الدرس 130 مسائل في العقيدة 4

الدرس
التصنيف : تاريخ النشر: الخميس 8 ربيع الأول 1443هـ | عدد الزيارات: 752 القسم: تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله

وبعد

* أحسن كتاب ، وأعظم كتاب ، وأصدق كتاب يجب أن يُقرأ في تعليم العقيدة والأحكام والأخلاق ، هو كتاب الله عز وجل ، الذي " لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد " فصلت 42 ، وقد قال الله فيه عز وجل " إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم ويبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات أن لهم أجراً كبيراً " الإسراء 9 ، وقال أيضاً فيه عز وجل " قل هو للذين آمنوا هدى وشفاء " فصلت 44 ، وقال فيه سبحانه " كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته وليتذكر أولو الألباب " ص 29 ، وقال فيه عز وجل " ونزلنا عليك الكتاب تبياناً لكل شيء وهدى ورحمة وبشرى للمسلمين " النحل 89 ، والآيات في هذا المعنى كثيرة .
وقال فيه النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح في خطبته في حجة الوداع " إني تارك فيكم ما لن تضلوا إن اعتصمتم به كتاب الله " (ورد الحديث في صحيح مسلم بهذا اللفظ" وقد تركت فيكم ما لن تضلّوا بعده إن اعتصمتم به: كتاب اللهوقال صلى الله عليه وسلم في خطبته حين رجع من حجة الوداع إلى المدينة " إني تارك فيكم ثقلين أولهما كتاب الله فيه الهدى والنور فخذوا بكتاب الله وتمسكوا به "(ورد في صحيح مسلم بلفظ " وَأَنَا تَارِكٌ فِيكُمْ ثَقَلَيْنِ: أَوَّلُهُمَا كِتَابُ اللهِ فِيهِ الْهُدَى وَالنُّورُ فَخُذُوا بِكِتَابِ اللهِ ، وَاسْتَمْسِكُوا بِهِ) ، فحثَّ على كتاب الله ورغَّب فيه ثم قال " وَأَهْلُ بَيْتِي أُذَكِّرُكُمُ اللهَ فِي أَهْلِ بَيْتِي، أُذَكِّرُكُمُ اللهَ فِي أَهْلِ بَيْتِي، " خرجهما مسلم في صحيحه ، الأول من حديث جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما - ، والثاني من حديث زيد بن أرقم - رضي الله عنه - ، وقال عليه الصلاة والسلام " خيركم من تعلم القرآن وعلَّمه " خرجه البخاري في صحيحه ، وقال أيضاً عليه الصلاة والسلام " من سلك طريقاً يلتمس فيه علماً سهَّل الله له به طريقاً إلى الجنة وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة وحفَّتهم الملائكة وذكرهم الله فيمن عنده ومن بطَّأ به عمله لم يُسرع به نسبه " خرجه مسلم في صحيحه من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - والأحاديث في هذا المعنى كثيرة .
ثم إن أحسن الكتب بعد القرآن الكريم كتب الحديث النبوية ، وهي كتب السنة كالصحيحين ، والسنن الأربع وغيرها من كتب الحديث المعتمدة ، فينبغي أن تُعمَّر المجالس والحلقات بتلاوة القرآن الكريم وتعليمه ، وتفقيه الناس فيه ، وبدراسة كتب الحديث الشريف ، والعناية بها ، وتفقيه الناس فيها ، وأن يتولى ذلك أهل العلم والبصيرة ، الموثوق بعلمهم ودرايتهم ، ونصحهم واستقامتهم .
ومن الكتب المناسبة في ذلك قراءة كتاب : رياض الصالحين ، والترغيب والترهيب ، والوابل الصيب ، وعمدة الحديث الشريف وبلوغ المرام ، ومنتقى الأخبار وغيرها من كتب الحديث المفيدة .
أما الكتب المؤلفة في العقيدة فمن أحسنها كتاب التوحيد للشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب - رحمه الله - ، وشرحه لحفيديه الشيخ سليمان بن عبد الله بن محمد ، والشيخ عبد الرحمن بن حسن بن محمد ، وهما : تيسير العزيز الحميد ، وفتح المجيد .
ومن ذلك : مجموعة التوحيد للشيخ محمد بن عبد الوهاب - رحمه الله - وكتاب الإيمان ، والقاعدة الجليلة في التوسل والوسيلة ، والعقيدة الواسطية ، والتدمرية ، والحموية ، وهذه الخمسة لشيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - .
ومن ذلك : زاد المعاد في هدي خير العباد ، والصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة ، واجتماع الجيوش الإسلامية ، والقصيدة النونية ، وإغاثة اللهفان من مكايد الشيطان ، وكل هذه الكتب الخمسة للعلامة ابن القيم - رحمه الله - .

ومن ذلك : شرح الطحاوية لابن أبي العز ، ومنهاج السنة لشيخ الإسلام ابن تيمية ، واقتضاء الصراط المستقيم له أيضاً ، وكتاب التوحيد لابن خزيمة ، وكتاب السنة لعبد الله بن الإمام أحمد ، والاعتصام للشاطبي ، وغيرها من كتب أهل السنة المؤلفة في بيان عقيدة أهل السنة والجماعة .
ومن أجمع ذلك فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية ، والدرر السنية في الفتاوى النجدية ، جمع العلامة الشيخ عبد الرحمن بن قاسم - رحمه الله - .
* لا شك أن المزح بالكذب وأنواع الكفر من أعظم المنكرات ومن أخطر ما يكون بين الناس في مجالسهم ، فالواجب الحذر من ذلك وقد حذَّر الله من ذلك بقوله " ولئن سألتهم ليقولن إنما كنا نخوض ونلعب قل أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزئون * لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم " التوبة 65 ، 66 ، وقد قال كثير من السلف رحمهم الله إنها نزلت في قوم قالوا فيما بينهم في بعض أسفارهم مع النبي صلى الله عليه وسلم : ما رأينا مثل قرائنا هؤلاء أرغب بطونا ولا أكذب ألسنا ولا أجبن عند اللقاء ، فأنزل الله فيهم هذه الآية ، وصحَّ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال " ويل للذي يُحدِّث فيكذب ليضحك به القوم ويل له ثم ويل له " رواه أبو داود والترمذي والنسائي بإسناد صحيح ، ( ورد الحديث عن معاوية بن حيدة القشيري وجاء بلفظ"ويلٌ للذي يحدِّثُ بالحديثِ ليُضحكَ به القومَ فيكذبُ ويلٌ له ويلٌ له . " صحيح الترمذي للألباني) فالواجب على أهل العلم وعلى جميع المؤمنين والمؤمنات ، الحذر من ذلك والتحذير منه ، لما في ذلك من الخطر العظيم والفساد الكبير والعواقب الوخيمة ، عافانا الله والمسلمين من ذلك ، وسلك بنا وبهم صراطه المستقيم إنه سميع مجيب .

* قد ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصحيحين وغيرهما أنه قال " إن الله تجاوز عن أمتي ما حدَّثت به أنفسها ما لم تعمل أو تتكلم " (ورد في صحيح البخاري بلفظ"إنَّ اللَّهَ تَجَاوَزَ لي عن أُمَّتي ما وسْوَسَتْ به صُدُورُهَا، ما لَمْ تَعْمَلْ أَوْ تَكَلَّمْ. "وفي صحيح مسلم بلفظ " إنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ تَجَاوَزَ لِأُمَّتي عَمَّا حَدَّثَتْ به أَنْفُسَهَا، ما لَمْ تَعْمَلْ، أَوْ تَكَلَّمْ بهِ.")، وثبت أن الصحابة رضي الله عنهم سألوه صلى الله عليه وسلم عما يخطر لهم من هذه الوساوس ، فأجابهم صلى الله عليه وسلم بقوله " ذاك صريح الإيمان " (صحيح أبي داود للألباني) .

* كل ما عُلِم من الدين بالأدلة الشرعية الصريحة من الكتاب والسنة أو إجماع سلف الأمة فليس للاجتهاد فيه مجال ، بل الواجب الإيمان به والعمل به ونبذ كل من خالفه بإجماع المسلمين ، ليس في هذا الأصل العظيم خلاف بين أهل العلم ، وإنما الاجتهاد يكون في مسائل الخلاف التي لم تتضح أدلتها من الكتاب والسنة ، فمن أصاب فله أجران ومن أخطأ فله أجر واحد إذا كان من أهل العلم المتأهلين للاجتهاد وبذل وسعه في طلب الحق عن صدق وإخلاص لله سبحانه وتعالى ، ففي الصحيحين عن عمرو بن العاص رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال " إذا حكم الحاكم فاجتهد فأصاب فله أجران وإذا حكم فاجتهد فأخطأ فله أجر " .(ورد الحديث في الصحيحين بهذا اللفظ"إذا حَكَمَ الحاكِمُ فاجْتَهَدَ ثُمَّ أصابَ فَلَهُ أجْرانِ، وإذا حَكَمَ فاجْتَهَدَ ثُمَّ أخْطَأَ فَلَهُ أجْرٌ").

* كل من سبَّ الله سبحانه بأي نوع من أنواع السب ، أو سبَّ الرسول محمداً صلى الله عليه وسلم ، أو غيره من الرسل بأي نوع من أنواع السب أو سب الإسلام ، أو تنقص أو استهزأ بالله أو برسوله صلى الله عليه وسلم فهو كافر مرتد عن الإسلام إن كان يدَّعِي الإسلام بإجماع المسلمين لقول الله عز وجل " قل أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزئون * لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم " التوبة 65 ، 66 .
وقد بسط العلامة الإمام أبو العباس ابن تيمية رحمه الله الأدلة في هذه المسألة في كتابه : الصارم المسلول على شاتم الرسول ، فمن أراد الوقوف على الكثير من الأدلة في ذلك فليراجع هذا الكتاب لعظم فائدته ولجلالة مؤلفه ، واتساع علمه بالأدلة الشرعية رحمه الله .
وهكذا الحكم في حق من جحد شيئاً مما أوجبه الله أو استحل شيئاً مما حرَّمه الله من الأمور المعلومة من الدين بالضرورة ، كمن جحد وجوب الصلاة ، أو وجوب الزكاة ، أو وجوب صوم رمضان ، أو وجوب الحج في حق من استطاع السبيل إليه ، أو جحد وجوب بر الوالدين أو نحو ذلك ، ومثل ذلك من استحل شرب الخمر أو عقوق الوالدين ، أو استحل أموال الناس ودماءهم بغير حق ، أو استحل الربا أو نحو ذلك من المحرمات المعلومة من الدين بالضرورة وبإجماع سلف الأمة - فإنه كافر مرتد عن الإسلام إن كان يدَّعي الإسلام بإجماع أهل العلم ، وقد بسط العلماء رحمهم الله هذه المسائل وغيرها من نواقض الإسلام في باب حكم المرتد ، وأوضحوا أدلتها فمن أراد الوقوف على ذلك فليراجع هذا الباب في كتب أهل العلم من الحنابلة والشافعية والمالكية والحنفية وغيرهم ، ليجد ما يشفيه ويكفي إن شاء الله .
ولا يجوز أن يُعذر أحد بدعوى الجهل في ذلك لأن هذه الأمور من المسائل المعلومة بين المسلمين وحكمها ظاهر في كتاب الله عز وجل وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم .

والله ولي التوفيق

وصلى الله على نبينا محمد وآله وسلم

8 - 3 - 1443هـ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

3 + 6 =

/500
جديد الدروس الكتابية
الدرس 125 ‌‌حكم إعفاء اللحية - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 124 الجزء الثالث ‌‌أهمية الغطاء على وجه المرأة - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 123 الجزء الثالث ‌‌حكم قيادة المرأة للسيارة - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 122 ‌‌مكانة المرأة في الإسلام - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 121 الجزء الثالث عوامل النصر  . - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 120 الجزء الثالث ‌‌حكم الإسلام في إحياء الآثار - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر