الدرس 253 تفسير سورة النصر

المقال
التصنيف : تاريخ النشر: الأحد 29 صفر 1436هـ | عدد الزيارات: 1827 القسم: الفوائد الكتابية

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على البشير النذير والسراج المنير خليل الرحمن محمد صلى الله عليه وسلم

وبعد

بسم الله الرحمن الرحيم

{ إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ (1) وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا (2) فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ ۚ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا (3)}

سورة «النصر» تسمى- أيضا- سورة:{ إِذا جاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ}، وهي من السور المدنية، قيل: نزلت بمنى في أيام التشريق، والنبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع
وكان نزولها بعد سورة «الحشر» وقبل سورة «النور» ، وهي ثلاث آيات
وقد تضافرت الأخبار رواية وتأويلا، على أن هذه السورة تومئ إلى قرب نهاية أجل النبي صلى الله عليه وسلم
وقد ذكر الإمام ابن كثير جملة من الآثار في هذا المعنى منها ما أخرجه البيهقي عن ابن عباس قال: لما نزلت سورة إِذا جاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ، دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم فاطمة وقال: «قد نعيت إلىّ نفسي» فبكت ثم ضحكت، وقالت: أخبرنى أنه نعيت إليه نفسه فبكيت، ثم قال: «اصبري فإنك أول أهلى لحاقا بي» فضحكت
وأخرج البخاري عن ابن عباس، قال:" كان عمر- رضى الله عنه- يدخلني مع أشياخ بدر، فكأن بعضهم قد وجد في نفسه- أى: تغير وغضب- وقال: لماذا يدخل هذا معنا ولنا أبناء مثله، فقال عمر: إنه ممن علمتم. فدعاهم ذات يوم فأدخله معهم ... فقال: ما تقولون في قوله- تعالى- إِذا جاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ، فقال بعضهم: أمرنا أن نحمد الله ونستغفره، إذا نصرنا وفتح علينا، وسكت بعضهم فقال ... عمر: أكذلك تقول يا ابن عباس؟ فقلت: لا، فقال: ما تقول؟ فقلت: هو أجل رسول الله صلى الله عليه وسلم أعلمه له ... فقال عمر: لا أعلم منها إلا ما تقول."
وأخرج الطبراني عن ابن عباس أنه قال: آخر سورة نزلت من القرآن هذه السورة
والسورة الكريمة وعد منه- تعالى- لنبيه صلى الله عليه وسلم بالنصر والفتح وبشارة بدخول أفواج الناس في دين الله، وأمر منه- سبحانه- بالمواظبة على حمده واستغفاره
النصر : التغلب على العدو ، والإِعانة على بلوغ الغاية ، ومنه قولهم : قد نصر الغيث الأرض أى : أعان على إظهار نباتها
والمراد به هنا : إعانة الله - تعالى - لنبيه صلى الله عليه وسلم على أعدائه ، حتى حقق له النصر عليهم
والفتح : يطلق على فتح البلاد عَنْوَةً والتغلب على أهلها ، ويطلق على الفصل والحكم بين الناس ، ومنه قوله - تعالى - : ( رَبَّنَا افتح بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بالحق وَأَنتَ خَيْرُ الفاتحين ) والمراد به : هنا فتح مكة . وما ترتب عليه من إعزاز الدين ، وإظهار كلمة الحق

قال الإمام ابن كثير: " والمراد بالفتح هنا فتح مكة قولا واحدا، فإن أحياء العرب كانت تتلوم- أى: تنتظر- بإسلامها فتح مكة، يقولون: إن ظهر على قومه فهو نبي، فلما فتح الله عليه مكة، دخلوا في دين الله أفواجا، فلم تمض سنتان حتى استوسقت أى اجتمعت جزيرة العرب على الإيمان، ولم يبق في سائر قبائل العرب إلا مظهر للإسلام، ولله الحمد والمنة "
والأفواج: جمع فوج، وهو الجماعة والطائفة من الناس.

وقوله {فَسَبِّحْ} جواب إذا
والمعنى: إذا أتم الله- عليك- أيها الرسول الكريم- وعلى أصحابك النصر، وصارت لكم الكلمة العليا على أعدائكم، وفتح لكم مكة، وشاهدت الناس يدخلون في دين الإسلام، جماعات ثم جماعات كثيرة بدون قتال يذكر
إذا علمت ورأيت كل ذلك، فداوم وواظب على تسبيح ربك، وتنزيهه عن كل مالا يليق به شكرا له على نعمه، وداوم- أيضا- على طلب مغفرته لك وللمؤمنين
إِنَّهُ عز وجل- كانَ وما زال تَوَّاباً أى: كثير القبول لتوبة عباده التائبين إليه، كما قال- سبحانه-: وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبادِهِ وَيَعْفُوا عَنِ السَّيِّئاتِ، وَيَعْلَمُ ما تَفْعَلُونَ

وروى الإمام أحمد عن عبد الله قال : لما نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم : { إذا جاء نصر الله والفتح } كان يكثر إذا قرأها - وركع - أن يقول : " سبحانك اللهم ربنا وبحمدك ، اللهم اغفر لي إنك أنت التواب الرحيم " ثلاثا

وجاء في التفسير عند الجميع أنه صلى الله عليه وسلم منذ أن نزلت هذه السورة وهو لم يكن يدع قوله "سبحانك اللهم وبحمدك" تقول عائشة رضي الله عنها "يتأول القرآن" أي يفسره ويعمل به

نسأل الله- تعالى- أن يجعلنا من عباده التائبين توبة صادقة نصوحا ويمن على إخواننا المجاهدين في سوريا بالنصر على أعداء الإسلام من الرافضة والنصيرية وأن يمكن لإخواننا الأراكانيين المظلومين في بورما، كما نسأله سبحانه أن ينصر إخواننا الكشميريين على الظلمة

وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

1436/2/29 هـ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

8 + 2 =

/500