الدرس 166: الطلاق

الدرس
التصنيف : تاريخ النشر: الإثنين 5 ربيع الأول 1435هـ | عدد الزيارات: 1869 القسم: تهذيب فتاوى اللجنة الدائمة -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد

إذا تبين للرجل من زوجته أنها لا تصلح معه وترجح له أن يطلقها فطلقها فليس عليه في ذلك بأس

والزواج من سنة النبي صلى الله عليه وسلم وبه يكمل المرء دينه حيث يغض بصره ويحفظ فرجه فلا ينبغي أن يطلق زوجته من أجل طلب العلم حيث الزواج لا يمنع من ذلك إذا وجد منه قوة العزيمة والنية الصادقة

ومن كان كارهاً لزوجته فيشرع له الأخذ بأسباب استصلاح الحال لعله يحصل ضم بمعروف وإذا لم يتمكن وأصر على الطلاق فليكن تسريحا بإحسان طلقة واحدة ويلزمه نفقتها وكسوتها وسكناها مدة العدة وهكذا ما قبلها إن كنت لم تنفق عليها إلا أن تسمح بذلك وإن بدا له مراجعتها فله ذلك ما دامت في العدة إن لم تسبق هذه الطلقة بطلقتين قبلها

وننصح بإمساك الزوجة وعدم تطليقها مع القيام بما أوجبه الله تعالى عليه نحوها

ولا يخفى أن من مقاصد الشرع المطهر حفظ الأسرة والتئام الشمل والبعد عما يفسد ذلك ومنه الطلاق فلا تعمد إليه إلا إذا رأيت أن المصلحة الشرعية فيه ومن ذلك كراهية الزوجة وعدم احتمال العيش معها وخشية عدم القيام بما أوجبه الله تعالى لها فلا حرج في تطليقها، بل يشرع إذا خشي عدم القيام بما أوجبه الله تعالى نحوها إلا إذا رضيت بإسقاط حقها لكن إن صبرت على زوجتك مع القيام بما أوجبه الله عليك إرضاءاً لوالديك وحفظا للأسرة من التفكك فهو خير ولك به أجر إن شاء الله وإن أبيت إلا الطلاق لكراهيتك لها فلا حرج عليك والله يعوض كلا منكما خيرا من صاحبه، ووضع الله الطلاق بيد الزوج وحده لحكم عظيمة منها:

أولاً: قوة عقله وإرادته وسعة إدراكه وبعد نظره لعواقب الأمور بخلاف المرأة فليست كذلك

ثانياً: قيامه بالإنفاق وكونه صاحب السيطرة والأمر والنهي في بيته فهو عماد البيت ورب الأسرة

ثالثاً: أن المهر يجب على الزوج فجعل الطلاق في يده لئلا تطمع المرأة فإذا تزوجت وأخذت المهر طلقت زوجها للحصول على مهر آخر وهكذا وهذا يضر الزوج وقد نبه الله عز وجل على هذا المعنى في قوله سبحانه: الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ

الثاني: إذا كان الزوج نفسه لا تطاق عشرته فيرجع في ذلك إلى المحكمة

الثالث: جعل الله للرجل أحكاما تخصه وجعل للمرأة أحكاما تخصها وجعلهما مشتركين في كثير من الأحكام والمرجع في ذلك هو الشرع

والأصل أن الطلاق بيد الزوج ومن يفوض إلى ذلك من طريق الزوج هذا إذا كان الزوج أهلا لصدور الطلاق منه وأما إذا لم يكن أهلا فإن وليه يقوم مقامه وإذا فوض الزوج إلى زوجته أن تطلق نفسها منه فلها أن تطلق نفسها منه ما لم يفسخ الوكالة وأما جعل الزوج العصمة بيد الزوجة بشرط في العقد متى شاءت طلقت نفسها فهذا الشرط باطل لكونه يخالف مقتضى العقد وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: كل شرط ليس في كتاب الله فهو باطل وإن كان مائة شرط

وإذا طلقت المرأة زوجها فلا يقع الطلاق وليس عليها كفارة ولكن تستغفر الله وتتوب إليه لأن إصدار الطلاق منها على زوجها مخالف للأدلة الشرعية فقد دلت على أن الطلاق بيد الزوج أو من يقوم مقامه شرعا

وإذا طلقت المرأة زوجها فلا يقع الطلاق وليس عليها كفارة ولكن تستغفر الله وتتوب إليه لأن إصدار الطلاق منها على زوجها مخالف للأدلة الشرعية فقد دلت على أن الطلاق بيد الزوج أو من يقوم مقامه شرعا

والأصل في الطلاق أن يكون بيد الزوج قال تعالى "يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ" لكن إذا وكل الزوج زوجته على طلاق نفسها ثم أوقعت الطلاق وقع الطلاق "

وإذا كانت الزوجة لا تصل ونصحت ولم تصل وجب طلاقها لأنها كافرة بالإجماع إذا جحدت وجوبها وعلى الصحيح من قولي العلماء إذا لم تجحد وجوبها وقد قال تعالى: وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِر.

ومن ارتد عن دينه يقتل فقط حبط عمله إلا إذا تاب من ردته وعاد إلى الإسلام لعموم قول الرسول صلى الله عليه وسلم: من بدل دينه فاقتلوه

إذا قال لزوجته تراك طالق من الغضب ولم يكن يقصد الطلاق فعلاً أعتبر ما حصل منه طلقة واحدة ثم إن لم تكن آخر ثلاث تطليقات فله مراجعتها بشهادة عدلين ما دامت في عدتها والعدة بالنسبة لمن تحيض ثلاث حيضات وبالنسبة للحامل إلى وضع حملها وبالنسبة لغير الحامل ومن يئست من الحيض ثلاثة أشهر، أما إذا كان طلاقك هذا آخر ثلاث تطليقات فلا تحل لك إلا بعد أن تنكح زوجا آخر ويطأها ويطلقها أو يموت عنها وتنقضي عدتها فتحل له بعقد نكاح ومهر جديدين برضاها.

من سٌئل هل طلقت زوجتك فقال نعم من زعل في شدة غيظ تعتبر طلقة واحدة وإن كانت آخر ثلاث طلقات لم تحل له إلا بعد زوج يتزوجها زواجا شرعيا لا يقصد منه تحليلها له ويكون زواجه إياها بعد ذلك بعقد ومهر جديدين برضاها

وطلاق المرأة طلاقا بائنا أو رجعيا تخرج من عدته ويصبح بالنسبة لها كغيره من الرجال الأجانب منها

إذا طلق الزوج زوجته طلقة واحدة بعد الدخول ثم راجعها وهي في العدة عادت زوجة له وبقي له طلقتان ويكفي لمراجعتها أن يقول راجعت زوجتي وأشهد على ذلك رجلين أما إذا لم يراجعها إلا بعد خروجها من العدة فإن رجعته لا تصح

إذا وكلت رجلا يطلق زوجتك فتبين لك بعد مدة أنه لم يطلقها فإنها لم تطلق بمجرد توكيلك إياه على الطلاق ما دام لم ينفذ ما وكلته فيه

وكذلك لا يعتبر عزمك على طلاق زوجتك وذهابك إلى شيخ لتطلقها عنده طلاقا لزوجتك ما دمت لم تتكلم بطلاقها ولم تكتبه

وإذا قال لزوجته لك طلاق سوف يلحقك لا يعتبر طلاق وتقديم طلب للمحكمة للطلاق لا يقع

وإذا قال نريد أن نطلق فهذا وعد بالطلاق لا طلاق

إذا عاهدت والدتك على أن تطلق زوجتك تطييباً لخاطرها فلا يقع بذلك العهد طلاق ولا يلزمك أن تطلق زوجتك لتفي بهذا العهد

وإذا كان أحوال زوجته مستقيمة وأنه يحبها وغالية عنده وأنها لم تسئ إلى أمه وإنما كرهتها لحاجة شخصية وأمسك زوجته وبقي على الحياة الزوجية معها فلا يلزمه طلاقها طاعة لأمه لما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال "إنما الطاعة في المعروف" وعليه أن يبر أمه ويصلها بزيارتها والتلطف معها والإنفاق عليها ومواساتها بما تحتاجه وينشرح به صدرها ويرضيها بما يقوى عليه سوى طلاق زوجته

وعليك إقناع والدك بعدم طلاق زوجتك فإن أصر وجب عليك أن تطلقها إذا كان ذلك لأمر شرعي أما إن كان أمره لك بطلاقها بغير مسوغ شرعي فإنه لا يلزمك طاعته في ذلك لقول النبي صلى الله عليه وسلم "إنما الطاعة في المعروف" والواجب عليك أن تجتهد في إرضاء والدك وطلبه السماح لعل الله أن يهديه ويسمح لك بعدم طلاقها

وإذا كانت زوجتك التي أمرتك أمك بطلاقها مستقيمة في دينها غير مؤذية لأمك فلا يلزمك طلاقها وإن كانت غير مستقيمة في دينها أو مؤذية لأمك وجب عليك مناصحتها فإن لم تمتثل وجب عليك طلاقها

ولا يجوز للرجل أن يلعن زوجته ولا غيرها من المسلمين لكن ذلك لا يحرمها عليه بل هي زوجته لأن اللعن ليس بطلاق وعلى الزوج الاستغفار والتوبة مما وقع عسى الله أن يتوب علينا وعليه

الأصل في الطلاق أنه بيد الزوج لقول النبي صلى الله عليه وسلم: الطلاق لمن أخذ بالساق

زواج الرجل الثاني من المرأة التي طلقها أخو الزوج غير صحيح وأبناء الزوج الثاني من المرأة ينسبون إليه لوجود الشبهة

ينبغي ألا يزيد غياب الرجل عن امرأته أكثر من أربعة أشهر إلا إذا تراضيا

وفق الله الجميع لما يحب ويرضى وجمع شملهم

وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

1435-3-5 هـ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

3 + 7 =

/500
جديد الدروس الكتابية
الدرس 132 الجزء الثالث : شروط قبول الدعاء - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 131 الجزء الثالث ‌‌وجوب النهي عن المنكر على الجميع - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 130 الجزء الثالث ‌‌طائفة الصوفية المتسولة: - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 129 الجزء الثالث الغزو الفكري . - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 128 الجزء الثالث ‌‌ تحريم الأغاني  - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 127 الجزء الثالث ‌‌مضاعفة الحسنات ومضاعفة السيئات  - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
روابط ذات صلة
الدرس السابق
الدروس الكتابية المتشابهة الدرس التالي