خصال الفطرة

الخطب
التصنيف : تاريخ النشر: الثلاثاء 20 ربيع الأول 1435هـ | عدد الزيارات: 1941 القسم: خطب الجمعة

الحمد لله الذي فطر الخلق على ما تستحسنه العقول وأيد ذلك بما أنزله على الرسول بفطرة الله التي جبل الناس عليها خلقا أمرهم بها تعبدا وشرعا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له عجزت عن إدراك حكمته الألباب وذلت لعزته وعظمته جميع الصعاب وأشهد أن محمدا عبده ورسوله المبعوث بالحنيفية ملة إبراهيم الذي اجتباه ربه وهداه إلى صراط مستقيم صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن سار على نهجهم القويم وسلم تسليما.

أما بعد:

عباد الله: اتقوا الله تعالى وأقيموا وجوهكم للدين حنفاء متمسكين بالفطرة التي فطر الناس عليها وهي طهارة الباطن والظاهر فأما طهارة الباطن فهي تطهير القلب من الإشراك وإخلاص العبادة لله وحده والقيام بالأعمال الصالحات

وأما طهارة الظاهر منها ما في صحيح مسلم عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال " عَشْرٌ مِنَ الفِطْرَةِ: قَصُّ الشَّارِبِ، وإعْفاءُ اللِّحْيَةِ، والسِّواكُ، واسْتِنْشاقُ الماءِ، وقَصُّ الأظْفارِ، وغَسْلُ البَراجِمِ، ونَتْفُ الإبِطِ، وحَلْقُ العانَةِ، وانْتِقاصُ الماءِ. قالَ زَكَرِيّا: قالَ مُصْعَبٌ: ونَسِيتُ العاشِرَةَ إلَّا أنْ تَكُونَ المَضْمَضَةَ. زادَ قُتَيْبَةُ، قالَ وكِيعٌ: انْتِقاصُ الماءِ: يَعْنِي الاسْتِنْجاءَ" .

والختان من الفطرة ورد ذلك في الحديث الذي رواه أبو هريرة رضي الله عنه، قال: قال صلى الله عليه وسلم :"الفِطرةُ خَمسٌ: الخِتانُ، والاستحدادُ، وقصُّ الشَّارِبِ، وتقليمُ الأظفارِ، ونتْفُ الآباط" أخرجه البخاري ومسلم واللفظ للأول ، فهذه الأشياء العشرة كلها طهارة وتنظيف تقضي بها الفطرة وتستحسنها العقول كما أن الشرع قد جاء بها وحث عليها فمنها قص الشارب وإحفاؤه فإن بقاءه يجمع الأوساخ التي تمر به من الأنف فإذا شرب الإنسان تلوث شرابه بها فجاء الشرع والفطرة بإحفائه وأما إعفاء اللحية وهو عدم التعرض لها بقص أو حلق أو نتف فلأن الله خلقها تمييزا بين الذكور والإناث وإظهارا للرجولة والقوة ولذلك لا تظهر إلا عند الحاجة إليها في وقت قوة الإنسان وجلده وتكليفه بمهمات الأمور أما في حال صغره فلا تظهر لأنه حينئذ لا يتحمل الأعباء فجاء الشرع والفطرة بوجودها وإبقائها وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بإعفائها وإرخائها وتوفيرها وقال خالفوا المشركين وفروا اللحي واحفوا الشوارب.رواه البخاري. وكان صلى الله عليه وسلم وأصحابه قد هدوا إلى الفطرة فكانوا يوفرون لحاهم وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه فإنهم على النور المبين والصراط المستقيم

فحلق اللحية حرام لأنه خروج عن الفطرة ومخالفة للرسل وأتباعهم وموافقة للمشركين وتغيير لخلق الله تعالى بلا إذن منه

وليس إبقاء اللحية من الأمور العادية كما يظنه بعض الناس وإنما هو من الأمور التعبدية التي أمر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم

والأصل في أوامر النبي صلى الله عليه وسلم التعبد والوجوب حتى يقوم دليل على خلاف ذلك قال تعالى "فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم"النور:63. الفتنة فتنة الدين وقد يَرُدُّ المرءُ أمرَ النبي صلى الله عليه وسلم فيزيغ قلبُه فيهلك والنبي صلى الله عليه وسلم أمر بإعفاء اللحية وأمر بمخالفة المشركين فإذا فرض أن من المشركين الآن من يعفي لحيته فإننا لن نترك أمر النبي صلى الله عليه وسلم بإعفائها من أجل أن بعض المشركين يعفيها لأن المشرك الذي يعفيها هو المتشبه بنا ولسنا نحن المتشبهين به.

ومن الفطرة السواك لأن فيه تنظيفا للأسنان وما يتسوك عليه من الفم ويتأكد السواك عند المضمضة في الوضوء وعند الصلاة وعند القيام من النوم وإذا دخل الإنسان بيته لأن النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل البيت فأول ما يبدأ به السواك.فعن عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها: " أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كان إذا دخَلَ بَيتَه بدأ بالسِّواكِ " رواه سلم.

ومن الفطرة استنشاق الماء لأنه ينظف الأنف من الأوساخ، وقص الأظفار من الفطرة لأن الأظفار إذا طالت اجتمع فيها من الأوساخ ما يكون ضررا على الإنسان.

هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية:

الحمد لله وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله .

أما بعد

عباد الله: إن غسل البراجم من الفطرة والبراجم هي الفروض التي بين مفاصل الأصابع لأنها قد تجمع أوساخا فمن الفطرة تعاهدها وغسلها ومن الفطرة نتف الآباط لأن الشعر فيها يجمع أوساخا تحدث منها رائحة كريهة والنتف يزيل الشعر ويضعف أصوله فمن لم ينتف الإبط فليحلقه أو يجعل فيه شيء يزيله وحلق العانة من الفطرة وهي الشعر النابت حول القبل لأن في ذلك تقوية للمثانة ولأن بقاء الشعر يجمع أوساخا قد يكون فيه ضرر على المثانة التي هي مجمع البول وقد وقت النبي صلى الله عليه وسلم في قص الشارب وتقليم الأظفار ونتف الإبط وحلق العانة أن لا تترك أكثر من أربعين ليلة ذكر ذلك أنس رضي الله عنه حيث قال "وُقِّتَ لنا في قَصِّ الشَّارِبِ، وتَقْلِيمِ الأظْفارِ، ونَتْفِ الإبِطِ، وحَلْقِ العانَةِ، أنْ لا نَتْرُكَ أكْثَرَ مِن أرْبَعِينَ لَيْلَةً " أخرجه مسلم، وأما الاستنجاء فإنه من الفطرة لأنه تطهير للمحل الذي يخرج منه البول أو الغائط، وأما الختان فهو من الفطرة لأنه يكمل الطهارة وفعله في زمن الصغر أفضل.

فأقم وجهك للدين حنيفا فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم ولكن أكثر الناس لا يعلمون* منيبين إليه واتقوه وأقيموا الصلاة ولا تكونوا من المشركين* من الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا كل حزب بما لديهم فرحون.(الروم:30-32).

جعلني الله وإياكم من الملتزمين بسنن الفطرة

هذا، وصلوا على نبيكم كما أمركم الله بذلك في محكم كتابه فقال "إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ ۚ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا "(الأحزاب 56)، اللهم صل وسلم وبارك على عبدك ونبيك محمد ، وارض اللهم عن الخلفاء الراشدين الأئمة المهديين: أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، وعن الصحابة أجمعين وعن التابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، اللهم وَفِّقْ إمامنا وولي أمرنا وولي عهده لما تحب وترضى "رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ "(الحشر 10) وصلى الله على نبينا محمد .

1435-3-20هـ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

7 + 6 =

/500
جديد الخطب الكتابية
روابط ذات صلة
الخطب السابق
الخطب الكتابية المتشابهة الخطب التالي