صلة الرحم 344

الدرس
التصنيف : تاريخ النشر: الإثنين 25 جمادى الآخرة 1439هـ | عدد الزيارات: 1348 القسم: تهذيب فتاوى اللجنة الدائمة -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

إياكم والقطيعة فإن النبي صلى الله عليه وسلم حذر من ذلك فقال إن الرحم شجنة من الرحمن فقال الله من وصلك وصلته و من قطعك قطعته رواه البخاري
وقال صلى الله عليه وسلم {الرحم معلقة بالعرش تقول من وصلني وصله الله و من قطعني قطعه الله} رواه مسلم وقطيعة الرحم من كبائر الذنوب لقول النبي صلى الله عليه وسلم(لا يدخل الجنة قاطع رحم ) رواه مسلم القسم على قطيعة الرحم منكر من القول و تحريم ما احل الله من زوجات والطيبات من الاموال حرام واعتداء على الله فعليك أن تتوب إلى الله وتستغفره مما حصل منك من قطيعة الرحم وقسمك على ذلك وتحريمك ما احل الله لك وتندم على ما مضى وتصل رحمك وتقابل سيئة اخيك بالحسنة عسى الله أن يتوب عليك ويغفر لك .

واذا عدت إلى وصل أخيك الذي اقسمت على مقاطعته فعليك كفارة يمين وهي إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم أو تحرير رقبة مؤمنة فإن لم تستطع فصم ثلاثة أيام

وإذا كنت قصدت بتحريم زوجتك منع نفسك من وصل أخيك وتأكيد مقاطعته لا طلاق زوجتك ولا تحريمها فعليك إذا وصلته كفارة يمين أخرى أما أموالك فلا تحرم عليك بقولك حرمتها على نفسي و قابل سيئته بالحسنة عسى أن يزيل الله كراهته لك و يبدلها حباً

قال الله تعالى (ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم) فصلت الاية(24)

وثبت عن أبي هريرة رضي الله عنه {أن رجلاً قال يا رسول الله لي قرابة أصلهم ويقطعوني وأحسن إليهم و يسيئون إلي وأحلم عنهم ويجهلون علي فقال :لئن كنت كما قلت فكأنما تسفهم المَلّ ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك}"رواه مسلم" وننصحك بالصبر والتجاوز عن أخيك وادع الله له بالهداية والتوفيق بدلاً من الدعاء عليه قياماً بحق صلة الرحم .

قد أسأت في سبك لإخوانك عند أبيك وينبغي لك أن تمدحهم عنده وتحاول الإحسان إليهم ما استطعت ذلك ويجب عليك أن تستبيحهم حيث أمكن ذلك ويؤجر من يصل لأخيه ويأثم الآخر على القطيعة .

لا يجوز لك السكن مع إخوانك المجاهرين بالمنكرات وعليك أن تجتهد في نصيحتهم لعل الله يهديهم بأسبابك.

وصلة الرحم واجبة وقطيعتها محرمة والواجب عليكما إصلاح ذات البين والعفو عما مضي وخيركما الذي يبدأ بالسلام ويعفو عن الآخر فقد قال الله تعالى (فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم أولئك الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم)محمد :الاية22-23 وقال تعالى (و اتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام ) النساء , آي اتقوا الأرحام أن تقطعوها وفي حديث أبي بكر رضي الله عنه قال : قال رسول صلى الله عليه وسلم :" ما من ذنب أحرى أن يعجل الله تعالى العقوبة في الدنيا مع ما يدخر لصاحبه في الآخرة من البغي وقطيعة الرحم " رواه الترمذي وقال حديث صحيح

ولا يجوز للمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث إذا كان الهجر من أجل الدنيا لقوله صلى الله عليه وسلم لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث , أما إذا كان من أجل الدين بأن كان عاصياً معصية ظاهرة أو مبتدعاً ولا تجدي معه النصيحة فإنه يهجره إذا كان في ذلك ردع له ورجاء أن يتوب أما إذا كان لم يكن في ذلك ردع له ويخشى أن يزيد شره فإنه لا يهجره ولكن يستمر معه في النصيحة لعل الله أن يهديه فالهجر تراعى فيه المصلحة والمفسدة في هذه الحالة

زواج أخيكم بدون إخباركم لا محظور فيه شرعاً ولا أثر على زواجه لكنه بذلك ترك المعروف والمروءة و في إنكاره الزواج مع حصوله كذب منه والكذب محرم وورد فيه وعيد شديد وهذا كله لا يسوغ لكم قطيعة وهجر أخيكم بل تجنب الصلة بينكم وبينه وفي صفحكم عما ترونه عن تصرف أساء فيه إليكم خير لكم وله .

إن كان أخوكم من مرتكبي الكبائر المصرين عليها ولم تنفعه النصائح شرع لكم هجره لفسقه بفعل الكبيرة ولدفع أذاه,ولا ينبغي أن يصل الخلاف بين الإخوة إلى المنايذة والمفارقة والواجب الحرص على التآلف ودفع الشحناء والبغضاء أما أن يتبرأ منك وينفي قرابته منك فهذا منكر وعليه التوبة إلى الله من ذلك لقول الله تعالى (وتوبوا إلى الله جميعاً أيها المؤمنون لعلكم تفلحون )النور الآية 31 وننصح للأخوين أن يحرصا على لم الشمل وإصلاح ذات البين والصبر على ما يلقيانه من الأذى فإن لم يستطيعا اتخذ كل منهما ما يراه لدفع الأذى عن نفسه مع الحرص على صلة والده وعدم قطعه وعلى كل منهما أن يسلك في هذا مسلك الحكمة وضبط النفس ومساعدة الزوج لأشقائه جائزة ويستحب دفع الزكاة لهم إذا كانوا محتاجين لحديث سليمان بن عامر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { الصدقة على المسكين صدقة وهي على ذي الرحم ثنتان صدقة وصلة }رواه الأمام أحمد

صلة الرحم واجبة وقطعها حرام لكن اذا غلب على ظنكم أن المصلحة في مقاطعة عمك لما ظهر منه من الإساءة إليكم فلا حرج عليكم في ذلك .

منعك لعماتك أن يبعن حقهن من ميراثهن من أبيهم ظلم وعدوان منك فإن لكل واحدة منهن حق التصرف شرعاً فيما تملكه وليس لأحد أن يمنعها من ذلك ما دامت أهلاً للتصرف شرعاً.

إذا زرت عمتك المريضة وصبرت على ما تلقى من الأذى ففي ذلك خير وكفر عن يمينك في عدم زيارتها .

يستحب أن تصل ابنة عمك وسائر أقاربك بما تستطيع من الصلة لأن صلة القرابة لهم حق واجب وقطيعتهم محرمة قال تعالى (وآت ذا القربى حقه)الإسراء الآية 26

ولكن من دون خلوة بها إذا كانت ليست من المحارم ولا عمل يوجب التهمة بما يخالف الشرع المطهر ومع التزامها بالحجاب الشرعي ,وزوجة خالك و بناته لا يجوز لك مصافحتهن ولا الخلوة بأي واحدة منهن بل يكفي السلام بالكلام من غير مصافحة وعليك نصيحتهن وتبين الحق لهن في وجوب الحجاب وارتداء الزي الشرعي .

يباح تعدد الزوجات لمن قدر على القيام بواجبهن ولم يخف من الجور مع العدل بينهن في المبيت حديث الخالة بمنزلة الأم صحيح رواه البخاري ومسلم عن على بن أبي طالب رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم و المراد بها في الحديث أخت الأم في النسب و ليس المراد بها زوجة الأب و معنى الحديث أن الخالة من النسب منزلة الأم في حضانة أولادها عند فقدها وأما تسمية زوجة الأب خالة فمن عادة بعض الناس وليست تسمية شرعية

عليك أن تزور خالتك لأن هذا من صلة الرحم ولكن لا يجوز لك أن تصافح بناتها لأنهن أجنبيات منك وإنما تسلم عليهن بالكلام فقط ويكنّ متحجبات منك

كما يشرع لك زيارة أقاربك لأن هذا من صلة الرحم ولكن لا تصافح النساء اللاتي لسن من محارمك لما في ذلك من الفتنة ولا بأس بالسلام عليهن بمجرد الكلام دون مصافحة ومن غير خلوة

ويجب عليك مناصحة قريبك المتصف بالمنكرات فإن قبل النصح و رجع إلى طريق الحق فمساعدته في زفافه من البر به وإن لم يقبل النصح شرع هجره وعدم مساعدته

فعلى المسلم النصح لأخيه بلباقة وحكمة و أن يعظه في الله و يبين له الأدلة من الكتاب و السنة و أقوال أهل العلم ولا ييأس وأن يبادر في النصيحة كلما سمحت له الفرصة و يكررها عليه مع تحمل الأذى في ذلك تأسياً برسول الله صلى الله عليه وسلم و صحابته رضي الله عنهم لعل الله أن يهديه واستمر في نصيحة أخيك فإذا استجاب وقبل فالحمد لله وإن أصر فاهجره لوجه الله ولا إثم عليك في قطيعته بل تؤجر عليها

وبالله التوفيق

وصل اللهم على نبينا محمد و على آله و أصحابه أجمعين

والسلام عليكم ورحمة الله و بركاته

1436/6/15 هـــ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

7 + 7 =

/500
جديد الدروس الكتابية
الدرس 128 الجزء الثالث ‌‌ تحريم الأغاني  - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 127 الجزء الثالث ‌‌مضاعفة الحسنات ومضاعفة السيئات  - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 126 ‌‌بيان حرمة مكة ومكانة البيت العتيق - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 125 ‌‌حكم إعفاء اللحية - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 124 الجزء الثالث ‌‌أهمية الغطاء على وجه المرأة - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 123 الجزء الثالث ‌‌حكم قيادة المرأة للسيارة - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
روابط ذات صلة
الدرس السابق
الدروس الكتابية المتشابهة الدرس التالي