الدرس 273: أحكام الحامل

الدرس
التصنيف : تاريخ النشر: الأربعاء 21 جمادى الآخرة 1437هـ | عدد الزيارات: 1682 القسم: تهذيب فتاوى اللجنة الدائمة -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

اختلف الفقهاء في الحامل هل تحيض وهي حامل أو لا، والصحيح من القولين أنها لا تحيض أيام حملها، وذلك أن الله سبحانه جعل من أنواع عدة المطلقة أن تحيض ثلاث حيض ليتبين بذلك براءة رحمها من الحمل، ولو كانت الحامل تحيض ما صح أن يجعل الحيض عدة لإثبات براءة الرحم

والدم الذي يخرج من المرأة الحامل دم فساد لا حيض، وعليها أن تتوضأ بعد دخول الوقت لكل صلاة وتصلي وتحل لزوجها وتصوم ولا قضاء عليها

ومن رحمة الله سبحانه للمرأة ولطفه بها لما كانت الصلاة تتكرر كل يوم وليلة خمس مرات، ويتكرر الحيض كل شهر غالبا أسقط الله عنها وجوب الصلاة وقضاءها لما في قضائها من المشقة العظيمة، أما الصوم فلما كان لا يتكرر إلا في السنة مرة أسقط الله عنها الصوم في حال الحيض رحمة بها وأمرها بقضائه بعد ذلك تحقيقا للمصلحة الشرعية في ذلك

ويحرم على الزوج أن يجامع زوجته في فرجها وهي حائض وله أن يباشرها فيما عداه وإذا كان محرما بحج أو عمرة فإنه يحرم أن يجامعها وهو محرم بحج أو عمرة حتى يتحلل من حجه برمي جمرة العقبة يوم العيد وبطواف الإفاضة وسعيه بين الصفا والمروة والحلق أو التقصير، ويتحلل من عمرته بعد طوافها وسعيها والحلق أو التقصير

ولا يجوز للحائض دخول المسجد إلا مرورا إذا احتاجت إلى ذلك كالجنب لقوله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا) النساء آية: 43

وطء الحائض في الفرج حرام لقوله تعالى (وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ) سورة البقرة آية: 222، ومن فعل ذلك فعليه أن يستغفر الله ويتوب إليه وعليه أن يتصدق بدينار أو نصفه كفارة لما حصل منه كما رواه أحمد وأصحاب السنن بإسناد جيد عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (فيمن يأتي امرأته وهي حائض يتصدق بدينار أو نصف دينار). فأيهما أخرجت أجزأك ومقدار الدينار أربعة أسهم من سبعة أسهم من الجنيه السعودي، فإذا كان صرف الجنيه السعودي مثلا سبعين ريالا فعليك أن تخرج عشرين ريالا أو أربعين ريالا تتصدق بها على بعض الفقراء

علما بان سعر الجنيه السعودي يرتفع وينخفض، وسعره لهذا اليوم الجمعة 23/6/ 1437 هو 1243 ريال

ولا يجوز أن يطأها بعد الطهر أي انقطاع الدم قبل أن تغتسل لقوله تعالى (وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ) (البقرة 222)فلم يأذن سبحانه في وطء الحائض حتى ينقطع دم حيضها وتتطهر أي تغتسل، ومن وطئها قبل الغسل أثم وعليه الكفارة

إذا خرج من المرأة دم في نهار رمضان وليس دم حيض ولا نفاس وجب عليها الصوم والصلاة، وتتوضأ لكل صلاة ولا تقضي الصيام ولا الصلاة

وإذا كانت المدة طويلة والدم يستمر في النزول فهذه المدة الطويلة ليس حيضاً وإنما ذلك استحاضة فعليها أن تجلس من كل شهر أيام عادتها السابقة في وقتها المعتاد ثم تغتسل وتصلي وتتوضأ لكل صلاة ولا مانع من استعمالها حبوب منع نزول الدم حسب طاقتها

كثرة خروج قطرات البول في الصلاة وفي غير الصلاة لا يبطل الصلاة وعليه أن يضع ما يمنع وصول قطرات البول إلى البدن أو الثوب أو البقعة، وهذه القطرات نجسة ويعفى عنها لما في إزالتها من المشقة والحرج وقد قال تعالى (لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا) [البقرة آية: 286]، وقال (وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ)[الحج 78] ولقوله صلى الله عليه وسلم (إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم) وعليه بمراجعة المختصين من الأطباء، والوضوء لكل صلاة ويصلي بذلك الفرائض والنوافل مع الحذر من الوساوس

إذا عرف أن السلس ينتهي فلا يجوز له أن يصلي وهو معه طلبا لفضل الجماعة، وعليه أن ينتظر حتى ينتهي ويستنجئ بعده ويتوضأ ويصلي صلاته ولو فاتته الجماعة وعليه أن يبادر بالاستنجاء والوضوء بعد دخول الوقت، رجاء أن يتمكن من صلاة الجماعة

الأصل أن خروج الريح ينقض الوضوء، لكن إذا كان يخرج من شخص باستمرار وجب عليه أن يتوضأ لكل صلاة عند إرادة الصلاة وإذا خرج وهو في الصلاة لا يبطلها

أكثر مدة النفاس في قول أكثر أهل العلم أربعون يوما بلياليها لما رواه أبو داود والترمذي عن أم سلمة رضي الله عنها قالت (كانت النفساء تجلس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعين يوما وأربعين ليلة). وروى الدارقطني عن أم سلمة أنها (سألت النبي صلى الله عليه وسلم كم تجلس المرأة إذا ولدت قال: أربعين يوما إلا أن ترى الطهر قبل ذلك). وقال أبو عيسى الترمذي: أجمع أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ومن بعدهم على أن النفساء تدع الصلاة أربعين يوما إلا أن ترى الطهر قبل ذلك فتغتسل وتصلي

وحكم جماع النفساء والدم نازل حرام كجماع الحائض، ونفس أحكامه

لا يكون ما تراه من الدم بعد الأربعين نفاسا بل دم استحاضة فتغتسل بعد الأربعين وتصلي وتصوم وتتوضأ لكل صلاة وتضع خرقة أو نحوها على فرجها لتمنع نزول الدم، ولا يجب عليها أن تقضي ما فاتها من الصلاة أثناء حيضها أو أثناء نفاسها، وإنما يجب عليها أن تقضي الصيام الذي فاتها من رمضان بسبب الحيض أو النفاس إلا إذا صادف الدم الخارج منها بعد الأربعين وقت العادة فإنها لا تصوم ولا تصلي

وإسقاطها الحمل في الشهر الثالث من حملها لا يعتبر دم نفاس؛ لأن ما نزل منها من الحمل إنما هو علقة لا يتبين فيها خلق آدمي وعلى ذلك يصح صومها وتصح صلاتها وهي ترى الدم في الفرج ما دامت تتوضأ لكل صلاة

إذا أسقطت المرأة علقة أو مضغة لم يظهر فيها خلق الإنسان فلا نفاس عليها، وما خرج منها من الدم قبل الإسقاط وبعده يعتبر دم فساد تصوم وتصلي مع وجوده، أما إن سقط منها ما تبين فيه خلق إنسان فحكمها حكم النفساء تدع الصلاة والصيام ويجتنبها زوجها حتى تطهر أو تكمل أربعين يوما

من تلد بالعملية حكمها حكم النفساء إن رأت دما جلست حتى تطهر، وإلا تصوم وتصلي

يجوز للرجل أن يباشر زوجته وهي في النفاس دون الفرج، لكن السنة أن يأمرها أن تتزر لما روت عائشة رضي الله عنها قالت (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرني فأتزر فيباشرني وأنا حائض) متفق على صحته

إذا أسقطت المرأة وكان الجنين قد تخلق، بأن ظهرت فيه أعضاؤه من يد أو رجل أو رأس حرم عليه جماعها ما دام الدم نازلا إلى أربعين يوما، ويجوز أن يجامعها في فترات انقطاعه أثناء الأربعين بعد أن تغتسل، أما إذا كان لم تظهر أعضاؤه في خلقه فيجوز له أن يجامعها ولو حين نزوله؛ لأنه لا يعتبر دم نفاس، وإنما هو دم فساد تصلي معه وتصوم ويحل جماعها وتتوضأ لكل صلاة

إذا رأت النفساء بعد طهرها أي بعد أربعين يوماً دماً فإن لم يوافق عادة الحيض فإنها لا تترك الصلاة لأن هذا الدم دم فساد

التشهد الأول في الصلاة واجب من واجباتها في أصح قولي العلماء؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يفعله ويقول (صلوا كما رأيتموني أصلي) ولما تركه سهوًا سجد للسهو، ومن تركه عمدًا بطلت صلاته، ومن تركه نسيانًا جبره بسجود السهو قبل السلام من الصلاة

صفة التشهد الذي كان يقوله رسول الله صلى الله عليه وسلم في صلاته ويأمر أصحابه بها هي ما أخرجه الشيخان في الصحيحين عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال (علمني رسول الله صلى الله عليه وسلم التشهد كفي بين كفيه كما يعلمني السورة من القرآن التحيات لله والصلوات والطيبات السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ) وهذا هو الأصح لأن النبي صلى الله عليه وسلم علمه أصحابه

الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم واجبة عقب التشهد في الركعة الأخيرة من كل صلاة، أما الركعة الثانية من الصلاة الثلاثية أو الرباعية فيسن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بعد الشهادتين لعموم الأحاديث الآمرة بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم

صفة الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في الصحيحين عن كعب بن عُجرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم لما سألوه عن كيفية الصلاة عليه قال: قولوا اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد

وبالله التوفيق

وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

1437/6/21 هـ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

8 + 3 =

/500
جديد الدروس الكتابية
الدرس 140 الجزء الرابع ‌‌أهمية العلم في محاربة الأفكار الهدامة. - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 139 الجزء الرابع  الحاجة للقضاء الشرعي - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 138 الجزء الرابع  أخلاق المؤمنين والمؤمنات - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 137 الجزء الرابع هذا هو طريق الرسل وأتباعهم  . - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 136 الجزء الرابع توضيح معنى الشرك بالله - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 135 الجزء الرابع  بيان معنى كلمة لا إله إلا الله (3) - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
روابط ذات صلة