الدرس الثالث والعشرون باب الخوف من الشرك

الدرس
التصنيف : تاريخ النشر: الإثنين 18 صفر 1434هـ | عدد الزيارات: 2337 القسم: شرح وتحقيق كتاب التوحيد -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله

وبعد
قول المصنف:"باب الخوف من الشرك" ؛لأنه أعظم الذنوب، فكل ما عدا الشرك داخل تحت المشيئة، أما الشرك فهو أقبح الذنوب، وأظلم الظلم، لذا يجب على المسلم أن يخافه ويحذره ويتقيه، ويدرأَه عن نفسه.

قال المصنف: " وقول الله عز وجل" إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ " (النساء 48).

قولُه تعالى " إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ " (لا) نافية (أن يشرك به) فعل مضارع مقرون بأن المصدرية فيحول إلى مصدر تقديره إن الله لا يغفر الإشراكَ به، فالشرك في توحيد الألوهية ينافي التوحيد ،وهو نوعان: شرك أكبر جلي، وشرك أصغر خفي، فالله لا يغفر الشرك إلا بالتوبة منه، وما عداه فهو داخل تحت مشيئة الله.والشرك أقبح القبح، وأظلم الظلم؛ لأنه صرف خاص حق الله تعالى لغيره؛ ولأنه مناقض للمقصود بالخلق، ولأن الشرك تشبيه للمخلوق بالخالق تعالى وتقدس في خصائصه الألوهية من ملك الضر والنفع، وفي الآية رد على الخوارج المكفرين بالذنوب، وعلى المعتزلة القائلين بأن أصحاب الكبائر مخلدون في النار.
قوله " وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ " أي أقل من الشرك .
قول المصنف:" وقال الخليل عليه السلام : " وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الأَصْنَامَ " إبراهيم 35 "، أي إبراهيم عليه السلام خليل الرحمن، والخلة أخص من المحبة، ولهذا خص اللهُ بها الخليلين: إبراهيم ومحمد عليهما الصلاة والسلام، فالخليلُ إمامُ الحنفاء الذي جعله الله أمة وحده يخافُ أن يقع في الشرك الذي هو عبادة الأصنام لعلمه أنه لا يصرفه عنه إلا الله بهدايته وتوفيقه، لا بحوله هو وقوته، ومن يأمن البلاء بعد إبراهيم؟! فهذا أمر لا يؤمن من الوقوع فيه، فقوله :"وَاجْنُبْنِي" أي اجعلني وبنيَّ في جانب عن عبادة الأصنام .

قوله:" وَبَنِيَّ" أي ذريته وما توالد من صلبه.

قوله:"أَنْ نَعْبُدَ الأَصْنَامَ" ، إنما دعا إبراهيمُ بذلك ؛ لأن كثيرا من الناس افتتنوا بها، كما قال تعالى:"رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ ۖ " (إبراهيم 36)، فخاف من ذلك، ودعا الله أن يعافيه وبنيه من عبادتها.

وبالله التوفيق

18 - 2 - 1434هـ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

2 + 4 =

/500
جديد الدروس الكتابية
الدرس 128 الجزء الثالث ‌‌ تحريم الأغاني  - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 127 الجزء الثالث ‌‌مضاعفة الحسنات ومضاعفة السيئات  - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 126 ‌‌بيان حرمة مكة ومكانة البيت العتيق - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 125 ‌‌حكم إعفاء اللحية - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 124 الجزء الثالث ‌‌أهمية الغطاء على وجه المرأة - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 123 الجزء الثالث ‌‌حكم قيادة المرأة للسيارة - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر