الدرس 145:باب قول الله تعالي: وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ رَحْمَةً مِنَّا مِنْ بَعْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ هَذَا لِي . الآية

الدرس
التصنيف : تاريخ النشر: الأحد 4 جمادى الآخرة 1434هـ | عدد الزيارات: 1969 القسم: شرح وتحقيق كتاب التوحيد -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد

قول المصنف: قال الله تعالي:" وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ رَحْمَةً مِنَّا مِنْ بَعْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ هَذَا لِي "(فصلت الآية50)

هذا الباب عقده المؤلف ؛ لبيان ما غلب على النفوس من إنكارها النعم وعدم الاعتراف بها لمعطيها سبحانه وتعالى.

قوله :"وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ" يعني هذا الإنسان ؛ أي أعطيناه "رَحْمَةً مِنَّا" أي عافية وصحة في بدنة وغنىً من فقثره "مِنْ بَعْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ"مَسَّتْهُ في بدنه من المرض ،أو في ماله من الفقر ، "لَيَقُولَنَّ هَذَا لِي" ينسى الضراء التي مسَّتْهُ وينسى من أين جاءت هذه النِّعَمُ، ويظن أنَّ ما في يده إنما هو بحوله وقوته، فلا يشكر الله ويعترف بنعمته ، بل ينسب هذه النعم إلى كَسْبِه، وهذا القول من طبيعة بني آدام، إلا من عصمه الله، بإنكارهم النعم ونسبتها لأنفسهم، وعدم الاعتراف بها لخالقها، عزَّ وجلَّ، وهذا كفر للنعمة ، والمقصود من هذا الحثُّ على شكر النعم وإسنادها لله، وإن كان له أسباب لكن كله بفضل الله

قال المصنف :" قال مجاهد هذا بعملي، وأنا محقوق به "

قوله "مجاهد"هو مُجاهِد بْن جَبْر ، مولى السائب بن أبي السائب المخزومي القرشي. ويعرف اختصاراً في المصادر والكتب التراثية بمجاهد. وهو إمامٌ وفقيه وعالمُ ثقة وكثير الحديث، وكان بارعاً في تفسير وقراءة القرآن الكريم والحديث النبوي الشريف.

روى مجاهد الكثير عن ابن عباس، كما عرض عليه القرآن ثلاث مرات، وكان خلال كل مرة يقف عند كل آية فيسأله عنها، كيف كانت؟ وفيم نزلت؟. كما أخذ عنه الفقه. وروى مجاهد عن عائشة رضي الله عنها ،وعن أبي هريرة وسعد بن أبي وقاص وجابر بن عبد الله ، وعبد الله بن عمر وعن أبي سعيد الخدري.ولد سنة 21 هـ ، وتوفي سنة 104 هـ

قول مجاهد :"هذا بعملي وانا محقوق به" يعني هذه النعمة إنما حصلت عليها بكدي وكسبي.


قال المصنف:"وقال ابن عباس: يريد من عندي" أي أنا الذي حصلته وتعبت فيه.

قال المصنف و:قوله تعالى:"قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي"(القصص 78)

قوله : قال قتادة : "على علم مني بوجوه المكاسب" ، وقال آخرون:على علم من الله أني له أهل ، وهذا معنى قول مجاهد: أوتيت على شرف.

أي أن الله علم أنني رجل شريف، وذو مكانة ومنزلة، فالله أعطاني لمنزلتي، وهذا إنكار الفضل من الله جل وعلا.

وهذه الأقوال لا تنافي بينها؛ لأن اختلافهم إنما هو اختلاف تنوع وليس اختلاف تضاد.

والمراد من هذا الحث على شكر الله إذا عرفت قول الناس في هذا ، هذا يقول : هذا من عندي، هذا من كسبي، فالواجب عند النعم الشكر لله جل وعلا، والاعتراف بفضله، وأنه جل وعلا المنعم، المحسن، فيقول: أشكر الله، هذا من فضل الله، وما أشبه ذلك، ولا مانع أن يقول: أن هذا من كسبي، أو مما يسر الله لي من أبي، لكن يبين أن الفضل لله، هذا من الله ثم من فلان، الشكر لله، الحمد لله،

وبالله التوفيق ،

وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

1434/6/4 هـ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

1 + 6 =

/500
جديد الدروس الكتابية
الدرس 132 الجزء الثالث : شروط قبول الدعاء - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 131 الجزء الثالث ‌‌وجوب النهي عن المنكر على الجميع - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 130 الجزء الثالث ‌‌طائفة الصوفية المتسولة: - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 129 الجزء الثالث الغزو الفكري . - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 128 الجزء الثالث ‌‌ تحريم الأغاني  - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 127 الجزء الثالث ‌‌مضاعفة الحسنات ومضاعفة السيئات  - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر