قصة آدم عليه السلام

الدرس
التصنيف : تاريخ النشر: الثلاثاء 14 محرم 1437هـ | عدد الزيارات: 1573 القسم: قصص الأنبياء -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

قال الله تعالى : وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك قال إني أعلم ما لا تعلمون وعلم آدم الأسماء كلها ثم عرضهم على الملائكة فقال أنبئوني بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين قالوا سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم قال يا آدم أنبئهم بأسمائهم فلما أنبأهم بأسمائهم قال ألم أقل لكم إني أعلم غيب السماوات والأرض وأعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس أبى واستكبر وكان من الكافرين وقلنا يا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة وكلا منها رغدا حيث شئتما ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين فأزلهما الشيطان عنها فأخرجهما مما كانا فيه وقلنا اهبطوا بعضكم لبعض عدو ولكم في الأرض مستقر ومتاع إلى حين فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه إنه هو التواب الرحيم قلنا اهبطوا منها جميعا فإما يأتينكم مني هدى فمن تبع هداي فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون والذين كفروا وكذبوا بآياتنا أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون البقرة : 30 - 31 وقال تعالى : إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون آل عمران : 59

وقال تعالى : يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا النساء : 1 كما قال : يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير الحجرات : 13 وقال تعالى : هو الذي خلقكم من نفس واحدة وجعل منها زوجها ليسكن إليها الأعراف : 189 الآية وقال تعالى : ولقد خلقناكم ثم صورناكم ثم قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس لم يكن من الساجدين قال ما منعك ألا تسجد إذ أمرتك قال أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين قال فاهبط منها فما يكون لك أن تتكبر فيها فاخرج إنك من الصاغرين قال أنظرني إلى يوم يبعثون قال إنك من المنظرين قال فبما أغويتني لأقعدن لهم صراطك المستقيم ثم لآتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم ولا تجد أكثرهم شاكرين قال اخرج منها مذءوما مدحورا لمن تبعك منهم لأملأن جهنم منكم أجمعين ويا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة فكلا من حيث شئتما ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين فوسوس لهما الشيطان ليبدي لهما ما ووري عنهما من سوآتهما وقال ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة إلا أن تكونا ملكين أو تكونا من الخالدين وقاسمهما إني لكما لمن الناصحين فدلاهما بغرور فلما ذاقا الشجرة بدت لهما سوآتهما وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة وناداهما ربهما ألم أنهكما عن تلكما الشجرة وأقل لكما إن الشيطان لكما عدو مبين قالا ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين قال اهبطوا بعضكم لبعض عدو ولكم في الأرض مستقر ومتاع إلى حين قال فيها تحيون وفيها تموتون ومنها تخرجون الأعراف : 11 - 25 كما قال في الآية الأخرى : منها خلقناكم وفيها نعيدكم ومنها نخرجكم تارة أخرى طه : 55 وقال تعالى : ولقد خلقنا الإنسان من صلصال من حمإ مسنون والجان خلقناه من قبل من نار السموم وإذ قال ربك للملائكة إني خالق بشرا من صلصال من حمإ مسنون فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين فسجد الملائكة كلهم أجمعون إلا إبليس أبى أن يكون مع الساجدين قال يا إبليس ما لك ألا تكون مع الساجدين قال لم أكن لأسجد لبشر خلقته من صلصال من حمإ مسنون قال فاخرج منها فإنك رجيم وإن عليك اللعنة إلى يوم الدين قال رب فأنظرني إلى يوم يبعثون قال فإنك من المنظرين إلى يوم الوقت المعلوم قال رب بما أغويتني لأزينن لهم في الأرض ولأغوينهم أجمعين إلا عبادك منهم المخلصين قال هذا صراط علي مستقيم إن عبادي ليس لك عليهم سلطان إلا من اتبعك من الغاوين وإن جهنم لموعدهم أجمعين لها سبعة أبواب لكل باب منهم جزء مقسوم الحجر 26 - 44

وقال تعالى : وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس قال أأسجد لمن خلقت طينا قال أرأيتك هذا الذي كرمت علي لئن أخرتن إلى يوم القيامة لأحتنكن ذريته إلا قليلا قال اذهب فمن تبعك منهم فإن جهنم جزاؤكم جزاء موفورا واستفزز من استطعت منهم بصوتك وأجلب عليهم بخيلك ورجلك وشاركهم في الأموال والأولاد وعدهم وما يعدهم الشيطان إلا غرورا إن عبادي ليس لك عليهم سلطان وكفى بربك وكيلا الإسراء : 61 - 65 وقال تعالى : وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس كان من الجن ففسق عن أمر ربه أفتتخذونه وذريته أولياء من دوني وهم لكم عدو بئس للظالمين بدلا الكهف : 50 وقال تعالى : ولقد عهدنا إلى آدم من قبل فنسي ولم نجد له عزما وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس أبى فقلنا يا آدم إن هذا عدو لك ولزوجك فلا يخرجنكما من الجنة فتشقى إن لك ألا تجوع فيها ولا تعرى وأنك لا تظمأ فيها ولا تضحى فوسوس إليه الشيطان قال يا آدم هل أدلك على شجرة الخلد وملك لا يبلى فأكلا منها فبدت لهما سوآتهما وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة وعصى آدم ربه فغوى ثم اجتباه ربه فتاب عليه وهدى قال اهبطا منها جميعا بعضكم لبعض عدو فإما يأتينكم مني هدى فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى قال رب لم حشرتني أعمى وقد كنت بصيرا قال كذلك أتتك آياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تنسى طه : 115 - 126

وقال تعالى : قل هو نبأ عظيم أنتم عنه معرضون ما كان لي من علم بالملإ الأعلى إذ يختصمون إن يوحى إلي إلا أنما أنا نذير مبين إذ قال ربك للملائكة إني خالق بشرا من طين فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين فسجد الملائكة كلهم أجمعون إلا إبليس استكبر وكان من الكافرين قال يا إبليس ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي أستكبرت أم كنت من العالين قال أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين قال فاخرج منها فإنك رجيم وإن عليك لعنتي إلى يوم الدين قال رب فأنظرني إلى يوم يبعثون قال فإنك من المنظرين إلى يوم الوقت المعلوم قال فبعزتك لأغوينهم أجمعين إلا عبادك منهم المخلصين قال فالحق والحق أقول لأملأن جهنم منك وممن تبعك منهم أجمعين قل ما أسألكم عليه من أجر وما أنا من المتكلفين إن هو إلا ذكر للعالمين ولتعلمن نبأه بعد حين ص : 67 - 88

وأخبر تعالى أنه خاطب الملائكة قائلا لهم : إني جاعل في الأرض خليفة وهو أعلم بما يريد أن يخلق من آدم وذريته الذين يخلف بعضهم بعضا ، كما قال : وهو الذي جعلكم خلائف الأرض الأنعام : 165 وقال : ويجعلكم خلفاء الأرض النمل : 62 فأخبرهم بذلك على سبيل التنويه بخلق آدم وذريته ، كما يخبر بالأمر العظيم قبل كونه فقالت الملائكة سائلين على وجه الاستكشاف والاستعلام عن وجه الحكمة لا على وجه الاعتراض والتنقص لبني آدم والحسد لهم، وعن الحسن ألهموا ذلك، وقيل: لأنهم علموا أن الأرض لا يخلق منها إلا من يكون بهذه المثابة غالبا ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك أي : نعبدك دائما لا يعصيك منا أحد ، فإن كان المراد بخلق هؤلاء أن يعبدوك فها نحن لا نفتر ليلا ولا نهارا قال إني أعلم ما لا تعلمون أي : أعلم من المصلحة الراجحة في خلق هؤلاء ما لا تعلمون أي : سيوجد منهم الأنبياء والمرسلون ، والصديقون ، والشهداء ثم بين لهم شرف آدم عليهم في العلم فقال : وعلم آدم الأسماء كلها قال ابن عباس : هي هذه الأسماء التي يتعارف بها الناس ; إنسان ، ودابة ، وأرض ، وسهل ، وبحر ، وجبل ، وجمل ، وحمار ، وأشباه ذلك من الأمم وغيرها وروى البخاري ومسلم عن أنس بن مالك ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : يجتمع المؤمنون يوم القيامة فيقولون لو استشفعنا إلى ربنا فيأتون آدم فيقولون أنت أبو البشر خلقك الله بيده ، وأسجد لك ملائكته ، وعلمك أسماء كل شيء وذكر تمام الحديث ثم عرضهم على الملائكة فقال أنبئوني بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين قالوا سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم أي : سبحانك أن يحيط أحد بشيء من علمك من غير تعليمك ، كما قال : ولا يحيطون بشيء من علمه إلا بما شاء البقرة : 255 قال يا آدم أنبئهم بأسمائهم فلما أنبأهم بأسمائهم قال ألم أقل لكم إني أعلم غيب السماوات والأرض وأعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون أي أعلم السر كما أعلم العلانية، وأكرم عليه منه قوله : وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس أبى واستكبر هذا إكرام عظيم من الله تعالى لآدم حين خلقه بيده ونفخ فيه من روحه ، كما قال : فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين الحجر : 29 فهذه أربع تشريفات خلقه له بيده الكريمة ، ونفخه فيه من روحه ، وأمره الملائكة بالسجود له ، وتعليمه أسماء الأشياء ، ولهذا قال له موسى الكليم حين اجتمع هو وإياه في الملأ الأعلى ، وتناظرا ، أنت آدم أبو البشر الذي خلقك الله بيده ، ونفخ فيك من روحه ، وأسجد لك ملائكته ، وعلمك أسماء كل شيء وهكذا يقول له أهل المحشر يوم القيامة

وقال في الآية الأخرى ولقد خلقناكم ثم صورناكم ثم قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس لم يكن من الساجدين قال ما منعك ألا تسجد إذ أمرتك قال أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين الأعراف : 11 - 12 قال الحسن البصري : قاس إبليس ، وهو أول من قاس وقال محمد بن سيرين : أول من قاس إبليس ، وما عبدت الشمس ولا القمر إلا بالمقاييس رواهما ابن جريج ومعنى هذا أنه نظر نفسه بطريق المقايسة بينه وبين آدم فرأى نفسه أشرف من آدم فامتنع من السجود له ، مع وجود الأمر له ولسائر الملائكة بالسجود ، والقياس إذا كان مقابلا بالنص كان فاسد الاعتبار ، ثم هو فاسد في نفسه فإن الطين أنفع وخير من النار فإن الطين فيه ; الرزانة ، والحلم ، والأناة ، والنمو ، والنار فيها ; الطيش ، والخفة ، والسرعة ، والإحراق ثم آدم شرفه الله بخلقه له بيده ، ونفخه فيه من روحه ، ولهذا أمر الملائكة بالسجود له ، كما قال : وإذ قال ربك للملائكة إني خالق بشرا من صلصال من حمإ مسنون فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين فسجد الملائكة كلهم أجمعون إلا إبليس أبى أن يكون مع الساجدين قال يا إبليس ما لك ألا تكون مع الساجدين قال لم أكن لأسجد لبشر خلقته من صلصال من حمإ مسنون قال فاخرج منها فإنك رجيم وإن عليك اللعنة إلى يوم الدين الحجر : 28 - 35 استحق هذا من الله تعالى ; لأنه استلزم تنقصه لآدم وازدراؤه به وترفعه عليه مخالفة الأمر الإلهي ، ومعاندة الحق في النص على آدم على التعيين ، وشرع في الاعتذار بما لا يجدي عنه شيئا ، وكان اعتذاره أشد من ذنبه ، كما قال تعالى في سورة سبحان : وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس قال أأسجد لمن خلقت طينا قال أرأيتك هذا الذي كرمت علي لئن أخرتن إلى يوم القيامة لأحتنكن ذريته إلا قليلا قال اذهب فمن تبعك منهم فإن جهنم جزاؤكم جزاء موفورا واستفزز من استطعت منهم بصوتك وأجلب عليهم بخيلك ورجلك وشاركهم في الأموال والأولاد وعدهم وما يعدهم الشيطان إلا غرورا إن عبادي ليس لك عليهم سلطان وكفى بربك وكيلا الإسراء : 61 - 65

وقال في سورة الكهف : وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس كان من الجن ففسق عن أمر ربه الكهف : 50 أي : خرج عن طاعة الله عمدا وعنادا واستكبارا عن امتثال أمره ، وما ذاك إلا لأنه خانه طبعه ومادته النارية الخبيثة أحوج ما كان إليها فإنه مخلوق من نار ، كما في صحيح مسلم ، عن عائشة ، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : خلقت الملائكة من نور ، وخلقت الجان من مارج من نار ، وخلق آدم مما وصف لكم

قال الحسن البصري : لم يكن إبليس من الملائكة طرفة عين قط فمسخه الله شيطانا رجيما وقال في سورة ص : إذ قال ربك للملائكة إني خالق بشرا من طين فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين فسجد الملائكة كلهم أجمعون إلا إبليس استكبر وكان من الكافرين قال يا إبليس ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي أستكبرت أم كنت من العالين قال أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين قال فاخرج منها فإنك رجيم وإن عليك لعنتي إلى يوم الدين قال رب فأنظرني إلى يوم يبعثون قال فإنك من المنظرين إلى يوم الوقت المعلوم قال فبعزتك لأغوينهم أجمعين إلا عبادك منهم المخلصين قال فالحق والحق أقول لأملأن جهنم منك وممن تبعك منهم أجمعين ص : 71 - 85 وقال في سورة الأعراف : قال فبما أغويتني لأقعدن لهم صراطك المستقيم ثم لآتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم ولا تجد أكثرهم شاكرين الأعراف : 16 - 17 أي : بسبب إغوائك إياي لأقعدن لهم كل مرصد ، ولآتينهم من كل جهة منهم فالسعيد من خالفه ، والشقي من اتبعه

كما روى الإمام أحمد عن سبرة بن أبي الفاكه قال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : إن الشيطان يقعد لابن آدم بأطرقه وذكر الحديث

والملائكة المأمورون بالسجود لآدم هم جميع الملائكة ؟ كما دل عليه عموم الآيات ، وهو قول الجمهور

وقوله تعالى لإبليس : فاهبط منها واخرج منها دليل على أنه كان في السماء ، فأمر بالهبوط منها والخروج من المنزلة والمكانة التي كان قد نالها بعبادته وتشبهه بالملائكة في الطاعة والعبادة ، ثم سلب ذلك بكبره وحسده ومخالفته لربه ، فأهبط إلى الأرض مذءوما مدحورا ، وأمر الله آدم عليه السلام أن يسكن هو وزوجته الجنة ، فقال : وقلنا يا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة وكلا منها رغدا حيث شئتما ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين البقرة : 35 وقال في الأعراف : قال اخرج منها مذءوما مدحورا لمن تبعك منهم لأملأن جهنم منكم أجمعين ويا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة فكلا من حيث شئتما ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين الأعراف : 18 - 19 وقال تعالى : وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس أبى فقلنا يا آدم إن هذا عدو لك ولزوجك فلا يخرجنكما من الجنة فتشقى إن لك ألا تجوع فيها ولا تعرى وأنك لا تظمأ فيها ولا تضحى طه : 116 - 119 وسياق هذه الآيات يقتضي أن خلق حواء كان قبل دخول آدم الجنة لقوله : ويا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة وهذا قد صرح به ابن إسحاق بن يسار ، وهو ظاهر هذه الآيات

وفي الصحيحين عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : استوصوا بالنساء خيرا فإن المرأة خلقت من ضلع ، وإن أعوج شيء في الضلع أعلاه ، فإن ذهبت تقيمه كسرته ، وإن تركته لم يزل أعوج ، فاستوصوا بالنساء خيرا لفظ البخاري

والجمهور على أن الجنة التي سكنها آدم هي التي في السماء لقوله تعالى: وقلنا اهبطوا بعضكم لبعض عدو ولكم في الأرض مستقر ومتاع إلى حين

وقوله تعالى : فأزلهما الشيطان عنها البقرة : 36 أي : عن الجنة : فأخرجهما مما كانا فيه أي : من النعيم والنضرة والسرور إلى دار التعب والكد والنكد ، وذلك بما وسوس لهما وزينه في صدورهما ، كما قال تعالى : فوسوس لهما الشيطان ليبدي لهما ما ووري عنهما من سوآتهما وقال ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة إلا أن تكونا ملكين أو تكونا من الخالدين الأعراف : 20 يقول : ما نهاكما عن أكل هذه الشجرة إلا أن تكونا ملكين أو تكونا من الخالدين أي : ولو أكلتما منها لصرتما كذلك : وقاسمهما أي : حلف لهما على ذلك : إني لكما لمن الناصحين الأعراف : 21 كما قال في الآية الأخرى : فوسوس إليه الشيطان قال ياآدم هل أدلك على شجرة الخلد وملك لا يبلى طه : 120 أي : هل أدلك على الشجرة التي إذا أكلت منها حصل لك الخلد فيما أنت فيه من النعيم ، واستمررت في ملك لا يبيد ولا ينقضي ؟ وهذا من التغرير والتزوير والإخبار بخلاف الواقع والمقصود أن قوله : شجرة الخلد التي إذا أكلت منها خلدت

وقوله : فدلاهما بغرور فلما ذاقا الشجرة بدت لهما سوآتهما وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة الأعراف : 22 كما قال في طه : فأكلا منها فبدت لهما سوآتهما وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة وكانت حواء أكلت من الشجرة قبل آدم ، وهي التي حدته على أكلها ، والله أعلم

وعليه يحمل الحديث الذي رواه البخاري عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم : لولا بنو إسرائيل لم يخنز اللحم ، ولولا حواء لم تخن أنثى زوجها

وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : خير يوم طلعت فيه الشمس يوم الجمعة ; فيه خلق آدم ، وفيه أدخل الجنة ، وفيه أخرج منها وفي الصحيح من وجه آخر : وفيه تقوم الساعة وروى الإمام أحمد عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : خير يوم طلعت فيه الشمس يوم الجمعة ; فيه خلق آدم ، وفيه أدخل الجنة ، وفيه أخرج منها ، وفيه تقوم الساعة وإسناده على شرط مسلم

وبالله التوفيق

22-11-1436 هـ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

7 + 9 =

/500
جديد الدروس الكتابية
الدرس 128 الجزء الثالث ‌‌ تحريم الأغاني  - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 127 الجزء الثالث ‌‌مضاعفة الحسنات ومضاعفة السيئات  - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 126 ‌‌بيان حرمة مكة ومكانة البيت العتيق - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 125 ‌‌حكم إعفاء اللحية - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 124 الجزء الثالث ‌‌أهمية الغطاء على وجه المرأة - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 123 الجزء الثالث ‌‌حكم قيادة المرأة للسيارة - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
روابط ذات صلة
الدرس السابق
الدروس الكتابية المتشابهة الدرس التالي