الدرس 150:باب قول اللهم اغفر لي إن شئت

الدرس
التصنيف : تاريخ النشر: الإثنين 5 جمادى الآخرة 1434هـ | عدد الزيارات: 1963 القسم: شرح وتحقيق كتاب التوحيد -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعدُ

قولُ المُصَنِّفِ :"بابُ قولِ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي إِنْ شِئْتَ"

لما كان العبد لا غنى له عن رحمة الله ومغفرته طرفة عين بل فقير إلى الغني سبحانه ، كما قال تعالى"يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ ۖ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ "(فاطر15)، نهى عن قول ذلك لما فيه من إيهام الاستغناء عن مغفرة الله ورحمته، وذلك مضاد للتوحيد

قوله :"في الصحيح عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا يقل أحدكم: اللهم اغفر لي إن شئت اللهم ارحمني إن شئت ليعزم المسألة فإن الله لا مكره له".

الحديث في الصحيحين عن أبي هريرة، وجاء لفظه في البخاري "لا يَقُلْ أحَدُكُمْ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لي إنْ شِئْتَ، ارْحَمْنِي إنْ شِئْتَ، ارْزُقْنِي إنْ شِئْتَ، وليَعْزِمْ مَسْأَلَتَهُ، إنَّه يَفْعَلُ ما يَشاءُ، لا مُكْرِهَ له." وجاء في رواية مسلم بلفظ "لا يَقُولَنَّ أحَدُكُمْ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لي إنْ شِئْتَ، اللَّهُمَّ ارْحَمْنِي إنْ شِئْتَ، لِيَعْزِمْ في الدُّعاءِ، فإنَّ اللَّهَ صانِعٌ ما شاءَ، لا مُكْرِهَ له."

قوله :" اللَّهُمَّ اغْفِرْ لي إنْ شِئْتَ" قالَ الْقُرْطُبِيُّ:"إنَّما نهى الرسولُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عنْ هذا القولِ؛ لأنَّهُ يدُلُّ على فُتُورِ الرغبةِ، وقِلَّةِ الاهتمامِ بالمطلوبِ، وكأنَّ هذا القولَ يتضَمَّنُ أنَّ هذا المطلوبَ إنْ حَصَلَ وإلاَّ اسْتَغْنَى عنهُ، ومَنْ كانَ هذا حالَهُ لم يتحَقَّقْ منْ حالِهِ الافتقارُ والاضْطِرَارُ الذي هوَ رُوحُ عبادةِ الدعاءِ، وكانَ ذلكَ دليلاً على قِلَّةِ معرفتِهِ بذُنُوبِهِ، وبرحمةِ ربِّهِ، وأيضًا فإنَّهُ لا يكونُ مُوقِنًا بالإجابةِ، وقدْ قالَ عليهِ السلامُ:(ادْعُوا اللهَ وَأَنْتُمْ مُوقِنُونَ بِالإِجَابَةِ، وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ لاَ يَسْتَجِيبُ دُعَاءً مِنْ قَلْبٍ غَافِلٍ )". صححه الألباني في صحيح الجامع.

قوله صلى الله عليه وسلم: " وليَعْزِمْ مَسْأَلَتَهُ "أي الواجب العزم في الدعاء.

قوله صلى الله عليه وسلم:"لا مُكْرِهَ له" أي صانع ما شاء غير مُكْرَهٍ

قوله :" ولمسلم: "ولْيُعَظِّمِ الرَّغْبَةَ، فإنَّ اللَّهَ لا يَتَعاظَمُهُ شيءٌ أعْطاهُ"

قوله :"ولمسلم " أي في رواية أخرى، والمراد: أن يُلحَّ الداعي في طلبه وحاجته وما رغب فيه ؛ فإن الله جل وعلا عظيم الشأن غني حميد ، وكل شيئ يعطيه عباده فهي عنده يسيرة وإن أعطاهم شيئا عظيما سبحانه وتعالى.

فيه مسائل:
الأولى: النهي عن الاستثناء في الدعاء، ، والمراد بالاستثناء هنا الشرط، فإن الشرط يسمى استثناء بدليل قوله صلى الله عليه وسلم لضباعة بنت الزبير: "حُجِّي واشْتَرِطِي، وقُولِي: اللَّهُمَّ مَحِلِّي حَيْثُ حَبَسْتَنِي. "أخرجه البخاري ومسلم واللفظ للأول.

الثانية: بيان العلة في ذلك: وهي :

أنها تشعر باستغناء الإنسان عن الله، وهذا غير لائق، وليس من الأدب.

الثالثة: قوله صلى الله عليه وسلم: "ليعزم المسألة": تفيد أنك إذا سألت فاعزم ولا تتردد
الرابعة: إعظام الرغبة: لقوله صلى الله عليه وسلم: "وليعظم الرغبة"
الخامسة: التعليل لهذا الأمر: يستفاد من قوله: "فإنَّ اللَّهَ لا يَتَعاظَمُهُ شيءٌ أعْطاهُ".

وبالله التوفيق

وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

1434/6/5 هـ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

3 + 6 =

/500
جديد الدروس الكتابية
الدرس 140 الجزء الرابع ‌‌أهمية العلم في محاربة الأفكار الهدامة. - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 139 الجزء الرابع  الحاجة للقضاء الشرعي - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 138 الجزء الرابع  أخلاق المؤمنين والمؤمنات - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 137 الجزء الرابع هذا هو طريق الرسل وأتباعهم  . - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 136 الجزء الرابع توضيح معنى الشرك بالله - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 135 الجزء الرابع  بيان معنى كلمة لا إله إلا الله (3) - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
روابط ذات صلة
الدرس السابق
الدروس الكتابية المتشابهة الدرس التالي