كمال الإسلام

الخطب
التصنيف : تاريخ النشر: الإثنين 5 محرم 1439هـ | عدد الزيارات: 1431 القسم: خطب الجمعة

الحمد لله رب العالمين، أحمده تعالى وأسأله أن يجعلنا من الراشدين الشاكرين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له القائل (اليوم أكملت لكم دينكم) المائدة: 3، وأشهد أن نبينا محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه إلى يوم الدين

أما بعد، عباد الله

أوصيكم بتقوى الله، ثم اعلموا أن الإسلام كالبناء الشامخ العظيم، له أسس وأصول يقوم عليها، وله شعائر وعلامات كمنار الطريق تدل على صدق معتنقيه، وأهم أسسه التي يقوم عليها أركانه الخمسة فعن أبي عبد الرحمن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول (بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وحج البيت، وصوم رمضان) رواه البخاري ومسلم

والإسلام: هو توحيد الله سبحانه وتعالى في ربوبيته وألوهيته، وأسمائه وصفاته

استسلام لأمر الله تعالى وخضوع لقضائه وقدره وتوكل عليه، والتجاء إليه في الضراء والسراء، والمنشط والمكره

عباد الله

إن كمال الإسلام أن تستسلم النفس لداعي الحق إذا دعاها لواجبها الذي خلقت له (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون) الذاريات: 56

فلا ترى المسلم إلا مقيماً للصلاة في جماعة، بخشوع لله عز وجل، مؤدياً زكاة ماله بطيب نفس، صائماً شهر رمضان بطوع ورضا، مؤدياً فريضة الحج بمال حلال، وصدر رحب، ونفس طائعة، منقادة لله تعالى، محتسباً أجر ذلك عند الله عز وجل، مؤمناً بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، وبالقدر خيره وشره، راضياً بما جاءت به الشريعة المطهرة من الأمر والنهي، لا يجد في نفسه ميلاً يستحسن خلاف ما جاء به الإسلام، لأن الدين الإسلامي دين الفطرة الذي ارتضاه الله عز وجل لعباده (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا) المائدة: 3

بهذا الدين العظيم أنقذ الله تعالى البشرية من ظلمات الجهل إلى نور العلم، ومن مهاوي الرذيلة إلى مشارف الفضيلة، ومن الذل إلى العزة والكرامة، وساوى بين المسلمين في الحقوق، وأبطل الفوارق والعصبيات للجنس واللون فالناس من آدم، وآدم من تراب، وفاضل بين الناس بالتقوى والعمل، يقول الرسول صلى الله عليه وسلم (إن أكرمكم عند الله أتقاكم، لا فضل لعربي على أعجمي، ولا لأبيض على أسود إلا بالتقوى) رواه الإمام أحمد، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة

لذا على المسلم أن يفخر بهذا الدين العظيم، وأن يعتز بتشريعاته السامية، فهو دين الحق الذي كتب الله تعالى له العلو والظهور، قال الله عز وجل (هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون) الصف: 9

عباد الله

تمسكوا بدينكم واتبعوه لتفلحوا، وتسعدوا في الدنيا والآخرة، وتفوزوا بجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين، وسيروا على النهج القويم الذي سار عليه رسول الهدى محمد صلى الله عليه وسلم، لتهنأوا في الدارين بحياة لا شقاء فيها، قال الله تعالى في محكم كتابه (من عمل صالحاً من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون) النحل: 97

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، واستغفروا الله العظيم الجليل لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم

الخطبة الثانية

الحمد لله عظيم الإحسان، واسع الفضل والجود والامتنان، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله وسلم عليه وعلى آله وصحبه أجمعين

أما بعد، عباد الله

إن التدين يقتضي منا الرجوع إلى أخلاق الإسلام، والتزين بزينة الإسلام، والتحلي بآداب الإسلام، فهل ساد المسلمون في عهودهم الزاهرة إلا بالاعتصام بدينهم، والعمل بشريعتهم، يوم أن كانت أخلاق المسلمين مضرب الأمثال عند الأمم؟

وقد ذكر السفاريني جماع التحلي بجمال أخلاق الإسلام التي بها تميز المسلمون فقال: "حسن الخلق: القيام بحقوق المسلمين، وهي كثيرة، منها: أن يحب لهم ما يحب لنفسه، وأن يتواضع لهم، ولا يفخر عليهم، ولا يختال، فإن الله لا يحب كل مختال فخور، ولا يتكبر ولا يعجب، فإن ذلك من عظائم الأمور.. وأن يوقر الشيخ الكبير، ويرحم الطفل الصغير، ويعرف لكل ذي حق حقه، مع طلاقة الوجه، وحسن التلقي، ودوام البشر، ولين الجانب، وحسن المصاحبة، وسهولة الكلمة، مع إصلاح ذات بين إخوانه، وتفقد أقرانه وإخوانه، وأن لا يَسمع كلام الناس بعضِهم في بعض، وأن يبذل معروفه لهم لوجه الله، لا لأجل غرض، مع ستر عوراتهم، وإقالة عثراتهم، وإجابة دعواتهم وأن يحلم عن من جهل عليه، ويعفو عن من ظَلَمه

هذا كمال الإسلام، لا إفراط، ولا تفريط، إنما هو الوسط العدل (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا)البقرة:143

قال الحسن البصري رحمه الله: معالي الأخلاق للمؤمن: قوة في لين، وحزم في دين، وإيمان في يقين

هذا وصلوا وسلموا رحمكم الله على خير البرية محمد بن عبد الله، صاحب الحوض والشفاعة، فقد أمركم الله بذلك في قوله (إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً) الأحزاب:56، وقال صلوات الله وسلامه عليه في الحديث الصحيح (من صلى عليَّ صلاةً واحدة صلى الله عليه بها عشراً) رواه مسلم. اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميدٌ مجيد، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم في العالمين إنك حميدٌ مجيد

اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، ودمر أعداء الدين، واجعل هذا البلد آمناً مطمئناً وسائر بلاد المسلمين

اللهم انصر من نصر الدين، واخذل من خذل عبادك المؤمنين، اللهم فرج هم المهمومين من المسلمين، ونفس كرب المكروبين، واقض الدين عن المدينين، واشفِ مرضانا ومرضى المسلمين، برحمتك يا أرحم الرحمين

اللهم آمنا في أوطاننا، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، واجعل ولايتنا في من خافك واتقاك، واتبع رضاك يا رب العالمين، اللهم وفق ولي أمرنا لما تحبه وترضاه من الأقوال والأفعال يا حي يا قيوم، اللهم أصلح له بطانته يا ذا الجلال والإكرام، اللهم ما سألناك من الخير فأعطنا، وما لم نسألك فابتدئنا، وما قصرت عنه آمالنا من الخيرات فبلغنا

عباد الله: اذكروا الله العظيم يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم، ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون.العنكبوت:45.

1439-01-05 هـ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

9 + 9 =

/500
جديد الخطب الكتابية
روابط ذات صلة
الخطب السابق
الخطب الكتابية المتشابهة الخطب التالي