الدرس 149: العدل في الهبة

الدرس
التصنيف : تاريخ النشر: السبت 25 صفر 1435هـ | عدد الزيارات: 2042 القسم: تهذيب فتاوى اللجنة الدائمة -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد

س: اشتريت أراضي لأولادي الذكور دون الإناث ؟

ج: يجب العدل بين أولادك فتشتري للبنت نصف ما اشتريت للابن أو تعطيها من النقود ما يعادل ذلك

ومن وهب لأولاده في حال حياته فإنه يجب عليه أن يعدل بينهم فيعطي الذكر مثل حظ الأنثيين كما في قسمة الله تعالى في الميراث كما أن الهبة في الحياة إحدى حالتي العطاء ولقول عطاء: ما كانوا يقسمونه إلا على كتاب الله تعالى

س: ليس لي من الأولاد سوى بنت واحدة وأملك بيتاً فهل أمنحها جزءاً من البيت ؟

ج: إذا كان منحك للجزء من بيتك لابنتك منجزا ولم تقصد حرمان بقية الورثة بأن قبضته في الحال وملكت التصرف فيه فلا بأس بذلك لأن هذا من باب العطية وإن كان منحك لها بالوصية فهذا لا يجوز لأنه لا وصية لوارث لما ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا وصية لوارث

س: لدي بنتان فقط وأملك شقة كتبتها باسمهما ؟

ج: ما فعلته هو من باب العطية للأولاد وهي جائزة بشرط التسوية بينهم لقول النبي صلى الله عليه وسلم: اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم

س: لدي أولاد تزوجوا وآخرون لم يتزوجوا بعد فهل أزوجهم ؟

ج: يجب عليك أن تزوج من احتاج إلى الزواج من أبنائك إذا كان لا يقدر على الزواج من ماله وأنت قادر على ذلك وتقوم بتكاليف زواجه

س: رجل أعطاه والده مبلغاً من المال ليتاجر به فربح من ذلك علماً بأن والده قد توفى ؟

ج: يجب على المذكور دفع أصل المبلغ مع أرباحه للورثة ما دام والده لم يجعل له قسطاً معلوماً من الربح

س: منحت قطعة أرض باسمي وأبنائي فهل يشمل ذلك البنات ؟

ج: إذا كان نص العطية كما ذكر فهي خاصة بك وبالبنين دون البنات وإنما يستحق البنات نصيبهن مما تملك من العطية

إذا أرسلك والدك لشراء بعض الأشياء وفاض معك بعض الشيء من المال فالواجب أن تعلم أباك فإن سمح بأخذك الباقي فخذه إذا أعطى إخوتك مثله لقول النبي صلى الله عليه وسلم "اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم" وإلا فأعطه إياه

س: شخص وهب زوجته منزله كاملاً فهل له أن يرجع ؟

ج: إن لم تكن الزوجة قبضت ما وهب لها زوجها بما يعتبر قبضاً عرفاً فله أن يرجع في هبته إلا أن ذلك ليس من مكارم الأخلاق لقوله صلى الله عليه وسلم "العائد في هبته كالكلب يعود في قيئه" وإن كانت قبضته بما يعتبر حيازة لمثله عرفاً فقد صار ملكاً لها لا يمكنه الرجوع فيه شرعاً إلا برضاها ومع ذلك يكون رجوعه فيه بعد طيب نفسها برده إليه منافياً للمروءة ومكارم الأخلاق

س: إذا قام شخص بإرسال نقود لوالده ليحفظها له ثم قام الوالد بشراء قطعة أرض لنفسه وسجلها باسمه ؟

ج: إذا كان الواقع من حالك ما ذكرت فلك أن تطلب حقك من أبيك بالمعروف إلا إذا كان محتاجا لغلة ما أعطيته فإن استجاب لك فالحمد لله وإن كان محتاجا له أو لغلته للإنفاق على نفسه ومن يعول فليس لك مطالبته لقول النبي صلى الله عليه وسلم "أنت ومالك لأبيك" حين قال له رجل إن أبي اجتاح مالي ولقوله صلى الله عليه وسلم: إن أطيب ما أكلتم من كسبكم وإن أولادكم من كسبكم

س: إن لي مرتبا شهريا أوزعه حسب بيان بحيث كل من له نصيب حسب التوزيع يأخذه فإن شاء صرفه وإن شاء ادخره ؟

ج: تجب عليك النفقة على زوجاتك وأولادك كل بقدر ما يكفيه ولا حاجة إلى توزيع الراتب على الطريقة التي ذكرتها

س: ما حكم إهداء شيء إلى من ليس من أهل الإسلام من لحم الضحايا ؟

ج: يجوز أن يهدي المسلم لقريبه ولجاره أو غيرهما من الكفار شيئا من الطعام أو الثياب أو نحوهما ولو من الأضحية وأن يتصدق عليهم تطوعا إن كانوا فقراء صلة للرحم وأداء لحق الجوار وتأليفا للقلوب قال تعالى "وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ"(لقمان 15) وقال تعالى "لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ" (الممتحنة 8) وقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهم أن تصل أمها وكانت كافرة حينئذ وأهدى عمر بن الخطاب رضي الله عنه حلة لقريب له كافر ولم يثبت في الشريعة ما يمنع من ذلك والأصل الإباحة لكن لا يعطى الكفار من الزكاة إلا المؤلفة قلوبهم

س: هل يجوز وضع صناديق للتبرعات في البنوك الربوية ؟
ج: لا يجوز وضع الصندوق المذكور لدى البنوك الربوية لكونها تستعين بما يرد له في معاملاتها الربوية

س: عندي من فضل الله بعض الرزق وأخشى إن وصيت أن يصير الوقف لغير أهله لذا أريد فعل الخير في حياتي بدون وصية ؟

ج: وجوه البر كثيرة وطرق فعل الخير متنوعة فأيها سلكت وأحسنت العمل فلك الأجر وحسن المثوبة من الله فضلا منه وإحسانا فإذا عجلت ببذل المال في حياتك وأنفقته بالفعل في وجه من وجوه البر على نظرك كبناء مسجد فذلك حسن ويرجى لك الخير إن شاء الله

س: والدي أوصى بوصية كتبها في ورقة وبعد موته فقدت والشهود ما زالوا أحياء فهل نمضي الوصية إذا كان واجباً عليناً ؟

ج: إذا ثبتت وصية والدك شرعا ولم يثبت أنه رجع عنها وجب على الورثة تنفيذها بعد سداد ما على الميت من دين قبل قسمة تركته

ومن أراد أن يوصي من ماله فعليه المبادرة بكتابة وصيته قبل أن يفاجئه الأجل وعليه الاعتناء بتوثيقها والإشهاد عليها وهذه الوصية تنقسم إلى قسمين

القسم الأول: الوصية الواجبة كالوصية ببيان ما عليه وما له من حقوق كدين أو قرض أو أقيام بيوع أو أمانات مودعة عنده أو بيان حقوق له في ذمم الناس فالوصية في هذه الحالة واجبة لحفظ أمواله وبراءة ذمته ولئلا يحصل نزاع بين ورثته بعد موته وبين أصحاب تلك الحقوق لقول النبي صلى الله عليه وسلم "ما حق امرئ مسلم له شيء يوصي فيه يبيت ليلتين إلا ووصيته مكتوبة عنده" أخرجه البخاري ومسلم

القسم الثاني: الوصية المستحبة وهو التبرع المحض كوصية الإنسان بعد موته في ماله بالثلث فأقل لقريب غير وارث أو لغيره أو الوصية في أعمال البر من الصدقة على الفقراء والمساكين أو في وجوه الخير كبناء المساجد والأعمال الخيرية لما رواه خالد بن عبيد السلمي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "إن الله عز وجل أعطاكم عند وفاتكم ثلث أموالكم زيادة في أعمالكم" قال الهيثمي في مجمع الزوائد رواه الطبراني وإسناده حسن وأخرج الإمام أحمد في مسنده نحوه عن أبي الدرداء ولحديث سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه المخرج في الصحيحين قال "جاء النبي صلى الله عليه وسلم يعودني وأنا بمكة وهو يكره أن يموت بالأرض التي هاجر منها قال يرحم الله ابن عفراء قلت يا رسول الله أوصي بمالي كله قال لا قلت فالشطر قال لا قلت الثلث قال الثلث والثلث كثير إنك إن تدع ورثتك أغنياء خير من أن تدعهم عالة يتكففون الناس في أيديهم" الحديث لفظ البخاري وفي لفظ للبخاري أيضا "قلت أريد أن أوصي وإنما لي ابنة قلت أوصي بالنصف قال النصف كثير قلت فالثلث قال الثلث والثلث كثير أو كبير قال فأوصى الناس بالثلث وأجاز ذلك لهم"

وينبغي للمسلم أن يكتب وصيته في المحكمة أو عند طالب علم شرعي معروف يعتمد خطه حتى يجريها على القواعد الشرعية ويجعل الوصية على يد من يتوخى فيه الخير والأمانة والقوة على التنفيذ من أولاده الذكور أو الإناث

ومن لم يوص فيجوز للورثة البالغين المرشدين أن يخرجوا من نصيبهم من الميراث قسطاً يخصصونه وقفاً أو صدقة لميتهم أما القصار فلا يجوز أخذ شيء من نصيبهم حتى يبلغوا أو يرشدوا ويوافقوا على ذلك

س: رجل أوصى أن يعطى أبنائه الذين لم يتزوجوا على عشرين ألف ريال من تركته مساعدة لهم في زواجهم وأسوة بإخوتهم الذين قد تزوجوا حيث قد ساعدهم بمثل هذا المبلغ ؟

ج: لا مانع من تنفيذ الوصية إذا كان الأبناء الموصى لهم قد تأهلوا للزواج قبل وفاة أبيهم وتكون من رأس المال مراعاة للعدل بينهم وبين إخوتهم الذين تم تزوجيه لهم

اسأل الله أن يغفر لنا ولوالدينا ووالدي والدينا ولجميع المسلمين

وبالله التوفيق

وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

1435-2-25 هـ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

6 + 8 =

/500
جديد الدروس الكتابية
الدرس 140 الجزء الرابع ‌‌أهمية العلم في محاربة الأفكار الهدامة. - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 139 الجزء الرابع  الحاجة للقضاء الشرعي - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 138 الجزء الرابع  أخلاق المؤمنين والمؤمنات - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 137 الجزء الرابع هذا هو طريق الرسل وأتباعهم  . - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 136 الجزء الرابع توضيح معنى الشرك بالله - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 135 الجزء الرابع  بيان معنى كلمة لا إله إلا الله (3) - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر