التحذير من التنكر لأخوة الإسلام

الخطب
التصنيف : تاريخ النشر: الأحد 2 ربيع الثاني 1435هـ | عدد الزيارات: 2536 القسم: خطب الجمعة

الحمد لله يوقظ القلوب الغافلة بالوعظ والتذكير أحمده سبحانه له الملك وله الحمد وهو عل كل شيء قدير وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله البشير النذير والسراج المنير اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك محمد وسلم تسليماً كثيراً

أما بعد

عباد الله: عندما تختل الموازين تنعكس الأوضاع فيصبح الباطل حقاً ويغدوا الظلم والجور عدلاً والفضيلة رذيلة حتى تفسد الفطر وتلتاث العقول لذا كان في طليعة ما عنى به الإسلام لحفظ التوازن بين المسلمين وإقامة موازين العدل في مجتمعهم أن وثق بينهم روابط الأخوة في الله وجعلها فوق كل اعتبار ثم نمى هذا الاخاء بما فرضه من التضامن والتعاون حتى جعل المسلم للمسلم كاللبنة في البناء كما وصفه رسول الله صلى الله عليه وسلم: المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً.رواه البخاري.

وباعد بين المسلم وبين كل ما يوهن الإخاء أو يحدث فيه الصدوع من المهابط والرذائل كإساءة الظن أو التجسس أو التحاسد والتباغض والتدابر كما جاء في الحديث "إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث ولا تجسسوا ولا تباغضوا ولا تدابروا وكونوا عباد الله اخوانا"رواه البخاري. وقال أيضاً "المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يكذبه ولا يحقره بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه"رواه مسلم. وبهذه التوجيهات الرفيعة لم تختل الموازين بين المسلمين كغيرهم بل استقامت الأوضاع وأضحى المجتمع الإسلامي خير مجتمع عرفته الدنيا متماسكاً متضامناً بعيداً عن المهابط كما وصف الله واقع أهله بقوله: كنتم خير أمة أخرجت للناس.آل عمران:110.

غير أن مما يبعث على الأسى أن ينعكس الوضع ويطرح البعض من المجتمعات الإسلامية فضائل ومحاسن دينه ويتنكر لأعظم رباط وثقه الله بينهم ويغدوا الأخ معول هدم في كيان أخيه يسومه الخسف ولا يرعى فيه حقاً لإخاء ولا واجباً لولاء فالدم الحرام الذي أحاطه الإسلام بسياج منيع والذي توعد الله منتهكه بقوله "ومن يقتل مؤمناً متعمداً فجزاؤه جهنم خالداً فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذاباً عظيماً"النساء:93. أضحى هدراً يستباح لأتفه الأسباب بل للهوى واستفزاز الشيطان وكذا المال لم تعدله صيانة وحصانة بل أضحى يستلب قهراً ويؤخذ ظلماً وعدواناً

وعرض المسلم الذي حظر الإسلام الوقوع فيه أصبح سلوى للسامرين وملهى للمتحدثين فلا يكاد يخلوا مجلس من غيبة ولا مجتمع من استطالة في عرض مسلم أما التحاسد والتباغض والتدابر وإساءة الظن بالمسلم فقد غدا بين البعض وكأنه فضيلة من الفضائل تكتسب لا رذيلة من الرذائل يجب أن تجتنب وتدفع وبذلك فقد المسلمون عناصر القوة حين اختلت فيهم روابط الأخوة في الله فلم يبال الله بهم إذ كانوا ممن ذم الله صنيعهم بقوله "إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعاً لست منهم في شيء"الأنعام:159. وجعل الله بأسهم بينهم فلهم في كل فترة من الزمن تطاحن وتجالد دماء تهرق وفتن تطلع رؤوسها تأكل الأخضر واليابس وهو ما أشار إليه رب العزة بقوله "قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذاباً من فوقكم أو من تحت أرجلكم أو يلبسكم شيعاً ويذيق بعضكم بأس بعض"الأنعام:65. قال ابن عباس وغيره من مفسري السلف: يسلط بعضكم على بعض بالعذاب والقتل، وقال بعض الصحابة رضوان الله عليهم عندما نزلت هذه الآية قام رسول الله صلى الله عليه وسلم محذراً قائلاً: لا ترجعوا بعدي كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض قالوا يا رسول الله أيكون ذلك ونحن نشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله قال نعم.رواه البخاري.

لقد استفظع الصحابة النكوص على الأعقاب بعد أن ألف الله بين قلوبهم وأصبحوا بنعمته إخوانا كيف يكون منهم بعد هذا تدابراً وتقاطع ووقوف المسلم في وجه أخيه يشهر عليه السلاح ويقذفه بالقذائف وأشق وأدهى أن يتجه المسلم اتجاهات متأثراً بعصبية أو نصرة هدمها الإسلام

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم

الخطبة الثانية

الحمد لله وكفى والصلاة على المصطفى

أما بعد

عباد الله: جاء في الحديث عن أبي ثعلبة الخشني رضي الله عنه أنه قال: كان الناس إذا نزلوا منزلاً تفرقوا في الشعاب والأودية فقال النبي صلى الله عليه وسلم "إن تفرقكم في هذِه الشِّعابِ والأوديةِ إنَّما ذلِكم من الشيطان"رواه ابن حبان وصححه الألباني. فلم ينزلوا بعد ذلك إلا انضم بعضهم إلى بعض لو بسط عليهم ثوب لعمهم، واجتماع الأشباح يا عباد الله رمز لاتحاد الأرواح وعامل عليه

فاعملوا رحمكم الله بإخوة الإسلام فهي أساس للاجتماع وصون للمجتمع من أن تختل فيه الموازين وضمان من الفرقة

اللهم اجمع شمل المسلمين على كلمة التوحيد اللهم احفظهم من الفرقة والشتات واسلل سخائم صدورهم واجعلهم إخوة متحابين متآلفين وصلى الله على نبينا محمد

ملحوظة : ألقيت هذه الخطبة عام 1429هـ

1435-4-2هـ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

8 + 8 =

/500
جديد الخطب الكتابية