الفلبين

الخطب
التصنيف : تاريخ النشر: الأحد 2 ربيع الثاني 1435هـ | عدد الزيارات: 1650 القسم: خطب الجمعة

الحمد لله رب العالمين جعل العزة من صفات المؤمنين فقال "ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين ولكن المنافقين لا يعلمون"المنافقون:8. وأشهده أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله .

أما بعد

عباد الله: لقد وحد الله بين المسلمين من أقصى الشرق إلى أقصى الغرب ومن أقصى الجنوب إلى أقصى الشمال بصلات وروابط أقوى من النسب ومن كل العلائق التي تربط الناس وذلك الرباط هو رباط العقيدة الإسلامية السمحة بما ينشأه عنها من شعور مشترك وتآلف وتعاطف وتعاون على البر والتقوى، لأن صلة الدم أو الجنس قد يعتريها الفتور في كثير من الأحيان لأتف سبب من الأسباب، أما وحدة العقيدة فإنها قرابة قوية دائمة متجددة يذكرها المسلمون في كل مكان مهما بعدوا عندما ينطقون بلا إله إلا الله محمد رسول الله في سرهم وجهرهم ويذكرونها في صلاتهم وصيامهم وزكاتهم وحجهم ويذكرونها في طاعتهم لله وفي كل لمحة عين أو خفقة قلب أو تردد نفس، لهذا أمرهم القرآن الكريم أن يعتصموا بوحدتهم في ظل عقيدتهم ، وحذرهم من الفرقة لأنها تهدم هذه الوحدة وهو في حثه على الوحدة صوره صورة تحببها إلى نفوسهم فسماها حبل الله ثم امتن عليهم بنعمة من ربهم وهي الألفة التي جمعتهم فصيرتهم إخوة يربطهم الحب في الله والتعاون والاتحاد ووحدة الهدف والمصير بعد أن كانوا أعداء يسطوا بعضهم على بعض ويقتل بعضهم بعضاً حتى كادوا يتفانون كأنهم على حافة حفرة تلتهب نار يوشكون أن يتردوا فيها، لو لا أن تلطف الله بهم فأنجاهم من التردي المهلك قال تعالى "واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها كذلك يبين الله لكم آياته لعلكم تهتدون"آل عمران:103. وقال تعالى "إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم"الحجرات:10. ولقد أكدت أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم على الإخاء الإسلامي وأهميته فقال صلى الله عليه وسلم "المسلم للمسلم كالبنيان يشد بعضه بعضاً "رواه البخاري. وقال صلى الله عليه وسلم "مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى من عضو تداعى له سائر الأعضاء بالسهر والحمى"رواه مسلم. فأي مجتمع أعظم سعادة وأرفع شأناً وأبعد أثراً من هذا المجتمع الإسلامي وأي رابطة تنظم القاصي والداني أفضل من هذه الرابطة الإسلامية ، ولكن الأعداء لم يسكتوا ولم يكفوا بل يدبرون المخططات الرهيبة لحرب الإسلام والقضاء عليه وإعادتها حرب صليبية لا هوادة فيها لا بالنار والحديد فحسب بل وبالمغريات والملهيات وشتى الأساليب خاصة الثقافية فقد أصبحت مشوبة بالسم الزعاف تعمل ليل نهار لإبعاد شباب الإسلام عن دينهم ومقومات أخلاقهم ينفذوا أغراض وأهداف أعداء الإسلام وإن ما يزيد على مليار ونصف المليار مسلم على وجه الأرض مفروض أن لا يغلبوا من قلة ولكن الواقع المخجل أنهم غلبوا فعلاً رغم كثرتهم غلبوا حين دخل عليهم الوهن من قبل تفككهم واختلاف صفوفهم والتنكر لرابطة الإسلام ، غلبوا فعلاً حين أصبحوا كما أخبر الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم "غثاء كغثاء السيل"رواه ابو داود وصححه الألباني. فلم يهتم العدو بهم بل اتخذهم مطايا لأغراضه وأطماعه الظالمة الدنيئة وأعداء الإسلام في كل بلد يوجد فيها مسلمين جادين للقضاء عليهم وتذويبهم لا يتعاضمون شيئاً كبيراً ولا يحتقرون شيئاً بعيداً بل يعملون في كل مكان بناء على مخططات وبرامج معينة محدودة ففي أقصى الشرق في جنوب الفلبين حيث يعيش هناك ما يزيد عن الخمسة ملايين مسلم يشهدون أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله ويؤدون شعائر الإسلام ويلتزمون بأحكام الله هناك في تلك الجزر في أقصى الشرق يُجد الأعداء النصارى الحاقدين على حرب الإسلام وأهله لمحاولة القضاء عليه

والإسلام وصل إلى هذه البلاد البعيدة متقدماً فقد ثبت أنه انتشر هناك في القرن السابع الهجري وقامت له دول في تلك الجزر البعيدة ووصل عن طريق التجار الذين كانوا يصلون إلى سواحل هذه الجزر وتأثر الناس بأخلاقهم وما يحملونه من مبادئ هذا الدين العظيم بعد ذلك بقرون وصل الاستعمار الأسباني ودامت الحرب بينه وبين المسلين ما يقارب من ثلاثة قرون ولم يتمكن من السيطرة عليهم ثم أتى الإستعمار الأمريكي وحاول ما يقارب من الأربعين عاماً للسيطرة على جنوب الفلبين حيث يكثر المسلمون ولكنه عجز ولما استقلت الفلبين حاولت ضم الجنوب إليها وسميت الفلبين بذلك نسبة إلى أحد ملوك النصارى الأسبان وكان اسمه فيليب الثاني

وجنوب الفلبين كان له نوع من الاستقلال الذاتي ولكن الحكومة النصرانية تحاول القضاء عليه وطمسه وهذه المنطقة من أهم مناطق الفلبين لوجود كثير من المعادن وخاصة البترول وكثير من المصانع وخاصة الحديد والصلب بالإضافة إلى الزراعة والرعي فهي تعتبر من المناطق الحساسة بالنسبة للفلبين

وكان ينتشر في أوساط المسلمين هناك الجهل وعدم المعرفة بتعاليم الإسلام لبعدهم هناك ولكن مع وصول بعض الحجيج إلى مكة المكرمة وفتح البلاد العربية والإسلامية لأبناء المسلمين الفلبينيين بدأ ينتشر الفهم الصحيح للإسلام بعد عودة هؤلاء الطلاب إلى بلادهم فكثرت المساجد والمدارس والعلماء الذين يفقهون الناس في دينهم ولكن النصارى في الشمال لم يقفوا مكتوفي الأيدي أمام المسلمين بل حاولوا نشر النصرانية بين المسلمين وذلك عن طريق التنصير بكافة وسائله من فتح المدارس والمستشفيات ودور الحضانة للأطفال ودور الأيتام وبناء الكنائس وطبع الكتب النصرانية لمسخ المسلمين واتبع المسلمون نفس الأسلوب من فتح المدارس والمستشفيات والمكتبات ودور الأيتام وعمارة المساجد وغيرها ولكن الأعداء النصارى ابتدءوا في شن حرب الإبادة على المسلمين والقضاء عليهم قال تعالى: ومانقموا منهم إلا أن يؤمنوا بالله العزيز الحميد.البروج:8.

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم

الخطبة الثانية

الحمد لله رب العالمين والصلاة على المصطفى الأمين

أما بعد

عباد الله: نعلم جميعاً أنه منذ طلعت شمس الإسلام والأعداء يحاولون اطفاء نوره ويستعملون كافة الأساليب للقضاء على أتباعه ولكنه بفضل الله يحمل مقومات بقائه بنفسه وينتشر بسهولة ويصل إلى أقصى الدنيا بواسطة أخلاق أبنائه ومعتنقيه والإسلام اليوم في جنوب الفلبين محارب والمسلمين يتعرضون لحملات التصفية والإبادة من قبل الحكومة الصليبية حرصاً منها على تطهير البلاد من المسلمين على حد فهمهم لتصبح دولة الفلبين دولة نصرانية بحيث تستطيع أن تفرض على شعبها عقيدة التثليث لذلك فإن القوات المسلحة الفلبينية بكافة قطاعاتها الجوية والبرية والبحرية تقوم باستمرار بشن حملات عسكرية فتاكة وغارات مدمرة ضد المسلمين الأبرياء وهذه احصائية توضح خسائر شعب موروا المسلم من عام 1970 إلى أواخر عام 1975 وهي كالتالي

أولاً: قتل أكثر من 50 ألف من المسلمين العزل من السلاح

ثانياً: استشهاد ما يقارب من 1600 من المجاهدين المسلمين

ثالثاً: إحراق ما لا يقل عن 200 مدرسة للمسلمين

رابعاً: إحراق ما لا يقل عن 200 ألف منزل للمسلمين

خامساً: إحراق ما لا يقل عن 500 مسجد للمسلمين

سادساً: تشريد حوالي 2 مليون مسلم

سابعاً: اضطرار أكثر من 40 ألف شخص للهجرة إلى ولاية صباح التابعة لماليزيا فراراً من القتل

ثامناً: تدمير 35 مركزاً ومدينة

بالإضافة إلى ذلك دمر الكثير من القرى واحرقت المزارع وابيدت المواشي وهم مصرون على الدفاع عن وجودهم وكرامتهم وأرضهم إلى آخر قطرة من دمائهم فقد ظلوا منذ القرن السادس عشر الميلادي حتى اليوم صابرين محتسبين ولن يسمحوا لقوات الكفر أن ترفع راية فوق بلادهم غير راية لا إله إلا الله محمداً رسول الله

فيا أيها الإخوة: إخوانكم المسلمون في جنوب الفلبين يجودون بأنفسهم وأموالهم وأولادهم في سبيل دينهم وهم يواجهون حرب إبادة من قبل الحكومة النصرانية فهم بحاجة إلى المأكل والمشرب واللباس والدواء والسلاح فأحسنوا إن الله يحب المحسنيين ونصيحة إلى أصحاب المؤسسات والشركات الذين يستقدمون العمال وخاصة من الفلبين أن يكون الاستقدام من المسلمين .

فاتقوا الله وسيروا في كل أموركم على ما يرضى الله سبحانه وانفقوا مما جعلكم مستخلفين فيه

هذا وصلوا على نبيكم كما أمركم إلهكم وخالقكم بذلك في محكم كتابه بقوله "إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين ءامنوا صلوا عليه وسلموا تسليما"الأحزاب:56. وقال عليه الصلاة والسلام من صلى علي صلاة صلى الله عليه بها عشرا.رواه مسلم. اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك محمد وأرض اللهم عن الأربعة الخلفاء الأئمة الحنفاء أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وعن الصحابة أجمعين وعن التابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، اللهم أعز الإسلام والمسلمين وأذل الشرك والمشركين ودمر أعداء الدين وانصر عبادك الموحدين وأعل بفضلك كلمة الحق والدين وانصر المستضعفين في كل مكان وانصر من نصرهم واخذل من خذلهم وعاد من عاداهم ووال من والاهم اللهم سامح نساءنا في تقصيرهن في حقوقنا واجعلنا من الكاظمين الغيظ والعافين عن الناس واجمع شمل المسلمين على كلمة التوحيد وأوقف نزيف دمائهم اللهم كن لإخواننا في كل مكان اللهم من أرادهم بسوء فاجعل كيده في نحره واجعل تدبيره تدميراً له اللهم ول على المسلمين خيارهم واكفف عنهم شرارهم اللهم كن لإخواننا في جنوب الفلبين اللهم لا تدع لنا في هذا المقام من ذنب إلا غفرته ولا هماً إلا فرجته ولا كرباً إلا نفسته ولا ديناً إلا قضيته ولا مريضاً إلا شفيته ولا أيماً إلا زوجته ولا ضالاً إلا هديته ولا حاجة من حوائج الدنيا هي لك رضا ولنا صلاح إلا أعنتنا على قضائها ويسرتها لنا ، اللهم وفق ولي أمرنا لما تحب وترضى ، واحفظ جنودنا على الثغور واغفر اللهم لنا ولوالدينا ووالدي والدينا ولجميع المسلمين الأحياء منهم والميتين برحمتك يا أرحم الراحمين

عباد الله: اذكروا الله يذكركم واشكروه على نعمه يزدكم وأقم الصلاة إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون.العنكبوت:45.

ملحوظة:

ألقيت هذه الخطبة أول مرة عام1401من الهجرة

1435-2-2هـ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

6 + 6 =

/500
جديد الخطب الكتابية
روابط ذات صلة
الخطب السابق
الخطب الكتابية المتشابهة الخطب التالي