليه وسلم يا صاحب المقراة لا تخبره هذا متكلف لها ما حملت في بطونها ولنا ما بقي شراب وطهور " رواه الدار قطني

سؤر الهرة: وهو طاهر لحديث كبشة بنت كعب وكانت تحت أبي قتادة أن أبا قتادة دخل عليها فسكبت له فجاءت هرة تشرب منه فأصغى لها الإناء حتى شربت منه قالت كبشة فرآني أنظر فقال أتعجبين يا ابنة أخي فقالت نعم فقال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إنها ليست بنجس إنها من الطوافين عليكم والطوافات " رواه الخمسة وقال الترمذي حديث حسن صحيح وصححه البخاري

سؤر الكلب والخنزير: وهو نجس يجب اجتنابه أما سؤر الكلب فلما رواه البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال "إذا شرب الكلب في إناء أحدكم فليغسله سبعاً " ولأحمد ومسلم "طهور إناء أحدكم إذا ولغ فيه الكلب أن يغسله سبع مرات أولاهن بالتراب " وأما سؤر الخنزير فلخبثه وقذارته

وبالله التوفيق

وصلي اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

1434-8 -8

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

1 + 3 =

/500
جديد الدروس الكتابية
الدرس 128 الجزء الثالث ‌‌ تحريم الأغاني  - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 127 الجزء الثالث ‌‌مضاعفة الحسنات ومضاعفة السيئات  - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 126 ‌‌بيان حرمة مكة ومكانة البيت العتيق - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 125 ‌‌حكم إعفاء اللحية - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 124 الجزء الثالث ‌‌أهمية الغطاء على وجه المرأة - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 123 الجزء الثالث ‌‌حكم قيادة المرأة للسيارة - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر