الدرس 244: مسائل في العقيدة

الدرس
التصنيف : تاريخ النشر: الإثنين 7 شعبان 1436هـ | عدد الزيارات: 1981 القسم: تهذيب فتاوى اللجنة الدائمة -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد

لا يجوز بداءة الكافر بالسلام، لما ثبت من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "لا تبدأوا اليهود والنصارى بالسلام، فإذا لقيتم أحدهم في طريق فاضطروه إلى أضيقه" رواه مسلم وفي حديث أنس رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "إذا سلم عليكم أهل الكتاب فقولوا وعليكم" رواه البخاري ومسلم

فيرد عليهم بما دل عليه الحديث وهو أن يقال "وعليكم" ولا بأس أن يقول للكافر ابتداء كيف حالك، كيف أصبحت، كيف أمسيت، ونحو ذلك إذا دعت الحاجة إلى ذلك، صرح بذلك جمع من أهل العلم منهم أبو العباس شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله

ولا يجوز تهنئة النصارى بأعيادهم؛ لأن في ذلك تعاونا على الإثم وقد نهينا عنه قال تعالى "وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ" (المائدة 2)، كما أن فيه توددا إليهم وطلبا لمحبتهم وإشعارا بالرضى عنهم وعن شعائرهم وهذا لا يجوز، بل الواجب إظهار العداوة لهم وتبيين بغضهم؛ لأنهم يحادون الله جل وعلا ويشركون معه غيره ويجعلون له صاحبة وولدا قال تعالى "لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ " الآية (المجادلة 22)

يكون الإنسان يهودياً أو نصرنياً باعتقاد عقائدهما والعمل بمقتضاها

وصنع الصليب حرام، سواء كان مجسما أم نقشا أم رسما أو غير ذلك على جدار أو فرش أو غير ذلك، ولا يجوز إدخاله مسجدا ولا بيوتا ولا دور تعليم من مدارس ومعاهد ونحو ذلك ولا يجوز تركه بل يجب القضاء عليه وإزالته بما يذهب بمعالمه من كسر ومحو وطمس وغير ذلك ولا يجوز بيعه ولا الصلاة عليه

إذا مات الإنسان ودفن جاءه ملكان وسألاه عن ربه ودينه ونبيه بلغة يفهمها، فالمؤمن يسدد في الجواب دون الكافر، ولو تعدد الأموات واتحد الوقت ولا غرابة، فالملائكة لهم شأن غير شأن البشر

إن وضع النبي صلى الله عليه وسلم الجريدة على القبرين ورجاءه تخفيف العذاب عمن وضعت على قبرهما واقعة عين لا عموم لها في شخصين أطلعه الله على تعذيبهما، وأن ذلك خاص برسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنه لم يكن منه سنة مطردة في قبور المسلمين وإنما كان مرتين أو ثلاثا على تقدير تعدد الواقعة لا أكثر، ولم يعرف ذلك عن أحد من الصحابة وهم أحرص المسلمين على الاقتداء به صلى الله عليه وسلم، وأحرصهم على نفع المسلمين، إلا ما روي عن بريدة الأسلمي أنه أوصى أن يجعل في قبره جريدتان، ولا نعلم أن أحدا من الصحابة رضي الله عنهم وافق بريدة على ذلك

قلت: لقد شيعت جنازة في أحد الدول وقدموني للصلاة عليها وبعد دفنها بين النخيل قام أحدهم بشق جريدة نصفين ووضعهما على قبره فأنكرت عليه ذلك وأوصيتهم بتخصيص مقبرة لموتاهم

س: هل صح حديث أن أهل البرزخ يرى بعضهم بعضا أم لا، ويتحدث بعضهم مع البعض ؟

ج: لا نعلم عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذه المسألة حديثا يعتمد عليه

ويعيد الله سبحانه خلق الناس يوم القيامة من عجب الذنب فينبتون منه سويا كما ينبت الزرع من الحب، والنخل من النوى، ثم يخرجون من قبورهم حفاة عراة غرلا، سراعا، كأنهم جراد منتشر أو فراش مبثوث لا يضلون طريق الموقف، بل هم أهدى إليه من القطا، كأنهم إلى نصب يوفضون، وأول من تنشق عنه الأرض نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وهو أول من يفيق من الصعق، أما أول من يكسى بعد البعث فخليل الرحمن عليه الصلاة والسلام

تحديد مدة ما بين النفختين من الأمور الغيبية التي لا تدرك بالعقل والاجتهاد، بل بالسمع عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يثبت في تحديدها عنه حديث صحيح، وإنما ثبت فيها ما رواه البخاري وغيره عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال "ما بين النفختين أربعون قالوا يا أبا هريرة ، أربعون يوما، قال أبيت، قالوا أربعون سنة، قال أبيت قالوا أربعون شهرا، قال أبيت ويبلى كل شيء من الإنسان إلا عجب الذنب منه يركب الخلق" فلم يزد على أن قال: أربعون، ولم يبين هل هي سنون أو شهور أو أيام وأما من لا يموتون بين النفختين فالله أعلم بهم سبحانه

قلت: والله إني لأعجب لمن يقولون بين النفختين أربعين سنة بدون دليلة شرعي

إذا عبر المؤمنون عامة على الصراط أوقف منهم من كان عليه مظالم للمؤمنين بمكان بين الجنة والنار ومنعوا من دخول الجنة حتى يقضى للمظلوم ممن ظلمه فيؤخذ من حسنات الظالم ويعطى المظلوم، حتى إذا نقوا وطهروا أذن لهم بدخول الجنة، أما من لا مظلمة عليه لأحد فإن ظاهر هذا الحديث وغيره من الأحاديث الدالة على أن بعض المؤمنين يدخلون الجنة بلا حساب ولا عذاب فإنه لا يوقف

فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "إذا خلص المؤمنون من النار حبسوا بقنطرة بين الجنة والنار فيتقاضون مظالم كانت بينهم في الدنيا، وإذا نقوا وهذبوا أذن لهم بدخول الجنة ........" إلى آخر الحديث رواه البخاري

الأصم الأخرس يحاسب؛ لأنه مكلف بقدر ما أوتي من قوة الإدراك بالحواس الأخرى، وما أوتي من قوة الإدراك العقلي، ولا غرابة في ذلك فقد أنشئ في العصر الحاضر مدارس لتعليم الصم والبكم للنهوض بهما في التعليم

شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم ستة أنواع ذكرها الشيخ عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ رحمه الله

الأولى: الشفاعة الكبرى التي يتأخر عنها أولوا العزم عليهم الصلاة والسلام حتى تنتهي إليه صلى الله عليه وسلم فيقول "أنا لها" وهذه لا يشركه فيها أحد

الثانية: شفاعته لأهل الجنة في دخولها، وقد ذكرها أبوهريرة في حديثه الطويل المتفق عليه

الثالثة: شفاعته لقوم من العصاة من أمته قد استوجبوا النار بذنوبهم فيشفع لهم ألا يدخلوها

الرابعة: شفاعته في العصاة من أهل التوحيد الذين يدخلون النار بذنوبهم، والأحاديث بها متواترة عن النبي صلى الله عليه وسلم

الخامسة: شفاعته لقوم من أهل الجنة في زيادة ثوابهم ورفعة درجاتهم

السادسة: شفاعته في بعض أهله الكفار من أهل النار حتى يخفف عذابه، وهذه خاصة بأبي طالب وحده. أ.هـ انظر فتح المجيد ص 175-176

الطفل إذا توفي يشفعه الله في والديه

الإمام أحمد بن حنبل ، والإمام أحمد بن عبد الحليم بن تيمية من كبار علماء الإسلام، وممن شهد لهما بالفضل، وكتبهما ناطقة بذلك، وهما من أئمة أهل السنة والجماعة

وإن صحيح البخاري تلقاه علماء الأمة بالقبول، فأحاديثه يعتمد عليها في إثبات الأحكام وتقوم بها الحجة على المخالف

المسلمون لا يحكمون على غيرهم بأنهم في النار إلا بشرط وهو أن يكونوا قد بلغهم القرآن أو بيان معناه من دعاة الإسلام بلغة المدعوين لقول الله عز وجل "وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ" وقوله سبحانه "وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا" (الإسراء 15)فمن بلغتهم الدعوة الإسلامية من غير المسلمين وأصر على كفره فهو من أهل النار؛ لما تقدم من الآيتين، ولقول النبي صلى الله عليه وسلم "والذي نفسي بيده لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي ولا نصراني ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلت به إلا كان من أهل النار" أخرجه مسلم في صحيحه

أما الذين لم تبلغهم الدعوة على وجه تقوم به الحجة عليهم فأمرهم إلى الله عز وجل، والأصح من أقوال أهل العلم في ذلك أنهم يمتحنون يوم القيامة فمن أطاع الأوامر دخل الجنة ومن عصى دخل النار، وقد أوضح هذا المعنى الحافظ ابن كثير رحمه الله في تفسيره

ومصير أبناء الكفار الصحيح من أقوال العلماء في ذلك أن الله يمتحنهم يوم القيامة فمن أطاع فهو من أهل الجنة ومن عصى فهو من أهل النار، وفي هذا تفسير لقوله صلى الله عليه وسلم "الله أعلم بما كانوا عاملين" رواه البخاري ومسلم

وحكمه في الدنيا حكم أهله، فإن كان بين المسلمين غسل وصلي عليه وله حكمهم في الآخرة، أما إن كان بين المشركين فحكمه حكمهم في الدنيا فلا يغسل ولا يصلى عليه؛ لأنه تبعهم؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم فيمن يقتل من أولاد المشركين "هم منهم" أما في الآخرة فأمرهم إلى الله؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم لما سئل عن أولاد المشركين قال: الله أعلم بما كانوا عاملين

وبالله التوفيق

وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وأزواجه وأصحابه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين

1436-08-07 هـ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

9 + 6 =

/500
جديد الدروس الكتابية
الدرس 130 الجزء الثالث ‌‌طائفة الصوفية المتسولة: - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 129 الجزء الثالث الغزو الفكري . - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 128 الجزء الثالث ‌‌ تحريم الأغاني  - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 127 الجزء الثالث ‌‌مضاعفة الحسنات ومضاعفة السيئات  - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 126 ‌‌بيان حرمة مكة ومكانة البيت العتيق - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 125 ‌‌حكم إعفاء اللحية - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
روابط ذات صلة
الدرس السابق
الدروس الكتابية المتشابهة الدرس التالي