فضل العلماء

الخطب
التصنيف : تاريخ النشر: الثلاثاء 24 ربيع الثاني 1440هـ | عدد الزيارات: 1343 القسم: خطب الجمعة

الحمد لله الذي أرسل الرسل مبشرين ومنذرين، وأنزل معهم الكتاب ليقوم الناس بالقسط وجعل لهم خلفاء يخلفونهم في أممهم علما وعملا ليكونوا قدوة للعاملين ومنارا للسالكين وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله خاتم النبيين وإمام المتقين صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وسلم تسليماً. أما بعد:

عباد الله:

اتقوا الله تعالى واعلموا أن من أكبر نعمه عليكم أن حفظ عليكم هذا الدين برجاله المخلصين وهم العلماء العاملون الذين كانوا أعلاما يهتدى بهم وأئمة يقتدى بهم وأقطاباً تدور عليهم معارف الأمة وأنوارا تتجلى بهم غياهب الظلمة فإن وجود أمثال هؤلاء في الأمة حفظا لدينها وصونا لعزتها وكرامتها فإنهم السياج المتين الذي يحول بين الدين وأعدائه والنور المبين الذي تستنير به الأمة عند اشتباه الحق وخفائه وهم ورثة الأنبياء في أممهم وأمنائهم على دينهم فإن الأنبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما وإنما ورثوا العلم فمن أخذه أخذ بحظ وافر وهم الهداة في الأرض قال تعالى: {وَمِمَّنْ خَلَقْنَا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ} [الأعراف:181] أعلنوا على الملإ بأنه لا إله إلا الله وأنه سبحانه هو القائم بالقسط وأن كل حكم يخالف حكمه فهو ظلم وجور قال الله تعالى:{شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ ۚ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [آل عمران:18].

وهم شهداء الله في أرضه يشهدون أن رسله صادقون وأنهم بلغوا الرسالة وأدوا الأمانة ونصحوا الأمة وجاهدوا في الله حق جهاده وهم شهداء الله في أرضه يشهدون بأحكامه على خلقه يقرؤن كتاب الله وسنة رسوله ويفهمونهما فيشهدون على الخلق بما فيهما من أحكام عادلة وأخبار صادقة فليس في الأمة كمثلهم ناصح مخلص يعلمون أحكام الله ويعظون عباد الله ويقودون الأمة لما فيه الخير والصلاح فهم القادة حقاً وهم الزعماء المصلحون وهم أهل الخشية لله {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} [فاطر:28].

ولهذا تكاثرت النصوص في فضل العلم وأهله فعن معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول "من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين" ( صحيح البخاري).

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال صلى الله عليه وسلم "من سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله له به طريقا إلى الجنة" (رواه مسلم )،وعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: قال صلى الله عليه وسلم: " إنَّ الملائكةَ لتضعُ أجنحتَها رضًا لطالبِ العِلمِ، وإنَّ العالِمَ ليستغفرُ له من في السماواتِ ومن في الأرضِ، والحيتانُ في جوفِ الماءِ، وإنَّ فضلَ العالمِ على العابدِ كفضلِ القمرِ ليلةَ البدرِ على سائرِ الكواكبِ، وإنَّ العلماءَ ورثةُ الأنبياءِ، وإنَّ الأنبياءَ لم يُورِّثُوا دينارًا ولا درهمًا، ورَّثُوا العِلمَ فمن أخذَه أخذ بحظٍّ وافرٍ." (صحيح أبي داود للألباني).

أيها الناس إن مثل العلماء في الأرض كمثل النجوم يهتدى بها في ظلمات البر والبحر فإذا انطمست النجوم أوشك أن تضل الهداة، وإنَّ فقيها واحدًا أشدُّ على الشيطان من ألف عابد؛ وذلك لأن العابد منفعته قاصرةٌ على نفسه أما الفقيهُ فقد حفظ دينَ الله ونفع به عبادَ الله، فهو يقود الأمة إلى الخير ويهديهم إلى الصراط العزيز الحميد والشيطان يقودهم إلى الشر قال تعالى {إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ} [فاطر:6].

فدعوة الفقيه ودعوة الشيطان ضدان والشيطان والداعي إلى الخير متعاديان فلذلك كان الشيطان يفرح بموت العلماء لأنهم أعداؤه يحولون بينه وبين ما يريد.

أيها الناس إذا كان هذا فضل العلم وحال العالم أفلا يليق بنا أن نبذل الجهد لتحصيل العلم النافع بالسؤال والقراءة والبحث والتحقيق لنفوز بإرث الأنبياء الكرام وبصحبتهم في دار السلام فنعم الموروث الأنبياء ونعم الرفيق!

أيها الإخوة إذا كانت هذه منزلة العالم من أمته ودينه أفلا يجدر بنا أن ندعوا للعالم لأن فقد العالم ليس فقدا لشخصيته فحسب ولكنه فقد لجزء كبير من تراث النبوة بحسب ما قام به هذا العالم المفقود من التحقيق.

عباد الله:

إن فقد العالم لا يعوض عنه مال ولا عقار ولا متاع ولا دينار بل فقده مصيبة على الإسلام والمسلمين لا يعوض عنه إلا أن ييسر الله من يخلفه بين العالمين فيقوم بمثل ما قام به من نصرة الحق.

وإن فقد العلماء في هذا الزمان لتتضاعف به المصيبة لأن العلماء العاملين أصبحوا ندرة قليلة بين الناس وقد كثر الجهل والتشكيك والإلباس ومع هذا لن نيأس من روح الله ولن نقنط من رحمته فعن المغيرة بن شعبة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "لا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم حتى يأتي أمر الله وهم على ذلك" (صحيح البخاري) .

نسأل الله أن يرزقنا العلم النافع والعمل الصالح وأن ييسر لهذه الأمة ما يحفظ به عليها دينها إنه جواد كريم واستغفر الله لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية:

الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم، مالك يوم الدين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليماً .

أما بعد: عباد الله؛

اتقوا الله واجعلوا ما بينكم وبين عذاب الله وقاية واحرصوا على طلب العلم ممن تثقون بدينه وعلمه، فعن ابنِ مسعودٍ قال: " لا يزالُ الناسُ بخيرٍ ما أخذُوا العلمَ عن أكابرِهم فإذا أخذُوه من أصاغرِهم وشرارِهم هلَكوا" (السلسلة الصحيحة للألباني).

وكونوا دعاة صالحين مصلحين وانشروا العلم بعد التوثق من صحته ومصدره واحذروا من نشر الأحاديث الضعيفة أو الموضوعة، فإن الإسلام كامل وليس في حاجة إليها لقول الله تعالى:{الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} [المائدة:3] .

هذا، وصلوا وسلموا، رحمكم الله، على خير البرية وأزكى البشرية محمد بن عبد الله، فقد أمركم الله بالصلاة عليه فقال: {إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين ءامنوا صلوا عليه وسلموا تسليماً} [الأحزاب: 56]

اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد. اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، ودمر أعداء الدين، واجعل هذا البلد آمناً مطمئناً وسائر بلاد المسلمين اللهم انصر من نصر الدين، واخذل من خذل عبادك المؤمنين، اللهم فرج هم المهمومين، ونفس كرب المكروبين، واقض الدين عن المدينين، واشف مرضانا ومرضى المسلمين، اللهم آمنا في أوطاننا، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، واجعل ولايتنا فيمن خافك واتقاك، واتبع رضاك اللهم وفق ولي أمرنا وولي عهده لما تحبه وترضاه من الأقوال والأفعال، وأصلح لهما بطانتهما، اللهم اغفر لنا ولوالدينا ووالدي والدينا وجميع المسلمين .

عباد الله: اذكروا الله العظيم يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم،{وَأَقِمِ الصَّلَاةَ ۖ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ ۗ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ ۗ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ}[العنكبوت:45].

1440-4-25 هـ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

6 + 1 =

/500
جديد الخطب الكتابية
روابط ذات صلة
الخطب السابق
الخطب الكتابية المتشابهة الخطب التالي