الدرس 349 :موجبات الكفر

الدرس
التصنيف : تاريخ النشر: الثلاثاء 25 رجب 1439هـ | عدد الزيارات: 1479 القسم: تهذيب فتاوى اللجنة الدائمة -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين . أما بعد ؛

من يستهزئ بالدين أو بالمسلم أو المسلمة من أجل تمسكه بأحكام الشريعة الإسلامية فهو كافر لما روى عبدالله بن عمر رضي الله عنه قال قال رجل في غزوة تبوك في مجلس :ما رأيت مثل قرائنا هؤلاء أرغب بطونا ولا أكذب ألسناً ولا أجين عند اللقاء فقال رجل كذبت ولكنك منافق لأخبرن رسول الله صلى الله عليه وسلم فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم ونزل القرآن فقال عبد الله بن عمرو وأنا رأيته متعلقاً بحقب ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم تنكبه الحجارة وهو يقول يا رسول الله إنما كنا نخوض ونلعب ورسول الله يقول : (أبالله وءاياته ورسوله كنتم تستهزءون *لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم)سورة التوبة :65 ،66 فجعل استهزاءهم بالمؤمنين استهزاء بالله وآياته ورسوله فالاستهزاء بدين الله كفر مخرج من الملة ومع ذلك فإن هناك مجالاً للتوبة منه لقول الله تعالى (قل يا عبادي لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعاً إنه هو الغفور الرحيم )الزمر 53

فإذا تاب الإنسان وصدق في توبته من ذنبه ولو كان شركاً بالله وندم على ما مضى من ذنبه وأتبع ذلك عملاً صالحاً تاب الله عليه وغفر ذنبه بل يبدل الله سيئاته حسنات يقول الله تعالى في صفة عباده الصالحين (والذين لا يدعون مع الله إلهاً آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثاماً يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهاناً إلا من تاب وءامن وعمل صالحاً فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفوراً رحيماً *ومن تاب وعمل صالحاً فإنه يتوب إلى الله متاباً )الفرقان 68 ،71 .

لا يجوز لك أن تذهب بأمك إلى العمرة ولا أن تساعدها في نفقات العمرة إلا بعد أن تتوب إلى الله وتترك الشرك وذلك بذبحها للجن لأن الذبح لغير الله شرك أكبر والمشرك لا يصح منه عبادة حتى يتوب من الشرك قال تعالى (ولو أشركوا لحبط عنهم ما كانوا يعملون )الأنعام 33،وقال تعالى (إنما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام)التوبة 28 .

الأصل في المغنين أنهم مسلمون والدعاء بالمغفرة والرحمة مشروع لكل من مات على الإسلام وإذا دعت المسلم حاجة إلى السفر لبلاد الكفر فأحكام الإسلام واجبة عليه ويتأكد عليه هناك الحرص على الاعتزاز بدينه وإظهار شعائره وعدم المجاملة في ذلك وعليه أن يتم الصلاة ولا يقصر ويصوم رمضان إذا علم أن إقامته تزيد على أربعة أيام وعليه أيضاً ألا يخل بعقد دخول البلد فإن هذا من دين الله فلا يجوز له السعي في الإخلال بالأمن ولا غير ذلك مما يعتبر مخلاً بعقد دخول البلد .

لا يجوز لبس أو بيع أو استيراد الملابس الرياضية التي تحمل شعارات ترمز إلى ديانات الكفار كالصليب ونحوه وكذلك الملابس التي ترمز إلى تعظيم الكفار بوضع صور اللاعبين عليها أو كتابة أسمائهم ونحوه لأن ذلك من مظاهر موالاة الكفار والتشبه بهم وقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:من تشبه بقوم فهو منهم أخرجه أحمد.

ونصيحتنا لإخواننا تجار الملابس أن يتقوا الله ويراقبوه وأن ينصحوا لإخوانهم المسلمين فلا يبيعوا إلا ما فيه خير ونفع وإعانة على طاعة الله وبيع الملابس المخالفة للشريعة من الإعانة على معصية الله عز وجل ،قال تعالى (وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان ) المائدة :2 .

وفي بيع السلع المباحة غنية عن الحرام ومن ترك الحرام لوجه الله عوضه الله خيراً مما فقد قال تعالى (ومن يتق الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لم يحتسب )الطلاق 2،3 .

لا يجوز مصادقة غير المسلمين إذا كان يؤدي إلى الرضا عن دينهم وحبهم لأجله يقول تعالى (يا أيها الذين ءامنوا لا تتخذوا ءاباءكم وإخوانكم أولياء إن استحبوا الكفر على الإيمان ومن يتولهم منكم فأولئك هم الظالمون)سورة التوبة 23 .

أما مجرد مؤاكلة الكافر ومجالسته ومعاملته بيعاً عليه أو شراء منه ونحو ذلك من المنافع الدنيوية التي لا تعود على المسلمين بمضرة في دينهم أو دنياهم فإنها لا تحرم على المسلم بل بر الكفار والإحسان إليهم لا يعتبر معصية ما داموا لم يقاتلونا في الدين ولم يكونوا حرباً عليناً قال الله تعالى :لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين إنما ينهاكم الله عن الذين قاتلوكم في الدين وأخرجوكم من دياركم وظاهروا على إخراجكم أن تولوهم ومن يتولهم فأولئك هم الظالمون الممتحنة 9،8.

وقد بايع النبي صلى الله عليه وسلم اليهود وتبادل معهم المنافع وعاملهم بعد غزوة خيبر أن يزرعوا أرضها بشطر ما يخرج منها وأكل من ذراع شاة قدمتها له ولأصحابه يهودية ووضعت له سماً في ذراعها لتضر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم وقبل الهدية من عظيم الروم بعد غزوة تبوك وكافأه عليها ،وقد كان عنده خادم كافر وعرض عليه الإسلام فأسلم وكان يختلط بالكفار ليبلغهم دعوة الله ويناقشهم ويجيب على أسئلتهم إلى غير ذلك من المعاملات والمخالطات التي لا تمس كيان الإسلام ولا تضر بالمسلمين في دنياهم وإنما تبلغ بها الدعوة الإسلامية وتقوم بها الحجة أو ينتفع بها المسلمون في دنياهم ويعود عليهم منها مصلحة.

لا يجوز أن يقال الرأي لله ثم لفلان لأن الرأي يقال في حق من لا يعلم الوجه الصحيح في الأمور المشكلة والله سبحانه وتعالى يعلم كل شيء وأيضاً لا يسند إلى الله شيء إلا بدليل يدل على صحة ذلك

اشتمل السؤال على الفاظ جائزة وأخرى فيها تفصيل وهي كالآتي ؛

أولاً الفاظ جائزة منها (إذا طلع سُهيل لا تأمن السيل) فإن هذا يقصد به احتمال الوقوع واحتمال نزول الأمطار وأخذ الحيطة لذلك .

ثانياً ألفاظ محرمة من قولهم (أنا داخل على الله ووالديك) أو (أنا داخل على الله وعلى والديك)حيث لا يجوز أن يعطف فيها بالواو والدخول بمعنى الاستجارة ولا يجوز أن يقال (استجير بالله وبفلان).

أما حكم اللفظة وهي (بالعون) فإنها حلف بغير الله فلا تجوز ،وقول الرجل لآخر (قبح الله وجهه) فلا يجوز حيث نهى عن ذلك النبي صلى الله عليه وسلم صريحاً في حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (لا تقولوا قبح الله وجهه )رواه البخاري في الأدب المفرد .

أما لفظ (الله بالخير) فهو كلام فاسد لا يجوز أن يجعل بدلاً من السلام المشروع .

وقول أسألك بوجه الله و(وجه الله عليك)فالمقصود بقول وجه الله عليك بمعنى جعلت الله بيني وبينك فإن كنت تعظم وجه الله فاقبل أو استجب لما قلته لك أولما طلبته منك لأن وجه الله عظيم فكأنه سؤال بوجه الله فلا يجوز ذلك لقوله صلى الله عليه وسلم (لا يسأل بوجه الله إلا الجنة ).

أما قولهم (وجه الله عليك) فلا يجوز لأحد من أن يستشفع بالله على أحد من الخلق فإن الله أعظم وأجل من أن يستشفع به إلى خلقه وذلك لأن مرتبة المشفوع إليه أعلى من مرتبة الشافع فكيف يصح أن يجعل الله تعالى شافعاً عند أحد وقول بعض الناس (الله يظلمك) فإن هذا حرام لأن الظلم محال على الله لا تجوز نسبته إليه كما قال تعالى (ولا يظلم ربك أحدا) الكهف:19 .

وقول العامة(الله يسأل عن حالك) فلا يجوز لما فيها من إيهام حاجة الله إلى الغير وقصور علمه من الإحاطة بكل شيء .

وقول العامة من الناس (فلان ما يستاهل هذا) فلا يجوز لما فيه من الإعتراض على القدر ،وقول العامة (محمد شفعك) مقصود العامة في ذلك هو تعظيم لشخص النبي صلى الله عليه وسلم والتوسل به والإستشفاع بالنبي صلى الله عليه وسلم بعد موته لا يجوز ولم يذكر ذلك أحد من صحابته ولا من سلف الأمة الصالح الذين ينقل علمهم ويقتدى بهم.

وبالله التوفيق .

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

1439/7/24 هــ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

6 + 4 =

/500
جديد الدروس الكتابية
الدرس 128 الجزء الثالث ‌‌ تحريم الأغاني  - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 127 الجزء الثالث ‌‌مضاعفة الحسنات ومضاعفة السيئات  - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 126 ‌‌بيان حرمة مكة ومكانة البيت العتيق - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 125 ‌‌حكم إعفاء اللحية - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 124 الجزء الثالث ‌‌أهمية الغطاء على وجه المرأة - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 123 الجزء الثالث ‌‌حكم قيادة المرأة للسيارة - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
روابط ذات صلة
الدرس السابق
الدروس الكتابية المتشابهة الدرس التالي