الدرس 268: صبغ الشعر

الدرس
التصنيف : تاريخ النشر: الثلاثاء 8 جمادى الأولى 1437هـ | عدد الزيارات: 1669 القسم: تهذيب فتاوى اللجنة الدائمة -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

تغيير الشيب بصبغ شعر الرأس واللحية بالحناء والكتم ونحوهما جائز بل مستحب وتغييره بالصبغ الأسود لا يجوز وقد ورد بهذا الأحاديث الصحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم فعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال (جيء بأبي قحافة يوم الفتح إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وكأن رأسه ثغامة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اذهبوا به إلى بعض نسائه فليغيرنه بشيء وجنبوه السواد) رواه مسلم

وقال صلى الله عليه وسلم (إن أحسن ما غيرتم به هذا الشيب الحناء والكتم) رواه أحمد

وحلق اللحية أشد منعا من صبغها بالسواد

وروى أحمد عن ابن عباس رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (يكون قوم يخضبون في آخر الزمان بالسواد كحواصل الحمام لا يريحون رائحة الجنة) رواه أحمد وأبو داود، لكن يستحب تغيير الشيب بغير السواد لحديث جابر المذكور

إذ يشرع صبغ الشعر بالحناء ونحوه مما يكسب الشعر حمرة أو صفرة لما ورد (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصبغ بالصفرة) رواه أبو داود والنسائي، ولما روى مسلم أن أبا بكر اختضب بالحناء والكتم وأن عمر اختضب بالحناء، رواه البخاري ومسلم ولقوله صلى الله عليه وسلم (إن أحسن ما غيرتم به هذا الشيب الحناء والكتم) رواه الإمام أحمد وأبو داود والنسائي والترمذي وصححه ولقوله صلى الله عليه وسلم (إن اليهود والنصارى لا يصبغون فخالفوهم) رواه البخاري ومسلم

التغيير بالسواد الخالص لا يجوز للرجال والنساء

يجوز حلق الإبط؛ لأن المطلوب إزالة الشعر من الإبطين بنتف أو حلق أو غيرهما؛ ولكن النتف أفضل إذا تيسر ذلك لقول النبي صلى الله عليه وسلم (الفطرة خمس الختان وقص الشارب وقلم الظفر ونتف الإبط وحلق العانة) متفق عليه

يجوز إزالة شعر العانة أو الإبط بمزيل الشعر

ويشرع تقليم الأظافر؛ لأن إزالتها من خصال الفطرة ولا حرج في رميها وأما ما قيل إن رميها حرام وأنها ستلتقط بأشعار العين يوم القيامة فغير صحيح، ولا نعلم لذلك أصلا

وروى أبو داود عن عبد الله بن عمر رضي الله عنه (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن القزع وقال: احلقه كله أو دعه كله) رواه البخاري ومسلم، قال في شرح الإقناع: فيدخل في القزع حلق مواضع من جوانب الرأس أو أن يحلق وسطه ويترك جوانبه كما تفعله عامة النصارى، أو حلق جوانبه وترك وسطه كما يفعله كثير من السفهاء، وأن يحلق مقدمه ويترك مؤخره، وسئل أحمد عن حلق القفا فقال: (هو من فعل المجوس ومن تشبه بقوم فهو منهم) وبهذا يعلم أنه لا يجوز ترك بعض شعر الرأس أطول من بعض، ولا يجوز للمرأة أن تحلق إلا للضرورة لما روى الترمذي والنسائي عن علي رضي الله عنه ( أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن تحلق المرأة رأسها) وقال الحسن (هي مثلة) أما قص شعر الحواجب أو تحديده بقص جوانبه أو حلقه أو نتفه للزينة كما يفعله بعض النساء اليوم فحرام لما فيه من تغيير خلق الله ومتابعة الشيطان في تغريره بالإنسان وأمره بتغيير خلق الله قال تعالى ( إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا * إِنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا إِنَاثًا وَإِنْ يَدْعُونَ إِلَّا شَيْطَانًا مَرِيدًا * لَعَنَهُ اللَّهُ وَقَالَ لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا * وَلَأُضِلَّنَّهُمْ وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الْأَنْعَامِ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ وَمَنْ يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُبِينًا) سورة النساء 116-119، وفي الصحيح عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال ( لعن الله الواشمات والمستوشمات والنامصات والمتنمصات والمتفلجات المغيرات لخلق الله ثم قال: ألا ألعن من لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في كتاب الله عز وجل يعني قوله تعالى (وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا) سورة الحشر7، رواه البخاري ومسلم

أما قص الشعر للنساء من فوق الجبهة فإذا كان الغرض من القصة التشبه بنساء الكافرين والملحدين فهي حرام؛ لأن التشبه بغير المسلمين حرام لقوله صلى الله عليه وسلم (من تشبه بقوم فهو منهم) وأما إذا لم يكن القصد منها التشبه وإنما هي عادة من العادات المستحدثة بين النساء فإذا كان فيها ما يعتبر زينة يمكن أن تتزين بها لزوجها وتظهر بها أمام أترابها في مظهر يرفع من قدرها عندهن فلا يظهر لنا بأس بها

ويجوز للنساء أن يقصرن شعورهن بقدر ما تدعو إليه الحاجة فقط. أما تقصيره للتشبه بالكافرات فلا يجوز لقول النبي صلى الله عليه وسلم: من تشبه بقوم فهو منهم

جمع المرأة شعرها في أعلى رأسها لا يجوز لتحذير النبي صلى الله عليه وسلم من ذلك في قوله (صنفان من أهل النار لم أرهما بعد قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس، ونساء كاسيات عاريات مائلات مميلات على رؤسهن مثل أسنمة البخت المائلة لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها وإن ريحها ليوجد من كذا وكذا) رواه مسلم

وكذا جمع المرأة شعرها أو لفه حول رأسها حتى يصير كعمامة الرجل لا يجوز لما فيه من التشبه بالرجال، وأما جمعه وجعله قرنا واحدا أو أكثر وسدله على الظهر مضفورا وغير مضفور فلا حرج فيه ما دام مستورا عمن لا يحل لهم

واكتحال الرجل يجوز لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يفعل ذلك عند النوم

وينبغي لكل من الزوجين أن يتجمل للآخر بما يحببه إليه ويقوي العلاقة بينهما لكن في حدود ما أباحته شريعة الإسلام دون ما حرمته ولبس ما يسمى بالباروكة بدأ في غير المسلمين واشتهرن بلبسه والتزين به حتى صار من سمتهن، فلبس المرأة إياها وتزينها بها ولو لزوجها فيه تشبه بالكافرات، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك بقوله (من تشبه بقوم فهو منهم) لأنه في حكم وصل الشعر بل أشد منه وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك ولعن فاعله

فلا يجوز للرجل أن يلبس الشعر المسمى بالباروكة للزينة كما لا يجوز ذلك للمرأة

يجوز للمرأة إزالة شعر جسمها عدا شعر الحاجب والرأس فلا يجوز لها أن تزيلهما ولا شيئا من الحاجبين بحلق ولا غيره وتتولى ذلك بنفسها أو زوجها أو أحد محارمها فيما يجوز أن يطلع عليه من جسمها أو امرأة فيما يجوز لها أن تطلع عليه من جسمها أيضاً

النمص: هو الأخذ من شعر الحاجبين وهو لا يجوز؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لعن النامصة والمتنمصة فلا يجوز حلق الحواجب ولا تخفيفها؛ لأن ذلك هو النمص الذي لعن النبي صلى الله عليه وسلم من فعلته أو طلبت فعله

يجوز نتف الشعر بين الحاجبين لأنه ليس من الحاجبين، ويجوز أخذ الشعر الذي على الصدر بما يزيله ولا يكون فيه ضرر على البدن

يحرم الوشم في جميع البدن سواء كان وشما كاملا أم غير كامل والواجب إزالته إن لم يحصل ضرر مع التوبة والاستغفار مما حصل منها في سالف الدهر

فيحرم الوشم في الجسم لما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه (لعن الواصلة والمستوصلة والواشمة والمستوشمة) والوشم يكون في الخد والشفة وغيرهما من الجسم بأن يغير لونها بزرقة أو خضرة أو سواد، ولا يمنع الوشم من أداء الحج

حديث (تبلغ الحلية من أمتي حيث بلغه الوضوء ومن استطاع منكم أن يطيله فليفعل) هذا الحديث موافق لما جاء في آية (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ) لأن فيه إيضاحا لها وحثا على إكمال الوضوء وأحكامه، أما قوله في الحديث (فمن استطاع أن يطيل غرته فليفعل) رواه البخاري ومسلم، وفي رواية (وتحجيله) فالراجح أنه مدرج في الحديث من كلام أبي هريرة رضي الله عنه

وغسل اليدين إلى الإبطين في الوضوء غلو في الدين وكذلك غسل الرجلين في الوضوء إلى الركبتين، والمشروع غسل اليدين مع المرفقين والرجلين مع الكعبين

يتوضأ المسلم حسبما يتيسر له قاعدا أو قائما وله أن يشرب قائما وقاعدا والأفضل أن يشرب قاعدا وهكذا له البول قائما إذا دعت الحاجة إليه ولم ير عورته أحد ولم يخش من عود رشاش البول عليه، والبول جالس أفضل؛ لأنه هو الغالب من فعل النبي صلى الله عليه وسلم

يشرع في الوضوء قبله البسملة وتكفي النية في القلب ولا يجوز التلفظ بها؛ لأن ذاك من البدع ولم يثبت قراءة سورة (إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ ۝١) [سورة القدر1] بعد الوضوء فيما نعلم وإنما المشروع بعد الوضوء قول: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين

وبالله التوفيق

وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .

1437/5/7 هـ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

1 + 4 =

/500
جديد الدروس الكتابية
الدرس 132 الجزء الثالث : شروط قبول الدعاء - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 131 الجزء الثالث ‌‌وجوب النهي عن المنكر على الجميع - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 130 الجزء الثالث ‌‌طائفة الصوفية المتسولة: - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 129 الجزء الثالث الغزو الفكري . - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 128 الجزء الثالث ‌‌ تحريم الأغاني  - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 127 الجزء الثالث ‌‌مضاعفة الحسنات ومضاعفة السيئات  - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
روابط ذات صلة