الدرس 242: أحاديث عن الأنبياء

الدرس
التصنيف : تاريخ النشر: الأحد 29 رجب 1436هـ | عدد الزيارات: 1610 القسم: تهذيب فتاوى اللجنة الدائمة -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد

نوح أول الرسل إلى أهل الأرض بعد آدم ؛ لما ثبت في الصحيحين في حديث الشفاعة الطويل "أن المؤمنين أتوا نوحا فقالوا: أنت أول رسول أرسله الله إلى أهل الأرض، فاشفع إلى ربنا" الحديث

وأما آدم فقيل: إنه نبي، وعلى ذلك يكون أول الأنبياء بدليل الآية "فَتَلَقَّىٰ آدَمُ مِن رَّبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ ۚ " (البقرة 37) " وقوله تعالى "وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا" (طه 115)وغير ذلك من الآيات التي فيها إيحاء الله إليه، ولا نعلم دليلا صحيحا صريحا يدل على أنه رسول عليه الصلاة والسلام

وآزر اسم أعجمي لوالد إبراهيم الخليل عليه الصلاة والسلام على الصحيح من أقوال العلماء

وما قيل من أن إسماعيل عليه الصلاة والسلام مدفون في الحطيم غير صحيح، فلا يعول عليه بحال

ويوسف عليه السلام وإخوته هم بنو يعقوب عليه السلام إسرائيل والمراد بالأسباط: حفدة يعقوب وذرية أبنائه الإثني عشر وليس من الإثني عشر نبي إلا يوسف عليه السلام على الصحيح، كما ذكر ذلك ابن كثير في كتابه البداية ص 215، 216 ج1

والصحيح من أقوال العلماء أن الخضر عليه السلام توفي قبل إرسال الله لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم؛ لقوله تعالى "وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ" (الأنبياء 34)وأنه نبي لما ذكره الله تعالى في سورة الكهف من قصته مع موسى عليهما السلام فإن فيها أنه خرق سفينة كانت لمساكين يعملون في البحر، وقتل غلاما لم يرتكب جريمة، وأقام جدارا ليتيمين بلا أجر في قرية أبى أهلها إطعامهما، وأنكر موسى كل ذلك عليه فبين له السبب أخيرا، ثم ختمت القصة بأن كل ذلك كان منه بوحي من الله وذلك فيما أخبر الله عنه من قوله: وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ذَلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا

ولم يذكر في كتاب الله تعالى ولا ثبت في السنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن مريم بنت عمران تزوجت بعد أن ولدت عيسى عليه السلام، ولا أنها ولدت أولادا سوى عيسى عليه السلام أما قبل عيسى عليه السلام فقد ثبت أنها لم يمسسها بشر، ولم تك بغيا

وثبت بالأدلة من الكتاب والسنة الصحيحة أن عيسى ابن مريم عليهما السلام لم يقتل ولم يمت، بل رفعه الله إليه حيا، وأنه سينزل آخر الزمان حكما عدلا في هذه الأمة ولم يثبت أنه نشر دينه في الهند وإنما الذي ثبت فيهما أن الله بعثه إلى بني إسرائيل وأنه بلغهم رسالة ربه، والذي اشتهر أن الديانة المسيحية كانت مهددة بخطر من اليهود بعد أن رفع الله المسيح ابن مريم إليه، وأنه ما كتب لها الانتشار إلا عن طريق حكومة الرومان، وهذه مسألة تاريخية لا يترتب على العلم بها فائدة ذات أهمية

فعيسى ابن مريم عليه الصلاة والسلام حي لم يمت حتى الآن ولم يقتله اليهود ولم يصلبوه ولكن شبه لهم، بل رفعه الله إلى السماء ببدنه وروحه وهو إلى الآن في السماء

وسمي عيسى ابن مريم بالمسيح لأنه ما مسح على ذي عاهة إلا برأ بإذن الله

وحمل مريم بعيسى عليهما السلام بلا أب على خلاف السنة الكونية في غيرهما من الآيات البينات الدالات على كمال قدرة الله سبحانه وقد آواهما الله إلى ربوة مكان مرتفع خصيب فيه استقرار وماء معين ظاهر تراه العيون، والمراد بذلك بيت المقدس من فلسطين رحمة من الله بهما ونعمة من الله عليهما، وكان ذلك قبل نبينا محمد صلى الله عليه وسلم بأكثر من خمسمائة سنة

جمهور العلماء على أن الخطبة شرط في صحة صلاة الجمعة؛ لقوله تعالى "فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ" (الجمعة 9)قالوا: والمراد بالذكر هنا الخطبة، فكانت واجبة للأمر بالسعي لها، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم داوم عليها مقترنة بصلاة الجمعة، وقد قال صلى الله عليه وسلم "صلوا كما رأيتموني أصلي" فوجب قرنها بالجمعة، كما قرنها بها صلى الله عليه وسلم

صرح القرآن بأن عيسى عليه السلام يكلم الناس وهو في المهد

الشياطين كلمة عامة تشمل كل متمرد من شياطين الإنس والجن، قال الله تعالى:" وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا " (الأنعام 112)

فضل الله عبده ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم على سائر الخلق والرسل جميعا بفضائل كثيرة، منها: أنه سبحانه اتخذه خليلا كما اتخذ إبراهيم خليلا، وأرسله إلى الناس كافة وسائر من أرسل قبله من الرسل صلوات الله وسلامه عليه وعليهم أجمعين يرسل إلى قومه خاصة قال تعالى "قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا" (الأعراف 158)وقال "وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ" (آل عمران 81)ومنها تكريمه وتخصيصه بالشفاعة الكبرى دون غيره من الرسل، إلى غير ذلك من الخصائص الكثيرة المعروفة من الكتب المؤلفة في ذلك، ككتاب الخصائص للسيوطي

الإسراء والمعراج حصل كل منهما ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقظان، كما جاءت بذلك الأدلة الشرعية، ولم ير عليه الصلاة والسلام ربه بعينيه، وهو قول جمهور أهل السنة والجماعة

فقول أهل السنة والجماعة أنه عليه الصلاة والسلام أسري به من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى روحا وجسدا؛ لقوله تعالى "سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى" (الإسراء 1)فإن كلمة عبده اسم للروح والجسد جميعا

فعرج به إلى السماء السابعة ورأى جبريل عليهما الصلاة والسلام عند سدرة المنتهى عندها جنة المأوى

وحديث لرسول الله صلى الله عليه وسلم أنه رأى ليلة أسري به بعض أهل النار، ممن ارتكبوا الآثام هذا حق ويجب الإيمان به، ولا يجوز الدخول فيما هو من خصائص الله تعالى

يجوز النسيان على النبي صلى الله عليه وسلم لكنه لا يقر على ما هو في مجال التشريع، بل يعلمه الله به كما في الصحيحين عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال "إنما أنا بشر أنسى كما تنسون، فإذا نسيت فذكروني" وذلك لما سهى في صلاة العصر

الدعوة إلى الله توقيفية من جهة أن الداعي يتبع في دعوته المنهاج الذي أرشد الله الدعاة إليه من الحكمة والموعظة الحسنة والمناقشة في المسائل الاجتهادية بالتي هي أحسن للوصول إلى الحق لا لقصد التغلب على غيره والتعصب لرأي نفسه، قال الله تعالى "ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ" (النحل 125)وأنه ينكر المنكر بيده إن استطاع وكان أهلا لذلك، فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان، وهي فرض كفاية إذا قام بها البعض سقطت عن الباقين وتتعين على من لا تقوم إلا بهم

أما من جهة الوقوع فهي توفيقية بمعنى أن من شاء الله تعالى له التوفيق لأداء واجب الدعوة إلى الله شرح صدره لها وهيأ له أسبابها؛ فضلا منه تعالى ورحمة

الختان واجب على الرجال ومكرمة في حق النساء

إذا لم يكن للمرأة ولي مسلم قريب أو بعيد فإن رئيس المركز الإسلامي يتولى عقد النكاح؛ لأنه بمثابة الوالي بالنسبة لأمثال هؤلاء، لقول النبي صلى الله عليه وسلم "السلطان ولي من لا ولي له" رواه أحمد

كفرت الخوارج عليا وعثمان واستحلوا قتالهما وهم الذين قال فيهم النبي صلى الله عليه وسلم "تمرق مارقة على حين فرقة من المسلمين تقتلها أولى الطائفتين بالحق" رواه مسلم، فقتلهم علي وهم المارقة الذين خرجوا على علي وكفروا كل من تولاه وقال صلى الله عليه وسلم في الحسن بن علي "إن ابني هذا سيد، وسيصلح الله به بين فئتين عظيمتين من المسلمين" رواه البخاري، فأصلح به بين شيعة علي ومعاوية

قلت: المراد بشيعة علي انصاره ومحبيه ولا ينطبق ذلك على الرافضة فإنهم في الحقيقة ليسوا شيعة علي فإن شيعة علي يحبون أبا بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم جميعا.

فدل على أنه فعل ما أحبه الله ورسوله، وأن الفئتين ليستا مثل الخوارج الذين أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقتالهم؛ ولهذا فرح علي بقتاله للخوارج وحزن لقتال صفين والجمل وأظهر الكآبة والألم

وبالله التوفيق

وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وأزواجه وأصحابه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين

1436-07-28 هـ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

5 + 2 =

/500
جديد الدروس الكتابية
الدرس 130 الجزء الثالث ‌‌طائفة الصوفية المتسولة: - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 129 الجزء الثالث الغزو الفكري . - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 128 الجزء الثالث ‌‌ تحريم الأغاني  - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 127 الجزء الثالث ‌‌مضاعفة الحسنات ومضاعفة السيئات  - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 126 ‌‌بيان حرمة مكة ومكانة البيت العتيق - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 125 ‌‌حكم إعفاء اللحية - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
روابط ذات صلة
الدرس السابق
الدروس الكتابية المتشابهة الدرس التالي