الدرس 169: الطلاق 4

الدرس
التصنيف : تاريخ النشر: الإثنين 5 ربيع الأول 1435هـ | عدد الزيارات: 1914 القسم: تهذيب فتاوى اللجنة الدائمة -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد

س: قال بالحرام ما أفعل هذا الفعل ويريد لعب كرة الطائرة ؟

ج: أولاً: التشاغل في هذه اللعبة ونحوها لا ينبغي والأولى بالمسلم أن يهتم بما ينفعه في دينه ودنياه

ثانيا: إذا كان الواقع كما ذكر فإن استمر على الترك وهو الأولى به فلا شيء عليه ولا يؤثر ذلك على صلته بزوجته وإن عاد فعليه كفارة يمين وهي إطعام عشرة مساكين تطعم كل واحد منهم وجبة كاملة من أوسط ما يأكل منه عادة وإن أعطى كل واحد منهم نصف صاع من قوت بلده كفى ذلك أو كسوتهم أو تحرير رقبة فإن لم يجد فيصوم ثلاثة أيام والأولى أن تكون متتابعة لقول الله تعالى "يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ* قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ" وقوله سبحانه "لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ" وعليه التوبة من ذلك لأنه لا يجوز للمسلم أن يحلف بالحرام

وأما قول الرجل لزوجته "حرام مثلك أن تكون زوجة للرجال" منكر من القول وعلى من قال ذلك التوبة إلى الله ولا كفارة عليه

أما قوله "الله يحرم علي عيالي" أي زوجتي إذا شربت الشيشة

أولا: لا يجوز لك أن تشرب الشيشة لخبثها ولما فيها من أضرار صحية واجتماعية واقتصادية والأدلة وردت في ذلك

ثانيا: عليه كفارة يمين عن تحريمه أهله إن شرب وعن قسمه بالله ألا يشربها لأن مثل هذا التحريم في حكم اليمين وكفارتها: إطعام عشرة مساكين لكل مسكين منهم نصف صاع من قوت البلد من أرز أو غيره ونوصيه بالحذر من العود إلى شربها ومن طاعة النفس والشيطان وجلساء السوء هداه الله لرشده وكفاه شر نفسه والشيطان

أما قوله "حرام علي زوجتي أن أرد السوء بالسوء" فعليه كفارة يمين ما دام لم ينفذ ما قال مع التوبة إلى الله من ذلك لأنه لا يجوز لمسلم أن يحرم ما أحل الله له

وأما قولك لزميلك "حرام علي زوجتي أني صادق فيما قلت لك" فلا يقع على زوجتك شيء ما دام أنك حلفت وحرمت زوجتك تظن صدق نفسك فتبين أن الواقع في نفس الأمر خلاف ما كنت تظن أما إذا كنت تعلم وقت الحلف والتحريم أنك كاذب فعليك كفارة يمين

وأما قول الرجل لزوجته عند الغضب "حرام ما تجلسي عندي" فقامت من عنده حتى ذهب غضبه ثم عادت فعليه كفارة يمين لأنه حرم جلوسها ولم يحرم ذاتها وعليه التوبة والاستغفار من تحريمه ما أحل الله

وأما قول الرجل "بالحرام ما عاد أدخل بيت أختي" فإن دخلت بيت أختك وزوجها طلقت زوجتك طلقة واحدة بدخولك بيتها ولك مراجعتها ما دامت في العدة إذا لم تكن آخر ثلاث تطليقات وإذا كنت قاصداً منع نفسك من دخول بيتها لا طلاق زوجتك فعليك بدخول بيتها كفارة يمين

س: قلت لصديق لي علي الحرام لن أخبر أحداً بسرك وكنت أقصد بالحرام أن زوجتي تحرم علي إن أخبرت أحداً ونسيت وأفشيت السر ؟

ج: إذا كان الواقع ما ذكر من أنك أخبرت بالسر نسيانا ووقعت على زوجتك نسيانا للتحريم والعهد فلا شيء عليك لقول الله تعالى "رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا" الآية

وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الله سبحانه قال "قد فعلت" والمعنى: أنه أجاب الدعاء المذكور ويبقى عليك كتمان السر مدى الحياة ومتى أخبرت بذلك عامدا ذاكرا عهدك وجب عليك كفارة يمين إذا وطئت زوجتك لأن تحريمك هذا في حكم اليمين

ولذا من قال لزوجته "أنت حرام علي" فإذا أراد بتحريم زوجته على نفسه طلاقها اعتبر هذا طلقة واحدة وله أن يراجع المدخول بها ما دامت في العدة ما لم يكن التحريم آخر ثلاث تطليقات وإلا فلا تحل له إلا بعد زوج بنكاح شرعي وأما غير المدخول بها فلا تحل رجعتها إلا بعقد ومهر جديدين برضاها وإن لم يقصد بالتحريم طلاقها فلا يعتبر طلاقا وعليه كفارة ظهار وهي عتق رقبة مؤمنة فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكينا

ولذا من قال "تحرم علي زوجتي لا أكلم فلاناً" إن كان قاصدا بتحريمها عليه الطلاق إن كلم فلانا اعتبرت طلقة إذا كلمه وإن كان قاصدا منع نفسه من الكلام معه فقط لزمه كفارة يمين إذا كلمه

ومن نوى بقلبه ولم يتلفظ فلا شيء عليه

والكتابة لها حكم التلفظ بالكلام والنطق به

والمرأة لا يقع منها الطلاق سواء بلفظ الطلاق أو التحريم وإنما يقع الطلاق من الزوج

وأما قول المرأة لزوجها "أنت علي حرام" فعليها كفارة يمين أما لعنها لزوجها فلا يجوز لها اللعن سواء لزوجها أو ابنها أو غيرهما من المسلمين لقوله صلى الله عليه وسلم فيما رواه البخاري ومسلم "لعن المؤمن كقتله" وقوله صلى الله عليه وسلم "لا يكون اللعانون شفعاء ولا شهداء يوم القيامة" رواه مسلم

ومن حلف ألا يفعل شيئاً ما ففعله ناسياً فلا يحنث بفعله ناسياً وأن يمينه باقية وهذا قول عطاء وعمرو بن دينار وابن أبي نجيح وإسحاق وابن المنذر وهو ظاهر مذهب الشافعي وقدمه في الخلاصة قال في الفروع: وهذا أظهر قال في الإنصاف وهو الصواب واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية لقوله تعالى "وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ" ولقوله صلى الله عليه وسلم "إن الله تجاوز لأمتي عن الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه" ولأنه غير قاصد للمخالفة فلم يحنث كالنائم والمجنون فلا تزال يمينه باقية

وفق الله الجميع لما يحب ويرضى وأعاذنا من نزغات الشيطان

وصل الله على نبينا محمد وعلى آله وأزواجه وأصحابه أجمعين

1435-3-5هـ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

6 + 1 =

/500
جديد الدروس الكتابية
الدرس 130 الجزء الثالث ‌‌طائفة الصوفية المتسولة: - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 129 الجزء الثالث الغزو الفكري . - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 128 الجزء الثالث ‌‌ تحريم الأغاني  - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 127 الجزء الثالث ‌‌مضاعفة الحسنات ومضاعفة السيئات  - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 126 ‌‌بيان حرمة مكة ومكانة البيت العتيق - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 125 ‌‌حكم إعفاء اللحية - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
روابط ذات صلة
الدرس السابق
الدروس الكتابية المتشابهة الدرس التالي