الدرس الثالث والأربعون باب من تبرك بشجرة أو حجر ونحوهما 3

الدرس
التصنيف : تاريخ النشر: الخميس 28 صفر 1434هـ | عدد الزيارات: 1694 القسم: شرح وتحقيق كتاب التوحيد -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله

وبعد؛

قول المصنف:" فيه مسائل"
"الأولى : تفسير آية النجم أي قوله تعالى " أَفَرَأَيْتُمُ اللاَّتَ وَالْعُزَّى وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الأُخْرَى أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الأُنْثَى تِلْكَ إِذاً قِسْمَةٌ ضِيزَى إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ " النجم 19 - 23

وسبق تفسيرها ، وأن الله تعالى أنكر على هؤلاء الذين يعبدون اللات والعزى ، وأتى بصيغة الاستفهام الدالة على التحقير والتصغير لهذه الأصنام .
" الثانية : معرفة صورة الأمر الذي طلبوا : وهو أنهم طلبوا من النبي صلى الله عليه وسلم أن يجعل لهم ذات أنواط كما أن للمشركين ذات أنواط، وهم إنما أرادوا أن يتبركوا بهذه الشجرة لا أن يعبدوها، فدل ذلك على أن التبرك بالأشجار ممنوع، وأن هذا من سنن الضالين السابقين من الأمم .
" الثالثة : كونهم لم يفعلوا أي لم يعلقوا أنواطا على الشجرة، ويطلبوا من الرسول صلى الله عليه وسلم أن يقرهم على هذا العمل، بل طلبوا من الرسول صلى الله عليه وسلم أن يجعل لهم ذلك .
" الرابعة : كونهم قصدوا التقرب إلى الله بذلك لظنهم أنه يحبه: أي: بتعليق الأسلحة ونحوها على الشجرة التي يعينها الرسول صلى الله عليه وسلم ولهذا طلبوا ذلك من الرسول صلّى الله عليه وسلّم لتكتسب بهذا معنى العبادة .
" الخامسة : أنهم إذا جهلوا هذا فغيرهم أولى بالجهل لأن الصحابة لا شك أعلم بدين الله، فإذا كان الصحابة يجهلون أن التبرك بهذا نوعٌ من اتخاذها إلها، فغيرُهم من باب أولى، وقصد الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله بهذا أن لا نغتر بعمل الناس، لأن عمل الناس قد يكون عن جهل، فالعبرة بما دل عليه الشرع لا بعمل الناس .
" السادسة : أن لهم من الحسنات والوعد بالمغفرة ما ليس لغيرهم وهذا معلوم من الآيات، مثل قوله تعالى " لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلاً وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى " الحديد 10 ، فالصحابة رضي الله عنهم لهم من الحسنات، والوعد بالمغفرة، وأسباب المغفرة، ما ليس لغيرهم، ومع ذلك لم يعذرهم النبي صلى الله عليه وسلم بهذا الطلب .
"السابعة : أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يعذرهم في الأمر ، بل رد عليهم بقوله " الله أكبر إنها السنن لتتبعن سنن من كان قبلكم " فغلظ الأمر بهذه الثلاث وهي قوله " الله أكبر "، وقوله " إنها السنن " ، وقوله " لتركبن سنن من كان قبلكم " فغلظ الأمر بهذا لأن التكبير استعظاما للأمر الذي طلبوه، و " إنها السنن " تحذير ، و " لتركبن سنن من كان قبلكم " كذلك أيضا تحذير .

" الثامنة : الأمر الكبير وهو المقصود أنه أخبر أن طلبهم كطلب بني إسرائيل لما قالوا لموسى " اجْعَلْ لَنَا إِلَهاً " فهؤلاء طلبوا سدرة يتبركون بها كما يتبرك المشركون بها، وأولئك طلبوا إلها كما لهم آلهة، فيكون في كلا الطلبين منافاة للتوحيد .

لأن التبرك بالشجر نوع من الشرك، واتخاذه إلها شرك واضح .
"التاسعة : أن نفي هذا من معنى لا إله إلا الله، مع دقته وخفائه على أولئك أي أن نفي التبرك بالأشجار ونحوها من معنى لا إله إلا الله ، فإن لا إله إلا الله تنفي كلَّ إله سوى الله، وتنفي الألوهية عما سوى الله عز وجل فكذلك البركة لا تكون من غير الله سبحانه وتعالى .
" العاشرة : أنه صلى الله عليه وسلم حلف على الفتيا وهو لا يحلف إلا للمصلحة في قوله " قلتم والذي نفسي بيده " ، فليس ممن يحلف على أي سبب يكون ، كما هي عادة بعض الناس .

وبالله التوفيق

28 - 2 - 1434هـ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

7 + 6 =

/500
جديد الدروس الكتابية
الدرس 130 الجزء الثالث ‌‌طائفة الصوفية المتسولة: - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 129 الجزء الثالث الغزو الفكري . - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 128 الجزء الثالث ‌‌ تحريم الأغاني  - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 127 الجزء الثالث ‌‌مضاعفة الحسنات ومضاعفة السيئات  - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 126 ‌‌بيان حرمة مكة ومكانة البيت العتيق - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 125 ‌‌حكم إعفاء اللحية - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر