الدرس 177: باب ما جاء في كثرة الحلف 3

الدرس
التصنيف : تاريخ النشر: الخميس 27 ربيع الثاني 1435هـ | عدد الزيارات: 2049 القسم: شرح وتحقيق كتاب التوحيد -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد

قول المصنف : عن سلمان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "ثَلاثةٌ لا يُكلِّمُهم اللهُ، ولا يُزكِّيهم، ولهم عذابٌ أليمٌ: أُشَيْمِطُ زانٍ، وعائلٌ مُستكبِرٌ، ورجُلٌ جعَلَ اللهَ بِضاعتَه؛ لا يَشْتَري إلَّا بيَمينِه، ولا يَبِيعُ إلَّا بيَمينِه" رواه الطبراني بسند صحيح.

ذكره الألباني في صحيح الترغيب بهذه الرواية "ثَلاثةٌ لا ينظرُ اللهُ إليهم يومَ القيامة: أُشَيْمِطُ زانٍ، وعائلٌ مُستكبِرٌ، ورجُلٌ جعَلَ اللهَ بِضاعتَه؛ لا يَشْتَري إلَّا بيَمينِه، ولا يَبِيعُ إلَّا بيَمينِه"

قوله : "وعن سلمان" هو سلمان الفارسي صحابي، وأحد رواة الحديث النبوي ، وهو أول الفرس إسلاماً؛ أصله من بلاد فارس، ترك أهله وبلده سعيًا وراء معرفة الدين الحق؛ فانتقل بين البلدان ليصحب الرجال الصالحين من القساوسة، إلى أن وصف له أحدهم ظهور نبي في بلاد العرب، ووصف له علامات ليتحقق منه. اتفق سلمان مع قوم من بني كلب لينقلوه إلى بلاد العرب، فغدروا به وباعوه إلى يهودي من وادي القرى، ثم اشتراه يهودي آخر من يثرب من بني قريظة، ورحل به إلى بلده.وعند هجرة النبي صلى الله عليه وسلم إلى يثرب، سمع به سلمان، فسارع ليتحقق من العلامات، فأيقن أنه النبي الذي يبحث عنه. فأسلم، وأعانه النبي وأصحابه على مُكاتبة مالكه، حتى أُعتق. بعد عتقه، شهد سلمان مع النبي غزوة الخندق، وهو الذي أشار على النبي محمد صلى الله عليه وسلم بحفر الخندق لحماية المدينة من قريش وحلفائها، ثم شهد معه باقي المشاهد. وبعد وفاة النبي محمد،صلى الله عليه وسلم، شهد سلمان الفتح الإسلامي لفارس، وتولى إمارة المدائن في خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه،إلى أن توفى في خلافة عثمان بن عفان رضي الله عنه،(سنة 33 هـ).

قوله :"أُشَيْمِطُ زانٍ،"الأشيمط تصغير (أشمط) والأشمط هو الذي بدأه الشيب ، وصغره تحقيرا له؛ وذلك لأن داعي المعصية ضعف في حقه ، فدل على أن الحامل له على الزنا محبة المعصية والفجور، وعدم خوفه من الله وضعف الداعي إلى المعصية مع فعلها يوجب تغليظ العقوبة عليه.

قوله:"زانٍ"، أصله (زاني) بالياء وهواسم منقوص ، تحذف الياء في حال الرفع والجر؛ تخفيفًا ومنع من ظهورها الثقل ، أما في حال النصب أو الاقتران بالألف واللام فتبقى مثل : جاء القاضي وسلمت على القاضي ، ورأيت قاضيًا، والزنى قبيح ، وكبيرة من كبائر الذنوب ، قال تعالى :"وَلَا تَقْرَبُواْ ٱلزِّنَىٰٓ ۖ إِنَّهُۥ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا" (الإسراء 32)

قوله:"وعائلٌ مُستكبِرٌ" أي فقير مستكبرٌ، مع فقره يتكبر، والغني قد يتكبر من أجل المال، ولكن الفقير لا يدعوه الفقر إلى التكبر إلا أن هذه سجية له، وشيء استقر في قلبه

قوله :"ورجلٌ جعل اللهَ بضاعتَه لا يشتري إلا بيمينِهِ ولا يبيعُ إلَّا بيميِنِهِ" .

قوله:"ورجلٌ جعل اللهَ بضاعتَه"، جعل فعل ماض من الأفعال التي تنصب مفعولين ، المفعول الأول لفظ الجلاله وهو (الله) ، والمفعول الثاني (بضاعته)، فمعنى جعل الله بضاعته أنه لا يشتري أو يبيع إلا بالحلف بالله تهاونًا مع قلة الداعي إليها، وهذه أعمال تدل على أن صاحبها ضعيف الإيمان.والواجب على المسلم أن يصدق في معاملته مع الناس في بيعه وشرائه، نسأل الله السلامة والعافية ونعوذ بالله من كل عمل لا يحبه ربنا ولايرضاه.

وبالله التوفيق

1435/4/27هـ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

6 + 7 =

/500
جديد الدروس الكتابية
الدرس 130 الجزء الثالث ‌‌طائفة الصوفية المتسولة: - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 129 الجزء الثالث الغزو الفكري . - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 128 الجزء الثالث ‌‌ تحريم الأغاني  - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 127 الجزء الثالث ‌‌مضاعفة الحسنات ومضاعفة السيئات  - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 126 ‌‌بيان حرمة مكة ومكانة البيت العتيق - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 125 ‌‌حكم إعفاء اللحية - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر