الدرس 270: المسح على الخفين

الدرس
التصنيف : تاريخ النشر: الخميس 24 جمادى الأولى 1437هـ | عدد الزيارات: 2044 القسم: تهذيب فتاوى اللجنة الدائمة -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

يجوز المسح على الشراب إذا كان صفيقا أي لا ترى البشرة معه ويكون ساترا للمفروض. ومدة المسح للمقيم يوم وليلة ولمسافر ثلاثة أيام بلياليهن. وتبدأ مدة المسح من المسح بعد الحدث. والأصل في ذلك ما رواه مسلم عن علي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال (للمسافر ثلاثة أيام ولياليهن وللمقيم يوم وليلة) ولا مانع من جمع جوربين فأكثر يلبسهما جميعا بعد كمال الطهارة لعموم الأحاديث

يجب أن تقضي الصلوات الماضية التي صليتها وأنت تمسح على الجوربين على غير طهارة

س: رجل غسل الرجل اليمنى ثم لبس الجورب ثم غسل الرجل الأخرى ؟

ج: ليس لك المسح عليهما لأنك أدخلت الأولى قبل تمام الطهارة

س: حكم المسح على الجوربين وبها ثقوب؟

ج: يجوز المسح عليهما في وضوء بدلا من غسل الرجلين إذا كان لبسهما على طهارة ما لم تتسع الثقوب عرفا أو تزيد الشفافية حتى تكون الرجلان في حكم العاريتين يُرى ما وراءها من حمرة أو سواد إذ يجب أن يكون الجورب صفيقاً لا يشف عما تحته

ومن كان به جرح يخشى عليه من الماء فإنه يمسح عليه ويغني عن التيمم

قلت: إذا كان الجرح عليه لفافة أما إذا كان الجرح مكشوفاً فإنه يتيمم وإذا كان على الجسم لصقة فإنه يمسح عليها أو يمرر الماء عليها لأنها تمنع وصول الماء إلى الجسم

س: رجل يريد لبس الخفين وأحد الرجلين مصابة يضرها وصول الماء؟

ج: تتوضأ وتتيمم عن الرجل المصابة ثم تلبس الخفين وإذا كان الخفين غير ساترين لمحل الغرض من القدم لم يجز المسح عليها

ومن مسح على خفيه ثم خلعهما ينتقض وضوؤه لأن الوضوء بطل في بعض الأعضاء فبطل في جميعها كما لو أحدث قال ذلك النخعي والزهري ومكحول والأوزاعي وإسحاق والشافعي وأحمد في أحد قوليهم وهو الأرجح والأحوط

خروح الهواء من فرج المرأة لا ينتقض به الوضوء

لا نعلم دليلا شرعيا يدل على أن خروج الدم من غير الفرج من نواقض الوضوء والأصل أنه ليس ناقض. والعبادات مبناها على التوقيف فلا يجوز لأحد أن يقول هذه العبادة مشروعة إلا بدليل، وقد ذهب بعض أهل العلم إلى نقض الوضوء بخروج الدم الكثير عرفا من غير الفرج، فإذا توضأ من خرج منه ذلك احتياطا وخروجا من الخلاف فهو حسن لقول النبي صلى الله عليه وسلم (دع ما يريبك إلى ما لا يريبك) رواه النسائي والترمذي

والنوم المستغرق مظنة لنقض الوضوء فمن نام نوما مستغرقا في المسجد أو غيره وجب عليه إعادة الوضوء، سواء كان قائما أو قاعدا أو مضطجعا، وسواء كان في يده سبحة أو لا. أما إن كان غير مستغرق، كالنعاس الذي لا يفقد معه الشعور فلا تجب عليه إعادة الوضوء لما ورد في ذلك من الأحاديث الصحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم الدالة على التفصيل المذكور، ومنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يؤخر صلاة العشاء بعض الأحيان حتى كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم تخفق رؤوسهم ثم يصلون ولا يتوضئون

وعن مسألة مس الذكر الراجح من أقوال العلماء في هذه المسألة قول الجمهور، وهو نقض وضوء من مس ذكره؛ لأن حديث (ما هو إلا بضعة منك) ضعيف، لا يقوى على معارضة الأحاديث الصحيحة الدالة على أن من مس ذكره فعليه الوضوء والأصل أن الأمر للوجوب وعلى تقدير عدم ضعفه فهو منسوخ بحديث: من مس ذكره فليتوضأ

ولمس العورة بدون حائل ينقض الوضوء سواء كان الملموس صغيرا أو كبيرا. لما ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (من مس فرجه فليتوضأ) وفرج الممسوس مثل فرج الماس، فإذا مسست أحد فرجيك بدون حائل انتقض الوضوء ولو بغير شهوة أما إن كان المس من وراء حائل فإنه لا ينتقض الوضوء

قوله تعالى :(أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ) [النساء 43] ، [المائدة 6] فالمراد به الجماع في أصح قولي العلماء، فلمس المرأة أو مصافحتها لا ينقض الوضوء مطلقا سواء كانت أجنبية أم زوجة أم محرما ؛ لأن الأصل استصحاب الوضوء حتى يثبت من الشرع ما يدل على نقضه ولم يثبت ذلك في حديث صحيح

وكان النبي صلى الله عليه وسلم يجامع بعض زوجاته ليلا، ثم لا يغتسل ليلا أحيانا فيصبح جنبا ثم يغتسل لصلاة الصبح

والقبلة لا تنقض الوضوء على الصحيح من أقوال العلماء ولو وجد لذة إذا لم ينزل ولا تفسد الصوم

والتفكير في أمور النكاح إذا لم ينزل منيا ولا مذيا لا يؤثر على وضوئه؛ لأن مجرد التفكير لا يكون ناقضا للوضوء، ولا يفسد الوضوء بمجرد نظر المتوضئ إلى النساء والرجال العراة ولا بمجرد نظره إلى عورة نفسه لعدم الدليل على ذلك

أما تشريح الجثث لطلاب الطب فقد صدر قرار من مجلس هيئة كبار العلماء في عام (1396) بالجواز لغرض التحقق من دعوى جنائية والتحقق من أمراض وبائية، أما التشريح للغرض العلمي تعلما وتعليما فجائز في جثث غير المسلمين

من أكل لحم جزور لزمه الوضوء للصلاة فريضة أم نافلة لقوله صلى الله عليه وسلم لما سئل عن الوضوء من لحوم الإبل قال (نعم) ولما سئل عن الوضوء من لحوم الغنم قال (إن شئت) رواه مسلم

وقد قال العلامة ابن القيم رحمه الله في حكمة ذلك: إن الإبل معروفة بالحقد الشديد، وإضمار الكيد لمن آذاها والحرص على الانتقام منه ولو طالت المدة، وذكر أن الإنسان يكسب طبعه مما يتغذى به فشرع الوضوء لمن أكل لحم جزور لإزالة ما قد ينشأ عنه من الحقد والضغينة. والواجب التسليم في الأحكام الشرعية كلها لله، وإن لم تعرف الحكمة والله أعلم

فأكل لحم الجزور من نواقض الوضوء سواء أكل نيئا أم مطبوخا، وبهذا قال جابر بن سمرة أحد أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم ومحمد بن إسحاق ويحيى بن يحيى والإمام أحمد وابن المنذر وطائفة من أهل العلم، ويلحق بذلك الولد الصغير من الإبل وإن لم يشرب اللبن لعموم الحديث، وليس حكم لحم البقر مثل حكم لحم الجزور من جهة نقض الوضوء بأكله بل هذا الحكم خاص بلحم الإبل دون غيرها من الحيوانات

إذا كان الإنسان متطهرا ثم شك في طرو الحدث عليه فلا تأثير لشكه في طرو الحدث على الطهارة السابقة، وإذا كان محدثا ثم شك هل تطهر أو لا فهو محدث ولا أثر لهذا الشك؛ لأن اليقين لا يرفع بالشك؛ لأن الأصل بقاء ما كان على ما كان حتى يثبت ما يرفعه ولحديث شكى إلى النبي صلى الله عليه وسلم الرجل يخيل إليه أنه يجد الشيء في الصلاة فقال (لا ينصرف حتى يسمع صوتا أو يجد ريحا) رواه الجماعة إلا الترمذي

ولا ينتقض الوضوء بالانتشار للذكر إذا لم يخرج منه شيء؛ لأن الانتشار ليس من نواقض الوضوء، والصلاة صحيحة فيتمها

إذا توضأ الإنسان ثم غسل بعض أعضائه بالصابون أو حلق شعره أو قلم أظافره فإنه لا ينتقض وضوؤه بذلك

شرب الدخان حرام، وعلى من ابتلي بشربه أن ينظف فمه عند ذهابه للمسجد، إزالة لرائحته الخبيثة، وحرصا على دفع ضررها وأذاها عن المصلين. ولكن شرب الدخان لا ينقض الوضوء

ولا ينتقض الوضوء بما أصاب ثوبه من بول الطفل إنما يجب غسل ما أصابه وصلاته صحيحة ولا ينتقض الوضوء بما يصيب اليدين أو غيرهما من العطور

ومما يوجب الغسل على المسلم خروج المني في النوم، وتغييب حشفة الذكر في الفرج ولو لم ينزل مني، ونزول المني يقظة بلذة ولو بدون جماع، وحيض امرأة ونفاسها، فيجب عليها الغسل إذا انقطع الدم، وإن وقع في الماء الذي يغتسل منه رشاش من المستعمل صح تكميل الغسل منه

ومن وجد بعض الندى في سرواله في الصباح بعد النوم فليس عليه غسل الجنابة حتى يعلم أنه مني. وإنما عليه الاستنجاء والوضوء الشرعي ويغسل ما أصابه، إذ الأصل أنه لا يجب عليه الغسل واليقين لا يرتفع بالشك

وليس على المرأة التي تشك في وقوع الجنابة غسل بمجرد الشك؛ لأن الأصل عدم الجنابة. كما أن الأصل براءة الذمة من وجوب الغسل

يجب على الزوج أن يغسل ما أصاب الثوب والفراش من أثر الجماع، لما في ذلك من إفرازات الفرج ورطوباته المختلطة بالمني

ويجزئ الغسل مرة للجماع مرتين أو أكثر لزوجة أو أكثر، لما ثبت عن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم (كان يطوف على نسائه بغسل واحد) رواه مسلم

اللهم علمنا ما جهلنا وذكرنا ما نسينا وفقهنا في أمور ديننا

وبالله التوفيق

وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

1437/5/23 هـ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

7 + 2 =

/500
جديد الدروس الكتابية
الدرس 130 الجزء الثالث ‌‌طائفة الصوفية المتسولة: - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 129 الجزء الثالث الغزو الفكري . - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 128 الجزء الثالث ‌‌ تحريم الأغاني  - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 127 الجزء الثالث ‌‌مضاعفة الحسنات ومضاعفة السيئات  - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 126 ‌‌بيان حرمة مكة ومكانة البيت العتيق - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 125 ‌‌حكم إعفاء اللحية - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر