فضل الذكر

الخطب
التصنيف : تاريخ النشر: الأربعاء 16 شعبان 1436هـ | عدد الزيارات: 1946 القسم: خطب الجمعة

الحمد لله شهدت بوجوده آياته الباهرة, ودلت على كرم جوده نعمه الباطنة والظاهرة، وسبّحت بحمده الأفلاكُ الدائرة، والرياح السائرة، والسحب الماطرة، هو الأول فله الخلق والأمر، وهو الآخر فإليه الرجوع يوم الحشر، وهو الظاهر فله الحكم والقهر، وهو الباطن فله السر والجهر

وأشهد أن لا اله إلا الله, وحده لا شريك له, له الملك, وله الحمد, وهو على كل شيء قدير

وأشهد أن سيدنا محمدًا عبدُ الله ورسوله وصفيه من خلقه وخليله، وعلى آله وأصحابه ومن سار على نهجه وتمسك بسنته واقتدى بهديه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين

أما بعد: في خضم هذه الحياة.. وغرق الإنسان في الدنيا والماديات, والشهوات والملذات, فتارة تغلبه نفسه الأمارة بالسوء, وتارة يتقرب إلى الله بالطاعات والحسنات

من بين الهموم.. والمشاكل والغموم.. يحتاج العبد إلى ملجأ يجد عنده الأمان.. وركن شديد يلتمس منه الاطمئنان.. وأي ركن وملجأ وملتجأ ومعتمد ومستند أعظم من الله.. أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ.الرعد:28.

ذِكر الله.. حياة القلوب.. ذِكر الله.. أمر علام الغيوب: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللهَ ذِكْراً كَثِيراً.الأحزاب:41.

ذِكر الله يرفع درجات أهله قال تعالى: وَالذَاكِرِينَ اللهَ كَثِيراً وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً.الأحزاب:35.

ذِكر الله.. من خير الأعمال أخرج الترمذي، وابن ماجه، والحاكم عن أبي الدرداء -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "ألا أنبِّئُكم بخير أعمالِكم، وأزكاها عند مَليكِكم، وأرفعِها في درَجاتِكم، وخيرٌ لكم من إنفاق الذهبِ والورِق، وخيرٌ لكم من أن تلقَوا عدوَّكم فتضرِبوا أعناقَهم ويضربوا أعناقَكم؟" قالوا: بلى يا رسول الله، قال: "ذِكْر الله

وثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم كما عند البيهقي، وأبي نُعيم من حديث أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أنَّه صلى الله عليه وسلم قال: "ما من ساعة تمرُّ بابن آدم لا يذكر الله تعالى فيها إلاّ تحسّر عليها يوم القيامة

أيها الإخوة.. لما كان هذا الفضل كله لذكر الله -تبارك وتعالى-.. فقد أمرنا الله -تعالى- بذكره ذكرًا كثيرًا.. وخصوصًا في استقبال الصباح والمساء.. وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ بُكْرَةً وَأَصِيلًا.الإنسان:25.

بل وأمرنا رسوله -صلى الله عليه وسلم- بذكر الله -تعالى-.. وضرب لنا مثالاً لذلك فقال: وآمركم أن تذكروا الله -تعالى-، فإن مَثل ذلك مثل رجل خرج العدو في أثره سراعاً, حتى إذا أتى إلى حصنٍ حصينٍ فأحرز نفسه منهم, كذلك العبد لا يحرز نفسه من الشيطان إلا بذكر الله.رواه الترمذي وصححه الألباني.

وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا.طه:124.

وإذا أردت الحل والسعادة.. والأنس والراحة.. فستجد الإجابة في قول الله:"الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ"الرعد:28.يقول ابن القيم -رحمه الله-: وفي الذكر أكثر من مائة فائدة

عباد الله.. إن من رحمة الله -تعالى- بنا أن جعل لنا في بعض الأذكار قلة في الألفاظ.. وعظمة في الأجور

ومن الأذكار التي ينبغي على كل مسلم أن يحفظها ويعيها.. ويداوم عليها.. ولا يتركها.. ذِكْر عظيم الأجر فعن عمرو بن عبَسة -رضي الله عنه- أنه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: من أعتق رقبة مؤمنة كانت فداءه من النار.رواه النسائي وصححه الألباني.

ويقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "من أعتق رقبة مسلمة أعتق الله بكل عضوٍ منه عضواً من النار حتى فرجه بفرجه" متفق عليه من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه

قال الإمام النووي -رحمه الله-: "وفي هذا الحديث بيان فضل العتق، وأنه من أفضل الأعمال، ومما يحصل به العتق من النار ودخول الجنة

وجاء في الصحيحين من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-قال قال: "من قال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، في يوم مائة مرة كانت له عدل عشرِ رقاب، وكتبت له مائةُ حسنة، ومحيت عنه مائةُ سيئة، وكانت له حرزاً من الشيطانِ يومَه ذلك حتى يمسي، ولم يأتِ أحدٌ بأفضلَ مما جاء به إلا رجل عمل أكثر منه

فاحرصوا رعاكم الله على هذا الذكر.. احفظوه.. داوموا عليه.. ولا يمرنَّ عليكم يوم دون أن يكون من وردكم

علموه أبناءكم وزوجاتكم.. وإخوانكم.. وآباءكم.. ومن ولاكم الله أمرهم.. فالدال على الخير كفاعله

بارك الله لي ولكم بالقرآن والسنة, ونفعنا بما فيهما من الآيات والحكمة, وأستغفر الله لي ولكم إنه هو الغفور الرحيم

الخطبة الثانية

الحمد لله الذي خلق فسوى، وقدّر فهدى، وأخرج المرعى، فجعله غثاءً أحوى، سبحانه هو أمات وأحيى، وأضحك وأبكى، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، بلغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح الأمة، وجاهد في الله حق جهاده حتى أتاه اليقين، فصلوات الله وسلامه عليه، وعلى آله وأصحابه، ومن سار على طريقهم واقتفى

أما بعد: من الأذكار التي ينبغي على كل مسلم ألا يفرط فيها في كل يوم وليلة ما جاء في الصحيحين من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-:قال صلى الله عليه وسلم من قال: سبحان الله وبحمده في اليوم مائة مرة حُطت خطاياه ولو كانت مثل زبد البحر

اللهم علمنا ما ينفعنا.. وانفعنا بما علمتنا.. وزدنا علمًا يا ذا الجلال والإكرام

اللهم اجعلنا من الذاكرين الله كثيرًا.. وأعنَّا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك يا رب العالمين

عباد الله.. "إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ"النحل:90.، فاذكروا الله العظيم الجليل يذكركم, واشكروه على نعمه يزدكم, ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون.العنكبوت:45.

1436-8-16 هـ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

9 + 9 =

/500
جديد الخطب الكتابية
روابط ذات صلة
الخطب السابق
الخطب الكتابية المتشابهة الخطب التالي